منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By محمد الثبيتي 3
#57491
خائن مع مرتبة الشرف!!


الخيانة أردى أنواع الخطايا، والتوبة منها صعبة، والانفكاك من صفتها أزمة؛ لأنها صفة المنافقين في الأصل، ويمارسها عادة مختل ومضطرب العقل، والأسوأ أن تبرَّر بأنها عنصر ذكاء في التعامل مع البشر؛ فتصل إلى ما تريد بتجربة أكثر من وجه!

للخيانة أوجه عدة، وتتضخم أزمتها مع عدد المتأثرين بها؛ فلا أعظم من خيانة الدين ثم الوطن، ثم تأتي خيانة التعاملات مع البشر.

وأعجب من الخونة إذا برروا خيانتهم بمقاصد الحب والإصلاح، وعاشوا تحت راياتهم المزعومة بالصلاح، فتجدهم يقولون ما لا يفعلون، ويظهرون ما لا يخفون! تحت شعار السرية في التنفيذ.

لن أتحدث عن خيانة الدين والوطن بإسهاب؛ لأني أؤمن بأننا نعيش في استقرار، وإن نشز منا ثلة مغرَّر بهم، لا يمثلون المجتمع، وأهلوهم منهم براء، لكني سأسهب في خيانات صغيرة، تكون في بيئات الأُسر والوظيفة؛ لأنها مهمَلة التركيز من وسائل الإعلام، وإن ناقشوها على استحياء وتحت لطف المسميات؛ فالطفل عندما يكذب على والديه فإنه خان العهد معهما، وعندما ينفِّذ عكس ما يؤمَر به يكون قد نقض العهد معهما؛ فتُزرع في صغره أن ما يقوله لا يلزم أن ينفذه، وأن خفاء تصرفاته حل أمثل للوصول إلى ما يريده.

والبيئات الوظيفية تعاني خيانات متعددة ومتنوعة؛ فمن يخفي اللوائح عن المستفيدين خائن للأمانة، ومن يفسر القرارات كيفما اتفق خائن للعهد والقيم، ومن يسكت عن الفساد خائن للوطن.. فلا نميّع المصطلحات تحت بند المصلحة العامة.

وتنشأ ثقافة الخيانة في بيئات الظلام؛ فلا رقابة في الأداء، ولا تحكيم للتقارير المطبوعة بأفخر الورق، ونتائجها لا تساوي أحبار طباعتها، وتتأزم الأوضاع في شخصنة الأعمال، وعلاقات المنافع المتبادلة بين الأفراد في طبقة متخذي القرار، وخصوصاً في ظل تغييب التشريعات.

همسة واقع:
باختصار.. نردد دائماً الأمانة والقيم، دون أن نعززهما في ذوات الأنام؛ لأننا نخشى الاتهام؛ فكل من يقدم مصالحه الشخصية على مصالح وطنه وأمته يُعتبر خائناً مع مرتبة الشرف، ولا عزاء لنا إلا أن نردد "حسبنا الله ونعم الوكيل!"، وإن كذب ونشر اتهاماته على الملأ.