- الخميس مايو 02, 2013 1:42 am
#61603
الصين في ميزان القوة العالمي
تشير العديد من الدراسات في علم العلاقات الدولية إلى أن الصين ستكون اللاعب الدولي الأول، على اعتبار أن ميزان القوة العالمي يميل إلى آسيا بقوة في الوقت الحالي، لذلك فإذا كان القرن العشرين قرنا أمريكيا بامتياز، فآسيا مؤهلة للعب مثل هذا الدورفي القرن الواحد والعشرين، ويبدوأن معدلات النموالكبيرة التي حققتها الصين والهند، وظهور الصبن كأكبر مركز صناعي في العالم، وثاني أكبر اقتصادي عالمي من حيث الإنتاج، يؤكد أن التحول التاريخي للقوة والقيادة بدأ يتحقق بالفعل وبهذه الحركية المستجدة للقوى الكبرى سيتم من خلالها استعداد الأدوار المفقودة في العلاقات الدولية، نحوتكريس اتجاه حقبة التعددية القطبية.
إلا أن هناك رأي يؤكد أن الصين غير مؤهلة للعب مثل هذا الدور، نظرا لما تواجهه من مشاكل داخلية كمشكلة الفساد، البطالة، التفاوت الإقتصادي بين المناطق الساحلية والمناطق الداخلية، النزاعات الإنفصالية في بعض المناطق، وأيضا هناك تحديات إقليمية ودولية تحول دون لعب أدوار دولية كاستمرار التوتر مع تايوان إضافة إلى المنافسة اليابانية للمكانة الصينية، والمراقبة المتبادلة التي تشوب العلاقات الأمريكية الصينية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الصين حققت عدة تحولات على مستوى بنية السلطة السياسية والذي توج بالإنتقال من نخبة الثروة إلى نخبة التحديث، ويظهر ذلك جليا في العمل السياسي الذي يغلب عليه النزعة البراغماتية، كما تسجل الصين تنامي وتوسيع هامش الحريات الفكرية والسياسية، أما على المستوى الإقتصادي ثمة مظهر آخر يتجلى في تنامي الآليا ت الرأسمالية في بنية الإقتصاد الصيني.(1)
في إطار العلاقات الخارجية، يلاحظ أن الصين تمشي بخطى ثابثة تحكمها المصلحة والوعي بالواقع الجيوسياسي الجديد الذي يتطلب حنكة دبلوماسية عالية، فالصين كانت معروفة بتمردها على مبادئ العلاقات الدولية كما كان الحال في فترة ماوتسي تونغ، إلا أنها في السنوات الأخيرة، اتخدت استراتيجية خارجية محورها تطوير الحوار والتنمية على المستوى الدولي، وتغليب البعد البراغماتي على البعد الإيديولوجي، كسياسة تتبعها في علاقتها مع دول الجوار وتجنب المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتوسيع نفوذها في العلاقات الدولية عن طريق الإنخراط في التكتلات الإقليمية الآسيوية كمنظمة شنغهاي التي تضم روسيا والصين وبعض الجمهوريات الوسطى، مما سيوفر للصين مركزا إقليميا مؤثرا،لاسيما وأن هذه المنظمة تتطور بثباث من رابطة اقتصادية إلى كيان إقليمي ذات تطلعات سياسية واقتصادية طموحة إلى جانب ذلك التحاقها بمنظمة التجارة العالمية.
إن اتجاهات الدولة الصينية في سياستها الخارجية لم يخضع لتعديل يمكن ملاحظته في وثائق الحزب الحاكم،ولكن يمكن قراءة مواقف الصين من خلال التصريحات الرسمية، حيث أكد هوجينتاوعلى أن الصين لاتنوي أن تمارس سياسات الهيمنة على غيرها من الدول حتى لوأتيحت لها الظروف ذلك.
كما اشتمل دستور الحزب في برنامجه العام على مايؤكد حرص الصين على المساهمة في الإستقرار والسلام العالميين وتجنب المواجهات وإعطاء النموالإقتصادي الأولوية على السياسة تحت شعار " أن نموالصين يمثل فرصا كبرى لا تحديا كبيرا".(2)
في إ طار هذا الخط الدبلوماسي الذي اختارته الصين لتوسيع دائراة مصالحها من خلال الإرتكاز على نقط جغرافية معينة، لقيت ترحيبا واسعا من العديد من الدول لاسيما منها الدول الإفريقية، كون سياسة الصين في إفريقيا تختلف عن توجهات السياسة الأمريكية والأوروبية والتي تعتمد على أسلوب "العصا والجزرة" بخلاف الصين التي تعتمد على شعار "رابح/ رابح"، وهذا الشعار يغري العديد من الدول الإفريقية الني تسعى إ لى تطوير علاقاتها معها، عكس أوروبا وأمريكا التي أسست علاقتها مع هذه الدول على تأمين وتعزيز فرص التجارة والإستثمار وهوما يؤكد عليه مبدأ "التجارة بدلا من المساعدات"، لذلك فإن الدول الإفريقية تنظر إلى المقاربة الصينية في هذا السياق على أنها مختلفة لأنها لاتقوم فقط على منح قروض ومساعدات، ولكن تتم وفق شروط تحقق المصلحة المشتركة في التجارة والأعمال.
وهذا يمنح للصين أن تكون لاعبا اقتصاديا أساسيا في إفريقيا، حيث أبرمت الصين وإفريقيا صفقات واسعة في مجال النقل والتكنولوجيا وذلك لتلبية متطلبتها المتزايدة للطاقة.
إلا أنه يخفى من وراء ذلك حقيقة أساسية لايمكن إنكارها،وهي النفوذ الصيني المتنامي في إفريقيا الذي يعكس طموحاتها الإمبريالية كعملاق أسيوي يصعد لمنافسة الهيمنة الأمريكية والأوروبية في القارة. الشيء الذي دفع بوش أن يتبنى قرارا بإنشاء قيادة عسكرية أمريكية جديدة للقارة الإفريقية تسمى بأفريكوم، ويفسر البعض أن سبب وجود هذه القيادة العسكرية هوالطمع الإقتصادي والتجاري الصيني المتزايد في أنحاء إفريقيا، وهذا يعد دافعا أساسيا لإجبار الولايات المتحدة الأمريكية على إعادة صياغة سياسيتها اتجاه افريقيا.
إن التواجد الصيني في إفريقيا لا يحكمه البعد الإقتصادي فقط، وإنما يتفاعل معه البعد السياسي البراغماتي، ذلك أن حصول الصين على النفط يقابله بيع الأسلحة لدول مثل أنكولا وإيثوبي والسودان مما يغذي النزاعات المسلحة في إفريقيا، ويشجع بعض الدول على التحايل على العقوبات الدولية نظرا لمكانة الصين كعضودائم في مجلس الأمن، كما ان تواجدها في دجيبوتي يتيح لها مراقبة الطريق القديم للهند.(3)
إذن هل فعلا الصين يمكن أن تقود العالم؟
في الواقع، يصعب علينا الإجابة على مثل هذا السؤال في اللحظة الراهنة، فلوحاولنا الإعتماد على ترتيب المكانة الصينية في القطاعات المختلفة على سلم القوى الدولي سنجد وبقياس 19 متغيرا من متغيرات القوة العسكرية والإقتصادية والإجتماعية أن الصين تحتل :
· المرتبة الخامسة في القوة الإقتصادية العالمية
· المرتبة الرابعة في القوة العسكرية
· والمرتبة السابعة في القوة الإجتماعية
وبناء على ماسبق، فالصين غير مؤهلة اليوم لأن تقود العالم، فحسب المفكر الإنجليزي "بول كينيدي" فالقوى الكبرى كي تقوم وتستمر تحتاج إلى عنصرين هما: القوة والثروة، فالأولى تحمي الثانية والثانية تنفق على الأولى وعندما يضيع التوازن بين الإثنين، تسقط الإمبراطورية، لذلك تسعى الصين إلى االثروة لتصرف على القوة،علما أن مصدر ثروتها الأساسي هوحتى الآن السوق الأمريكية(4)،لذلك فهي لاتطرح نفسها كقوة عالمية وإنما تسعى إلى تعظيم قدراتها،وهنا تظهر أهمية التوازن بين المقدرات والدور وهي مقدرات ينبغي التركيز عليها حينما يحاول صياغة دور ما.
تشير العديد من الدراسات في علم العلاقات الدولية إلى أن الصين ستكون اللاعب الدولي الأول، على اعتبار أن ميزان القوة العالمي يميل إلى آسيا بقوة في الوقت الحالي، لذلك فإذا كان القرن العشرين قرنا أمريكيا بامتياز، فآسيا مؤهلة للعب مثل هذا الدورفي القرن الواحد والعشرين، ويبدوأن معدلات النموالكبيرة التي حققتها الصين والهند، وظهور الصبن كأكبر مركز صناعي في العالم، وثاني أكبر اقتصادي عالمي من حيث الإنتاج، يؤكد أن التحول التاريخي للقوة والقيادة بدأ يتحقق بالفعل وبهذه الحركية المستجدة للقوى الكبرى سيتم من خلالها استعداد الأدوار المفقودة في العلاقات الدولية، نحوتكريس اتجاه حقبة التعددية القطبية.
إلا أن هناك رأي يؤكد أن الصين غير مؤهلة للعب مثل هذا الدور، نظرا لما تواجهه من مشاكل داخلية كمشكلة الفساد، البطالة، التفاوت الإقتصادي بين المناطق الساحلية والمناطق الداخلية، النزاعات الإنفصالية في بعض المناطق، وأيضا هناك تحديات إقليمية ودولية تحول دون لعب أدوار دولية كاستمرار التوتر مع تايوان إضافة إلى المنافسة اليابانية للمكانة الصينية، والمراقبة المتبادلة التي تشوب العلاقات الأمريكية الصينية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الصين حققت عدة تحولات على مستوى بنية السلطة السياسية والذي توج بالإنتقال من نخبة الثروة إلى نخبة التحديث، ويظهر ذلك جليا في العمل السياسي الذي يغلب عليه النزعة البراغماتية، كما تسجل الصين تنامي وتوسيع هامش الحريات الفكرية والسياسية، أما على المستوى الإقتصادي ثمة مظهر آخر يتجلى في تنامي الآليا ت الرأسمالية في بنية الإقتصاد الصيني.(1)
في إطار العلاقات الخارجية، يلاحظ أن الصين تمشي بخطى ثابثة تحكمها المصلحة والوعي بالواقع الجيوسياسي الجديد الذي يتطلب حنكة دبلوماسية عالية، فالصين كانت معروفة بتمردها على مبادئ العلاقات الدولية كما كان الحال في فترة ماوتسي تونغ، إلا أنها في السنوات الأخيرة، اتخدت استراتيجية خارجية محورها تطوير الحوار والتنمية على المستوى الدولي، وتغليب البعد البراغماتي على البعد الإيديولوجي، كسياسة تتبعها في علاقتها مع دول الجوار وتجنب المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتوسيع نفوذها في العلاقات الدولية عن طريق الإنخراط في التكتلات الإقليمية الآسيوية كمنظمة شنغهاي التي تضم روسيا والصين وبعض الجمهوريات الوسطى، مما سيوفر للصين مركزا إقليميا مؤثرا،لاسيما وأن هذه المنظمة تتطور بثباث من رابطة اقتصادية إلى كيان إقليمي ذات تطلعات سياسية واقتصادية طموحة إلى جانب ذلك التحاقها بمنظمة التجارة العالمية.
إن اتجاهات الدولة الصينية في سياستها الخارجية لم يخضع لتعديل يمكن ملاحظته في وثائق الحزب الحاكم،ولكن يمكن قراءة مواقف الصين من خلال التصريحات الرسمية، حيث أكد هوجينتاوعلى أن الصين لاتنوي أن تمارس سياسات الهيمنة على غيرها من الدول حتى لوأتيحت لها الظروف ذلك.
كما اشتمل دستور الحزب في برنامجه العام على مايؤكد حرص الصين على المساهمة في الإستقرار والسلام العالميين وتجنب المواجهات وإعطاء النموالإقتصادي الأولوية على السياسة تحت شعار " أن نموالصين يمثل فرصا كبرى لا تحديا كبيرا".(2)
في إ طار هذا الخط الدبلوماسي الذي اختارته الصين لتوسيع دائراة مصالحها من خلال الإرتكاز على نقط جغرافية معينة، لقيت ترحيبا واسعا من العديد من الدول لاسيما منها الدول الإفريقية، كون سياسة الصين في إفريقيا تختلف عن توجهات السياسة الأمريكية والأوروبية والتي تعتمد على أسلوب "العصا والجزرة" بخلاف الصين التي تعتمد على شعار "رابح/ رابح"، وهذا الشعار يغري العديد من الدول الإفريقية الني تسعى إ لى تطوير علاقاتها معها، عكس أوروبا وأمريكا التي أسست علاقتها مع هذه الدول على تأمين وتعزيز فرص التجارة والإستثمار وهوما يؤكد عليه مبدأ "التجارة بدلا من المساعدات"، لذلك فإن الدول الإفريقية تنظر إلى المقاربة الصينية في هذا السياق على أنها مختلفة لأنها لاتقوم فقط على منح قروض ومساعدات، ولكن تتم وفق شروط تحقق المصلحة المشتركة في التجارة والأعمال.
وهذا يمنح للصين أن تكون لاعبا اقتصاديا أساسيا في إفريقيا، حيث أبرمت الصين وإفريقيا صفقات واسعة في مجال النقل والتكنولوجيا وذلك لتلبية متطلبتها المتزايدة للطاقة.
إلا أنه يخفى من وراء ذلك حقيقة أساسية لايمكن إنكارها،وهي النفوذ الصيني المتنامي في إفريقيا الذي يعكس طموحاتها الإمبريالية كعملاق أسيوي يصعد لمنافسة الهيمنة الأمريكية والأوروبية في القارة. الشيء الذي دفع بوش أن يتبنى قرارا بإنشاء قيادة عسكرية أمريكية جديدة للقارة الإفريقية تسمى بأفريكوم، ويفسر البعض أن سبب وجود هذه القيادة العسكرية هوالطمع الإقتصادي والتجاري الصيني المتزايد في أنحاء إفريقيا، وهذا يعد دافعا أساسيا لإجبار الولايات المتحدة الأمريكية على إعادة صياغة سياسيتها اتجاه افريقيا.
إن التواجد الصيني في إفريقيا لا يحكمه البعد الإقتصادي فقط، وإنما يتفاعل معه البعد السياسي البراغماتي، ذلك أن حصول الصين على النفط يقابله بيع الأسلحة لدول مثل أنكولا وإيثوبي والسودان مما يغذي النزاعات المسلحة في إفريقيا، ويشجع بعض الدول على التحايل على العقوبات الدولية نظرا لمكانة الصين كعضودائم في مجلس الأمن، كما ان تواجدها في دجيبوتي يتيح لها مراقبة الطريق القديم للهند.(3)
إذن هل فعلا الصين يمكن أن تقود العالم؟
في الواقع، يصعب علينا الإجابة على مثل هذا السؤال في اللحظة الراهنة، فلوحاولنا الإعتماد على ترتيب المكانة الصينية في القطاعات المختلفة على سلم القوى الدولي سنجد وبقياس 19 متغيرا من متغيرات القوة العسكرية والإقتصادية والإجتماعية أن الصين تحتل :
· المرتبة الخامسة في القوة الإقتصادية العالمية
· المرتبة الرابعة في القوة العسكرية
· والمرتبة السابعة في القوة الإجتماعية
وبناء على ماسبق، فالصين غير مؤهلة اليوم لأن تقود العالم، فحسب المفكر الإنجليزي "بول كينيدي" فالقوى الكبرى كي تقوم وتستمر تحتاج إلى عنصرين هما: القوة والثروة، فالأولى تحمي الثانية والثانية تنفق على الأولى وعندما يضيع التوازن بين الإثنين، تسقط الإمبراطورية، لذلك تسعى الصين إلى االثروة لتصرف على القوة،علما أن مصدر ثروتها الأساسي هوحتى الآن السوق الأمريكية(4)،لذلك فهي لاتطرح نفسها كقوة عالمية وإنما تسعى إلى تعظيم قدراتها،وهنا تظهر أهمية التوازن بين المقدرات والدور وهي مقدرات ينبغي التركيز عليها حينما يحاول صياغة دور ما.