- الثلاثاء إبريل 23, 2013 4:13 pm
#60859
متغيرات استراتيجية:" ندوة ":مستقبل القضية الفلسطينية في ضوء المؤثرات الإقليمية والدوليةحسين علي بحيريتمر القضية الفلسطينية في المرحلة الحالية بتطورات بالغة الأهمية ارتباطا بمجموعة من الأبعاد التي تأتى في مقدمتها موافقة الأمم المتحدة على إعطاء دولة فلسطين عضوية مراقب ، وردود فعل الجانبين الإسرائيلي والأمريكي بشكل خاص تجاه تلك الخطوة ، وهو ما وضح من خلال تكثيف الاستيطان بالضفة الغربية والقدس الشرقية، ورفض إسرائيل لقرار الأمم المتحدة، فضلاً عن الاحتمالات المصاحبة لاتخاذ كلا الجانبين خطوات متصاعدة تجاه السلطة الفلسطينية بزعامة عباس. في الوقت نفسه، هناك حرص فلسطيني على السعي الجديد لتطوير تلك الخطوة، واستخدامها لصالح إنهاء الانقسام الفلسطيني، وتحقيق المصالحة على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتالي بين حركتي حماس وفتح، ولصالح توحيد المواقف الفلسطينية، وبما يعكس في مجمله السعي لإيجاد موقف فلسطيني موحد يمكن من خلاله مواجهة الجانب الإسرائيلي لتحقيق أمل الحصول على الحقوق الفلسطينية .على الجانب المقابل، فقد صاحب ذلك أيضا تغيير في بعض جوانب المواقف الإقليمية أو الدولية، سواء بالسلب أو الإيجاب، وبما يستدعى الوقوف على الأبعاد المحيطة، وبما يتفق مع تحقيق رؤية شاملة. في هذا الإطار، نظم المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية هذه الندوة يوم الأربعاء الموافق 19 ديسمبر 2012 ، لمناقشة الأجواء المحيطة بموافقة الأمم المتحدة على إعطاء دولة فلسطين عضوية مراقب، والتداعيات المترتبة على ذلك من خلال ردود فعل الجانبين الإسرائيلي والأمريكي بشكل خاص تجاه تلك الخطوة، وذلك من خلال عدة محاور تتمثل في: 1. الأبعاد المحيطة لخطوة حصول فلسطين على وضعية دولة مراقب بالأمم المتحدة. 2. الإجراءات الإسرائيلية لتهويد الضفة الغربية والقدس. 3. الموقف العربي والدولي تجاه القضية الفلسطينية.حصول فلسطين على وضعية دولة مراقب بالأمم المتحدة:وفي إطار الحديث حول الأبعاد المحيطة لخطوة حصول فلسطين على وضعية دولة مراقب بالأمم المتحدة، أكد اللواء أسامة حسن الجريدلي، "رئيس المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية"، أن الخطوة الفلسطينية التاريخية قد جاءت في وقت تزايدت فيه سياسات وإجراءات الجانب الإسرائيلي، سواء لتغيير الواقع الجغرافي والديموجرافى للضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية ، أو لاعتبارات ونوايا تتسق مع مصالحه، ونواياه ومزاعمه التاريخية والدينية، أو في ظل سياسته العدوانية المستمرة ضد قطاع غزة ، ومتغافلا لواقع استمرارية صمود الشعب الفلسطيني، وعدم تنازله إطلاقا عن حقوقه المشروعة، وما طرأ على المجتمع الدولي من متغيرات تعكس في مجملها رفضه لواقع الاحتلال الإسرائيلي، واتساع قاعدة التأييد لحقوق الشعب الفلسطيني ، وإدراكه لمراوغات إسرائيل التي أرادت للمفاوضات أن تبقى أسيرة متاهات لا نهاية لها . كما أشار إلى أن الفارق بين "الدولة العضو" ، و"الدولة غير العضو" في منظمة الأمم المتحدة أن "الأولى" هي الدولة التي تستفيد من كافة الاتفاقيات والمميزات والخدمات التي توفرها الأمم المتحدة ، وتلتزم بكافة التشريعات الصادرة عنها ، وتحميها كدولة عضو، وفق الأسس المتفق عليها ، ويحق لها "التصويت" على المشاريع والقرارات التي تطرح وتناقش بالجمعية العامة للأمم المتحدة. أما "الدولة غير العضو"، فإن لها كافة مميزات الدولة العضو، عدا أنه "ليس لديها الحق في التصويت" على المشاريع والقرارات التي تطرح وتناقش بالجمعية العامة للأمم المتحدة .الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية والقدس الشرقية:وفي إطار رد الفعل الإسرائيلي على حصول فلسطين على صفة مراقب، أوضح اللواء الجريدلي في هذا الإطار أن إسرائيل اتخذت عدة خطوات، من أهمها مشروع "إي 1" الذي يقضي ببناء 3000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية، ودفع خطط بناء في المنطقة "إي 1" بين القدس والكتلة الاستيطانية "معاله أدوميم".ومن جانبه، أشار السفير محمود كريم، "سفير مصر الأسبق لدى السلطة الوطنية الفلسطينية"، إلى السياسات الإسرائيلية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، حيث تقوم إسرائيل بهدم البيوت لطرد السكان الفلسطينيين منها ليتوجهوا إلى الضفة الغربية، أو يعيشوا مشردين في القدس، كما تعمل على الإقلال من أعداد سكان القدس عن طريق منع كل من يتغيب عن القدس لمدة ثلاث سنوات، فليس له الحق في العودة، ولو كانت أسرته تقيم بالقدس، وأيا كانت أسباب التغيب (الدراسة - العلاج - العمل - أو غيرها) . كما تتعرض البعثات الدبلوماسية الموجودة في القدس للتنكيل والتضييق عليها، لأنها أولا تمثل اعترافا فعليا DEFACTO بفلسطين.وقد ألغت إسرائيل إقامة 14 ألف فلسطينى من القدس عن طريق سحب الهويات من عام 1967 حتى أول عام 2011. وفي هذا الإطار، أكد السفير محمود كريم ضرورة دعوة دعم القدس مالياً للحفاظ على هوية ممتلكاتها، وكذا الدعم المعنوي من خلال السماح بزيارة المدينة والمقدسات الإسلامية والمسيحية، مما يشكل دعماً اقتصاديا للمقدسيين.الأبعاد المحيطة بالمصالحة الفلسطينية:وفي إطار الحديث حول ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، فقد تحدث السفير الفلسطيني بالقاهرة "بركات الفرا"، حيث قال إن الانقسام الحاصل على الساحة الفلسطينية، منذ بداية الانقلاب عام 2006 ، وسيطرة حماس على قطاع غزة والتداعيات الأخيرة، متمثلة في اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين دولة مراقب، أدى إلى تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية، والفترة القادمة ستشهد تحقيقا لهذه المصالحة، في ظل اقتناع الجميع بأن القوة تكمن في وحدة الصف الفلسطيني، بغض النظر عن الانقسامات والفصائل المختلفة. وأكد أنه ورغم كل هذه الضغوط والممارسات الإسرائيلية، فإن الشعب الفلسطيني ثابت على موقفه، ولن يتخلى عن حقوقه أبداً، وستظل فلسطين عربية، مشيراً إلى ضرورة حل القضية الفلسطينية في إطار دعم عربي وإسلامي متواصل لتحقيق المطالب الفلسطينية، وإقرار الحقوق الفلسطينية المشروعة.وفي سياق الحديث عن الدور العربي تجاه القضية الفلسطينية، أكد د. طارق فهمي،"رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط"، أن الدعم العربي، إذا جاء مبكراً، سوف يقوّي المركز الفلسطيني، ويخلق أوضاعاً أفضل للتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية. يمكن للضغوطات الدبلوماسية من جانب هذه الدول، خاصة من دول الخليج، وكذلك من الأردن ومصر، التي تملك اتفاقيات اقتصادية وعسكرية مع قوى عالمية كبرى، أن تغير قواعد اللعبة بصورة أسرع، وسوف يكون ذلك أكثر فاعلية بشكل خاص، إذا قامت الدول العربية بتشكيل توجه موحد نحو القضية الفلسطينية.تأثير المتغيرات المحيطة فى مستقبل القضية الفلسطينية:في هذا الإطار، أوضح د. طارق فهمي، "رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط"، أن السيناريوهات المحتملة للقضية الفلسطينية، وفقا للمتغيرات المطروحة، قد تدفع بالمنطقة إلى أحد السيناريوهات الأربعة التالية:السيناريو الأول: نجاح الثورات والانتفاضات الشعبية في تحقيق تغييرات جذرية في المنطقة العربية، تؤدي لصعود قوى وطنية وإسلامية للقيادة، وبشكل يؤدي إلى قيام مشروع عربي إسلامي نهضوي جديد.السيناريو الثاني: نجاح جزئي للثورات والانتفاضات، يؤدي إلى تحسين ظروف الحياة السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية، دون أن ينشغل بعملية الصراع مع "إسرائيل"، ودون أن يسعى لتغيير موازين القوى في المنطقة.السيناريو الثالث: حدوث آثار عكسية لا تؤدي فقط لفشل الثورات في تحقيق أهدافها، وإنما إلى نجاح القوى المضادة للثورة (بدعم إسرائيلي، وربما غربي مباشر وغير مباشر) في تأجيج الصراعات الطائفية والعرقية، بشكل يؤدي إلى الفوضى، وإلى تمزيق الدول الحالية، ونشوء كيانات جديدة متناحرة.السيناريو الرابع: ربما تتأرجح الاحتمالات الأقوى بين الاحتمالين الأول والثاني، غير أنه لا ينبغي استبعاد أي من الاحتمالات، إذ إن "إسرائيل" وحلفاءها لن يسمحوا بتحول هادئ وسهل في المنطقة، يمكن أن يؤدي إلى قيام كيانات معادية لهم، وسيسعون بكل الطرق الناعمة والخشنة، إن تطلب الأمر، من أجل حرف مسار هذه الثورات والانتفاضات، بما يفرغها من محتواها، أو يؤدي إلى نتائج معاكسة تخدم المشروع الصهيوني على المدى البعيد.في حين أوضح د. طارق فهمي أن هناك سيناريوهات صفرية فيما يتعلق بملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، وأكد أهمية البحث عن حلول ترضي جميع الأطراف المعنيين بقضية المصالحة، ولا سيما الفصائل الفلسطينية، من خلال توافر قدر أكبر من المصارحة قبل المصالحة.وفي النهاية، خلصت الندوة إلى عدد من التوصيات الرئيسية، تمثل أهمها فيما يلي:• تفعيل الحضور الفلسطيني في الأمم المتحدة حتى بكونه مراقبا، وبما يتيح الفرصة لطرح كافة الأبعاد المحيطة بالقضية الفلسطينية، أو معاناة الشعب الفلسطيني، أو السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير المشروعة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، والتحرك عربيا وإسلاميا ودوليا نحو فضح مخططات الاستيطان الإسرائيلية، مع الدعوة لمقاطعة منتجات المستوطنات.• إنهاء الاقتسام الفلسطيني، من خلال تحويل اتفاقية القاهرة للمصالحة الفلسطينية الموقعة في 4 مايو 2011 إلى واقع تنفيذي ملزم.• تشكيل حكومة وحدة وطنية، أو حكومة شراكة، قد تكون برئاسة الرئيس محمود عباس، أو بغيره، طبقا لما يتفق عليه.• إجراء الانتخابات الفلسطينية، من خلال التزام كافة الفصائل الفلسطينية بإجراء ثلاثة انتخابات في وقت واحد معاً "انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني - انتخابات المجلس التشريعي - الانتخابات الرئاسية ".• ضرورة مراجعة المشروع الوطني الفلسطيني، وإعادة طرح القضية الفلسطينية على المجتمع الدولي، من خلال آليات التحرك الوطني الفلسطيني، وأهمية مخاطبة الرأي العالم العالمي، عبر وسائل الإعلام المختلفة.• أهمية فتح معبر تجاري بين مصر وقطاع غزة، بالتزامن مع فتح إسرائيل لمعبر تجاري على الحدود مع قطاع غزة.تعريف الكاتب:باحث في العلوم السياسية