- الجمعة مايو 03, 2013 6:23 pm
#61846
بينما يمر خبر رحيل آخر جندي أميركي من العراق يوم الثامن عشر من شهر كانون الأول الجاري بدون ضجة إعلامية، أو حتى ذكر إخباري يزيد على شريط الأخبار أسفل الشاشة في معظم القنوات المحلية والعالمية، فإن أخباراً أخرى تحتل مساحة كبيرة في التغطية الإخبارية الإعلامية للشأن العراقي.حينما قرأت خبر الجلاء الكامل، جال في خاطري أن ما يلي سيكون خطابا رئاسيا، أو بيانا وزاريا، أو تصريحا برلمانيا سوف يقرأ بالمناسبة،
اعتزازا بالمناسبة الوطنية المميزة، فهذا اليوم هو يوم الجلاء واستعادة السيادة. لكن ما تردد من أخبار كان مختلفا للغاية.
فهذا رئيس الوزراء يحيل نائبه إلى البرلمان لإقالته بدعوى عدم اللياقة.. وماهي إلا يومان حتى يُعلن عن إصدار مذكرة إلقاء القبض بحق نائب رئيس الجمهورية بدعوى رعاية الإرهاب.
سبحان الله كيف ينقلب السحر على الساحر بين ليلة وضحاها. فبعد أن كان كلا الرجلين قطبين أساسيين في كتابة وإقرار الدستور الذي يفترض أن يكون أساس العملية السياسية الجارية في العراق، أصبحا طريدين من قبل الحكومة وخارجين على القانون.
يرى البعض أن رئيس الوزراء يتعمد أن يثير ضجة مع رموز القائمة العراقية بين الفينة والفينة لكي يغطي على فشل حكومته الذريع في حل المشاكل المستعصية التي يعانيها الشعب، من تهالك خدمات الكهرباء والماء والمجاري والطرق، إلى تفاقم مشاكل السكن والبطالة وتعطيل الصناعة والزراعة، وليس انتهاء بالخروقات الأمنية الفاضحة من آن لآخر.
بمعنى آخر إن رئيس الحكومة يعمل على صرف الانتباه عن مسؤوليته المتمثلة بزعامته للحكومة بالادعاء انه ضحية هذه الحكومة (المفروضة عليه) وفق توافقات سياسية لايد له فيها.
وإذا كان هذا الأمر صحيحا، فأين دور الشركاء في العملية السياسية؟ لماذا انزووا إلى أقبيتهم فلا ينبسون ببنت شفة للتعبير عن سخطهم من سياسة الحكومة التي هم جزء منها؟ لماذا يفاجأ الشعب بإعلان كبار مسؤولي الدولة مطلوبين للعدالة بلا مقدمات أو حتى بوادر أزمات تقدمت هذه الإعلانات؟ أما كان ينبغي لهم أن يخرجوا للعلن فيتحدثوا لنا عن هذه الاحداث وموقفهم منها؟
الظاهر إن طول جلوسهم خلف المكاتب الفارهة قد تمكن منهم حتى افقدهم حناجرهم، وأسقط أنيابهم، وقلّم أظفارهم، فما عاد بإمكانهم ان يهتفوا ضد اعتقالهم، أو يعضّوا من يحاول ذلك.
ومن يذكر مؤتمراتهم قبل أشهر قليلة، فإنهم لا تعوزهم الفصاحة في التعبير عن خلجاتهم، وانتقاد المواقف السياسية التي لا يرتضونها من الحكومة حتى صاروا جزءا منها، لهم ما لها وعليهم ما عليها.
إذا كان المالكي ينفرد بالحكم فان شركاءه هم المسؤولون عن ذلك. فلابد من أن اتفاقاتهم غير المعلنة حملت في طياتها تسليما غير مشروط لرئيس الحكومة أملا في الحصول على المناصب ذوات المردودات المالية والمعنوية العالية، والتي من شأنها أن تضمن مستقبلهم إذا آن أوان الرحيل.
قبل سبع سنوات سعى حزب طارق الهاشمي إلى إقرار الدستور في محافظة نينوى بعد أن أسقطته محافظتا الأنبار وصلاح الدين وبات على وشك السقوط كليا إن لم تمرره نينوى، حسب نصوص الدستور التي تشترط عدم اعتراض أغلبية ثلاث محافظات عليه في الاستفتاء العام حتى يمر.
وكانت الصفقة حينها أن يُصار إلى تعديل الدستور خلال أربعة أشهر. لم يحدث هذا الأمر، ولا يبدو انه سيحدث.
فالرجل بات مطلوبا للعدالة، ولن يكون هناك موجب للإيفاء بوعد مع (مجرم).
أما صالح المطلك فهو جنس من الناس يسكت دهراً لينطق كفرا، لكن هذا الأمر طرأ عليه مؤخرا. فحينما كان عضوا في لجنة كتابة الدستور لم يكن يجد أن البعثيين ربما كانوا أناسا صالحين، بل وافق عن تجريمهم ومنع حزبهم من العمل السياسي إلى الأبد، وما إلى ذلك من الفقرات الدستورية التي لا جدال في معاداتها حزب البعث وأفكاره ومنهجه. ثم فجأة أضحى المدافع عن البعثيين وعن حزب البعث، حتى طاله الاجتثاث، ليستثنى بعد ذلك في مساومة سياسية بغيضة تهزأ بعقل الناخب الذي لم يعد يفهم ما يجري. على كل حال، أنيط بالمطلك أكثر الملفات أهمية بالنسبة للمواطن العراقي: ملف الخدمات.
وطبعا، ليس بمقدوره أن يعمل على تحسين الخدمات الأساسية لأنه اكتشف أن رئيس الحكومة (دكتاتور).
أما مرجعية هذين الرجلين، القائمة العراقية، فان موقفها كان على الدوام التهديد من الانسحاب من مجلس النواب، حتى نفّذوا ذلك، وكأن هذا الأمر من حقهم. فهل انتخب الشعب ممثلين عنه ليغيبوا عن جلسات البرلمان احتجاجا على الحكومة؟ أليس هناك من طرق دستورية لمحاسبة ومساءلة الحكومة، بل سحب الثقة عنها، وإجبارها على الانصياع إلى رغبة المشرعين، وأولها أن يعين وزير لكل من الوزارات الأمنية الشاغرة الثلاث؟ بلى. لكن طرق الإثارة الإعلامية أسهل، وهي الستراتيجية التي دأبت كل من الحكومة ومعارضتها على انتهاجها. وكل منهما إنما يغطي فشله بلجوئه إلى التصعيد الإعلامي.
الشتاء قدم مبكرا هذا العام، لكن حرارة الاحداث سوف تجعله دافئا وان غاب الكهرباء عن سخاناتنا، والنفط عن مدفآتنا، وجلسنا حول موقد الفحم نتحادث عن تسعيرة الوظائف في هذه الوزارة أو تلك. ربما ستبقي لنا الفكاهات التي نتندر بها في تلك الجلسات بعض الأمل أن ما هو آت خير مما مضى
اعتزازا بالمناسبة الوطنية المميزة، فهذا اليوم هو يوم الجلاء واستعادة السيادة. لكن ما تردد من أخبار كان مختلفا للغاية.
فهذا رئيس الوزراء يحيل نائبه إلى البرلمان لإقالته بدعوى عدم اللياقة.. وماهي إلا يومان حتى يُعلن عن إصدار مذكرة إلقاء القبض بحق نائب رئيس الجمهورية بدعوى رعاية الإرهاب.
سبحان الله كيف ينقلب السحر على الساحر بين ليلة وضحاها. فبعد أن كان كلا الرجلين قطبين أساسيين في كتابة وإقرار الدستور الذي يفترض أن يكون أساس العملية السياسية الجارية في العراق، أصبحا طريدين من قبل الحكومة وخارجين على القانون.
يرى البعض أن رئيس الوزراء يتعمد أن يثير ضجة مع رموز القائمة العراقية بين الفينة والفينة لكي يغطي على فشل حكومته الذريع في حل المشاكل المستعصية التي يعانيها الشعب، من تهالك خدمات الكهرباء والماء والمجاري والطرق، إلى تفاقم مشاكل السكن والبطالة وتعطيل الصناعة والزراعة، وليس انتهاء بالخروقات الأمنية الفاضحة من آن لآخر.
بمعنى آخر إن رئيس الحكومة يعمل على صرف الانتباه عن مسؤوليته المتمثلة بزعامته للحكومة بالادعاء انه ضحية هذه الحكومة (المفروضة عليه) وفق توافقات سياسية لايد له فيها.
وإذا كان هذا الأمر صحيحا، فأين دور الشركاء في العملية السياسية؟ لماذا انزووا إلى أقبيتهم فلا ينبسون ببنت شفة للتعبير عن سخطهم من سياسة الحكومة التي هم جزء منها؟ لماذا يفاجأ الشعب بإعلان كبار مسؤولي الدولة مطلوبين للعدالة بلا مقدمات أو حتى بوادر أزمات تقدمت هذه الإعلانات؟ أما كان ينبغي لهم أن يخرجوا للعلن فيتحدثوا لنا عن هذه الاحداث وموقفهم منها؟
الظاهر إن طول جلوسهم خلف المكاتب الفارهة قد تمكن منهم حتى افقدهم حناجرهم، وأسقط أنيابهم، وقلّم أظفارهم، فما عاد بإمكانهم ان يهتفوا ضد اعتقالهم، أو يعضّوا من يحاول ذلك.
ومن يذكر مؤتمراتهم قبل أشهر قليلة، فإنهم لا تعوزهم الفصاحة في التعبير عن خلجاتهم، وانتقاد المواقف السياسية التي لا يرتضونها من الحكومة حتى صاروا جزءا منها، لهم ما لها وعليهم ما عليها.
إذا كان المالكي ينفرد بالحكم فان شركاءه هم المسؤولون عن ذلك. فلابد من أن اتفاقاتهم غير المعلنة حملت في طياتها تسليما غير مشروط لرئيس الحكومة أملا في الحصول على المناصب ذوات المردودات المالية والمعنوية العالية، والتي من شأنها أن تضمن مستقبلهم إذا آن أوان الرحيل.
قبل سبع سنوات سعى حزب طارق الهاشمي إلى إقرار الدستور في محافظة نينوى بعد أن أسقطته محافظتا الأنبار وصلاح الدين وبات على وشك السقوط كليا إن لم تمرره نينوى، حسب نصوص الدستور التي تشترط عدم اعتراض أغلبية ثلاث محافظات عليه في الاستفتاء العام حتى يمر.
وكانت الصفقة حينها أن يُصار إلى تعديل الدستور خلال أربعة أشهر. لم يحدث هذا الأمر، ولا يبدو انه سيحدث.
فالرجل بات مطلوبا للعدالة، ولن يكون هناك موجب للإيفاء بوعد مع (مجرم).
أما صالح المطلك فهو جنس من الناس يسكت دهراً لينطق كفرا، لكن هذا الأمر طرأ عليه مؤخرا. فحينما كان عضوا في لجنة كتابة الدستور لم يكن يجد أن البعثيين ربما كانوا أناسا صالحين، بل وافق عن تجريمهم ومنع حزبهم من العمل السياسي إلى الأبد، وما إلى ذلك من الفقرات الدستورية التي لا جدال في معاداتها حزب البعث وأفكاره ومنهجه. ثم فجأة أضحى المدافع عن البعثيين وعن حزب البعث، حتى طاله الاجتثاث، ليستثنى بعد ذلك في مساومة سياسية بغيضة تهزأ بعقل الناخب الذي لم يعد يفهم ما يجري. على كل حال، أنيط بالمطلك أكثر الملفات أهمية بالنسبة للمواطن العراقي: ملف الخدمات.
وطبعا، ليس بمقدوره أن يعمل على تحسين الخدمات الأساسية لأنه اكتشف أن رئيس الحكومة (دكتاتور).
أما مرجعية هذين الرجلين، القائمة العراقية، فان موقفها كان على الدوام التهديد من الانسحاب من مجلس النواب، حتى نفّذوا ذلك، وكأن هذا الأمر من حقهم. فهل انتخب الشعب ممثلين عنه ليغيبوا عن جلسات البرلمان احتجاجا على الحكومة؟ أليس هناك من طرق دستورية لمحاسبة ومساءلة الحكومة، بل سحب الثقة عنها، وإجبارها على الانصياع إلى رغبة المشرعين، وأولها أن يعين وزير لكل من الوزارات الأمنية الشاغرة الثلاث؟ بلى. لكن طرق الإثارة الإعلامية أسهل، وهي الستراتيجية التي دأبت كل من الحكومة ومعارضتها على انتهاجها. وكل منهما إنما يغطي فشله بلجوئه إلى التصعيد الإعلامي.
الشتاء قدم مبكرا هذا العام، لكن حرارة الاحداث سوف تجعله دافئا وان غاب الكهرباء عن سخاناتنا، والنفط عن مدفآتنا، وجلسنا حول موقد الفحم نتحادث عن تسعيرة الوظائف في هذه الوزارة أو تلك. ربما ستبقي لنا الفكاهات التي نتندر بها في تلك الجلسات بعض الأمل أن ما هو آت خير مما مضى