- الاثنين ديسمبر 17, 2012 6:06 pm
#57896
هل ستنتصر الأمم المتحدة لسـيد المرسـلين؟! - فيصل فيصل بن علي الكاملي
تردَّدت في أعقاب الهجمة الأخيرة المعهودة من أهل الكتاب على خير البشر - صلى الله عليه وسلم - دعواتٌ من جهات شتى مطالبةً الأمم المتحدة باستصدار قرار يقضي بعدم الاعتداء على المقدسات أو المساس بالأديان.
إنه لمن المؤسف حقاً أن يظن بعض المسلمين أن استصدار مثل هذا القرار سيضمن حماية لمقدساتهم وعقيدتهم دون التنازل عن ثوابتهم مقابل هذه «الحماية الدولية». فهذه الدعوة ليست نتيجة الأحداث الأخيرة التي هي سنة ربانية في حق الرسل وأتباعهم من المؤمنين، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْـمُجْرِمِينَ} [الفرقان: 31]، بل هي واحدة من محاولات بدأت على الأقل منذ عام 1999م لوضع ضوابط كلية تهدف الأمم المتحدة من خلالها إلى توجيه عقائد العالم كما توجه سياساته، وهو ما يمكن تسميته «عولمة الدين».
لما قامت شركة الأزياء الفرنسية (Marithé François Girbaud) عام 2005 بتمثيل المسيح - عليه السلام - وحوارييه (وفقاً للمعتقد الكاثوليكي) بطريقة تحاكي لوحة «العشاء الأخير» التي رسمها ليوناردو دا فنشي؛ سارع القضاء الفرنسي إلى تجريم هذا الفعل ومنع نشر الإعلان، واصفاً إياه بـ «التدخل السافر غير المبرر في عقائد الناس الجوهرية»[1]، ثم أصدرت الحكومة الإيطالية قراراً مشابهاً لأن في الإعلان اعتداء على الطائفة الكاثوليكية. لقد توقفت حرية التعبير عندما جُرحت مشاعر البابوية، فسارعت الدولتان الكاثوليكيتان فرنسا وإيطاليا إلى تكميم الأفواه لما كان الأمر متعلقاً بمرجعيتهما، لكن اعتداء زعيم الصليبية على الإسلام ونبيه # لم يحرك في دول الغرب ساكناً ولم يعتذر هو عن ذلك، بل لم تتجرأ الحكومة الأمريكية على نقده لما تعدى على الطائفة البروتستانتية في زيارته للولايات المتحدة عام 2007م وعَدَّ كنائسها باطلة.
لكننا هذه المرة أمام تجاوز غير كاثوليكي (بل قبطي أورثودكسي في الظاهر) يمكن أن يستغل ليُستصدر به قانون يحفظ حقوق الأقليات النصرانية باسم الدفاع عن الأديان، ولهذا أعرب الفاتيكان عن رفضه للفيلم ودعوته إلى السلام في لغة مزدوجة مألوفة من معقل الصليبية الذي كان بالأمس القريب طعّاناً في الإسلام. وتبعاً لذلك سارع البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد لقائه سيده البابا بندكت السادس عشر، إلى الدعوة لقانون يمنع الاعتداء على الأديان، وأعرب في ثنايا دعوته عن أن النيل من الإسلام نيل من جميع الأديان. لكن بطريرك المارون لم يخفِ غرضه من الدعوة، بل صرح - وفقاً لوكالة الأنباء (Romereports) – بأن النصرانية مستهدفة غالباً، وأن يسوع (عيسى عليه السلام) والكنيسة والكتاب المقدس، يتعرضون للهجوم والشتم في الأفلام والوثائقيات، وللحيلولة دون ذلك يريد من الأمم المتحدة أن تتدخل بإصدار قرار[2].
وهذا مربط الفرس بالنسبة لكبراء النصارى الداعين إلى قانون يجرّم الاعتداء على الأديان والمقدسات، فهم سيتخذون من هذا الحدث سُلَّماً يرتقون به إلى ما يضمن مصالحهم، وعلى رأس هذه المصالح حماية وتسمين الأقليات النصرانية في بلاد الإسلام بعد أن تبيّن جلياً سعي دول الغرب الاستعمارية في الأعوام الأخيرة إلى استغلال بعض الأحداث المتعلّقة بالأقليات في العراق ومصر وغيرهما في محاولة للتدخل في شؤون البلاد الإسلامية، لكن هذا التدخل قد يتخذ في المستقبل مجرىً رسمياً دولياً تحت مظلة الأمم المتحدة.
لعل صيغة القرار النهائية لقانون مناهضة الاعتداء على الأديان، محفوظة في الأدراج لحين الحاجة إليها، بل إننا نمتلك صيغة مشابهة صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والستين بتاريخ 11 أبريل 2011م، عنوان القرار «مناهضة تشويه صورة الأديان»، وهاك فقرات من تلك الوثيقة:
«ﺗﺮﺣﺐ [الجمعية] بما ﺃﻋﺮﺏ ﻋﻨﻪ في إعلان ﺍﻷﻣﻢ المتحدة ﻟﻸﻟﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﻤﺪﺗﻪ ﺍلجمعية ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ في ٨ ﺃﻳﻠﻮﻝ/ ﺳﺒﺘﻤبر ٢٠٠٠ ﻣﻦﺗﺼﻤﻴﻢ ﻋﻠﻰ اتخاذ تدابير ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ المتزايدة في مجتمعات كثيرة».
«ﻭﺇﺫ ﺗﻌﺮﺏ [الجمعية] ﻋﻦ ﺑﺎﻟﻎ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﺯﺩﻳﺎﺩ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ وﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺇلى ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ في أنحاء ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎلم وفي ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻟﺪﻯ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭفي المجتمع ﻛﻜﻞ، ﻧﺘﻴﺠﺔ لأمور ﻋﺪﺓ، ﻣﻨﻬﺎ: ﻣﻌﺎﻭﺩﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ المنشأة ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﻭﻣﻮﺍﺛﻴﻖ ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭمحرﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻭﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ... ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺩﻱ في استغلال ﺗﻠﻚ ﺍﻟبراﻣﺞ ﻭﺍﳌﻮﺍﺛﻴﻖ ﻟﻠﺘﺮﻭﻳﺞ ﻟﻺﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻨﺎﻗﻬﺎ».
«ﺗﻼﺣﻆ [الجمعية] ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺃﻥ الحط ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً، يمكن ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻳﺎ إلى ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﻙ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺇﺫ يثير ﺟﺰﻋﻬﺎ ﻋﺪﻡ اتخاذ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺃﻱ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ لمكافحة ﻫﺬﺍ الاتجاه المتنامي ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ممارسات تمييزية ﺿﺪ ﻣﻌﺘﻨﻘﻲ ﺃﺩﻳﺎﻥ ﻣﻌﻴﻨﺔ».
خلاصة القول: إن قرار الأمم المتحدة المعَدّ سابقاً سيساوي بين الضحية والجلاد، وسيسعى إلى تسوية دين الله الحق بغيره من أديان البشر تحت ذريعة محاربة الأحزاب والجماعات التي تمارس العنف لقيامها «على فكرة التفوق الإيديولوجي». وسيترتب على هذا تمييع القضايا العقدية الجوهرية كالولاء والبراء، وسيعد استعمال بعض الألفاظ الشرعية كـ «الكافر» و«المبتدع» من الدعوة إلى الكراهية والتعدي على حقوق الإنسان، وقد يمنع المسلم من نقض عقائد التثليث والصلب ونحوهما في سياق دعوته النصارى باعتباره تجاوزاً على خصوصيات الآخر، وقد يُجرَّم القائل بأن كتب اليهود والنصارى محرفة. وقد قلت قبل عامين تقريباً لأحد الإخوة مُتندِّراً: يوماً ما قد يُصادَق على الأحكام الشرعية في بلاد الإسلام من قبل الأمم المتحدة، ولا أراه بعيداً.
إن دور الأمم المتحدة على الصعيد الديني لن يقل خطورة ومراوغة عن دورها على الصعيد السياسي، وهو حلقة في مشروع العولمة (أو النظام العالمي الجديد)، الذي يسعى للقضاء على ثوابت الدين وتتبناه هذه المنظمة، بل تتولى كبره.
تردَّدت في أعقاب الهجمة الأخيرة المعهودة من أهل الكتاب على خير البشر - صلى الله عليه وسلم - دعواتٌ من جهات شتى مطالبةً الأمم المتحدة باستصدار قرار يقضي بعدم الاعتداء على المقدسات أو المساس بالأديان.
إنه لمن المؤسف حقاً أن يظن بعض المسلمين أن استصدار مثل هذا القرار سيضمن حماية لمقدساتهم وعقيدتهم دون التنازل عن ثوابتهم مقابل هذه «الحماية الدولية». فهذه الدعوة ليست نتيجة الأحداث الأخيرة التي هي سنة ربانية في حق الرسل وأتباعهم من المؤمنين، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْـمُجْرِمِينَ} [الفرقان: 31]، بل هي واحدة من محاولات بدأت على الأقل منذ عام 1999م لوضع ضوابط كلية تهدف الأمم المتحدة من خلالها إلى توجيه عقائد العالم كما توجه سياساته، وهو ما يمكن تسميته «عولمة الدين».
لما قامت شركة الأزياء الفرنسية (Marithé François Girbaud) عام 2005 بتمثيل المسيح - عليه السلام - وحوارييه (وفقاً للمعتقد الكاثوليكي) بطريقة تحاكي لوحة «العشاء الأخير» التي رسمها ليوناردو دا فنشي؛ سارع القضاء الفرنسي إلى تجريم هذا الفعل ومنع نشر الإعلان، واصفاً إياه بـ «التدخل السافر غير المبرر في عقائد الناس الجوهرية»[1]، ثم أصدرت الحكومة الإيطالية قراراً مشابهاً لأن في الإعلان اعتداء على الطائفة الكاثوليكية. لقد توقفت حرية التعبير عندما جُرحت مشاعر البابوية، فسارعت الدولتان الكاثوليكيتان فرنسا وإيطاليا إلى تكميم الأفواه لما كان الأمر متعلقاً بمرجعيتهما، لكن اعتداء زعيم الصليبية على الإسلام ونبيه # لم يحرك في دول الغرب ساكناً ولم يعتذر هو عن ذلك، بل لم تتجرأ الحكومة الأمريكية على نقده لما تعدى على الطائفة البروتستانتية في زيارته للولايات المتحدة عام 2007م وعَدَّ كنائسها باطلة.
لكننا هذه المرة أمام تجاوز غير كاثوليكي (بل قبطي أورثودكسي في الظاهر) يمكن أن يستغل ليُستصدر به قانون يحفظ حقوق الأقليات النصرانية باسم الدفاع عن الأديان، ولهذا أعرب الفاتيكان عن رفضه للفيلم ودعوته إلى السلام في لغة مزدوجة مألوفة من معقل الصليبية الذي كان بالأمس القريب طعّاناً في الإسلام. وتبعاً لذلك سارع البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد لقائه سيده البابا بندكت السادس عشر، إلى الدعوة لقانون يمنع الاعتداء على الأديان، وأعرب في ثنايا دعوته عن أن النيل من الإسلام نيل من جميع الأديان. لكن بطريرك المارون لم يخفِ غرضه من الدعوة، بل صرح - وفقاً لوكالة الأنباء (Romereports) – بأن النصرانية مستهدفة غالباً، وأن يسوع (عيسى عليه السلام) والكنيسة والكتاب المقدس، يتعرضون للهجوم والشتم في الأفلام والوثائقيات، وللحيلولة دون ذلك يريد من الأمم المتحدة أن تتدخل بإصدار قرار[2].
وهذا مربط الفرس بالنسبة لكبراء النصارى الداعين إلى قانون يجرّم الاعتداء على الأديان والمقدسات، فهم سيتخذون من هذا الحدث سُلَّماً يرتقون به إلى ما يضمن مصالحهم، وعلى رأس هذه المصالح حماية وتسمين الأقليات النصرانية في بلاد الإسلام بعد أن تبيّن جلياً سعي دول الغرب الاستعمارية في الأعوام الأخيرة إلى استغلال بعض الأحداث المتعلّقة بالأقليات في العراق ومصر وغيرهما في محاولة للتدخل في شؤون البلاد الإسلامية، لكن هذا التدخل قد يتخذ في المستقبل مجرىً رسمياً دولياً تحت مظلة الأمم المتحدة.
لعل صيغة القرار النهائية لقانون مناهضة الاعتداء على الأديان، محفوظة في الأدراج لحين الحاجة إليها، بل إننا نمتلك صيغة مشابهة صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والستين بتاريخ 11 أبريل 2011م، عنوان القرار «مناهضة تشويه صورة الأديان»، وهاك فقرات من تلك الوثيقة:
«ﺗﺮﺣﺐ [الجمعية] بما ﺃﻋﺮﺏ ﻋﻨﻪ في إعلان ﺍﻷﻣﻢ المتحدة ﻟﻸﻟﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﻤﺪﺗﻪ ﺍلجمعية ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ في ٨ ﺃﻳﻠﻮﻝ/ ﺳﺒﺘﻤبر ٢٠٠٠ ﻣﻦﺗﺼﻤﻴﻢ ﻋﻠﻰ اتخاذ تدابير ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ المتزايدة في مجتمعات كثيرة».
«ﻭﺇﺫ ﺗﻌﺮﺏ [الجمعية] ﻋﻦ ﺑﺎﻟﻎ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﺯﺩﻳﺎﺩ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ وﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺇلى ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ في أنحاء ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎلم وفي ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻟﺪﻯ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭفي المجتمع ﻛﻜﻞ، ﻧﺘﻴﺠﺔ لأمور ﻋﺪﺓ، ﻣﻨﻬﺎ: ﻣﻌﺎﻭﺩﺓ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ المنشأة ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﻭﻣﻮﺍﺛﻴﻖ ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﻭمحرﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻭﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ... ﻭﺍﻟﺘﻤﺎﺩﻱ في استغلال ﺗﻠﻚ ﺍﻟبراﻣﺞ ﻭﺍﳌﻮﺍﺛﻴﻖ ﻟﻠﺘﺮﻭﻳﺞ ﻟﻺﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻨﺎﻗﻬﺎ».
«ﺗﻼﺣﻆ [الجمعية] ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺃﻥ الحط ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎً، يمكن ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻳﺎ إلى ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﻙ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺇﺫ يثير ﺟﺰﻋﻬﺎ ﻋﺪﻡ اتخاذ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺃﻱ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ لمكافحة ﻫﺬﺍ الاتجاه المتنامي ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ممارسات تمييزية ﺿﺪ ﻣﻌﺘﻨﻘﻲ ﺃﺩﻳﺎﻥ ﻣﻌﻴﻨﺔ».
خلاصة القول: إن قرار الأمم المتحدة المعَدّ سابقاً سيساوي بين الضحية والجلاد، وسيسعى إلى تسوية دين الله الحق بغيره من أديان البشر تحت ذريعة محاربة الأحزاب والجماعات التي تمارس العنف لقيامها «على فكرة التفوق الإيديولوجي». وسيترتب على هذا تمييع القضايا العقدية الجوهرية كالولاء والبراء، وسيعد استعمال بعض الألفاظ الشرعية كـ «الكافر» و«المبتدع» من الدعوة إلى الكراهية والتعدي على حقوق الإنسان، وقد يمنع المسلم من نقض عقائد التثليث والصلب ونحوهما في سياق دعوته النصارى باعتباره تجاوزاً على خصوصيات الآخر، وقد يُجرَّم القائل بأن كتب اليهود والنصارى محرفة. وقد قلت قبل عامين تقريباً لأحد الإخوة مُتندِّراً: يوماً ما قد يُصادَق على الأحكام الشرعية في بلاد الإسلام من قبل الأمم المتحدة، ولا أراه بعيداً.
إن دور الأمم المتحدة على الصعيد الديني لن يقل خطورة ومراوغة عن دورها على الصعيد السياسي، وهو حلقة في مشروع العولمة (أو النظام العالمي الجديد)، الذي يسعى للقضاء على ثوابت الدين وتتبناه هذه المنظمة، بل تتولى كبره.