- الجمعة ديسمبر 14, 2012 10:58 pm
#57111
بداية العلاقات
بدأت العلاقات بين فارس والولايات المتحدة عندما بعث شاه فارس ناصر الدين شاه أول سفير لفارس ميرزا أبو الحسن شيرازي إلى واشنطن في عام 1856.[2] وفي عام 1883 كان صمويل بنجامين أول مبعوث دبلوماسي رسمي للولايات المتحدة في إيران. وتم الإعلان عن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في عام 1944.[2]
الإطاحة بحكومة مصدق
على الجانب الإيراني، ظل التدخل الأمريكي الذي أطاح بحكومة مصدق عام 1953، أحد المكونات الرئيسية للذاكرة السياسية للنظام الإيراني الجديد، والذي لم يستبعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية في أية لحظة بتكرار ذلك الدور نفسه، وقد كان ذلك في الواقع أحد الأسباب المهمة وراء الإجراءات القمعية التي اتخذها النظام في تلك الفترة من أجل إحكام السيطرة على البلاد بما لا يسمح بتكرار وقائع 1953، وهو ما ذكره الرئيس خاتمي نفسه في معرض تقويمه النقدي لأداء الثورة الإيرانية منذ قيامها.
وقد كرّس التوجس الإيراني إزاء الولايات المتحدة قيام الأخيرة بدعم العراق عندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، ثم قيامها بالتدخل في 1988، والذي أسفر عن ضرب عدد من المنشآت البترولية الإيرانية، ثم إسقاط الطائرة المدنية الإيرانية التي راح ضحيتها 290 شخصًا. وكان هذا الموقف الأمريكي هو أحد الأسباب المباشرة وراء قرار الخميني الصعب بإنهاء الحرب مع العراق ؛ حيث اعتبر الموقف الأمريكي بمثابة إنذار لإيران بمزيد من التدخل القوي بجانب العراق.
الإطاحة بكارتر
أما على الجانب الأمريكي، فقد جاء غياب الشاه ليكشف ظهر الولايات المتحدة في منطقة الخليج، الأمر الذي جعلها تغير سياستها تجاه العراق نحو مزيد من دعم النظام البعثي، كما تجلى في الحرب مع إيران، ومثلما حملت الذاكرة الإيرانية واقعة 1953.
ظلت واقعة احتجاز الرهائن الأمريكيين - التي أنهت حكم الرئيس كارتر - ماثلة في الذاكرة الأمريكية، والتي كرس منها في الواقع دعم إيران لعدد من التنظيمات الإسلامية؛ سواء في لبنان أو فلسطين.
ومن المفارقات الجديرة بالتأمل، أن ضلوع إدارة ريجان في صفقة سلاح مع إيران – والتي عرفت لاحقاً بفضيحة إيران كونترا – قد أضافت إلى مخزون الذاكرة الأمريكي عنصراً إضافيًا ؛ حيث صارت إيران مسئولة عن طرد رئيس من البيت الأبيض (جيمي كارتر)، وتشويه آخر بفضيحة سياسية كبيرة (رونالد ريجان|ريجان)، وكأنه انتقام إيراني لطرد مصدق من الحكم عام 1953.[3]
ما بعد انهيار الإتحاد السوفيتي
زاد انهيار الإتحاد السوفيتي من التوجس الأمريكي؛ حيث صارت إيران رمزًا "للأصولية الإسلامية" التي رشحتها أمريكا وقتها لتكون العدو الجديد.
وفي 1993 أعلنت الولايات المتحدة سياسة الاحتواء المزدوج، والتي لم تكن في الواقع تأتي بجديد في جوهر سياسة الولايات المتحدة التي طالما سعت تاريخيًا إلى الموازنة بين قوة كل من إيران والعراق في المنطقة، كل ما في الأمر أن هذه السياسة انهارت بقيام الثورة الإيرانية، فركّزت أمريكا على دعم العراق بعد أن كانت تدعم إيران، ثم انتهت حرب الخليج الثانية ؛ فصار الجديد في تلك السياسة هو السعي لإضعاف الطرفين معًا.
وفي أوج حملة انتخابية رئاسية وتشريعية في أمريكا، صدر قانون داماتو 1996 – والذي سبقه في الواقع أمر تنفيذي لا يقل خطورة في مداه - كان الرئيس كلينتون قد أصدره في عام 1995[[.]]
فترة خاتمي
إختلفت سورة العلاقات الإيرانية الأمريكية في 1997 ؛ فقد فاز محمد خاتمي بأغلبية 70% في انتخابات حرة أحرجت الولايات المتحدة التي ظل خطابها الرسمي يستخدم مفردات تتهم إيران بكل الشرور، بل وتتناولها بدرجة عالية من الاستهانة والامتهان أيضًا، فقد كانت الولايات المتحدة تستخدم مثلا تعبير "السلوك" الإيراني Behavior والذي لا يستخدم في اللغة الإنجليزية إلا للإشارة إلى ما يبدر عن غير العاقلين والخارجين عن القانون والحيوانات.
ومن ثَمّ لم يعد من الممكن لأمريكا الرسمية أن تظل تستخدم مثل تلك المفردات، خصوصًا أن الجالية الإيرانية كانت قد بدأت تنظم نفسها بشكل أفضل، وتستقطب عددًا من رموز النخبة السياسية الأمريكية؛ سعيًا لإحداث انفراجة في السياسية الإيرانية.
فبدأت بعض الأصوات الرشيدة تعلو داخل المجتمع الأمريكي نفسه، تطالب بإعادة النظر في مجمل السياسة الأمريكية تجاه إيران، خصوصًا بعد دعوة الرئيس خاتمي عبر شبكة سي إن إن للحوار الحضاري بين الشعبيين، وقد تبع ذلك تصريح لأولبرايت يحمل شبه اعتراف بدور أمريكا ضد حكومة مصدق، وإن لم يرق إلى الاعتذار الرسمي.
دور اللوبي اليهودي
وقد تزامن ذلك مع تصاعد نبرة التذمر لدى حلفاء أمريكا الأوروبيين إزاء العقوبات التي يفرضها قانون داماتو على الشركات الأوروبية، فضلا عن مطالبة منظمات رجال الأعمال الأمريكية برفع الحظر الذي أضر بمصالحها بالدرجة الأولى.
وقد ظلت كل هذه العوامل تتفاعل بين شد وجذب، خصوصًا مع الضغوط القوية التي مارسها اللوبي الصهيوني في واشنطن على إدارة كلينتون والكونجرس ؛ لوقف أية محاولة لتحسين العلاقات مع إيران.
ولعلها من الأمور بالغة الدلالة أن الرئيس كلينتون كان قد أصدر قرارين تنفيذيين يفرضان عقوبات على إيران، إلا أن الأهم من اتخاذ القرارين كان – في الواقع - حرصه على الإعلان عن كل منهما في اجتماع له مع إحدى المنظمات اليهودية الكبرى.
مصالح القوى الأمريكية وصناعة القرار
تتمثل الإيجابية الرئيسية في بدء تحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية، في أن الساحة الأمريكية صارت تحفل بقوى مختلفة لها مصلحة في تحسين العلاقات مع إيران، بعد أن كان اللوبي اليهودي هو وحده المهيمن عند صناعة هذا القرار.
وقد تبدت نتائج ذلك التحول فعلاً في رفع الحظر على استيراد بعض السلع الإيرانية، مثل الفستق والسجاد، والذي تبعه قرار إيراني باستيراد الأدوية الأمريكية، فضلا عن إعفاء عدد من الشركات (ماليزية وفرنسية وروسية) من عقوبات قانون داماتو. وفي قمة الخلافات السياسية الظاهرية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن ملف إيران النووي في خلال 2008 اشترت مليون إيران طن قمح من الولايات المتحدة في العام نفسه.
بدأت العلاقات بين فارس والولايات المتحدة عندما بعث شاه فارس ناصر الدين شاه أول سفير لفارس ميرزا أبو الحسن شيرازي إلى واشنطن في عام 1856.[2] وفي عام 1883 كان صمويل بنجامين أول مبعوث دبلوماسي رسمي للولايات المتحدة في إيران. وتم الإعلان عن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في عام 1944.[2]
الإطاحة بحكومة مصدق
على الجانب الإيراني، ظل التدخل الأمريكي الذي أطاح بحكومة مصدق عام 1953، أحد المكونات الرئيسية للذاكرة السياسية للنظام الإيراني الجديد، والذي لم يستبعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية في أية لحظة بتكرار ذلك الدور نفسه، وقد كان ذلك في الواقع أحد الأسباب المهمة وراء الإجراءات القمعية التي اتخذها النظام في تلك الفترة من أجل إحكام السيطرة على البلاد بما لا يسمح بتكرار وقائع 1953، وهو ما ذكره الرئيس خاتمي نفسه في معرض تقويمه النقدي لأداء الثورة الإيرانية منذ قيامها.
وقد كرّس التوجس الإيراني إزاء الولايات المتحدة قيام الأخيرة بدعم العراق عندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، ثم قيامها بالتدخل في 1988، والذي أسفر عن ضرب عدد من المنشآت البترولية الإيرانية، ثم إسقاط الطائرة المدنية الإيرانية التي راح ضحيتها 290 شخصًا. وكان هذا الموقف الأمريكي هو أحد الأسباب المباشرة وراء قرار الخميني الصعب بإنهاء الحرب مع العراق ؛ حيث اعتبر الموقف الأمريكي بمثابة إنذار لإيران بمزيد من التدخل القوي بجانب العراق.
الإطاحة بكارتر
أما على الجانب الأمريكي، فقد جاء غياب الشاه ليكشف ظهر الولايات المتحدة في منطقة الخليج، الأمر الذي جعلها تغير سياستها تجاه العراق نحو مزيد من دعم النظام البعثي، كما تجلى في الحرب مع إيران، ومثلما حملت الذاكرة الإيرانية واقعة 1953.
ظلت واقعة احتجاز الرهائن الأمريكيين - التي أنهت حكم الرئيس كارتر - ماثلة في الذاكرة الأمريكية، والتي كرس منها في الواقع دعم إيران لعدد من التنظيمات الإسلامية؛ سواء في لبنان أو فلسطين.
ومن المفارقات الجديرة بالتأمل، أن ضلوع إدارة ريجان في صفقة سلاح مع إيران – والتي عرفت لاحقاً بفضيحة إيران كونترا – قد أضافت إلى مخزون الذاكرة الأمريكي عنصراً إضافيًا ؛ حيث صارت إيران مسئولة عن طرد رئيس من البيت الأبيض (جيمي كارتر)، وتشويه آخر بفضيحة سياسية كبيرة (رونالد ريجان|ريجان)، وكأنه انتقام إيراني لطرد مصدق من الحكم عام 1953.[3]
ما بعد انهيار الإتحاد السوفيتي
زاد انهيار الإتحاد السوفيتي من التوجس الأمريكي؛ حيث صارت إيران رمزًا "للأصولية الإسلامية" التي رشحتها أمريكا وقتها لتكون العدو الجديد.
وفي 1993 أعلنت الولايات المتحدة سياسة الاحتواء المزدوج، والتي لم تكن في الواقع تأتي بجديد في جوهر سياسة الولايات المتحدة التي طالما سعت تاريخيًا إلى الموازنة بين قوة كل من إيران والعراق في المنطقة، كل ما في الأمر أن هذه السياسة انهارت بقيام الثورة الإيرانية، فركّزت أمريكا على دعم العراق بعد أن كانت تدعم إيران، ثم انتهت حرب الخليج الثانية ؛ فصار الجديد في تلك السياسة هو السعي لإضعاف الطرفين معًا.
وفي أوج حملة انتخابية رئاسية وتشريعية في أمريكا، صدر قانون داماتو 1996 – والذي سبقه في الواقع أمر تنفيذي لا يقل خطورة في مداه - كان الرئيس كلينتون قد أصدره في عام 1995[[.]]
فترة خاتمي
إختلفت سورة العلاقات الإيرانية الأمريكية في 1997 ؛ فقد فاز محمد خاتمي بأغلبية 70% في انتخابات حرة أحرجت الولايات المتحدة التي ظل خطابها الرسمي يستخدم مفردات تتهم إيران بكل الشرور، بل وتتناولها بدرجة عالية من الاستهانة والامتهان أيضًا، فقد كانت الولايات المتحدة تستخدم مثلا تعبير "السلوك" الإيراني Behavior والذي لا يستخدم في اللغة الإنجليزية إلا للإشارة إلى ما يبدر عن غير العاقلين والخارجين عن القانون والحيوانات.
ومن ثَمّ لم يعد من الممكن لأمريكا الرسمية أن تظل تستخدم مثل تلك المفردات، خصوصًا أن الجالية الإيرانية كانت قد بدأت تنظم نفسها بشكل أفضل، وتستقطب عددًا من رموز النخبة السياسية الأمريكية؛ سعيًا لإحداث انفراجة في السياسية الإيرانية.
فبدأت بعض الأصوات الرشيدة تعلو داخل المجتمع الأمريكي نفسه، تطالب بإعادة النظر في مجمل السياسة الأمريكية تجاه إيران، خصوصًا بعد دعوة الرئيس خاتمي عبر شبكة سي إن إن للحوار الحضاري بين الشعبيين، وقد تبع ذلك تصريح لأولبرايت يحمل شبه اعتراف بدور أمريكا ضد حكومة مصدق، وإن لم يرق إلى الاعتذار الرسمي.
دور اللوبي اليهودي
وقد تزامن ذلك مع تصاعد نبرة التذمر لدى حلفاء أمريكا الأوروبيين إزاء العقوبات التي يفرضها قانون داماتو على الشركات الأوروبية، فضلا عن مطالبة منظمات رجال الأعمال الأمريكية برفع الحظر الذي أضر بمصالحها بالدرجة الأولى.
وقد ظلت كل هذه العوامل تتفاعل بين شد وجذب، خصوصًا مع الضغوط القوية التي مارسها اللوبي الصهيوني في واشنطن على إدارة كلينتون والكونجرس ؛ لوقف أية محاولة لتحسين العلاقات مع إيران.
ولعلها من الأمور بالغة الدلالة أن الرئيس كلينتون كان قد أصدر قرارين تنفيذيين يفرضان عقوبات على إيران، إلا أن الأهم من اتخاذ القرارين كان – في الواقع - حرصه على الإعلان عن كل منهما في اجتماع له مع إحدى المنظمات اليهودية الكبرى.
مصالح القوى الأمريكية وصناعة القرار
تتمثل الإيجابية الرئيسية في بدء تحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية، في أن الساحة الأمريكية صارت تحفل بقوى مختلفة لها مصلحة في تحسين العلاقات مع إيران، بعد أن كان اللوبي اليهودي هو وحده المهيمن عند صناعة هذا القرار.
وقد تبدت نتائج ذلك التحول فعلاً في رفع الحظر على استيراد بعض السلع الإيرانية، مثل الفستق والسجاد، والذي تبعه قرار إيراني باستيراد الأدوية الأمريكية، فضلا عن إعفاء عدد من الشركات (ماليزية وفرنسية وروسية) من عقوبات قانون داماتو. وفي قمة الخلافات السياسية الظاهرية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن ملف إيران النووي في خلال 2008 اشترت مليون إيران طن قمح من الولايات المتحدة في العام نفسه.