منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By علي زايد الزايد
#57787
دعا ( فدعوس المفعوس أبو مدعوس ) أسرته بكامل أعضائها إلى اجتماع طارئوعاجل من أجل مناقشة الأوضاع بالغة السوء التي يئنون تحت وطأتها والتيوصلت مؤخراً إلى مرحلة كارثية لاتطاق...حيث إن أبسط مقومات الحياةالطبيعية – وليس المرفهة والـ 10 نجوم – أصبح الظفر بها أضغاث أحلام...فسعر ربطة الخبز العادي أو السياحي – إن وجدت - تجاوز الـ ( 250 )ليرة , وأسطوانة الغاز المنزلي( 4500 ) ليرة وبابور الكاز ( 4500 ) ليرة,وليتر المازوت ( 225 ) ليرة والبنزين ( 200 ) ليرة والكاز( 225) ليرة,إضافة إلى انقطاع الكهرباء لساعات وأحياناً لأيام عديدة والتحليق الفاحشوالجنوني لأسعار المواد لاسيما الغذائية , الأمر يظهر بشكل جلي – ولا فخرطبعاً – أن حلب لم تمر بمثل هذا الحصارالخانق والتجويع والتدمير الممنهجخلال عقود وربما قرون ماضية ؟!!!.عقد الاجتماع الماراثوني الميلودرامي في المنزل على ضوء الشموع بحضورالزوجة( شرود المطرود ) والأولاد البالغين كأعضاء أصلاء , والصغار كشهودوضيوف شرف عليه مع إعطائهم حق إبداء الرأي.وبسبب إصابته – والكثير من المواطنين – بحالة اكتئاب وإحباط ويأس منالاجتماعات العبثية في ذاك المجلس أو تحت تلك القبة والتصريحات الخلبيةوالجولات الاستعراضية للعديد من المسؤولين فقد كان ( أبو مدعوس ) شديدالحرص على أن يكون الاجتماع العائلي مثمراً وعملياً حيث تمنى من الحضورالحديث بمنتهى الحرية والصراحة دون مجاملة أو مواربة أو خجل أو خوف..فالأولوية القصوى والوحيدة هي إنقاذ الأسرة وانتشالها من مآزقها وحالهاالبائس بأسرع وقت.عدة مقترحات تم تقديمها خلال الاجتماع من بينها قيام فدعوس وأولادهالكبار بالعمل في تهريب المازوت أو البنزين أو الغاز أو الموادالكهربائية أو الغذائية من عدة محافظات الحياة فيها شبه طبيعية وتلكالمواد متوفرة بكثرة وبأسعارها الحقيقية ,غير أنه رفض لأن مستلزماتتنفيذه غير موجودة لديهم وهي المال والسيارة والأهم الجرأة المفرطةوالمغامرة والمجازفة جراء العبور من طرقات غير آمنة ومحفوفة بالمخاطر,كما رفض اقتراح بأن يعملوا في قطع أشجار الغابات – التي تحولت بعضها إلىشبه جرداء نتيجة تعديات الكثيرين - وبيعها للاستخدام في التدفئة والأعمالالمنزلية مثل الطبخ لأن ذلك يتطلب سيارة وبعض التجهيزات ومشقة كبيرة .كما لم يؤخذ باقتراح أن يعمل الأب وأبناؤه على البسطات لبيع مختلف الموادمن السجائر وسواها لأن الشوارع مكتظة بها وفيها ما يزيد عن استيعابهاوحاجتها وكذلك وقوع العديد منها في مرمى قناصين أو قذائف...., وباقتراحالعمل على تنور لبيع الخبز لأن ذلك بحاجة إلى كمية كبيرة من الدقيقيومياً والذي وصل سعر الكيلوغرام منه إلى 125 ليرة .وبهذا الخصوص ( زف ) أحد الحضور ( بشرى سارة ) بأن دولة خليجية - تعملمنذ أشهر طويلة على تهريب السلاح والمسلحين والأموال وتحرض ليل نهار علىسفك الدماء والفتنة بين السوريين – ستقوم بإدخال( مساعدات ) من الطحينلتوزيعها في بعض المناطق رغم أننا كنا نفاخر بأنه لدينا احتياطي من القمحيكفي لعدة سنوات وهذا يشكل وصمة عار على جبين كل سوري!!! , مما دفع أحداخوته لطرح تساؤل فيما إذا كان هذا الدقيق مصدره من المطاحن أو مراكزالحبوب في حلب والحسكة التي تم السطو والاستيلاء على محتوياتها وتهريبالقسم الأعظم منها إلى تركيا ؟, كما تساءل ثالث عن سبب عدم توفير الحمايةاللازمة لتلك المواقع أو استجرار القمح والدقيق إلى أماكن آمنة قبل أنتطالها أيدي اللصوص والعابثين بقوت المواطن ؟!!!.وبعد مناقشات معمقة وصريحة لمقترحات أخرى أيضاً تقرر بالإجماع قيام الأبوأولاده الذكور الكبار بالبحث عن اللقى والكنوز الأثرية وقد كان التبريرأن المواقع الأثرية مستباحة وتتعرض للانتهاك والنهب من أشخاص عديدين دونحسيب أو رقيب حيث يقومون بتهريبها بسهولة خارج القطر ويتقاضون ثمنهامبالغ طائلة يصرفون جزءاً منها و يخبئون الباقي دون أن يفيدوا أحداً منالفقراء بقرش واحد ,وقد تعهدت الأسرة بشكل حازم – استفادة من تجربةالصعاليك الذين كانوا ينهبون قوافل الأغنياء والميسورين ويوزعونها علىالمعدمين والمسحوقين مادياً – بأن تحتفظ لنفسها بقسم يسير فقط من قيمةاللقى التي سيتم العثور عليها وتوزع القسم الآخر على شكل مبالغ مالية أومواد غذائية أو مازوت وغاز ...على الأسر الفقيرة جداً ممن لم تنخرط أوتتمترس هنا أو هناك ولا تصلها (الإعانات والغنائم ) وسائر احتياجاتها منالمستلزمات المعيشية بشكل مستمروسخي !!!.جرى تحديد الموقع المستهدف والمباشرة بالعمل فيه صباح اليوم التالي لكنبعد مضي عدة أيام وفي منتصف الليل اقتحم عدة مسلحين منزل ( أبو مدعوس )بطريقة مافياوية هستيرية أثارت الذعر والهلع لدى أسرته والقاطنين فيالأبنية المجاورة , لقد أوسعوه ضرباً مبرحاً وانهالوا عليه بشتائم مهينةفي شرفه وكرامته متهمين إياه بأنه ( شبيح ) واقتادوه مكبل اليدين ومعصوبالعينين دون رأفة لكبر سنه وبلا استجابة لتوسلات زوجته وأولاده !!!.لم تفلح الجهود المضنية التي بذلها أبناء فدعوس وسائرالأصدقاء والمعارففي الإفراج عنه إلا بعد الرضوخ صاغرين لطلب الخاطفين بدفع ( 3 ) ملايينليرة جمعوها من مساعدات المحبين والأوفياء للعائلة ومن ثمن بيع المنزلالوحيد الذي بحوذتهم والذي يعتبر ( تحويشة العمر ) بالنسبة لهم حصلواعليه بعد سنوات من الكد والتعب والتقشف والحرمان لكن المفارقة المفجعةأنه بعد تسليم المبلغ للخاطفين ذهبوا لاستلام الأب في المكان المتفق عليهفوجدوه مقتولاً وعلى جسده آثار تعذيب وتنكيل وحشية وفوق ذلك تم فتح صدرهوسرقة بعض أعضائه !!!.مات فدعوس تاركاً جرحاً عميقاً لا يندمل في نفوس ذويه ومحبيه , وحنقاًشديداً على قاتليه الذين لم يطلهم القصاص والعدالة على جريمتهم الشنيعة ,وتخبطاً وحيرة وقلقاً وتشاؤماً لدى الكثيرين ممن أعيتهم الحيل والأفكارلتجاوز أوضاعهم المتردية مادياً ونفسياً دون أن يشعر بهم أو يكترث لأمرهم– وأمر الملايين من أمثالهم – ولو بأدنى درجات الجدية معنيون كثر محلياًومركزياً!!!.