منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By عبدالرحمنالتميمي101
#57562
التخلف السياسي والاقتصادي والثقافي والصناعي والتربوي الذي تعيشه البلاد ما هو إلا نتيجة مركّزة لمشكلات قديمة مختمرة، وهناك اندغام وتبادل للتأثير بين الأسباب والمسببات في قضايا التقدم والتخلف، وأصبح كثير من الظواهر التي انتشرت بالبلاد أخيرا هو السبب والعامل من عوامل التخلف إذا نظرنا إلى الإفرازات التي تفرزها.
إن تعمقنا بالنظر في حال البلاد خلال الفترة الحالية، واستقرأنا الواقع سنجد أننا نعاني من الشقاق الثقافي والركود الحضاري والانقسام الاجتماعي، وهذه العوامل كلها تمنعنا من الإدراك الجيد لمشكلاتنا، وهي من تجعلنا نستخف ولا نحترز من عوامل وأسباب ومسببات التخلف.
نجتهد ونستنبط الأفكار والآراء، كل حسب توجهه وفكره، وكل يؤطر ويحصن أفكاره وآراءه بالأصول والمرتكزات الأساسية الذي هو يؤمن بها، ليس شرطا أن تكون تلك الأفكار مستقاة من المنهج الرباني الذي يرسم الثوابت ويترك مساحات للحركة، والتجديد بالثقافات والحضارات، ومنها ما هو مهيمن على الحياة العامة بشكل سلبي، بل وجمد الحركة الفكرية والثقافية والحضارية.
إن الأمة الكويتية تؤمن بالتجانس بين مكونات المجتمع، وتدفع باتجاه استمرارية مسارات الانخراط والامتزاج بعضها ببعض، وتستطيع أن توقف الخلافات عند حدود معينة، وتجعل منها عامل تنوع وثراء لا غنى عنه للإبداع الذي يجعل الأرضية الثقافية المشتركة للمجتمع صلبة وقوية، لا تتصدع ولا تتشقق، ولكن للأسف الشديد ما يمنع هذا كله، ويقف حاجزا بين التخلف والتقدم حكومات متتالية متصلبة جامدة متصادمة لا تؤمن بالتجديد والتغيير، وأقصى طموحاتها صناعة منتج التجزئة والتفرقة بين مكونات وأفراد المجتمع، وخلخلة التوازن الثقافي والاجتماعي، لينشغل المجتمع بإعادة صياغة مكوناته من جديد، وهي تتفرد بالتجاوزات والسرقات والإيداعات وغيرها من ثقافات ساقطة خاطئة تسيدها بين الأفراد.
وحتى لا نرسم بالفراغ، ويضمحل الحراك الشعبي، ويصبح أقوالا وشعارات من دون أفعال وسلوكيات، وكتبا ونظريات من دون عمليات وتطبيقات، علينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا، وكل مواطن يكون خفيرا على نفسه، ونؤمن بأن حراكنا ما هو إلا حراك إصلاحي تهذيبي ترميمي لما أفسده المفسدون، وأن ننأى باتجاه وقصد الالتحام والامتزاج بالفكر والعمل، حتى نحقق الاتزان المنشود على المستوى الحضاري والثقافي، وننبذ النزاع والشقاق المتنامي بين أفراد المجتمع بالفهم والمنطق للحقائق التي هي جوهر توازن الفرد، وليس بتزويرها وقلبها نحو منعطف التباطؤ والجمود.
في النهاية علينا ألا نتخل ونفرط بقيمنا ومبادئنا، وأن نبدع بتكييفها وتنشيطها وتوظيفها وتفاعلها مع الجديد الوافد علينا الذي ينسجم مع جوهر المبادئ والقيم، بإدراك وحصافة ما وجدت المعارضة للقضاء على الفساد والمفسدين فقط، بل للبحث عن الجذور والمسببات التاريخية للمشكلات التي تعاني منها الأمة الكويتية، وللحفاظ على الجوهر الثقافي والحضاري والاجتماعي من التآكل والاستهلاك من حكومات لا تؤمن إلا بالصدام مع مسلّمات وثوابت المجتمع، وقد حان وآن الأوان لنحافظ على توازننا، ونستجمع قوانا، ونبعث في أنفسنا روح المقاومة للإفساد والمفسدين، ونتحداهم بتواصل واستمرارية عطائنا، بتحييد الحراك وإقامة العدل والمساواة، بالتنوع الثقافي والثراء الحضاري بين أبناء الشعب الكويتي.