- الاثنين إبريل 15, 2013 9:42 pm
#60553
منذ السقوط الدرامي لما كان يسمى بالاتحاد السوفييي عام 1990 وتفككه إلى مجموعة من الدول أبرزها روسيا ومجموعة دول ودويلات متوسطة المساحات ومتباينة الاتجاهات والانتماءات مثل دول آسيا الوسطى الإسلامية ودول بحر قزوين ودول البلطيق، دخل العالم مرحلة انتقالية امتدت حتى الآن إلى أربعة عشر عاما أعلنت خلالها الولايات المتحدة انتصارها على الشيوعية وبات التحالف الغربي الأوروبي مزهوا بانتشار الفكر الرأسمالي وسريان عدوى الديمقراطية بنمطها الغربي إلى دول أوروبا الشرقية.
تجسدت هذه المتغيرات بشكل مؤسسي في توسعة حلف الناتو وامتداده شرقا لمناطق لم يكن يحلم بالوصول إليها وبدأ يلامس الحدود الغربية لروسيا، والجنوبية الغربية والشمالية الغربية للصين، وهى المناطق التي كانت بمثابة عازلا طبيعيا، ومجالا كبيرا لتحرك كل من روسيا والصين لمواجهة التهديدات الأمريكية في الماضي. وخير دليل على هذا انضمام معظم دول أوروبا الشرقية لحلف الناتو وعقد اتفاقيات شراكة مع دول كانت حتى تسعينات القرن الماضي جزءا من القطب الثاني المناوئ لأمريكا والغرب، ويدخل في هذا الإطار دول مثل أوزبكستان وطاجيكستان.
إذن دانت السيطرة للقطب الأوحد وهو الولايات المتحدة على النظام الدولي الجديد منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، فيما يمكن أن يمثل مرحلة انتقالية من مرحلة القطبية الثنائية وانقسام العالم إلى معسكري الشرق والغرب وكتلة وسطية سمت نفسها عدم الانحياز، إلى مرحلة التعدد القطبي التي يرصدها المراقبون السياسيون وتحديدا إرهاصاتها الأولية، والعالم لن ينتظر كثيرا ليشهد تدشينها وذلك لمجموعة من الاعتبارات نستطيع تحديدها على النحو التالي:
1 إن انفراد دولة واحدة وتحكمها في مصير العالم هو وضع شاذ. إذ انه مهما كانت قوة هذه الدولة وتشعب علاقاتها واستخدامها الأقصى والأمثل لكافة إمكاناتها، فإنها لا تستطيع مجابهة كل التحديات والتهديدات على اكثر من جبهة في الوقت نفسه وبالتركيز نفسه، وليس أدل على ذلك من اختلاف أساليب الولايات المتحدة في معالجة تورطها في إسقاط نظام صدام حسين في العراق، وطالبان في أفغانستان، ومهادنة كوريا الشمالية، وسياسة العصا والجزرة مع إيران، وتأمين وجودها العسكري في آسيا وأوروبا، ودعم حلف الناتو وامتداده شرقا. كل هذا وهي مطالبة بتأمين جبهتها الداخلية التي اهتزت بشدة، وللمرة الأولى، ضد الإرهاب منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول ،2001 ودعم اقتصادها الذي يعاني من دورات متتالية من الركود نتيجة زيادة النفقات الدفاعية تارة، وتأرجح أسعار النفط تارة أخرى.
2 تعارض مصالح التجمعات والتكتلات الدولية الرئيسية مثل الاتحاد الأوروبي، تجمع دول شرق آسيا والمحيط الهادي AIPEC، الاتحاد الإفريقي، وغيرها بدرجات مختلفة وفي توقيتات زمنية متباينة مع المصالح الأمريكية الآنية والمستقبلية، فرغم التقارب الثقافي والفكري ونمط الحياة الغربي الذي يجمع الاتحاد الأوروبي بالولايات المتحدة فإن هذا لم يمنع الدول الأوروبية الكبيرة مثل فرنسا وألمانيا أن تعترض على غزو العراق، وتناور الولايات المتحدة حتى في مجلس الأمن من ناحية، وتبني الترويكا الأوروبية (فرنسا ألمانيا بريطانيا) ملف إيران النووي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحاولة معالجته بطريقة هادئة بعيدا عن التهديدات الأمريكية بإحالة الملف إلى مجلس الأمن من ناحية أخرى.
3 إن المحاولات الأمريكية لفرض النموذج الديمقراطي لمفهومه الغربي من خلال اتباع سياسية الترغيب والترهيب مستخدمة في ذلك مبادئ عالمية مثل حقوق الإنسان وحرية الفكر والصحافة؛ وتداول السلطة ومنع التمييز نحو المرأة وغيرها مما ينطبق عليه المثل العربي (الحق الذي يراد به الباطل) هذه المحاولات تواجه الآن تحديات كبيرة ليس فقط في إطار الشرق الأوسط من خلال مقاومة فكرة الشرق الأوسط الكبير، وإنما في معظم المناطق التي تريد الولايات المتحدة إعادة ترتيب أوضاعها، مثل شرق آسيا وأمريكا اللاتينية أو التي تعتبرها مصادر تهديد لها مثل الصين وكوريا الشمالية وإيران، وهو الأمر الذي ترجم نفسه في استبعاد الولايات المتحدة من بعض لجان المنظمات الدولية مثل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والتي استبعدت منها الولايات المتحدة للمرة الأولى في تاريخها عام 2001 (فشلت في الحصول على أغلبية أصوات الجمعية العامة) وكذا فشلها في المشاركة في بعض اللقاءات الدولية المهمة مثل القمة الأولى لدول الآسيان وأوروبا عام ،1996 كما فرضت عليها عزلة قاسية في مؤتمر “دربن” بجنوب إفريقيا للمنظمات غير الحكومية عام 2002. كما اضطرت الولايات المتحدة تحت ضغط معارضة عدد كبير من الدول بما فيها بعض حلفائها الغربيين إلى تأجيل تنفيذ قانون هلمز بيرتون وقانون داماتو اللذين أصدرتهما الولايات المتحدة لتشديد الحصار على كوبا وتوقيع عقوبات على كل من إيران وليبيا.
4 انتقال بؤرة الصراع والتوازنات الاستراتيجية من أوروبا إلى منطقة المحيط الهادي، وبشكل أدق تركزت المعادلة السياسية الأكثر أهمية عالميا فيما يسمى بالمثلث الاستراتيجي (الصين اليابان الولايات المتحدة) كما أسماه الكاتب الأمريكي توماس ويلبورن والذي أضاف أن روسيا قد تتمكن من الدخول طرفا في هذه المعادلة في المستقبل ولكن بعد ردح من الزمن تكتسب فيه القدرة السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تمكنها من فرض نفوذها.
5 هناك بعض الظواهر السياسية والاقتصادية على صعيد النظام الدولي تشير إلى قرب ولادة مرحلة تعدد الأقطاب نذكر منها على سبيل المثال:
أ/ الصعود والنمو السريع للاقتصاد الصيني بحيث اصبح يحتل المرتبة الثالثة عالميا، وارتفاع مكانة الصين الدولية وزيادة مشاركتها في القضايا الدولية كنتاج لشبكة علاقاتها الإقليمية والدولية الكبيرة.
ب/ قرار الاتحاد الأوروبي بإصدار العملية الأوروبية الموحدة (اليورو) عام 1999 ودخول الوحدة السياسية الأوروبية حيز التنفيذ عن طريق حرية انتقال الأفراد ورؤوس الأموال، ناهيك عن تطبيق سياسات خارجية وأمنية مشتركة.
ج/ استعادة روسيا لعافيتها الاقتصادية مرحليا ونجاحها في تحقيق استقرار سياسي نسبي.
خلاصة القول: انه ومع تسليمنا بانفراد الولايات المتحدة قطباً أوحد خلال الفترة الحالية فإننا نرى أنها فترة انتقالية بدأت بوادر نهايتها، ويتجه العالم نحو تعدد الأقطاب بظهور قوى دولية أخرى هي الآن في مرحلة ما يمكن تسميته قوى عظمى محتملة مثل الاتحاد الأوروبي الصين روسيا الهند، وسيتوقف شكل النظام الدولي القادم على قدرة تلك القوى ورغبتها في لعب دور في النظام الدولي الجديد من ناحية وعلى استجابة الولايات المتحدة ومرونتها في التعامل مع التهديدات والتحديات القادمة من تلك القوى من ناحية أخرى.
تجسدت هذه المتغيرات بشكل مؤسسي في توسعة حلف الناتو وامتداده شرقا لمناطق لم يكن يحلم بالوصول إليها وبدأ يلامس الحدود الغربية لروسيا، والجنوبية الغربية والشمالية الغربية للصين، وهى المناطق التي كانت بمثابة عازلا طبيعيا، ومجالا كبيرا لتحرك كل من روسيا والصين لمواجهة التهديدات الأمريكية في الماضي. وخير دليل على هذا انضمام معظم دول أوروبا الشرقية لحلف الناتو وعقد اتفاقيات شراكة مع دول كانت حتى تسعينات القرن الماضي جزءا من القطب الثاني المناوئ لأمريكا والغرب، ويدخل في هذا الإطار دول مثل أوزبكستان وطاجيكستان.
إذن دانت السيطرة للقطب الأوحد وهو الولايات المتحدة على النظام الدولي الجديد منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، فيما يمكن أن يمثل مرحلة انتقالية من مرحلة القطبية الثنائية وانقسام العالم إلى معسكري الشرق والغرب وكتلة وسطية سمت نفسها عدم الانحياز، إلى مرحلة التعدد القطبي التي يرصدها المراقبون السياسيون وتحديدا إرهاصاتها الأولية، والعالم لن ينتظر كثيرا ليشهد تدشينها وذلك لمجموعة من الاعتبارات نستطيع تحديدها على النحو التالي:
1 إن انفراد دولة واحدة وتحكمها في مصير العالم هو وضع شاذ. إذ انه مهما كانت قوة هذه الدولة وتشعب علاقاتها واستخدامها الأقصى والأمثل لكافة إمكاناتها، فإنها لا تستطيع مجابهة كل التحديات والتهديدات على اكثر من جبهة في الوقت نفسه وبالتركيز نفسه، وليس أدل على ذلك من اختلاف أساليب الولايات المتحدة في معالجة تورطها في إسقاط نظام صدام حسين في العراق، وطالبان في أفغانستان، ومهادنة كوريا الشمالية، وسياسة العصا والجزرة مع إيران، وتأمين وجودها العسكري في آسيا وأوروبا، ودعم حلف الناتو وامتداده شرقا. كل هذا وهي مطالبة بتأمين جبهتها الداخلية التي اهتزت بشدة، وللمرة الأولى، ضد الإرهاب منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول ،2001 ودعم اقتصادها الذي يعاني من دورات متتالية من الركود نتيجة زيادة النفقات الدفاعية تارة، وتأرجح أسعار النفط تارة أخرى.
2 تعارض مصالح التجمعات والتكتلات الدولية الرئيسية مثل الاتحاد الأوروبي، تجمع دول شرق آسيا والمحيط الهادي AIPEC، الاتحاد الإفريقي، وغيرها بدرجات مختلفة وفي توقيتات زمنية متباينة مع المصالح الأمريكية الآنية والمستقبلية، فرغم التقارب الثقافي والفكري ونمط الحياة الغربي الذي يجمع الاتحاد الأوروبي بالولايات المتحدة فإن هذا لم يمنع الدول الأوروبية الكبيرة مثل فرنسا وألمانيا أن تعترض على غزو العراق، وتناور الولايات المتحدة حتى في مجلس الأمن من ناحية، وتبني الترويكا الأوروبية (فرنسا ألمانيا بريطانيا) ملف إيران النووي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحاولة معالجته بطريقة هادئة بعيدا عن التهديدات الأمريكية بإحالة الملف إلى مجلس الأمن من ناحية أخرى.
3 إن المحاولات الأمريكية لفرض النموذج الديمقراطي لمفهومه الغربي من خلال اتباع سياسية الترغيب والترهيب مستخدمة في ذلك مبادئ عالمية مثل حقوق الإنسان وحرية الفكر والصحافة؛ وتداول السلطة ومنع التمييز نحو المرأة وغيرها مما ينطبق عليه المثل العربي (الحق الذي يراد به الباطل) هذه المحاولات تواجه الآن تحديات كبيرة ليس فقط في إطار الشرق الأوسط من خلال مقاومة فكرة الشرق الأوسط الكبير، وإنما في معظم المناطق التي تريد الولايات المتحدة إعادة ترتيب أوضاعها، مثل شرق آسيا وأمريكا اللاتينية أو التي تعتبرها مصادر تهديد لها مثل الصين وكوريا الشمالية وإيران، وهو الأمر الذي ترجم نفسه في استبعاد الولايات المتحدة من بعض لجان المنظمات الدولية مثل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والتي استبعدت منها الولايات المتحدة للمرة الأولى في تاريخها عام 2001 (فشلت في الحصول على أغلبية أصوات الجمعية العامة) وكذا فشلها في المشاركة في بعض اللقاءات الدولية المهمة مثل القمة الأولى لدول الآسيان وأوروبا عام ،1996 كما فرضت عليها عزلة قاسية في مؤتمر “دربن” بجنوب إفريقيا للمنظمات غير الحكومية عام 2002. كما اضطرت الولايات المتحدة تحت ضغط معارضة عدد كبير من الدول بما فيها بعض حلفائها الغربيين إلى تأجيل تنفيذ قانون هلمز بيرتون وقانون داماتو اللذين أصدرتهما الولايات المتحدة لتشديد الحصار على كوبا وتوقيع عقوبات على كل من إيران وليبيا.
4 انتقال بؤرة الصراع والتوازنات الاستراتيجية من أوروبا إلى منطقة المحيط الهادي، وبشكل أدق تركزت المعادلة السياسية الأكثر أهمية عالميا فيما يسمى بالمثلث الاستراتيجي (الصين اليابان الولايات المتحدة) كما أسماه الكاتب الأمريكي توماس ويلبورن والذي أضاف أن روسيا قد تتمكن من الدخول طرفا في هذه المعادلة في المستقبل ولكن بعد ردح من الزمن تكتسب فيه القدرة السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تمكنها من فرض نفوذها.
5 هناك بعض الظواهر السياسية والاقتصادية على صعيد النظام الدولي تشير إلى قرب ولادة مرحلة تعدد الأقطاب نذكر منها على سبيل المثال:
أ/ الصعود والنمو السريع للاقتصاد الصيني بحيث اصبح يحتل المرتبة الثالثة عالميا، وارتفاع مكانة الصين الدولية وزيادة مشاركتها في القضايا الدولية كنتاج لشبكة علاقاتها الإقليمية والدولية الكبيرة.
ب/ قرار الاتحاد الأوروبي بإصدار العملية الأوروبية الموحدة (اليورو) عام 1999 ودخول الوحدة السياسية الأوروبية حيز التنفيذ عن طريق حرية انتقال الأفراد ورؤوس الأموال، ناهيك عن تطبيق سياسات خارجية وأمنية مشتركة.
ج/ استعادة روسيا لعافيتها الاقتصادية مرحليا ونجاحها في تحقيق استقرار سياسي نسبي.
خلاصة القول: انه ومع تسليمنا بانفراد الولايات المتحدة قطباً أوحد خلال الفترة الحالية فإننا نرى أنها فترة انتقالية بدأت بوادر نهايتها، ويتجه العالم نحو تعدد الأقطاب بظهور قوى دولية أخرى هي الآن في مرحلة ما يمكن تسميته قوى عظمى محتملة مثل الاتحاد الأوروبي الصين روسيا الهند، وسيتوقف شكل النظام الدولي القادم على قدرة تلك القوى ورغبتها في لعب دور في النظام الدولي الجديد من ناحية وعلى استجابة الولايات المتحدة ومرونتها في التعامل مع التهديدات والتحديات القادمة من تلك القوى من ناحية أخرى.