منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#61521
مشروع التقارب بين إيران والإخوان المسلمين!
د.سعد بن عبدالقادر القويعي - الجزيرة السعودية


دعا المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمود غزلان، إلى: «رغبة جماعة الإخوان المسلمين في إعادة العلاقات مع إيران، طالما سيكون هناك عائد على مصر من وراء هذه العلاقة». وفي تقديري، أن العلاقة بدأت بين الطرفين على أساس تلاقي المصالح، وبشكل براجماتي، إلا أنها ستتحوّل في مستقبل الأيام القادمة إلى مصلحة طرف واحد فقط، هو الحفاظ على مصالح إيران، كونها تنطلق من أرضية مذهبية بحتة؛ من أجل تحقيق سياستها في المنطقة. وتأييداً لما سبق، تأمل حديث المرشد العام السابق لجماعة الإخوان الأستاذ مهدي عاكف، والتي عبّر من خلاله عن عدم ممانعته للمد الشيعي في البلاد العربية، والسنية، معللاً ذلك: «بأنها بلد واحد وسط أكثر من 56 دولة سنية»، وتلك بلا شك هي السياسة الناعمة، التي تنطلق منها إيران كواجهة سياسية؛ من أجل تحقيق أغراضها المذهبية.

تريد إيران خلق ورقة ضغط تستهدف المنطقة كلها، بدءاً من تصدير الثورة الصفوية من العراق، ودعم المد الشيعي في المنطقة العربية، سواء في الخليج، أو لبنان، أو اليمن، أو غيرها من دول العالم الإسلامي. وهي تحاول من الزاوية السياسية، والدينية، استثمار موقف جماعة الإخوان المسلمين الإيجابي تجاهها من خلال قنوات دبلوماسية، أو شعبية دينية؛ ليتحوّل حلمها الذي بدأت بالتمهيد له، وجعله أمراً واقعاً. وهو ما سيفاجئ المراقبين بعد فترة من الزمن، إضافة إلى تهيئة الإخوان المسلمين إلى استشراف وضع إقليمي متغيِّر، يمكن لإيران أن تلعب فيه دوراً هاماً، يصح الاعتماد عليه؛ لتمثّل دور الشرطي الإقليمي في المنطقة. إن محاولة الاستقراء، وكشف الحقائق، تستدعي عدم ترحيل ملفات الخلاف العقدي بين الفريقين، تحت رايات تجنب إثارة الفتنة الطائفية. وهذا مع الأسف ما تمارسه جماعة الإخوان المسلمين تجاه العقائد الشيعية منذ أيام الإمام حسن البنا، الذي أطلق فكرة التقارب بين المذهبين، والعمل على تجاوز الخلاف العقدي، بحثاً عن نقاط الالتقاء، ما دامت أكثر من أن تحصى، ولاسيما أن الخلاف العقدي، والمذهبي بينهما، هو خلاف في الفروع كما يزعمون، وبالتالي، فإن الخلاف في الفروع، لا يخرج من الملة، حتى وإن كان على حساب قضية الإمامة، ودولة المهدي المنتظر، وغيرهما من القضايا العقدية، باعتبارهما خلافات سياسية على الولاية، والإمامة، ومن ثم يجب أن تحل تلك القضايا العالقة سياسياً، لا بالاتهامات الشرعية. بالتأكيد، فإن دول الخليج العربي لا ترغب في إتمام هذا التقارب، الذي سيعاكس حركة التاريخ، وسيناقض الحقائق المتوافرة لدى ساسة الأمة، وعلمائها، وعقلائها. فمناهج العقيدة، ومخططات السياسة، وما يجمع بينهما من إرث تاريخي، لن يجعل المراقب في حيرة من تفسير ما يجري على أرض الواقع، خصوصاً عندما تستغل إيران هذه العلاقة؛ لأغراض سياسية، وأخرى مذهبية مستقبلية.