By سليمان الراجحي499 - الاثنين إبريل 29, 2013 9:17 pm
- الاثنين إبريل 29, 2013 9:17 pm
#61369
شيماء أحمد منير
ما أخفق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى تحقيقه عقب انتخابات 2009 من محاولات لضم كاديما برئاسة تسيبي ليفني إلى ائتلافه، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، داعيا آنذاك مواجهة التحديات القومية والدولية التي تواجهها إسرائيل، نجح فى تحقيقه مع شاوؤل موفاز- على الرغم من معارضته لتلك الدعوة بعد انتصاره فى الانتخابات الداخلية فى الحزب على تسيبى ليفنى فى 27 مارس- إثر محادثات سرية، أجريت مساء الاثنين 7 مايو أسفرت عن وقف مشروع حل الكنيست، فى الوقت الذى كانت تتأهب فيه جميع الأحزاب لخوض الانتخابات المبكرة التى دعا إليها نتنياهو والتى كان من المتوقع إجراءها فى 4 سبتمبر المقبل بدلا من موعدها المحدد فى نوفمبر 2013، حيث أصبح موفاز بمقتضى تلك الحكومة نائبا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقد أحدث ذلك التحالف الذى أطلق عليه "صفقة اللحظات الأخيرة" صدمة فى الشارع الإسرائيلى، دفع أكثر من ألف شخص، كان فى مقدمتهم رئيسة حزب كاديما السابقة تسيبى ليفنى، للتظاهر ليلة الثلاثاء الموافق 8 مايو 2012 فى تل أبيب احتجاجا على تشكيل تلك الحكومة ومهاجمة موفاز. كما أثيرت على إثره العديد من التساؤلات عن الأسباب الحقيقية التى دفعت نتنياهو إلى التراجع عن إجراء الانتخابات المبكرة وإبرام تلك الصفقة مع موفاز، فهل هى خلافات حزبية حول عدد من الاستحقاقات الداخلية التى كانت كفيلة بتفكك الائتلاف الحاكم؟ أم أن الأمر أبعد من ذلك وهدفه مواجهة تحديات خارجية تتعلق بالمصلحة الوطنية، مع العلم أن اللجوء إلى تشكيل حكومات وحدة وطنية عادة ما يتم اللجوء إليه لمواجهة استحقاقات أمنية، مثلما حدث قبيل حرب عام 1967 وحرب الاستنزاف عام 1969 وبعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1988 وأثناء الانتفاضة الثانية عام 2001. خاصة مع وجود العديد من الملفات الخارجية التى تثير قلق إسرائيل، من بينها الملف النووى الإيرانى، والثورات العربية وما تفرزها من تحديات أمنية، أبرزها الأجواء المتوترة عند الحدود الإسرائيلية – المصرية والإسرائيلية – السورية، و التى أدت إلى استدعاء الجيش للآلاف من جنود الاحتياط، الذين يخدمون فى 22 كتيبة، إلى الخدمة العسكرية بصورة استثنائية.
ومن أجل معرفة تلك الدوافع- وإن ظلت محل تكهنات العديد من المحللين - فإنه يجب استقراء المشهد السياسى الذى دفع نتنياهو نحو الدعوة إلى تبكير الانتخابات، ثم تراجعه عن تلك الخطوة وتفضيل الائتلاف مع موفاز. حيث يمكن القول أنه يوجد عدد من الملفات الداخلية الشائكة التى كانت تنذر بتفكك الائتلاف الحاكم، وهى التى دفعت نتنياهو نحو الدعوة الى إجراء انتخابات مبكرة، إلا أن نتنياهو أدرك أن تلك الخطوة سوف تحيل تلك الملفات الداخلية إلى الحكومة المقبلة - التى أشارت استطلاعات الرأى أنه كان سيكون على رأسها - مما ينذر بعدم استقرارها. ومن ثم أراد من صفقته مع موفاز محاولة معالجة تلك الملفات بشكل جاد حتى لا تكون سببا فى عرقلة الحكومة المقبلة، خاصة وأنه بمقتضى ذلك التحالف، فإن نتنياهو سيحظى بثلثى المقاعد، أى 94 نائبا من أصل 120 فى الكنيست، بما يعنى استناده على شبه إجماع وطنى، بما يمكنه من تجاوز العديد من العقبات الداخلية فضلا عن التحديات الخارجية. وتأتى فى مقدمة تلك الملفات، قانون "طال"، وهو قانون مؤقت كان يتم تمديده من حين إلى آخر، يقوم بتنظيم إعفاء طلاب المعاهد الدينية اليهودية "الييشيفوت" من الخدمة العسكرية الإلزامية، وقد قررت المحكمة العليا أن يكون شهر أغسطس المقبل، أخر تمديد له، بحيث تصوغ الحكومة مشروع قانون جديد بديل عنه. ويعد ذلك القانون مصدر خلاف داخل الائتلاف الحاكم، بين الأحزاب الليبرالية والعلمانية - التى ترى أن ذلك القانون يتناقض مع مبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات - وبين الأحزاب الدينية المتشددة مثل؛ "شاس" و "يهدوت هتوراة"، والتى تصر على بقاء ذلك القانون. وقد هدد "ليبرمان" بالانسحاب من الحكومة وحلها إذا لم يتم إيجاد بديل لقانون "طال" يلزم الحريديم والعرب على التجنيد للخدمة العسكرية أو الوطنية. وفى شهر أغسطس أيضا كان من المفترض أن يدخل نتنياهو فى مواجهة مع أحزاب اليمين المتطرف مثل "إسرائيل بيتنا" و "البيت اليهودى" و "البيت الوطنى" التى هددت بالانسحاب من الائتلاف فى حالة تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة العليا الصادر منذ أكثر من ثلاث سنوات، و الخاص بإخلاء البؤرة الاستيطانية غير القانونية ( ميغرون). أما التحدى الأخر فيتمثل فى إقرار ميزانية الحكومة لعام 2013، والتى سوف تكون هى الأخرى محل اختلاف مع الأحزاب المعارضة التى سوف تعارض أى تقليصات فى الموازنة الاقتصادية لصالح الموازنة الأمنية بما يعود بالسلب على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، هذا فى ضوء استحقاق آخر لا يقل فى خطورة تداعياته عن تلك الأزمات السابقة، وهو احتمال تجدد الاحتجاجات الاجتماعية والتى من المتوقع أن تبدأ قبل يوليو المقبل، حيث بدأ بالفعل قادة الاحتجاجات بإعادة حشد الجماهير، حيث تظاهر أكثر من ألفي ناشط سياسي من جميع الطبقات مساء السبت 12 مايو في ساحة رابين وسط تل أبيب فى أكبر احتجاج اجتماعي منذ الصيف الماضي، ومن المتوقع أن الاحتجاجات القادمة سوف تضع فى مقدمة أولوياتها المطالبة بالإصلاح السياسي، باعتباره شرطاً أساسياً لتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة.
فضلاً عن تلك الملفات الداخلية الشائكة، فإنه يمكن اعتبار الانتقادات الحادة التى شنها رئيس الشاباك الإسرائيلي السابق "يوفال ديسكين" على نتنياهو، والذى اتهمه بخداع الإسرائيليين فيما يتعلق بمعالجة الملف النووى الإيرانى بالإضافة إلى اتهامه بإفشال المفاوضات مع الفلسطينيين، بالإضافة لاتهام رئيس الموساد السابق "مائير دغان" لنتنياهو بالتهور والكذب، من الأمور التى أثارت قلق نتنياهو، وربما أعادت إلى ذهنه انقلاب المؤسسة الأمنية عليه عام 1999 والتى أسفرت عن خسارته فى الانتخابات لصالح إيهود باراك. وعلى الرغم من أن الأمر الراهن يختلف عن ذلك العام، نظراً لعدم وجود بديل قوي حقيقي ليحل محل نتنياهو كرئيس وزراء إلا أنه بدون شك أن تلك الانتقادات من جانب المؤسسة الأمنية سوف يكون لها انعكاساتها وإن ظلت محدودة على توجهات الرأى العام فى حالة إجراء الانتخابات فى سبتمبر المقبل. وقد تلاقت دوافع نتنياهو فى إبرام تلك الصفقة مع مصلحة موفاز، والتى كانت بالنسبة له بمثابة طوق نجاه من فشل كان بانتظاره فى حالة تبكير الانتخابات، وذلك وفقاً لاستطلاعات الرأى التى توقعت انهيار وتفكك كاديما برئاسته. والأمر ذاته ينطبق على "إيهود باراك" حيث توقعت استطلاعات الرأى بأن فرص نجاح حزبه "الاستقلال" كانت شبه معدومة، ومن ثم فإن تلك الصفقة حققت له فرصة البقاء كوزير للدفاع إلى حين إجراء الانتخابات فى نوفمبر 2013، وهو ما يتيح له الوقت الكافى من أجل إعادة ترتيب أوراقه استعداداً للانتخابات المقبلة. أما المعارضة، فقد وجهت انتقادات عدة لتلك الحكومة، واعتبرتها رئيسة حزب " ميرتس" اليسارى "زهافا غلاؤون"، بأنها تكريسا للديكتاتورية، لأنها ستمكن نتنياهو من تمرير أى قانون يرغب فيه. كما انتقدت رئيسة حزب العمل النائبة "شيلي يحيموفيتش،" تلك الحكومة ووصفتها بأنها "معاهدة الجبناء". إلا أنه يجب الإشارة إلى أنه على الرغم من تلك الانتقادات، فإنه لا يمكن إنكار أن حكومة الوحدة الوطنية حققت لحزب العمل مكسب قيادة المعارضة بما يعطيه فرصة لبروز مكانته داخليا وخارجيا بما يعزز من دوره فى الكنيست القادم، وذلك سوف يكون على حساب حزب كاديما، حيث توقعت استطلاعات أجرتها شركة "فانلس" الإسرائيلية بعد أيام من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أن حزب كاديما فقد ثقة الجمهور به، وتوقعت بأنه سيحصل خلال الانتخابات المقبلة على 3 مقاعد فقط، وذلك بعد أن دلت المؤشرات التى أجريت قبل فوز "شاؤول موفاز" بأنه سيحصل إذا ما جرى انتخابات عامة على أكثر من 16 مقعد إلا أنه بعد الانتخابات الداخلية للحزب أشارت استطلاعات الرأي أن عدد المقاعد للحزب لن تتجاوز 12 مقعد. وبالطبع ذلك سوف يصب فى صالح حزب الليكود، حيث توقعت الاستطلاعات السابقة أن حزب الليكود سيبقى متقدماً بثلاثين مقعداً. خاصة مع اتساع الانشقاقات فى كاديما، حيث تشير التقديرات إلى احتمال اتحاد حزبى الليكود وكاديما ليشكلان أكبر حزب فى إسرائيل، وقد كان من أبرز تلك الانشقاقات، استقالة رئيس مجلس حزب كاديما "حايم رامون" الذى أعلن انضمامه لحزب "الليكود"، معرباً عن أنه لم يعد هناك ما يسمى حزب كاديما من الناحية الأيدلوجية، وأن حزب كاديما عاد إلى حزب الليكود بعد أن أنشق عنه فى السابق. إلا أن تلك الانشقاقات يحاول التصدى لها أعضاء من كاديما، وفى مقدمتهم عضو الكنيست الإسرائيلى "يوفال تسلير" من خلال تقديم مشروع قانون لإلغاء ما كان يعرف بقانون "موفاز" والذى كان يسمح لسبعة أعضاء كنيست الانشقاق وتشكيل قائمة حزبية مستقلة فى الكنيست.
وفى ضوء ما سبق فإنه يمكن القول أن تلك الحكومة سيكون على عاتقها مسئولية البرهنة على نجاحها فى اجتياز القضايا التى من أجلها دعت إلى تشكيلها، وتأتى فى مقدمتها التوصل إلى قانون بديل عن قانون طال، دون الاصطدام مع الحريديم. فضلا عن إقرار ميزانية عام 2013، خاصة مع اقتراب تجدد الاحتجاجات الاجتماعية . فضلا عن الوعود الخاصة بإقرار صيغة جديدة لنظام الحكم، تضمن عدم ابتزاز الأحزاب الصغيرة، حيث أن إقراراه سوف يساهم فى إحداث تحولا جذريا فى طبيعة نظام الحكم ومستقبل الدولة، وإن ظل من الأمور الصعبة نظرا لارتباطه بتعقيدات تركيبة المجتمع اليهودى فى إسرائيل.
وأخيراً فإنه على الرغم من أن الأمر ليس أبعد من كونه قضايا داخلية دفعت إلى ذلك التحالف، إلا أن الملفات الخارجية مثل التصدى لتحديات الربيع العربى وقطاع غزة وسوريا، ستبقى مطروحة أمام ذلك التحالف، خاصة الملف الإيرانى الذى سيسعى نتنياهو لتوظيفه فى الوقت المناسب من أجل وحدة الصف الإسرائيلى، ومن أجل ابتزازا الحليف الأمريكى خاصة فى ضوء استحقاق الانتخابات الأمريكية المقبلة، وذلك دون مواجهة عسكرية مع إيران، ليس فقط من منطلق الثمن الباهظ الذى من المتوقع أن تدفعه إسرائيل فى حالة مواجهة إيران عسكريا، بل بسبب الظروف الدولية الراهنة، وعدم استعداد الدول الأوروبية – التى تواجه أزمات اقتصادية سوف تتأثر بالتغيرات فى أسعار النفط - تحمل تبعات حرب غير مأمونة العواقب سوف تقوم بالإخلال بالتوازنات الدولية القائمة. وفيما يخص السلام مع الفلسطينيين، فإن نتنياهو سيوظف موفاز من أجل المناورة والتسويف فيما يخص المفاوضات دون إحراز تقدماً ملموساً.
ما أخفق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى تحقيقه عقب انتخابات 2009 من محاولات لضم كاديما برئاسة تسيبي ليفني إلى ائتلافه، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، داعيا آنذاك مواجهة التحديات القومية والدولية التي تواجهها إسرائيل، نجح فى تحقيقه مع شاوؤل موفاز- على الرغم من معارضته لتلك الدعوة بعد انتصاره فى الانتخابات الداخلية فى الحزب على تسيبى ليفنى فى 27 مارس- إثر محادثات سرية، أجريت مساء الاثنين 7 مايو أسفرت عن وقف مشروع حل الكنيست، فى الوقت الذى كانت تتأهب فيه جميع الأحزاب لخوض الانتخابات المبكرة التى دعا إليها نتنياهو والتى كان من المتوقع إجراءها فى 4 سبتمبر المقبل بدلا من موعدها المحدد فى نوفمبر 2013، حيث أصبح موفاز بمقتضى تلك الحكومة نائبا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقد أحدث ذلك التحالف الذى أطلق عليه "صفقة اللحظات الأخيرة" صدمة فى الشارع الإسرائيلى، دفع أكثر من ألف شخص، كان فى مقدمتهم رئيسة حزب كاديما السابقة تسيبى ليفنى، للتظاهر ليلة الثلاثاء الموافق 8 مايو 2012 فى تل أبيب احتجاجا على تشكيل تلك الحكومة ومهاجمة موفاز. كما أثيرت على إثره العديد من التساؤلات عن الأسباب الحقيقية التى دفعت نتنياهو إلى التراجع عن إجراء الانتخابات المبكرة وإبرام تلك الصفقة مع موفاز، فهل هى خلافات حزبية حول عدد من الاستحقاقات الداخلية التى كانت كفيلة بتفكك الائتلاف الحاكم؟ أم أن الأمر أبعد من ذلك وهدفه مواجهة تحديات خارجية تتعلق بالمصلحة الوطنية، مع العلم أن اللجوء إلى تشكيل حكومات وحدة وطنية عادة ما يتم اللجوء إليه لمواجهة استحقاقات أمنية، مثلما حدث قبيل حرب عام 1967 وحرب الاستنزاف عام 1969 وبعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1988 وأثناء الانتفاضة الثانية عام 2001. خاصة مع وجود العديد من الملفات الخارجية التى تثير قلق إسرائيل، من بينها الملف النووى الإيرانى، والثورات العربية وما تفرزها من تحديات أمنية، أبرزها الأجواء المتوترة عند الحدود الإسرائيلية – المصرية والإسرائيلية – السورية، و التى أدت إلى استدعاء الجيش للآلاف من جنود الاحتياط، الذين يخدمون فى 22 كتيبة، إلى الخدمة العسكرية بصورة استثنائية.
ومن أجل معرفة تلك الدوافع- وإن ظلت محل تكهنات العديد من المحللين - فإنه يجب استقراء المشهد السياسى الذى دفع نتنياهو نحو الدعوة إلى تبكير الانتخابات، ثم تراجعه عن تلك الخطوة وتفضيل الائتلاف مع موفاز. حيث يمكن القول أنه يوجد عدد من الملفات الداخلية الشائكة التى كانت تنذر بتفكك الائتلاف الحاكم، وهى التى دفعت نتنياهو نحو الدعوة الى إجراء انتخابات مبكرة، إلا أن نتنياهو أدرك أن تلك الخطوة سوف تحيل تلك الملفات الداخلية إلى الحكومة المقبلة - التى أشارت استطلاعات الرأى أنه كان سيكون على رأسها - مما ينذر بعدم استقرارها. ومن ثم أراد من صفقته مع موفاز محاولة معالجة تلك الملفات بشكل جاد حتى لا تكون سببا فى عرقلة الحكومة المقبلة، خاصة وأنه بمقتضى ذلك التحالف، فإن نتنياهو سيحظى بثلثى المقاعد، أى 94 نائبا من أصل 120 فى الكنيست، بما يعنى استناده على شبه إجماع وطنى، بما يمكنه من تجاوز العديد من العقبات الداخلية فضلا عن التحديات الخارجية. وتأتى فى مقدمة تلك الملفات، قانون "طال"، وهو قانون مؤقت كان يتم تمديده من حين إلى آخر، يقوم بتنظيم إعفاء طلاب المعاهد الدينية اليهودية "الييشيفوت" من الخدمة العسكرية الإلزامية، وقد قررت المحكمة العليا أن يكون شهر أغسطس المقبل، أخر تمديد له، بحيث تصوغ الحكومة مشروع قانون جديد بديل عنه. ويعد ذلك القانون مصدر خلاف داخل الائتلاف الحاكم، بين الأحزاب الليبرالية والعلمانية - التى ترى أن ذلك القانون يتناقض مع مبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات - وبين الأحزاب الدينية المتشددة مثل؛ "شاس" و "يهدوت هتوراة"، والتى تصر على بقاء ذلك القانون. وقد هدد "ليبرمان" بالانسحاب من الحكومة وحلها إذا لم يتم إيجاد بديل لقانون "طال" يلزم الحريديم والعرب على التجنيد للخدمة العسكرية أو الوطنية. وفى شهر أغسطس أيضا كان من المفترض أن يدخل نتنياهو فى مواجهة مع أحزاب اليمين المتطرف مثل "إسرائيل بيتنا" و "البيت اليهودى" و "البيت الوطنى" التى هددت بالانسحاب من الائتلاف فى حالة تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة العليا الصادر منذ أكثر من ثلاث سنوات، و الخاص بإخلاء البؤرة الاستيطانية غير القانونية ( ميغرون). أما التحدى الأخر فيتمثل فى إقرار ميزانية الحكومة لعام 2013، والتى سوف تكون هى الأخرى محل اختلاف مع الأحزاب المعارضة التى سوف تعارض أى تقليصات فى الموازنة الاقتصادية لصالح الموازنة الأمنية بما يعود بالسلب على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، هذا فى ضوء استحقاق آخر لا يقل فى خطورة تداعياته عن تلك الأزمات السابقة، وهو احتمال تجدد الاحتجاجات الاجتماعية والتى من المتوقع أن تبدأ قبل يوليو المقبل، حيث بدأ بالفعل قادة الاحتجاجات بإعادة حشد الجماهير، حيث تظاهر أكثر من ألفي ناشط سياسي من جميع الطبقات مساء السبت 12 مايو في ساحة رابين وسط تل أبيب فى أكبر احتجاج اجتماعي منذ الصيف الماضي، ومن المتوقع أن الاحتجاجات القادمة سوف تضع فى مقدمة أولوياتها المطالبة بالإصلاح السياسي، باعتباره شرطاً أساسياً لتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة.
فضلاً عن تلك الملفات الداخلية الشائكة، فإنه يمكن اعتبار الانتقادات الحادة التى شنها رئيس الشاباك الإسرائيلي السابق "يوفال ديسكين" على نتنياهو، والذى اتهمه بخداع الإسرائيليين فيما يتعلق بمعالجة الملف النووى الإيرانى بالإضافة إلى اتهامه بإفشال المفاوضات مع الفلسطينيين، بالإضافة لاتهام رئيس الموساد السابق "مائير دغان" لنتنياهو بالتهور والكذب، من الأمور التى أثارت قلق نتنياهو، وربما أعادت إلى ذهنه انقلاب المؤسسة الأمنية عليه عام 1999 والتى أسفرت عن خسارته فى الانتخابات لصالح إيهود باراك. وعلى الرغم من أن الأمر الراهن يختلف عن ذلك العام، نظراً لعدم وجود بديل قوي حقيقي ليحل محل نتنياهو كرئيس وزراء إلا أنه بدون شك أن تلك الانتقادات من جانب المؤسسة الأمنية سوف يكون لها انعكاساتها وإن ظلت محدودة على توجهات الرأى العام فى حالة إجراء الانتخابات فى سبتمبر المقبل. وقد تلاقت دوافع نتنياهو فى إبرام تلك الصفقة مع مصلحة موفاز، والتى كانت بالنسبة له بمثابة طوق نجاه من فشل كان بانتظاره فى حالة تبكير الانتخابات، وذلك وفقاً لاستطلاعات الرأى التى توقعت انهيار وتفكك كاديما برئاسته. والأمر ذاته ينطبق على "إيهود باراك" حيث توقعت استطلاعات الرأى بأن فرص نجاح حزبه "الاستقلال" كانت شبه معدومة، ومن ثم فإن تلك الصفقة حققت له فرصة البقاء كوزير للدفاع إلى حين إجراء الانتخابات فى نوفمبر 2013، وهو ما يتيح له الوقت الكافى من أجل إعادة ترتيب أوراقه استعداداً للانتخابات المقبلة. أما المعارضة، فقد وجهت انتقادات عدة لتلك الحكومة، واعتبرتها رئيسة حزب " ميرتس" اليسارى "زهافا غلاؤون"، بأنها تكريسا للديكتاتورية، لأنها ستمكن نتنياهو من تمرير أى قانون يرغب فيه. كما انتقدت رئيسة حزب العمل النائبة "شيلي يحيموفيتش،" تلك الحكومة ووصفتها بأنها "معاهدة الجبناء". إلا أنه يجب الإشارة إلى أنه على الرغم من تلك الانتقادات، فإنه لا يمكن إنكار أن حكومة الوحدة الوطنية حققت لحزب العمل مكسب قيادة المعارضة بما يعطيه فرصة لبروز مكانته داخليا وخارجيا بما يعزز من دوره فى الكنيست القادم، وذلك سوف يكون على حساب حزب كاديما، حيث توقعت استطلاعات أجرتها شركة "فانلس" الإسرائيلية بعد أيام من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أن حزب كاديما فقد ثقة الجمهور به، وتوقعت بأنه سيحصل خلال الانتخابات المقبلة على 3 مقاعد فقط، وذلك بعد أن دلت المؤشرات التى أجريت قبل فوز "شاؤول موفاز" بأنه سيحصل إذا ما جرى انتخابات عامة على أكثر من 16 مقعد إلا أنه بعد الانتخابات الداخلية للحزب أشارت استطلاعات الرأي أن عدد المقاعد للحزب لن تتجاوز 12 مقعد. وبالطبع ذلك سوف يصب فى صالح حزب الليكود، حيث توقعت الاستطلاعات السابقة أن حزب الليكود سيبقى متقدماً بثلاثين مقعداً. خاصة مع اتساع الانشقاقات فى كاديما، حيث تشير التقديرات إلى احتمال اتحاد حزبى الليكود وكاديما ليشكلان أكبر حزب فى إسرائيل، وقد كان من أبرز تلك الانشقاقات، استقالة رئيس مجلس حزب كاديما "حايم رامون" الذى أعلن انضمامه لحزب "الليكود"، معرباً عن أنه لم يعد هناك ما يسمى حزب كاديما من الناحية الأيدلوجية، وأن حزب كاديما عاد إلى حزب الليكود بعد أن أنشق عنه فى السابق. إلا أن تلك الانشقاقات يحاول التصدى لها أعضاء من كاديما، وفى مقدمتهم عضو الكنيست الإسرائيلى "يوفال تسلير" من خلال تقديم مشروع قانون لإلغاء ما كان يعرف بقانون "موفاز" والذى كان يسمح لسبعة أعضاء كنيست الانشقاق وتشكيل قائمة حزبية مستقلة فى الكنيست.
وفى ضوء ما سبق فإنه يمكن القول أن تلك الحكومة سيكون على عاتقها مسئولية البرهنة على نجاحها فى اجتياز القضايا التى من أجلها دعت إلى تشكيلها، وتأتى فى مقدمتها التوصل إلى قانون بديل عن قانون طال، دون الاصطدام مع الحريديم. فضلا عن إقرار ميزانية عام 2013، خاصة مع اقتراب تجدد الاحتجاجات الاجتماعية . فضلا عن الوعود الخاصة بإقرار صيغة جديدة لنظام الحكم، تضمن عدم ابتزاز الأحزاب الصغيرة، حيث أن إقراراه سوف يساهم فى إحداث تحولا جذريا فى طبيعة نظام الحكم ومستقبل الدولة، وإن ظل من الأمور الصعبة نظرا لارتباطه بتعقيدات تركيبة المجتمع اليهودى فى إسرائيل.
وأخيراً فإنه على الرغم من أن الأمر ليس أبعد من كونه قضايا داخلية دفعت إلى ذلك التحالف، إلا أن الملفات الخارجية مثل التصدى لتحديات الربيع العربى وقطاع غزة وسوريا، ستبقى مطروحة أمام ذلك التحالف، خاصة الملف الإيرانى الذى سيسعى نتنياهو لتوظيفه فى الوقت المناسب من أجل وحدة الصف الإسرائيلى، ومن أجل ابتزازا الحليف الأمريكى خاصة فى ضوء استحقاق الانتخابات الأمريكية المقبلة، وذلك دون مواجهة عسكرية مع إيران، ليس فقط من منطلق الثمن الباهظ الذى من المتوقع أن تدفعه إسرائيل فى حالة مواجهة إيران عسكريا، بل بسبب الظروف الدولية الراهنة، وعدم استعداد الدول الأوروبية – التى تواجه أزمات اقتصادية سوف تتأثر بالتغيرات فى أسعار النفط - تحمل تبعات حرب غير مأمونة العواقب سوف تقوم بالإخلال بالتوازنات الدولية القائمة. وفيما يخص السلام مع الفلسطينيين، فإن نتنياهو سيوظف موفاز من أجل المناورة والتسويف فيما يخص المفاوضات دون إحراز تقدماً ملموساً.