- الثلاثاء ديسمبر 18, 2012 3:30 pm
#58132
الفقه في السياسة الشرعية:
تواجه السياسة الشرعية نوعين من المسائل:
أحدهما: جاءت فيه نصوص شرعية.
والثاني: لم تأت فيه نصوص بخصوصه.
والفقه في النوع الأول يكون عن طريق:
1ـ فهم النصوص الشرعية فهمًا جيدًا، ومعرفة ما دلت عليه، والتنبه للشروط الواجب توافرها في تطبيق الحكم والموانع التي تمنع من تنفيذه، ثم يلي ذلك تطبيق الحكم وتنفيذه.
2ـ التمييز بين النصوص التي جاءت تشريعًا عامًا يشمل الزمان كله، والمكان كله ـ وهذا هو الأصل في مجيء النصوص ـ، وبين النصوص التي جاءت الأحكام فيها معللة بعلة، أو مقيدة بصفة، أو التي راعت عرفًا موجودًا زمن التشريع، أو نحو ذلك.
والأول يسميه ابن القيم: 'الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة'، بينما يسمي الثاني: 'السياسات الجزئية التابعة للمصالح فتتقيد بها زمانًا ومكانًا'.
ومن مسائل هذه السياسات 'النوع الثاني' منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه سهم المؤلفة قلوبهم عن قوم كان يعطيهم إياه، وذلك لزوال تلك الصفة عنهم، فإنما كانوا يعطون لاتصافهم بهذه الصفة لا لأعيانهم، فلما زالت الصفة منع السهم عنهم، وليس في هذا تغيير للحكم وإنما هو إعمال له، وهو من باب السياسة الشرعية، وكذلك أمر عثمان رضي الله عنه بإمساك ضوال الإبل مع أن المنع من إمساكها مستفاد من سؤال أحد الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن إمساك الإبل فقال: 'ما لك ولها، معها حذاؤها وسقاؤها ـ ترد الماء وتأكل من الشجر ـ حتى يلقاها ربها'، ومع النظرة الثاقبة في الحديث يتبين دقة فهم عثمان رضي الله عنه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ظهر من كلامه أنه يفتي عن حالة آمنة تأكل فيها الإبل من الشجر وتشرب من الماء، من غير أن يلحقها ضرر حتى يجدها صاحبها، فأما إذا تغير حال الناس ووجد منهم من يأخذ الضالة، صار هذا الحال غير متحقق، فإنها إذا تركت في هذه الحالة لن يجدها صاحبها، ومن هنا أمر بإمساكها وكذلك نقول: لو أن حالة الناس من حيث الأمانة لم تتغير، وإنما كان الناس يعيشون بجوار أرض مسبعة، وكان في تركها هلاك لها حتى يأكلها السبع؛ لكان الأمر بإمساكها هو المتعين حفظًا لأموال المسلمين، وهذا من السياسة الشرعية، والأمثلة في ذلك كثيرة.
والنوع الثاني من المسائل: وهو ما لم تأت فيه نصوص بخصوصه، فإن الفقه فيه يكون عن طريق الاجتهاد الذي تكون غايته تحقيق المصالح ودرء المفاسد، والاجتهاد هنا ليس لمجرد تحصيل ما يتوهم أنه مصلحة أو درء ما يتوهم أنه مفسدة، بل هو اجتهاد منضبط بضوابط الاجتهاد الصحيح، وذلك من خلال:
1ـ أن يجري ذلك الاجتهاد في تحقيق المصالح ودرء المفاسد في ضوء مقاصد الشريعة تحقيقًا لها وإبقاء عليها، والاجتهاد الذي يعود على المقاصد الشرعية أو بعضها بالإبطال هو اجتهاد فاسد مردود، وإن ظهر أنه يحقق مصلحة، أو يدرأ مفسدة.
2ـ عدم مخالفته لدليل من أدلة الشرع التفصيلية، إذ لا مصلحة حقيقية ـ وإن ظهرت ببادي الرأي ـ في مخالفة الأدلة الشرعية.
والنوعان الأول والثاني من المسائل قد تحتاج كل منهما ـ وخاصة في هذا العصر ـ لضمان حسن تطبيقه وتنفيذه إلى إنشاء هيئات أو مؤسسات تكون مسؤولة عن التطبيق والتنفيذ، وإنشاء هذه الهيئات أو المؤسسات في ظل موافقة مقاصد الشريعة وعدم مخالفتها لنصوصها التفصيلية؛ هو من السياسة الشرعية.
والاجتهاد في مسائل السياسة الشرعية قد يؤدي إلى 'استنباط أحكام اجتهادية جديدة تبعًا لتغيير الأزمان مراعاة لمصالح الناس والعباد، أو نفي أحكام اجتهادية سابقة إذا ما أصبحت غير محصلة لمصلحة أو مؤدية لضرر أو فساد، أو غير مسايرة لتطور الأزمان والأحوال والأعراف، أو كانت الأحكام الاجتهادية الجديدة أكثر تحقيقًا للمصالح ودفعًا للمفاسد.
تواجه السياسة الشرعية نوعين من المسائل:
أحدهما: جاءت فيه نصوص شرعية.
والثاني: لم تأت فيه نصوص بخصوصه.
والفقه في النوع الأول يكون عن طريق:
1ـ فهم النصوص الشرعية فهمًا جيدًا، ومعرفة ما دلت عليه، والتنبه للشروط الواجب توافرها في تطبيق الحكم والموانع التي تمنع من تنفيذه، ثم يلي ذلك تطبيق الحكم وتنفيذه.
2ـ التمييز بين النصوص التي جاءت تشريعًا عامًا يشمل الزمان كله، والمكان كله ـ وهذا هو الأصل في مجيء النصوص ـ، وبين النصوص التي جاءت الأحكام فيها معللة بعلة، أو مقيدة بصفة، أو التي راعت عرفًا موجودًا زمن التشريع، أو نحو ذلك.
والأول يسميه ابن القيم: 'الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة'، بينما يسمي الثاني: 'السياسات الجزئية التابعة للمصالح فتتقيد بها زمانًا ومكانًا'.
ومن مسائل هذه السياسات 'النوع الثاني' منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه سهم المؤلفة قلوبهم عن قوم كان يعطيهم إياه، وذلك لزوال تلك الصفة عنهم، فإنما كانوا يعطون لاتصافهم بهذه الصفة لا لأعيانهم، فلما زالت الصفة منع السهم عنهم، وليس في هذا تغيير للحكم وإنما هو إعمال له، وهو من باب السياسة الشرعية، وكذلك أمر عثمان رضي الله عنه بإمساك ضوال الإبل مع أن المنع من إمساكها مستفاد من سؤال أحد الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن إمساك الإبل فقال: 'ما لك ولها، معها حذاؤها وسقاؤها ـ ترد الماء وتأكل من الشجر ـ حتى يلقاها ربها'، ومع النظرة الثاقبة في الحديث يتبين دقة فهم عثمان رضي الله عنه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ظهر من كلامه أنه يفتي عن حالة آمنة تأكل فيها الإبل من الشجر وتشرب من الماء، من غير أن يلحقها ضرر حتى يجدها صاحبها، فأما إذا تغير حال الناس ووجد منهم من يأخذ الضالة، صار هذا الحال غير متحقق، فإنها إذا تركت في هذه الحالة لن يجدها صاحبها، ومن هنا أمر بإمساكها وكذلك نقول: لو أن حالة الناس من حيث الأمانة لم تتغير، وإنما كان الناس يعيشون بجوار أرض مسبعة، وكان في تركها هلاك لها حتى يأكلها السبع؛ لكان الأمر بإمساكها هو المتعين حفظًا لأموال المسلمين، وهذا من السياسة الشرعية، والأمثلة في ذلك كثيرة.
والنوع الثاني من المسائل: وهو ما لم تأت فيه نصوص بخصوصه، فإن الفقه فيه يكون عن طريق الاجتهاد الذي تكون غايته تحقيق المصالح ودرء المفاسد، والاجتهاد هنا ليس لمجرد تحصيل ما يتوهم أنه مصلحة أو درء ما يتوهم أنه مفسدة، بل هو اجتهاد منضبط بضوابط الاجتهاد الصحيح، وذلك من خلال:
1ـ أن يجري ذلك الاجتهاد في تحقيق المصالح ودرء المفاسد في ضوء مقاصد الشريعة تحقيقًا لها وإبقاء عليها، والاجتهاد الذي يعود على المقاصد الشرعية أو بعضها بالإبطال هو اجتهاد فاسد مردود، وإن ظهر أنه يحقق مصلحة، أو يدرأ مفسدة.
2ـ عدم مخالفته لدليل من أدلة الشرع التفصيلية، إذ لا مصلحة حقيقية ـ وإن ظهرت ببادي الرأي ـ في مخالفة الأدلة الشرعية.
والنوعان الأول والثاني من المسائل قد تحتاج كل منهما ـ وخاصة في هذا العصر ـ لضمان حسن تطبيقه وتنفيذه إلى إنشاء هيئات أو مؤسسات تكون مسؤولة عن التطبيق والتنفيذ، وإنشاء هذه الهيئات أو المؤسسات في ظل موافقة مقاصد الشريعة وعدم مخالفتها لنصوصها التفصيلية؛ هو من السياسة الشرعية.
والاجتهاد في مسائل السياسة الشرعية قد يؤدي إلى 'استنباط أحكام اجتهادية جديدة تبعًا لتغيير الأزمان مراعاة لمصالح الناس والعباد، أو نفي أحكام اجتهادية سابقة إذا ما أصبحت غير محصلة لمصلحة أو مؤدية لضرر أو فساد، أو غير مسايرة لتطور الأزمان والأحوال والأعراف، أو كانت الأحكام الاجتهادية الجديدة أكثر تحقيقًا للمصالح ودفعًا للمفاسد.