- الأحد فبراير 24, 2013 11:51 am
#59707
السببية والضرورة العقلية
هذا التفلسف عند ديفيد هيوم عن الضرورة والسببية ، رد عند كثير من مثقفينا ، ….وأعتقد أن مرجع ذلك الترجمة الحرفية الركيكة لكتابه في الفاهمة البشرية .. ..لكني سآتي بفهمي أنا حتى تتضح الصورة … يقول ديفيد : أن لكل سبب مسبب هو استنتاج حصل عليه الإنسان من خبراته .. لما رأينا أن هناك سبب يدفع سببا ، وأن كل متحرك لا بد له من محرك ، فإن هذه الخبرة سحبت هذا الحكم على كل الأشياء ، كما هي عادة الذهن في التعميم .. ، ومبدأ السببية ليس معلومة قبلية مغروسة في ما يسمى العقل ،..فإنسان تحجر عليه في غرفة منذ صغره ، لن يكتشف أن لكل سبب مسبب بعقله المجرد ، بل سيتصرف تصرفات المجانين لقلة خبرته .. فمجموع الخبرات التي يختزنها الإنسان هي العقل ذاته ، وخبراته هي مجموع مشاهداته وتجاربه وملاحظاته .. ..فلو حضر أناس ليس لهم خبرة بتأثير الكهرباء ولمس أحدهم تيار كهربائي فصعق لن يظنوا في باديء الأمر أن سبب صعقه هو هذه الملامسة لعدم حصول الخبرة لديهم في هذا الشأن ، لكن لو لمس الآخر نفس السلك الذي به التيار فصعق فسيحصلون على الخبرة ، وسيحكمون بأن سبب موته هو هذه الملامسة ، وأن أي إنسان يلمس التيار الكهربائي سيؤدي إلى صعقه ومن ثم الموت !! هكذا تكتسب الخبرة بالملاحظة والتجارب والمشاهدات وتترسخ بحكم التكرار وتعمم بحكم العادة الذهنية ، والبدو الذين جئنا بهم كمثال ، بسبب امتلاكهم هذه الخبرة يمكن وصفهم بخبراء أي ذوو خبرة ـ ولكنهم لن يكونوا عقلاء بدون الاستفادة من هذه الخبرة والعمل بما تقتضيه …
وأما ما يسمى بالضرورة العقلية ..فأنا أفسر هذه الضرورة بمعنى أن هناك أشياء لا بد أن نسلم بها وإلا فقدنا رشدنا وعقولنا … فمثلا : تدلنا خبراتنا على أن من يطلق على رأسه رصاصة سيموت ، وإذا لم يعمل فسيضطر لتكفف الناس ، ونحن إذا لم نسلم بهذه الخبرات المكتسبة ونعمل بمقتضاها فنحن أقرب إلى المجانين لا إلى العقلاء ، فلجوؤنا إلى الأخذ بما تدلنا عليه خبراتنا ضرورة أي إلزام عقلي ، أي أنه يجب أن ألزم نفسي بإتباع ما تمليه علي خبراتي وملاحظاتي وتجاربي في الحياة وأحكم بناء عليها ، فإن لم التزم بها فإني فاقد لعقلي ..
وأما فيما يخص السببية ، فعبارة : أن لكل محرك محرك ـ بكسر الحاء ـ هذا الاستنتاج العقلي آت من الخبرة ، وليس استنتاج عقلي محض سابق على التجربة .. فالعقل وأحكامه كلها مصدرها تراكم الخبرات !!…
لا حظ هنا : أنا لا أقول بأنه قد يتحرك شيء بدون سبب يؤدي إلى حركته ، ولكني أقول أن الاحتمال الأكثر تأكيدا بأنه لا يوجد متحرك بدون محرك له ، والسبب أن خبراتي لا تسعفني بأن هذه الحالة وجدت من قبل ..والعقل يحكم بالاحتمالات والظنون فيما ليس له به سابق خبرة ، ….وفي مسألة وجود الخالق والمخلوق ، هي مسألة تخضع للاحتمالات والظنون عند العقل ، لكن الاحتمال الراجح عند العقل هو : أن لهذا المخلوق الموجود موجد ـ بكسر الجيم ـ ويأتيني هذا الاحتمال المؤكد من خبراتي السابقة ، إذ أنني لم أجد شيئا موجودا لم يوجده أحد ، ولم أجد شيئا متحركا لا يحركه شيء ، فإذا رفضت هذا الاحتمال الراجح فمعنى هذا أني أرفض كل خبراتي السابقة وأضحي بها.. وهذه هي حكمة الله سبحانه وتعالى ، أن ترتقي بنا خبراتنا من مشاهداتنا وخبراتنا التي تدلنا على أن لكل سبب مسبب إلى توحيد الله سبحانه وتعالى مسبب الأسباب ..
أحكام العقل فيما ليس له به خبرة مباشرة هي أحكام ظنية ، فالحكم العقلي بوجود الخالق هو احتمال راجح في مجال الخبرة الإنسانية أو العقل .. وليس حكما قطعيا أو يقينيا !! أحكام العقل ليست قطعية فيما ليس لها به خبرة تامة … فمثلا : العقول تقول أن النار تحرق الأجسام التي تقترب منها ..لكن لو لاحظت هذه العقول حادثة رمي إبراهيم عليه السلام في النار ، لتغير موقفها ولحكمت بأنه ليس كل نار تحرق الأجسام ، أو ليس كل جسم يحترق بالنار ، ولو تكررت حادثة إبراهيم عليه السلام عدة مرات مع عدة أشخاص فإن العقل سيميل إلى تصديق الحادثة التي تتكرر بشكل أكبر …هكذا العقل يحكم بالراجح والمرجوح فقط وليس لديه حكم يقيني قطعي إلا فيما تلامسه الحواس مباشرة في واقعة كاملة مشخصة ( رئيس مجلس الشورى يلقي خطابا ) .. فهنا يكون حكم العقل قطعيا …
من كتابات : رياض ابوخندج
هذا التفلسف عند ديفيد هيوم عن الضرورة والسببية ، رد عند كثير من مثقفينا ، ….وأعتقد أن مرجع ذلك الترجمة الحرفية الركيكة لكتابه في الفاهمة البشرية .. ..لكني سآتي بفهمي أنا حتى تتضح الصورة … يقول ديفيد : أن لكل سبب مسبب هو استنتاج حصل عليه الإنسان من خبراته .. لما رأينا أن هناك سبب يدفع سببا ، وأن كل متحرك لا بد له من محرك ، فإن هذه الخبرة سحبت هذا الحكم على كل الأشياء ، كما هي عادة الذهن في التعميم .. ، ومبدأ السببية ليس معلومة قبلية مغروسة في ما يسمى العقل ،..فإنسان تحجر عليه في غرفة منذ صغره ، لن يكتشف أن لكل سبب مسبب بعقله المجرد ، بل سيتصرف تصرفات المجانين لقلة خبرته .. فمجموع الخبرات التي يختزنها الإنسان هي العقل ذاته ، وخبراته هي مجموع مشاهداته وتجاربه وملاحظاته .. ..فلو حضر أناس ليس لهم خبرة بتأثير الكهرباء ولمس أحدهم تيار كهربائي فصعق لن يظنوا في باديء الأمر أن سبب صعقه هو هذه الملامسة لعدم حصول الخبرة لديهم في هذا الشأن ، لكن لو لمس الآخر نفس السلك الذي به التيار فصعق فسيحصلون على الخبرة ، وسيحكمون بأن سبب موته هو هذه الملامسة ، وأن أي إنسان يلمس التيار الكهربائي سيؤدي إلى صعقه ومن ثم الموت !! هكذا تكتسب الخبرة بالملاحظة والتجارب والمشاهدات وتترسخ بحكم التكرار وتعمم بحكم العادة الذهنية ، والبدو الذين جئنا بهم كمثال ، بسبب امتلاكهم هذه الخبرة يمكن وصفهم بخبراء أي ذوو خبرة ـ ولكنهم لن يكونوا عقلاء بدون الاستفادة من هذه الخبرة والعمل بما تقتضيه …
وأما ما يسمى بالضرورة العقلية ..فأنا أفسر هذه الضرورة بمعنى أن هناك أشياء لا بد أن نسلم بها وإلا فقدنا رشدنا وعقولنا … فمثلا : تدلنا خبراتنا على أن من يطلق على رأسه رصاصة سيموت ، وإذا لم يعمل فسيضطر لتكفف الناس ، ونحن إذا لم نسلم بهذه الخبرات المكتسبة ونعمل بمقتضاها فنحن أقرب إلى المجانين لا إلى العقلاء ، فلجوؤنا إلى الأخذ بما تدلنا عليه خبراتنا ضرورة أي إلزام عقلي ، أي أنه يجب أن ألزم نفسي بإتباع ما تمليه علي خبراتي وملاحظاتي وتجاربي في الحياة وأحكم بناء عليها ، فإن لم التزم بها فإني فاقد لعقلي ..
وأما فيما يخص السببية ، فعبارة : أن لكل محرك محرك ـ بكسر الحاء ـ هذا الاستنتاج العقلي آت من الخبرة ، وليس استنتاج عقلي محض سابق على التجربة .. فالعقل وأحكامه كلها مصدرها تراكم الخبرات !!…
لا حظ هنا : أنا لا أقول بأنه قد يتحرك شيء بدون سبب يؤدي إلى حركته ، ولكني أقول أن الاحتمال الأكثر تأكيدا بأنه لا يوجد متحرك بدون محرك له ، والسبب أن خبراتي لا تسعفني بأن هذه الحالة وجدت من قبل ..والعقل يحكم بالاحتمالات والظنون فيما ليس له به سابق خبرة ، ….وفي مسألة وجود الخالق والمخلوق ، هي مسألة تخضع للاحتمالات والظنون عند العقل ، لكن الاحتمال الراجح عند العقل هو : أن لهذا المخلوق الموجود موجد ـ بكسر الجيم ـ ويأتيني هذا الاحتمال المؤكد من خبراتي السابقة ، إذ أنني لم أجد شيئا موجودا لم يوجده أحد ، ولم أجد شيئا متحركا لا يحركه شيء ، فإذا رفضت هذا الاحتمال الراجح فمعنى هذا أني أرفض كل خبراتي السابقة وأضحي بها.. وهذه هي حكمة الله سبحانه وتعالى ، أن ترتقي بنا خبراتنا من مشاهداتنا وخبراتنا التي تدلنا على أن لكل سبب مسبب إلى توحيد الله سبحانه وتعالى مسبب الأسباب ..
أحكام العقل فيما ليس له به خبرة مباشرة هي أحكام ظنية ، فالحكم العقلي بوجود الخالق هو احتمال راجح في مجال الخبرة الإنسانية أو العقل .. وليس حكما قطعيا أو يقينيا !! أحكام العقل ليست قطعية فيما ليس لها به خبرة تامة … فمثلا : العقول تقول أن النار تحرق الأجسام التي تقترب منها ..لكن لو لاحظت هذه العقول حادثة رمي إبراهيم عليه السلام في النار ، لتغير موقفها ولحكمت بأنه ليس كل نار تحرق الأجسام ، أو ليس كل جسم يحترق بالنار ، ولو تكررت حادثة إبراهيم عليه السلام عدة مرات مع عدة أشخاص فإن العقل سيميل إلى تصديق الحادثة التي تتكرر بشكل أكبر …هكذا العقل يحكم بالراجح والمرجوح فقط وليس لديه حكم يقيني قطعي إلا فيما تلامسه الحواس مباشرة في واقعة كاملة مشخصة ( رئيس مجلس الشورى يلقي خطابا ) .. فهنا يكون حكم العقل قطعيا …
من كتابات : رياض ابوخندج