منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#62294
شبهت بالطلقة النارية التي إذا صوبت بشكل دقيق لا تخطا الهدف مهما كانت دفاعاته
• كما سميت نظرية الحقنة أو الإبرة تحت الجلدية Hypodermic Needle
شبهت الرسالة هنا بالمحلول الذي يحقن به الوريد و يصل في ظرف لحظات إلى كل أطراف الجسم عبر الدورة الدموية و يكون تأثيره قوي و لا يمكن الفكاك منه
• تنطلق هذه النظرية من مجموعة من المسلمات :
• تفترض أن المرسل يتحكم بشكل كلي في العملية الاتصالية لماذا ؟
– لأنه هو الذي يضع الرسالة و يقوم بتصميمها و بناءها
– و يختار الوسيلة أو القناة الأكثر تأثيرا و انتشارا
– و يختار التوقيت و الظرف المناسب
• استقبال الرسالة هي تجربة فردية و ليست تجربة جماعية
– يعني أن الرسالة تصل إلى كل فرد بشكل مستقل وهو منعزل عن الآخرين. فلا تفاعل بينهم لماذا؟
• لان الجماهير عبارة عن ذرات منفصلة
• إن الفرد يتلقى الرسالة مباشرة من الوسيلة بدون وسيط
• تفترض هذه النظرية أن الرسالة الإعلامية تصل إلى كل أفراد المجتمع بطريقة متشابهة
أي أن كل فرد يستقبلها بنفس الطريقة يعني لا توجد فوارق بين الأفراد في تفاعلها معها
• تفترض النظرية أن المتلقي سيستجيب دائما و بشكل قوي للرسالة التي يتلقاها بما يحقق هدف القائم بالاتصال
• فالمتلقي هو عنصر ضعيف جدا في العملية الاتصالية و مفعول به في حين أن المرسل هو العنصر المسيطر



أولا : نظرية الرصاصة أو الطلقة
• ظهر التيار النظري الذي يقول بالتأثير القوي لوسائل الاتصال في العشرينات من ق 20 أي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى
• أطلقت على هذه النظرية عدة مسميات من أهمها
– نظرية الرصاصة أو الطلقة السحرية Magic Bullet Theory
أي أن الرسالة الإعلامية



ثانيا : الخلفيات النظرية لنظرية التأثير القوي
• لقد تبلورت هذه النظرية كنتيجة لمجموعة من النظريات في مجالات مختلفة تنتمي إلى العلوم الاجتماعية و من أهمها :
– علم الاجتماع و نظرية المجتمع الجماهيري
– علم النفس و نظرية المنبه/الاستجابة
– التحليل النفسي و النظرية الفرودية
– العلوم السياسية و نظرية لاسويل في الدعاية
– تطور الإذاعة و السينما كوسائل اتصال جماهيري

1 – علاقة نظرية المجتمع الجماهيري بالتأثير القوي
يتسم الأفراد في المجتمع الجماهيري بالعزلة النفسية عن الآخرين . فهم مجرد ذرات منعزلة
– يسود انعدام المشاعر الحميمية عند التفاعل مع الآخرين
– يشعر الفرد بالوحدة و القلق و الضياع و فقدان المرجعيات
• سيلجأ لوسائل الاتصال الجماهيري
– لتعويض جماعات الأهل و العشيرة و القرية التي كان يشعر في إطارها بالاطمئنان و للتخلص من التوتر
فهي تحل محل العلاقات الشخصية المجزية في المجالات التالية:
– التسلية و الإمتاع فهي وسيلة لتمضية الوقت و الترفيه
– كمخدر و مسكن للشعور بالتوتر و القلق السائد في المجتمع الجماهيري
– كمصدر للمعلومات في كل المجالات
– كمرجعية للتوجيه و التنوير و تسهيل اتخاذ القرارات و تحديد المواقف بدلا عن مجلس العشيرة و مختار القرية
إن نظرية التأثير القوي تتلاءم و تتماشى مع نظرية المجتمع الجماهيري و قد بلورت على أساسها
2 – علاقة نظرية المنبه / الاستجابة النفسية مع نظرية التأثير القوي
• أصبحت النظرية السلوكية مهيمنة في مجال علم النفس في بدايات القرن 20
– تفسر سلوكيات الفرد على انه مجرد ردود أفعال على منبهات خارجية تأتيه من المحيط الذي يوجد فيه
– يمكن أن تأتي هذه المنبهات من المحيط الطبيعي مثل:
الشعور بالبرودة أو الحرارة فردة الفعل ستتمثل في وضع ملابس ثقيلة و خفيفة
– كما تأتي المنبهات من المحيط الاجتماعي مثل أن يوجه لك شخص رسالة لطلب خدمة فتقدمها له
• لقد همش أصحاب هذه النظرية كل العمليات العقلية التي يمكن أن يأتيها الفرد لماذا؟
لان كل ما يصدر عنه هو مجرد ردود أفعال على منبهات خارجية
فلا يقوم الفرد بأعمال إرادية و لا يتخذ أية مبادرة
• اعتمد أصحاب نظرية التأثير القوي على النظرية السلوكية كيف ؟
اعتبروا أن الرسائل الإعلامية التي تبثها وسائل الاتصال الجماهيري المختلفة هي بمثابة منبهات الخارجية كيف؟
– فالدعاية السياسية هي منبه لدفعك كمتلقي لتحديد موقفك السياسي بالطريقة التي يرغب فيها المرسل
– و الإعلان التجاري منبه خارجي لدفعك لإتباع سلوك استهلاكي محدد

3- علاقة التحليل النفسي و النظرية الفرودية بنظرية التأثير القوي للاتصال
• يعتبر فرويد أن سلوكيات الفرد تنبع من اللاوعي و اللاشعور أو من العقل الباطن لكن ما علاقة الفرودية بنظرية التأثير القوي ؟
• اعتبر أصحاب نظرية التأثير القوي أن نسبة كبيرة من الرسائل الإعلانية و الدعائية تتوجه إلى لاوعي الفرد
• مثال : لترويج سلعة معينة يتم ربطها بشخصية جميلة أو قوية يتمنى المتلقي للرسالة في أعماقه التشبه بها مثل :
النجمة المشهورة أو الرياضي البطل
إن نظرية المنبه/الاستجابة و النظرية الفرودية رغم اختلافهما الشديد ، لهما قاسم مشترك ما هو؟ إنهما يهمشان الأفعال الإرادية للفرد
4 – الدعاية السياسية و علاقتها بنظرية التأثير القوي
أ- تبلورت الدعاية السياسية بشكل خاص خلال الحرب العالمية الأولى 1914-1918 لماذا ؟
كانت جبهات القتال متحركة و لم تكن بعيدة عن المدنيين
لأنها أول حرب في تاريخ البشرية تجند فيها كل طاقات البلدان المتحاربة و استغلت كل مواردها :الصناعة و الزراعة و التجارة ...
فكان لا بد من تحريك الأحاسيس و مشاعر الولاء للوطن و شحذ الهمم على مزيد من التضحية
بالنسبة لكل فئات الشعب
– بالنسبة للعسكريين لرفع روحهم المعنوية لمزيد العطاء
– و المدنيين لحثهم على الالتحاق بصفوف القوات المسلحة
– و الزيادة في الإنتاج لدعم ”المجهود الحربي“ كالعمل ساعات إضافية بدون مقابل أو التبرع ...
• كما توجه هذه الدعاية لصفوف العدو لماذا؟ لكسر الروح المعنوية للعدو سواء مدنيين أو عسكريين
ب- الدعاية السياسية السوفياتية
تأسس الاتحاد السوفياتي في 1917 و أصبح في مواجهة مباشرة مع البلدان الرأسمالية و من بينها الولايات المتحدة الأمريكية لماذا؟
يحرض الطبقات العمالية و الشعبية في هذه الدول على الثورة و قلب الحكم الرأسمالي و إقامة نظام اشتراكي
ج – الدعاية النازية و الفاشستية
طور النظام النازي مع هتلر و جبلز الدعاية على أسس علمية لأول مرة في تاريخ البشرية . وجهت هذه الدعايات لكل من الدول الأوروبية و خاصة للولايات المتحدة الأمريكية
د – ردود فعل الولايات المتحدة تجاه حملات الدعاية
شعرت السلطات الأمريكية أن البلد مستهدف بشكل مباشر بهذه الدعاية السوفياتية والنازية والفاشستية لماذا؟
خاصة مع اقتراب الحرب العالمية الثانية 1939-1945
• لان الطبقة العمالية الأمريكية مستغلة من قبل أصحاب رؤوس الأموال خاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في 1929 حيث طالت البطالة عشرات الملايين من العمال
• كما أن هناك نسبة كبيرة من الامركيين ذوي الأصول الألمانية و الايطالية و الذين يمكن أن يتأثروا بدعاية ايطاليا أو ألمانيا لدفع أمريكا للخروج من حيادها و دخول الحرب العالمية الثانية إلى جانب المحور و ضد الحلفاء
• اعتبرت السلطات الأمريكية أن النظام الديمقراطي و الوحدة الوطنية في خطر
فتم تكليف مجموعة من الأكاديميين المتخصصين في مختلف العلوم الاجتماعية لدراسة الظاهرة و تقديم مقترحات عملية للمواجهة
اتفق اغلب الدارسين أن تأثير الدعاية قوي جدا و يمكن أن يكون مدمرا لاسيما خلال فترة الحرب و أوصوا باتخاذ قرارات حازمة
• كان لاسويل Harold Lasswell عالم السياسة من بين الذين كلفوا بهذه المهمة
– توصل لاسويل إلى أن تأثير مضامين الدعاية قوي جدا
– و يزيد هذا التأثير كلما كان الوضع النفسي للجماهير غير مستقر و مضطرب
– و بما أن البلد في حرب لا يستطيع رجل الشارع أن يميز بين الإعلام الموضوعي و الدعاية المضللة. ما الحل الذي يقترحه ؟
اقترح لاسويل تشكيل لجان من ”التقنوقراطيين“ لتحليل مختلف المضامين الإعلامية و التأكد من خلوها من أية شوائب دعائية
– كان ليبمان من بين المتخصصين الذين درسوا الموضوع و خلص أن وسائل الاتصال لا يمكنها تنوير الرأي العام حول المضامين الدعائية فما الحل الذي اقترحه ؟
– اقترح تأسيس وكالات حكومية لتعقب المضامين الدعائية و تحديد مصادرها
• إلا أن مقترحات كل من لاسويل و ليبمان تفترض وضع نظام رقابي يمكن أن يكون مستهجنا في نظام لبرالي مثل النظام الأمريكي الذي يؤكد التعديل الأول لدستوره على الحرية المطلقة لوسائل الإعلام
• اقترح ديوي حلا عمليا لهذه المعضلة . ما هو الحل ؟
محاربة الداء بنفس الأسلوب أي استخدام الدعاية المضادة
لكنها ستكون دعاية بيضاء أو رمادية
– أي إنها لا تستخدم بشكل مكثف الأكاذيب و الأباطيل
– و لا تهدف الشر بل الدفاع عن النفس
– و ذلك على عكس الدعاية السوداء التي لا تبحث إلا إلحاق الأذى و الدمار بالجمهور المستهدف
– الخلاصة:اعتقاد بالقوة الخارقة للدعاية و تأثيرها
5 – تطور الإذاعة و السينما
أ – الاعتقاد بالآثار المدمرة للسينما
• ابتكرت السينما الصامتة من قبل الأخوين لوميار Lumiere في 1895
• و لم تظهر السينما الناطقة إلا في 1929
• فانتشرت على نطاق واسع أفلام رعاة البقر و افلام الجريمة و افلام الجنس من اجل كسب مزيد من الأرباح
• فارتفعت الأصوات لانتقاد آثارها المدمرة على المجتمع
فقد فسروا تفاقم الجريمة والعنف كنتائج مباشرة للسينما
و تردي الأخلاق العامة بسبب الأفلام الخليعة
زيادة السلوكيات العنيفة لدى الأطفال بسبب أفلام الكرتون
ب – الآثار القوية للإذاعة المسموعة
• تطورت الإذاعة المسموعة بعد الحرب العالمية الأولى حينما زاد عدد المحطات التي تبث بشكل منتظم
أصبحت الإذاعة الوسيلة الاتصالية الأولى بدون منازع فهي تشبه وضع التلفزيون حاليا لماذا ؟
لأنها وسيلة اتصال اخترقت كل الحواجز :
– حاجز الأمية حيث أنها تستقبل حتى من قبل الأميين
– الحواجز الجغرافية لعدم احتياجها لمسالك توزيع مثل الصحفية
– الحواجز السياسية لأنه لا يمكن منعها أو مصادرتها و حتى إقامة محطات تشويش تعتبر عملية مكلفة
ثم أن وقع الرسالة المسموعة و تأثيرها اكبر من الرسالة المكتوبة لماذا ؟
– لأنه يتوفر الوقت الكافي للقارئ للتفكير و التمحيص في المضمون المقترح عليه فيطالعه مرة ثانية و يمكن أن يكتشف التناقضات أو النقاط غير المنطقية
– في حين أن الرسالة الشفوية لاسيما في شكل خطبة عصماء تأتي على لسان خطيب مفوه لا تترك للمتلقي أية فرصة للتأمل و التحليل المنطقي
– لذا ساد الاعتقاد أن احتمال التلاعب بعقول عامة الناس أسهل بكثير عند استخدام الإذاعة
– و مما رسخ هذا الاعتقاد حادثة ”غزاة المريخ“
• هي نكتة سرعان ما انقلبت إلى ظاهرة كانت لها أبعاد خطيرة و تتمثل في الآتي :
– المكان : الولايات المتحدة الأمريكية
– الزمان : عيد القديسين نوفمبر 1938
– Orson Wells مقدم برامج في شبكة CBS الإذاعية
– قرر اقتباس رواية الخيال العلمي”حرب العوالم“ التي تروي غزو سكان المريخ للأرض
• لكن قام بإخراجها بطريقة ذكية جدا لتبدو للمستمعين و كأنها حادثة حقيقية حصلت بالفعل
– تبدأ المسرحية بنقل حي لحفل موسيقي يقام في احد الفنادق الفخمة بمدينة نيويورك بمناسبة عيد القديسين
– يقطع البث المباشر لإذاعة خبر عاجل حول هبوط مركبة فضائية غريبة الشكل ثم يعود البث المباشر للحفل
– و يقطع بعد ذلك تباعا لتقديم مزيد من التفاصيل حول الحدث الغريب بطريقة تصاعدية
- تقدم شهادات شهود عيان يفترض أنهم حضروا الحدث يتحدثون عن المخلوقات العجيبة الخضراء
- تقدم مقابلات مع مختصين في علم الفلك و علوم الأحياء
- يقدمون تحليلاتهم للوضع مما يزيد من مصداقية الحدث
كما تجرى مقابلات مع قادة في الجيش و كبار رجال الشرطة للتعرف على المخاطر التي يمكن أن تنجم عن هذا الغزو و ما هي خططهم لمواجهة الموقف
• ما هي نتيجة هذه الدعابة التي تبدو بريئة ؟
لقد انطلت الخدعة على مئات الآلاف من المستمعين الذين أصابهم هلع شديد و اعتبروا أن هذه الأخبار حقيقية
فغادر عشرات الآلاف بيوتهم حاملين معهم ما خف وزنه و غلا ثمنه مع حدوث فوضى لا توصف على الطرقات و اختناقات و حوادث مرورية لا تعد و لا تحصى
و حتى الذين يقطنون مناطق بعيدة عن الموقع المفترض للهبوط فقد تمترسوا في بيوتهم و كدسوا المؤن
أمام هذه التطورات غير المتوقعة و المشاكل التي تسببت فيها بادرت كل وسائل الإعلام و السلطات بتكذيب الخبر و أكدت أنها مجرد ”كذبة ابريل“
إلا أن الجمهور لم يصدق ذلك و اعتبر أنها مجرد تطمينات
فلجا المقدم إلى إعلان أن المخلوقات الغازية بدأت تموت لان جهازها المناعي لم يتمكن من تحمل بعض البكتيريا الموجودة في الأرض
اعتبرت حادثة غزاة المريخ بمثابة إثبات لا يدع أي مجال للشك بان تأثير الإذاعة ووسائل الإعلام بشكل عام قوي جدا و لا يمكن أن يقاوم
و أن لدى الجمهور قابلية لتصديق كل ما يقال له مهما كان غريبا و غير منطقي
لان المرسل حسب نظرية الرصاصة قوي جدا و مسيطر على العملية الاتصالية
في حين أن المتلقي ضعيف ومطيع و مستسلم واعزل ليس لديه أية دفاعات تجاه الرسالة أو الطلقة أو الحقنة

ثالثا : نقد نظرية التأثير القوي للاتصال
• لاقت هذه النظرية رواجا كبيرا خلال فترة ما بين الحربين لأنها كانت متسقة مع
– النظرية الاجتماعية السائدة آنذاك (المجتمع الجماهيري)
– و النظرية النفسية و التحليل النفسي
– و توفر تفسيرا منطقيا لكل من يعتقد أن لوسائل الاتصال قوة خارقة و لا محدودة
• لكن النظرية لاقت انتقادات مختلفة سنشير لبعضها :
– اعتمدت هذه النظرية بالدرجة الأولى على علم النفس و علم النفس الاجتماعي و التحليل النفسي
– و أكدت أن الرسائل الإعلامية تأثر فقط على الجوانب النفسية الشعورية و اللاشعورية للأفراد
– لكنها تجاهلت كل العوامل السياسية و الثقافية و الاقتصادية التي يمكن أن تأثر على العملية الاتصالية
• مثال :إن الدعاية النازية في عهد هتلر لم تأثر على الشعب الألماني باستخدامها للاشعور فقط
بل لأنه استخدم الرعب و التقتيل لإخضاع الجماهير
• و انتقدت هذه النظرية من قبل أصحاب المؤسسات الإعلامية
لأنها تقوم بتحريض الرأي العام و السلطات الأمريكية ضدهم و تدفعها لاتخاذ إجراءات تحد من حرية تصرفهم
في اختيار المضامين التي تدر عليهم أرباحا وفيرة مثل العنف و الإثارة و الجنس ...