- الجمعة مايو 03, 2013 10:21 pm
#61893
• الحروب الاهلية في السودان ومآلاتها.
• إتجاهات التفكك ونوازع الوحدة.
• البديل الديمقراطي: إمكانيته ومساراته.
اختيارنا لهذه المحاور؛ يأتي في اطار اهميتها في سياق الازمة السودانية الشاملة؛ والتي اوصلت السودان الي خيار ان يكون او لايكون؛ وكون ان اي مقاربة لحل هذه الازمة؛ لا يمكن ان تتجاهل هذه المحاور المهمة؛ والتي تمسك بعضها برقاب بعض؛ وتجعل لها اهمية قصوي في اطار الحالة السودانية الماثلة.
الحروب الاهلية في السودان ومآلاتها:
نتحدث ونكتب عن الحروب الاهلية في السودان؛ كحزب ليبرالي سوداني؛ وذلك لان واقع الحرب قد تجاوز مسرحها التقليدي في جنوب الوطن؛ واتسعت رقعة الحرب تحت هذا النظام الي مناطق جديدة؛ شملت حنوب النيل الازرق؛ وجبال النوبة؛ وشرق السودان؛ ودارفور؛ وتكاد تبدأ في كردفان؛ ولا تسلم بقية المناطق من اثارها وامكانية انفجارها.
هذه الحروب هي نتاج عوامل متعددة؛ وليست نتيجة عاملا واحدا بسيطا؛ اقتصاديا كان ام ثقافيا ام عرقيا؛ كما تحاول ان تصورها القراءات المبتسرة؛ فجذورها غائصة عميقا في التطور غير المتوازن في السودان؛ وفي نهج التسلط والدكتاتورية؛ وفي الاستعلاء العرقي والاقصاء الاجتماعي؛وفي دعوات المركزية الدينية؛ وفي غيرها من العوامل التي تكون لب محاور الازمة الشاملة للكيان السياسي السوداني.
ان التفسير المختصر لهذه الحروب يكمن كما طرح جل الباحثين في انها حروبا للموارد والهوية: اي حروبا حول الموارد الضعيفة وطريقة توزيعها الافقي والرأسي الضيزى ( اي التفاوت الصارخ في توزيعها بين الاقاليم والافراد)؛ وكذلك حول مشكلة الهوية السياسية والثقافية للسودان وخياراته الاستراتيجية كمجتمع ودولة.
ان هذه الحروب بذلك فهي نتيجة مباشرة؛ لانعدام وجود ونطبيق مشروع حقيقي للنهضة السودانية؛ يقوم بتطوير وتفجير الموارد الكامنة؛ من طبيعية وبشرية؛ ويبني النظام السياسي التداولي المستقر؛ ويوطد من المجتمع المدني؛ وينطلق بالسودان من قيود التخلف والتفكك الي افاق التطور والانصهاروالترابط.
ان هذه الحروب اذ انطلقت كنتيجة للازمة السودانية؛ ولانعدام هذا المشروع الوطني للنهضة؛ ولفشل النخبة في ادارة حوار بين مختلف القوي والاقاليم والمصالح السودانية؛ في اطار سلمي ومدني؛ الا انها مع الزمن فقد تحولت من نتائج للازمة؛ الي عوامل جديدة لتعميقها واعادة انتاجها؛ بل انها قد اصبحت الاداة الرئيسية لاعادة انتاج الازمة ووتوزيع الادوار حولها.
اننا نعتقد ان الاهدار الهائل لكل الموارد البشرية والطبيعية والاقتصادية؛ والاثار الاجتماعية والسياسية والنفسية المخربة لواقع الحروب الاهلية المشتعلة؛ تفترض ان يكون هدف ايقافها واجب الساعة؛ وان يتم هذا الايقاف مع مقاربة حقيقية لاسبابها وجذورها؛ وذلك حتي لا تعود وتنطلق من جديد؛ بعد فترة تسكين وتوقف بسيطة. ويؤمن حزبنا ان ايقاف الحروب الاهلية لن يتم بدون المساهمة المدنية للمواطنبين السودانيين ؛ المتضررين الحقيقيقن من هذه الحروب؛ في آلية ايقافها وتفكيك اسبابها.
من هذا المنطلق فان حزبنا قد وضع واجب وقف الحروب الاهلية كاول بند في برنامجه السياسي العام؛ وقد دعم ويدعم اي جهد لايقاف هذه الحروب؛ ورحب ويرحب بكل اتفاق واعلان لوقف اطلاق النار؛ ويضع كل جهده مع نقليص رقعتها؛ وعدم انتشارها؛ ويرفض طريق العمل العسكري اداة لحل الازمة السودانية؛ لانه لن يضيف لها غير ازمات جديدة؛وهو يخدم في المحصلة تلك القوي التي خلقت الازمة وتتعيش عليها.
عوامل الطرد والتفكك :
يعاني السودان من مجموعة من عوامل الطرد والتفكك؛ تدفع به تدريجيا نحوالتحلل والانقسام وتهديد استمراه كدولة موحدة؛ فما هي اهم هذه العوامل :
1. عوامل التفكك الجغرافية: يعاني السودان من تفكك جغرافي واقتصادي؛ ينبع من كبر حجم مساحته وانعدام الترابط بين الاقاليم المختلفة. هذا الواقع يتمثل في ضعف انظمة المواصلات والاتصالات في السودان.
2. عوامل التفكك الاقتصادية: كما يعاني السودان منعوامل تفككاقتصادية؛ تنبع من تخلف البنية الاقتصادية؛وانقسامها الي قطاعين حديث وتقليدي؛ ان التفكك الاقتصادي يتجلي في تفكك الاسواق الداخلية وعدم وجود سوق داخلي مترابط بين الاقاليم المختلفة ووجود مجموعات اقتصادية مختلفة خارجاطار السوق.
3. عوامل التفكك الاجتماعية: أدي العاملان اعلاه؛ اي التقكك الجغرافي والاقتصادي؛ الي تفكك السودان اجتماعيا وعدم التداخل الكافي بين المجموعات العرقية والثقافية والدينية والاجتماعية الخ؛ الامر الذي عطل الاندماج الاجتماعي وتكون مفاهيم التعايش السلمي والمجتمع السوداني الموحد.
4. التفكك الثقافي والنفسي: في ظل واقع الامية وصضعف التعليم؛ وبالترابط مع لعوامل اعلاه؛ فقد تفككت السودان ثقافيا الي مكوناته الاولي؛ القبلية والدينية والعنصرية؛ كما تفكك مواطنوه نفسيا نتيجة للاحن والحروب المختلفة؛ الامر الذي يؤدي الي تعميق عوامل التفكك الموضوعية باخري ذاتية؛ لا تقل عنها خطورة؛ ان لم تكن تفوقها في الاثر والخطر.
هذه العوامل لم تأت من فراغ؛ وليست هي قدر علي السودان اوغيره من الدول المشابهة له في البنية الاجتماعية والسكانية الخ ؛ وانما هي نتيجة عملية لنهج التطور الذي كان سائدا في السودان؛ والذي من اسبابه الرئيسية:
1. انعدام اي مشروع شامل للنهضة الوطنية في السودان؛ يكون مبنيا علي اسس القومية السودانمية ومستهدفا تعزيز الوحدة الوطنيةو والاندماج الاقتصادي والثقافي والاجتماعي لاقاليم البلاد وقومياتها. في المقابل فان اغلب المشاريع التي طرحت كانت اما مشاريعا طائفية تقليدية؛ او مشاريعا عقائدية مبتسرة؛ وكانت تقوم كلها علي اقصاء فئات اجتماعية بعينها علي اسس طائفية اوطبقية او دينية.
2. نمط التطور الاقتصادي المأزوم والتابع؛ والذي تتحكم فيه الدولة بدرجة كبيرة في توزيع الفائض الاقتصادي؛ ولا تبذل اي جهود لتطوير مفاصل الاقتصاد وتطوير الثروة القومية والفردية. ان هذا النهج ادي الي سيادة منهج الاستهلاك بدل الانتاج؛ والي احتلاب ضرع الدولة من قبل النخبة السائدة؛ وتوزيع الريع بوصفه عاملا لاعادة انتاج علاقات السلطة؛ والي الافقار المتزايد لقطعات واسعة من المواطنين؛الامر الذي ادي الي استمرار وتعميق اغترابهم السياسي والنفسي عن الدولة السودانية .
3. انطلاق واستمرار الحروب الاهلية كاهمعوامل التفكيك؛ وكما قلنا فان الحرب اذا كانت نتاجا للواقع السوداني؛ فانها قداصبحت في النهاية عاملا وسببا اضافيا للازمة.ان الحروب الاهلية باستنزافها للاقتصاد المتخلف ااصلا؛ وباتاحتها الفرصة للدعاية الحربية والاستقطاب حولها؛ وبما زرعته من احقاد واضغان وما خلفته من مآسي؛ تكاد تكون احد الاسباب الاساسية في انتاج واعادة انتاج عوامل التفكك النفسي والاجتماعي بين مختلف سكان السودان.
عوامل الربط ونوازع الوحدة وطريق الاصلاح:
في مقابل ما سردناه اعلاه؛ فان هناك عواملا للربط والجذب ونوازع للوحدة؛ مضادة لعوامل الطرد والتفكك؛ تكمن في البنية السودانية ويمكن تطويرها وتحفيزها؛ في اطار مشروع اصلاحي يبحث عن ضمان وحدة الدولة السودانية وتطور البلاد ومصالح المواطن السوداني وضمان حقوقه الاساسية.
من عوامل الجذب يمكن ان نذكر التالي:
1. النزوع التاريخي نحو التوحد في اطار دولة سودانية موحدة: هذا النزوع يمكن ان نجد له مؤشرات قديمة في مختلف الممالك السودانية؛ والتي كانت تسعي لتوحيد المجموعات القومية والتكوينات السياسية الموجودة في رقعة السودان الحالية. واذا كانت الخريطة الحالية للسودان موروثةاساسا من زمن الاحتلال التركي – المصري 1821-1885؛ ومن بعد الاحتلال الانجليزي –المصري 1898-1956 ؛ فان كامل التطور السياسي عشية الاستقلال وفي الدولة السودانية ما بعد الاستعارية؛ قد عززت هذا النزوع ودعمت منه.
2. تكون بذرة القومية السودانية: هذه البذرة التي يمكن ان نقول ان ثورة 1924 كانت افضل تجل لها؛ حيث تحدث علي عبداللطيف عن مطالب الامة السودانية؛ وكان معتقلي الثورة يردوا علي السؤال عن جنسهم انهم سودانيون . ان هذه البذرة يمكن ان نجدها في اتفاق معظم السودانيون علي سودانيتهم رغم الاختلافات العرقية والثقافية والدينية الخ ؛ بل وتطلع مختلف المجوعات الي اثبات وتاكيد اصلها السوداني الاصيل .
3. دعم المجتمع الدولي لاتجاهات الوحدة: وذلك انه في العالم الذي يتجه نحوالوحدة والتعاون وانشاء الكيانات الاقتصادية والسياسية الكبيرة؛ فان اتجاهات الانفصال والتفكك تكون اتجاهاتا رجعية وليست للامام؛ ولذلك نجد دعم المجتمع الدولي والاقليمي – الاتحاد الافريقي - لاتجاهات الوحدة اكثر من دعمه لاتجاهات التفكك والانفصال.
الا ان هذه الاتجاهات لا تكون وحدها كافية؛ اذ انها اتجاهات عامة وفوقية وتاريخية؛ قد لا تكون لها القوة الكافية للصمود في مواجهة اتجاهات التفكك؛ لو لم تدعم ببرنامج اصلاحي واعي؛ يهدف الي تصفية عوامل التفكك ودعم عوامل الترابط والجذبوالوحدة؛ وهذا البرنامج الاصلاحي نراه في التالي:
1. استشراف مشروع شامل للنهضة الوطنية الشاملة: هذا المشروع يهدف الي بناء السودان الموحد وتطويره وتنميته ليقف وسط الامم والشعوب؛ وينهض بمواطنيه وشعوبه.. هذا المشروع يقوم علي دعم النموالاقتصادي واطلاق العمل الحر وبناء اقتصاد مترابط قائم علي الانتاج والكسب؛ لا علي الاستهلاك وتوزيع الامتيازات؛ كما يرتكز علي انشاء دولة مدنية ديمراطية؛ وعلي استشراف نهضة ثقافية تخرج بالبلاد من اسار التخلف العلمي والتقني والاجتماعي .
2. الوحدة في التنوع: من العوامل الاساسية لقيام ونجاح هذا المشروع هو احترام التنوع السوداني؛ وبناء الوحدة السودانية في وعبر التنوع الثقافي والديني والعرقي والاجتماعي . هذا الاحترام لا يقوم علي الاعتراف الشكلي بالتنوع؛ بل علي استغلاله كعامل لتخصيب الثقافة السودانية والاقتصاد السوداني؛ وعلي التعامل الايجابي معه كمصدر قوة واثراء؛ لا مصدر ضعف في مسار تكون الامة السودانية وبناء الدولة السودانية الديمقراطية والمدنية.
3. الدولة المدنية الديمقراطية: باعتبارها الضمانة الاساسية لادارة الصراعات في اطار سلمي ومدني .. ان هذه الدولة يجب ان تكون بسيطة وخفيفة وقريبة من المواطن؛ تضطلع بالمهام الاساسية للدولة من حفظ الامن وتوفير الشروط الاساسية للتمنية؛ وترفع يدها عن نشاط المجتمع المدني والنشاط الحر للافراد ؛ وتدعم الحريات العامة والشحصية في مختلف المستويات السياسية والاجتماعية.
4. الفيدرالية واللامركزية: ولكيما تقوم هذه الوحدة في التنوع؛ فلا بد من تبني النظام الفيدرالي كعامل اساسي لاحترام التنوع ولتقريب السلطة الي المواطكنين وانهاء اغتراب المواطن عن الدولة السودانية وانهاء هيمنة المركز علي الاقاليم وعلي مقدرات البلاد.. ان الفيدرالية تشكل لنا الحل الاساسي ما بين دعوات الانفصال من جهة؛ ودعوات المركزية القاتلة من الجهة الاخري.
5. علمانية الحياة السياسية والاجتماعية: اذ لا يمكن ان تتم اقامة دولة مدنية واحترام التنوع دون تبني العلمانية كنظام عام للقيم في الفضائين السياسي والاجتماعي. ان مختلف دعوات المركزية الدينية والتسلط اللاهوتي والانغلاق الطائفي يجب ان تصفي مرة واحدة والي الابد من السياسة السودانية اذا ما اردنا للسودان التطور والوحدة والاستقرار.
6. تفجير طاقات البناء :وذلك عن طريق فك القيودعلي المبادرات الحرة للافراد وان تكف الدولة عن احتلاب فوائضهم وتشجيع اليات السوق الحر وذلك بما يستوعب الطاقات المعطلة ويصرفها الي الانتاج والمبادرة والبناء بدلا من الانخراط في الحرب والتخريب (مصال المناطق الحرة التي اقترحها حزبنا علي الحدود حلا لمشكلة التهريب وتطويرا للاقاليم البعيدة ذات الموارد الاقتصادية الضعيفة)
البديل الديمقراطي ومساراته:
هذا المشروع الوطني للنهضة؛ لا يمكن بناؤه الا عبر بديل سياسي ديمقراطي؛ يطرح امكانية تحقيقه كهدف ممكن؛ ويحشد الطاقات له في ظل ظروف احسن؛ فما هوهذا البديل الديمقراطي وما هي مساراته؟
هذا البديل الديمقراطي هو الطرح السياسي لللقوي الليبرالية والديمقراطية والعلمانية لحل الازمة السياتسية الماثلة؛ وهوبديل يرفض من جهة طريق الحرابة؛ اي الحل العسكري للازمات السياسية؛ كما يرفض طريق التسوية؛ اي الاتفاقات الفوقية التي لا تحل جذور الازمة؛ وتعيد سيطرة القوي المهيمنة؛ بل وتعطي شرعية للنظام القائم وعلاقاته المريضة؛ للاستمرار في الحكم لعدة سنوات قادمة؛ وان يصبح هو وعلاقاته احدالعوامل المهمة في السياسة السودانية.
اننا نرفض ان تُكافأ القوي التي خلقت الازمة واعادت انتاجها؛ بالسماح لها بان تتفق سياسيا من خلف زهر المواطنين؛وتعيد تقسيم الاسلاب والامتيازات والاموال فيما بينها؛ بعيدا عن راي المواطن ومصالحه؛ ومن هذا المنطلق فرغم ترحيبنا بوقف الحرب ووقف اطلاق النار؛ الا اننا نرفض ربطها باي تسويات سياسية طويلة المدي؛ تكافي القوي التي انتجت الازمة؛وهي هنا في المقام الاول النظام الديكتاتوري الحاكم.
اننا نري ان تبلور البديل الديمقراطي مرهون بالشروط الاساسية التالية:
1. نهوض المجتمع المدني ومؤسساته: فلمدة طويلة كان المجتمع السياسي في السودان مسيطرا علي المجتمع المدني وقامعا له؛ وكانت مختلف المبادرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تقهر اوتوظف سياسيا. ان المجتمع الحديث والدولة الحديثة لا يمكن ان تنهض الا عبر جناحان: مجتمع سياسي ديمقراطي ومجتمع مدني مستقر. وقد آن الاوان لنهوض المجتمع المدني السوداني ولعبه دورا في الحبياة العامة؛ بما فيه اصلاح المجتمع السياسي.
2. اصلاح الحياة السياسية وضرورة الفرز فيها: مما لا شكفيه ان عدم تبلور البديل الديمقراطي انما يرجع في المقام الاول للحالة البائسة للمؤسسات السياسية السودانية؛ وعلي راسها الاحزاب السياسية؛ ولحالة الضبابية والتحولات المفاجئة في المواقف وانعدام البرامجية وممارسة الاستهبال السياسي؛ من قبل اللاعبين الاساسيين في الساحة. ان البديل الديمقراطي لن يتبلور الا علي يد مؤسسات سياسية حديثة وديمقراطية؛ كما انه لن يتبلور الا بممارسة فرز حاد بين القوي الديمقراطية والليبرالية والعلمانية من جهة؛ وبين المعسكر التقليدي التسلطي الفاشي من الجهة الاخري.
3. شعبية البديل وجماهيريته: ان مختلف البدائل المطروحة؛ وخصوصا البديل الحربي وبديل التسوية؛ انما تتم بعيدا عن الجماهير ورقابتها ومشاركتها؛ وتقرر القرارات المصيرلاية فيها من وراء الكواليس؛ وتسيطر عليها عناصر حزبية ديناصورية لا شرعية ديمقراطية لاغلبها. ان البديل الديمقراطي انما يولد وينمو وسطالجماهير ورقابتها وعبر المشاركة الواعية للافراد والقوي المستقلة وتجمعات النساء والشباب وجماهير المناطق المهمشة ومختلف القوي التي لا تجد لها مكانا وسط علاقات الصفوة والنخبة المهيمنة علي المشهد السياسي السوداني.
ان حزبنا قد خطا خطوة في اتجاه هذه البديل؛وذلك عبر بلورة برنامجه العام؛ وعن طريق افتراع العديد من البرامج التفصيلية؛ وعن طريق البدء في بناء مؤسسة سياسية بديلة؛ وكذلك عبر فتح العديد من القنوات مع الاحزاب والتنظيمات الديمقراطية واللليبرالية؛ ومع القوي الجديدة ومؤسسات المجتمع المدني؛ وايضا عبر المخاطبة الجماهيرية المستمرة؛ في حدود امكانياته؛ علي قاعدة من الشفافية والوضوح والمبدئية.
علي مستوي اخر فان حزبنا قد ارسل اول الاشارات في طريق بناء هذا البديل؛عبر توقيعه علي وثيقة "خارطة الطريق لاسقاط النظام الديكتاتوري القائم"؛ وهي مبادرة اذا كتب لها النجاح؛ فانها ستساعد في تبلور القوي الديمقراطية والليبرالية؛ كيما تطرح بديلها وطريقها الثالث؛ ما بين طريق الحرابة المؤلم والمدمر؛ وطريق التسوية الفوقية والمساومة الانتهازية الذي يعيد انتاج الازمة علي مستوي آخر؛ ولا يحلها الا الي حين .
• إتجاهات التفكك ونوازع الوحدة.
• البديل الديمقراطي: إمكانيته ومساراته.
اختيارنا لهذه المحاور؛ يأتي في اطار اهميتها في سياق الازمة السودانية الشاملة؛ والتي اوصلت السودان الي خيار ان يكون او لايكون؛ وكون ان اي مقاربة لحل هذه الازمة؛ لا يمكن ان تتجاهل هذه المحاور المهمة؛ والتي تمسك بعضها برقاب بعض؛ وتجعل لها اهمية قصوي في اطار الحالة السودانية الماثلة.
الحروب الاهلية في السودان ومآلاتها:
نتحدث ونكتب عن الحروب الاهلية في السودان؛ كحزب ليبرالي سوداني؛ وذلك لان واقع الحرب قد تجاوز مسرحها التقليدي في جنوب الوطن؛ واتسعت رقعة الحرب تحت هذا النظام الي مناطق جديدة؛ شملت حنوب النيل الازرق؛ وجبال النوبة؛ وشرق السودان؛ ودارفور؛ وتكاد تبدأ في كردفان؛ ولا تسلم بقية المناطق من اثارها وامكانية انفجارها.
هذه الحروب هي نتاج عوامل متعددة؛ وليست نتيجة عاملا واحدا بسيطا؛ اقتصاديا كان ام ثقافيا ام عرقيا؛ كما تحاول ان تصورها القراءات المبتسرة؛ فجذورها غائصة عميقا في التطور غير المتوازن في السودان؛ وفي نهج التسلط والدكتاتورية؛ وفي الاستعلاء العرقي والاقصاء الاجتماعي؛وفي دعوات المركزية الدينية؛ وفي غيرها من العوامل التي تكون لب محاور الازمة الشاملة للكيان السياسي السوداني.
ان التفسير المختصر لهذه الحروب يكمن كما طرح جل الباحثين في انها حروبا للموارد والهوية: اي حروبا حول الموارد الضعيفة وطريقة توزيعها الافقي والرأسي الضيزى ( اي التفاوت الصارخ في توزيعها بين الاقاليم والافراد)؛ وكذلك حول مشكلة الهوية السياسية والثقافية للسودان وخياراته الاستراتيجية كمجتمع ودولة.
ان هذه الحروب بذلك فهي نتيجة مباشرة؛ لانعدام وجود ونطبيق مشروع حقيقي للنهضة السودانية؛ يقوم بتطوير وتفجير الموارد الكامنة؛ من طبيعية وبشرية؛ ويبني النظام السياسي التداولي المستقر؛ ويوطد من المجتمع المدني؛ وينطلق بالسودان من قيود التخلف والتفكك الي افاق التطور والانصهاروالترابط.
ان هذه الحروب اذ انطلقت كنتيجة للازمة السودانية؛ ولانعدام هذا المشروع الوطني للنهضة؛ ولفشل النخبة في ادارة حوار بين مختلف القوي والاقاليم والمصالح السودانية؛ في اطار سلمي ومدني؛ الا انها مع الزمن فقد تحولت من نتائج للازمة؛ الي عوامل جديدة لتعميقها واعادة انتاجها؛ بل انها قد اصبحت الاداة الرئيسية لاعادة انتاج الازمة ووتوزيع الادوار حولها.
اننا نعتقد ان الاهدار الهائل لكل الموارد البشرية والطبيعية والاقتصادية؛ والاثار الاجتماعية والسياسية والنفسية المخربة لواقع الحروب الاهلية المشتعلة؛ تفترض ان يكون هدف ايقافها واجب الساعة؛ وان يتم هذا الايقاف مع مقاربة حقيقية لاسبابها وجذورها؛ وذلك حتي لا تعود وتنطلق من جديد؛ بعد فترة تسكين وتوقف بسيطة. ويؤمن حزبنا ان ايقاف الحروب الاهلية لن يتم بدون المساهمة المدنية للمواطنبين السودانيين ؛ المتضررين الحقيقيقن من هذه الحروب؛ في آلية ايقافها وتفكيك اسبابها.
من هذا المنطلق فان حزبنا قد وضع واجب وقف الحروب الاهلية كاول بند في برنامجه السياسي العام؛ وقد دعم ويدعم اي جهد لايقاف هذه الحروب؛ ورحب ويرحب بكل اتفاق واعلان لوقف اطلاق النار؛ ويضع كل جهده مع نقليص رقعتها؛ وعدم انتشارها؛ ويرفض طريق العمل العسكري اداة لحل الازمة السودانية؛ لانه لن يضيف لها غير ازمات جديدة؛وهو يخدم في المحصلة تلك القوي التي خلقت الازمة وتتعيش عليها.
عوامل الطرد والتفكك :
يعاني السودان من مجموعة من عوامل الطرد والتفكك؛ تدفع به تدريجيا نحوالتحلل والانقسام وتهديد استمراه كدولة موحدة؛ فما هي اهم هذه العوامل :
1. عوامل التفكك الجغرافية: يعاني السودان من تفكك جغرافي واقتصادي؛ ينبع من كبر حجم مساحته وانعدام الترابط بين الاقاليم المختلفة. هذا الواقع يتمثل في ضعف انظمة المواصلات والاتصالات في السودان.
2. عوامل التفكك الاقتصادية: كما يعاني السودان منعوامل تفككاقتصادية؛ تنبع من تخلف البنية الاقتصادية؛وانقسامها الي قطاعين حديث وتقليدي؛ ان التفكك الاقتصادي يتجلي في تفكك الاسواق الداخلية وعدم وجود سوق داخلي مترابط بين الاقاليم المختلفة ووجود مجموعات اقتصادية مختلفة خارجاطار السوق.
3. عوامل التفكك الاجتماعية: أدي العاملان اعلاه؛ اي التقكك الجغرافي والاقتصادي؛ الي تفكك السودان اجتماعيا وعدم التداخل الكافي بين المجموعات العرقية والثقافية والدينية والاجتماعية الخ؛ الامر الذي عطل الاندماج الاجتماعي وتكون مفاهيم التعايش السلمي والمجتمع السوداني الموحد.
4. التفكك الثقافي والنفسي: في ظل واقع الامية وصضعف التعليم؛ وبالترابط مع لعوامل اعلاه؛ فقد تفككت السودان ثقافيا الي مكوناته الاولي؛ القبلية والدينية والعنصرية؛ كما تفكك مواطنوه نفسيا نتيجة للاحن والحروب المختلفة؛ الامر الذي يؤدي الي تعميق عوامل التفكك الموضوعية باخري ذاتية؛ لا تقل عنها خطورة؛ ان لم تكن تفوقها في الاثر والخطر.
هذه العوامل لم تأت من فراغ؛ وليست هي قدر علي السودان اوغيره من الدول المشابهة له في البنية الاجتماعية والسكانية الخ ؛ وانما هي نتيجة عملية لنهج التطور الذي كان سائدا في السودان؛ والذي من اسبابه الرئيسية:
1. انعدام اي مشروع شامل للنهضة الوطنية في السودان؛ يكون مبنيا علي اسس القومية السودانمية ومستهدفا تعزيز الوحدة الوطنيةو والاندماج الاقتصادي والثقافي والاجتماعي لاقاليم البلاد وقومياتها. في المقابل فان اغلب المشاريع التي طرحت كانت اما مشاريعا طائفية تقليدية؛ او مشاريعا عقائدية مبتسرة؛ وكانت تقوم كلها علي اقصاء فئات اجتماعية بعينها علي اسس طائفية اوطبقية او دينية.
2. نمط التطور الاقتصادي المأزوم والتابع؛ والذي تتحكم فيه الدولة بدرجة كبيرة في توزيع الفائض الاقتصادي؛ ولا تبذل اي جهود لتطوير مفاصل الاقتصاد وتطوير الثروة القومية والفردية. ان هذا النهج ادي الي سيادة منهج الاستهلاك بدل الانتاج؛ والي احتلاب ضرع الدولة من قبل النخبة السائدة؛ وتوزيع الريع بوصفه عاملا لاعادة انتاج علاقات السلطة؛ والي الافقار المتزايد لقطعات واسعة من المواطنين؛الامر الذي ادي الي استمرار وتعميق اغترابهم السياسي والنفسي عن الدولة السودانية .
3. انطلاق واستمرار الحروب الاهلية كاهمعوامل التفكيك؛ وكما قلنا فان الحرب اذا كانت نتاجا للواقع السوداني؛ فانها قداصبحت في النهاية عاملا وسببا اضافيا للازمة.ان الحروب الاهلية باستنزافها للاقتصاد المتخلف ااصلا؛ وباتاحتها الفرصة للدعاية الحربية والاستقطاب حولها؛ وبما زرعته من احقاد واضغان وما خلفته من مآسي؛ تكاد تكون احد الاسباب الاساسية في انتاج واعادة انتاج عوامل التفكك النفسي والاجتماعي بين مختلف سكان السودان.
عوامل الربط ونوازع الوحدة وطريق الاصلاح:
في مقابل ما سردناه اعلاه؛ فان هناك عواملا للربط والجذب ونوازع للوحدة؛ مضادة لعوامل الطرد والتفكك؛ تكمن في البنية السودانية ويمكن تطويرها وتحفيزها؛ في اطار مشروع اصلاحي يبحث عن ضمان وحدة الدولة السودانية وتطور البلاد ومصالح المواطن السوداني وضمان حقوقه الاساسية.
من عوامل الجذب يمكن ان نذكر التالي:
1. النزوع التاريخي نحو التوحد في اطار دولة سودانية موحدة: هذا النزوع يمكن ان نجد له مؤشرات قديمة في مختلف الممالك السودانية؛ والتي كانت تسعي لتوحيد المجموعات القومية والتكوينات السياسية الموجودة في رقعة السودان الحالية. واذا كانت الخريطة الحالية للسودان موروثةاساسا من زمن الاحتلال التركي – المصري 1821-1885؛ ومن بعد الاحتلال الانجليزي –المصري 1898-1956 ؛ فان كامل التطور السياسي عشية الاستقلال وفي الدولة السودانية ما بعد الاستعارية؛ قد عززت هذا النزوع ودعمت منه.
2. تكون بذرة القومية السودانية: هذه البذرة التي يمكن ان نقول ان ثورة 1924 كانت افضل تجل لها؛ حيث تحدث علي عبداللطيف عن مطالب الامة السودانية؛ وكان معتقلي الثورة يردوا علي السؤال عن جنسهم انهم سودانيون . ان هذه البذرة يمكن ان نجدها في اتفاق معظم السودانيون علي سودانيتهم رغم الاختلافات العرقية والثقافية والدينية الخ ؛ بل وتطلع مختلف المجوعات الي اثبات وتاكيد اصلها السوداني الاصيل .
3. دعم المجتمع الدولي لاتجاهات الوحدة: وذلك انه في العالم الذي يتجه نحوالوحدة والتعاون وانشاء الكيانات الاقتصادية والسياسية الكبيرة؛ فان اتجاهات الانفصال والتفكك تكون اتجاهاتا رجعية وليست للامام؛ ولذلك نجد دعم المجتمع الدولي والاقليمي – الاتحاد الافريقي - لاتجاهات الوحدة اكثر من دعمه لاتجاهات التفكك والانفصال.
الا ان هذه الاتجاهات لا تكون وحدها كافية؛ اذ انها اتجاهات عامة وفوقية وتاريخية؛ قد لا تكون لها القوة الكافية للصمود في مواجهة اتجاهات التفكك؛ لو لم تدعم ببرنامج اصلاحي واعي؛ يهدف الي تصفية عوامل التفكك ودعم عوامل الترابط والجذبوالوحدة؛ وهذا البرنامج الاصلاحي نراه في التالي:
1. استشراف مشروع شامل للنهضة الوطنية الشاملة: هذا المشروع يهدف الي بناء السودان الموحد وتطويره وتنميته ليقف وسط الامم والشعوب؛ وينهض بمواطنيه وشعوبه.. هذا المشروع يقوم علي دعم النموالاقتصادي واطلاق العمل الحر وبناء اقتصاد مترابط قائم علي الانتاج والكسب؛ لا علي الاستهلاك وتوزيع الامتيازات؛ كما يرتكز علي انشاء دولة مدنية ديمراطية؛ وعلي استشراف نهضة ثقافية تخرج بالبلاد من اسار التخلف العلمي والتقني والاجتماعي .
2. الوحدة في التنوع: من العوامل الاساسية لقيام ونجاح هذا المشروع هو احترام التنوع السوداني؛ وبناء الوحدة السودانية في وعبر التنوع الثقافي والديني والعرقي والاجتماعي . هذا الاحترام لا يقوم علي الاعتراف الشكلي بالتنوع؛ بل علي استغلاله كعامل لتخصيب الثقافة السودانية والاقتصاد السوداني؛ وعلي التعامل الايجابي معه كمصدر قوة واثراء؛ لا مصدر ضعف في مسار تكون الامة السودانية وبناء الدولة السودانية الديمقراطية والمدنية.
3. الدولة المدنية الديمقراطية: باعتبارها الضمانة الاساسية لادارة الصراعات في اطار سلمي ومدني .. ان هذه الدولة يجب ان تكون بسيطة وخفيفة وقريبة من المواطن؛ تضطلع بالمهام الاساسية للدولة من حفظ الامن وتوفير الشروط الاساسية للتمنية؛ وترفع يدها عن نشاط المجتمع المدني والنشاط الحر للافراد ؛ وتدعم الحريات العامة والشحصية في مختلف المستويات السياسية والاجتماعية.
4. الفيدرالية واللامركزية: ولكيما تقوم هذه الوحدة في التنوع؛ فلا بد من تبني النظام الفيدرالي كعامل اساسي لاحترام التنوع ولتقريب السلطة الي المواطكنين وانهاء اغتراب المواطن عن الدولة السودانية وانهاء هيمنة المركز علي الاقاليم وعلي مقدرات البلاد.. ان الفيدرالية تشكل لنا الحل الاساسي ما بين دعوات الانفصال من جهة؛ ودعوات المركزية القاتلة من الجهة الاخري.
5. علمانية الحياة السياسية والاجتماعية: اذ لا يمكن ان تتم اقامة دولة مدنية واحترام التنوع دون تبني العلمانية كنظام عام للقيم في الفضائين السياسي والاجتماعي. ان مختلف دعوات المركزية الدينية والتسلط اللاهوتي والانغلاق الطائفي يجب ان تصفي مرة واحدة والي الابد من السياسة السودانية اذا ما اردنا للسودان التطور والوحدة والاستقرار.
6. تفجير طاقات البناء :وذلك عن طريق فك القيودعلي المبادرات الحرة للافراد وان تكف الدولة عن احتلاب فوائضهم وتشجيع اليات السوق الحر وذلك بما يستوعب الطاقات المعطلة ويصرفها الي الانتاج والمبادرة والبناء بدلا من الانخراط في الحرب والتخريب (مصال المناطق الحرة التي اقترحها حزبنا علي الحدود حلا لمشكلة التهريب وتطويرا للاقاليم البعيدة ذات الموارد الاقتصادية الضعيفة)
البديل الديمقراطي ومساراته:
هذا المشروع الوطني للنهضة؛ لا يمكن بناؤه الا عبر بديل سياسي ديمقراطي؛ يطرح امكانية تحقيقه كهدف ممكن؛ ويحشد الطاقات له في ظل ظروف احسن؛ فما هوهذا البديل الديمقراطي وما هي مساراته؟
هذا البديل الديمقراطي هو الطرح السياسي لللقوي الليبرالية والديمقراطية والعلمانية لحل الازمة السياتسية الماثلة؛ وهوبديل يرفض من جهة طريق الحرابة؛ اي الحل العسكري للازمات السياسية؛ كما يرفض طريق التسوية؛ اي الاتفاقات الفوقية التي لا تحل جذور الازمة؛ وتعيد سيطرة القوي المهيمنة؛ بل وتعطي شرعية للنظام القائم وعلاقاته المريضة؛ للاستمرار في الحكم لعدة سنوات قادمة؛ وان يصبح هو وعلاقاته احدالعوامل المهمة في السياسة السودانية.
اننا نرفض ان تُكافأ القوي التي خلقت الازمة واعادت انتاجها؛ بالسماح لها بان تتفق سياسيا من خلف زهر المواطنين؛وتعيد تقسيم الاسلاب والامتيازات والاموال فيما بينها؛ بعيدا عن راي المواطن ومصالحه؛ ومن هذا المنطلق فرغم ترحيبنا بوقف الحرب ووقف اطلاق النار؛ الا اننا نرفض ربطها باي تسويات سياسية طويلة المدي؛ تكافي القوي التي انتجت الازمة؛وهي هنا في المقام الاول النظام الديكتاتوري الحاكم.
اننا نري ان تبلور البديل الديمقراطي مرهون بالشروط الاساسية التالية:
1. نهوض المجتمع المدني ومؤسساته: فلمدة طويلة كان المجتمع السياسي في السودان مسيطرا علي المجتمع المدني وقامعا له؛ وكانت مختلف المبادرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تقهر اوتوظف سياسيا. ان المجتمع الحديث والدولة الحديثة لا يمكن ان تنهض الا عبر جناحان: مجتمع سياسي ديمقراطي ومجتمع مدني مستقر. وقد آن الاوان لنهوض المجتمع المدني السوداني ولعبه دورا في الحبياة العامة؛ بما فيه اصلاح المجتمع السياسي.
2. اصلاح الحياة السياسية وضرورة الفرز فيها: مما لا شكفيه ان عدم تبلور البديل الديمقراطي انما يرجع في المقام الاول للحالة البائسة للمؤسسات السياسية السودانية؛ وعلي راسها الاحزاب السياسية؛ ولحالة الضبابية والتحولات المفاجئة في المواقف وانعدام البرامجية وممارسة الاستهبال السياسي؛ من قبل اللاعبين الاساسيين في الساحة. ان البديل الديمقراطي لن يتبلور الا علي يد مؤسسات سياسية حديثة وديمقراطية؛ كما انه لن يتبلور الا بممارسة فرز حاد بين القوي الديمقراطية والليبرالية والعلمانية من جهة؛ وبين المعسكر التقليدي التسلطي الفاشي من الجهة الاخري.
3. شعبية البديل وجماهيريته: ان مختلف البدائل المطروحة؛ وخصوصا البديل الحربي وبديل التسوية؛ انما تتم بعيدا عن الجماهير ورقابتها ومشاركتها؛ وتقرر القرارات المصيرلاية فيها من وراء الكواليس؛ وتسيطر عليها عناصر حزبية ديناصورية لا شرعية ديمقراطية لاغلبها. ان البديل الديمقراطي انما يولد وينمو وسطالجماهير ورقابتها وعبر المشاركة الواعية للافراد والقوي المستقلة وتجمعات النساء والشباب وجماهير المناطق المهمشة ومختلف القوي التي لا تجد لها مكانا وسط علاقات الصفوة والنخبة المهيمنة علي المشهد السياسي السوداني.
ان حزبنا قد خطا خطوة في اتجاه هذه البديل؛وذلك عبر بلورة برنامجه العام؛ وعن طريق افتراع العديد من البرامج التفصيلية؛ وعن طريق البدء في بناء مؤسسة سياسية بديلة؛ وكذلك عبر فتح العديد من القنوات مع الاحزاب والتنظيمات الديمقراطية واللليبرالية؛ ومع القوي الجديدة ومؤسسات المجتمع المدني؛ وايضا عبر المخاطبة الجماهيرية المستمرة؛ في حدود امكانياته؛ علي قاعدة من الشفافية والوضوح والمبدئية.
علي مستوي اخر فان حزبنا قد ارسل اول الاشارات في طريق بناء هذا البديل؛عبر توقيعه علي وثيقة "خارطة الطريق لاسقاط النظام الديكتاتوري القائم"؛ وهي مبادرة اذا كتب لها النجاح؛ فانها ستساعد في تبلور القوي الديمقراطية والليبرالية؛ كيما تطرح بديلها وطريقها الثالث؛ ما بين طريق الحرابة المؤلم والمدمر؛ وطريق التسوية الفوقية والمساومة الانتهازية الذي يعيد انتاج الازمة علي مستوي آخر؛ ولا يحلها الا الي حين .