منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#59095
الازهر الشريف وملفات معلقة: ايران والاحواز
---
فى واحدة من اللحظات التى ربما لم تتكرر كثيرا، تشهد القاهرة حدثان متناقضان مرتبطان بايران وسياستها فى المنطقة بصفة عامة، يتمثل الحدث الاول فى زيارة وزير الخارجية الايرانى على اكبر صالحى الى القاهرة وعقده لقاءات مع اعلى المستويات والمسئولين المصريين فى مقدمتهم رئيس الجمهورية ووزير الخارجية، فضلا عن زيارته للازهر الشريف ولقاءه بشيخه الجليل، وكذلك لقاءه مع البابا تواضروس بابا الاسكندرية. أما الحدث الثانى، يتمثل فى تنظيم واحدة من اهم الندوات واللقاءات حول قضية الاحواز فى ايران ذلك الملف المنسى او ربما الذى تسعى طهران الى اخفاءه عن عيون دول المنطقة وشعوبها رافعة شعارات عديدة تتعارض مع انتهاكاتها المستمرة لحق الشعب الاحوازى العربى الذى وقع تحت الاحتلال الايرانى منذ ما يقرب من قرن.
ولعل الحديث عن الزيارة التى قام بها وزير الخارجية الايرانى تثير حزمة من التساؤلات والاستفهامات التى ما زالت تراود الكثيرين من الباحثين وإن كانت ملامح الزيارة وهدفها المعلن وربما الاكثر بروزا هو الملف السورى والتداعيات الخطيرة على الامن الايرانى فى حالة نجاح الثورة السورية لما يفقد طهران ابرز حلفائها فى المنطقة بل وربما الحليف الاول المتفق عقائديا معها مع عدم استبعاد حزب الله اللبنانى – الذى يدير الدولة اللبنانية الان- بصورة غير مباشرة ولعل اختيار رئيس الوزراء ميقاتى فى السابق يدلل على ذلك. ما يهم فى تلك الزيارة ذلك الموقف المشرف الذى اكد عليه شيخ الازهر الشريف الدكتور احمد الطيب بشأن الامن القومى العربى وضرورة حمايته فى مواجهة هذا المد الشيعى بصفة عامة، والامن البحرينى والتأكيد على شرعية المؤسسة الحاكمة فى المملكة من جانب آخر، وهو ما برز جليا فى تأكيده بصورة مباشرة على مطالبة طهران بعدم التدخل فى الشئون الداخلية لدول الخليج، فقد ذكر شيخ الازهر خلال لقاءه مع وزير الخارجية الإيراني رفض الأزهر التام التدخل في شؤون مملكة البحرين، وذلك بقوله::إننا على ثقة أن تقاليد حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول هي القاعدة التي يجب أن تسود علاقاتنا جميعا، خاصة في منطقة الخليج الحساسة التي يتخذها البعض تكأة للتدخل في الشؤون الدول الإسلامية، وإثارة المحن فيما بينها، ونحن في غنى عن هذه المشكلات كلها، لنتفرغ لمشكلاتنا الحقيقية".
واذا ما انتقلنا للحديث عن الحدث الثانى المتمثل مؤتمر نصرة الاحواز العرب والذى يعقد للمرة الاولى فى القاهرة مؤتمر عن قضية الاحواز، وقد شارك فيه نخبة من كبار العلماء والباحثين والمتخصصين فى القضايا الاقليمية والدولية وقضايا حقوق الانسان، وقد اكد المؤتمر على ان حقوق الانسان كل لا يتجزأ فلا استطيع ان اطالب بحقوق الانسان للفلسطينين من الاحتلال الصهيونى واتغافل او اتكاسل عن حقوق الانسان الاحوازى الذى يقع تحت الاحتلال الايرانى منذ ما يقرب من قرن، فالحقوق لا تسقط بالتقادم ولا تباع فى اسواق السياسة والمصالح بقدر مكانتها فى الدين الاسلامى والقيم الحضارية كافة.
ومن هذا المنطلق، نستطيع القول ان القاهرة صحيح قد استعادت جزء من دورها ومكانتها كقبلة للمظلومين فى استضافتها لهذا المؤتمر، إلا انه من الصحيح ايضا ان استعادة هذا الدور لا يمكن ان يكون بعودة العلاقات المصرية الايرانية على حساب المصالح العربية وعلى حساب الامن القومى العربى وفى قلبه الامن القومى المصرى، الذى يشمل كافة الابعاد السياسية والاقتصادية والامنية واهمها البعد العقائدى، فلا يمكن القبول تحت مزاعم الاحتياجات الاقتصادية او المواءمات السياسية ان تمس عقيدة الشعب المصرى بسبب فتح القنوات والمسالك للايرانيين يجوبون فى شوارع القاهرة ويمارسون دعواتهم للبسطاء من الشعب المصرى الذى قد يقع خديعة لاساليبهم وخطابهم الدينى المراوغ، وهو ما يبرز دور الازهر الشريف فى التصدى لكل هذه الممارسات والانتهاكات انطلاقا من استعادة دوره الريادى العالمى.