منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
By فهد الخماش1333
#62388
الفكر السياسي الإسلامي هو ذلك النشاط العقلي الذي يضم الآراء والمبادئ والأفكار لمجموعة بشرية معينة هم المسلمين منذ أن نشأ لهم مجتمع سياسي وتكونت للإسلام دولة منذ عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى عصرنا الحالي بما يعني أن هذا الفكر له مراحله وله تاريخ يشمل هذه المراحل ويضم الكتابات حول الأفكار والمبادئ والنظريات التي تخص حياة وأهداف المسلمين السياسية والقواعد التي تحكم وتنظم وما يطلق عليه سياسي ويخص المسلمين كأمة ومجتمع سياسي. أنه حقل معرفي ينطوي على دلالات معرفية هي خلاصة مفهوم مركب من ثلاثة مفاهيم فرعية : الموصوف وهو الفكر والصفتان له :السياسي والإسلامي وكل مفهوم منها تختلف تعريفاته بقدر ما تتشابه وتتنافر بقدر ما تتجاذب.

تعريفه:
عملية تعريف الفكر السياسي الإسلامي ليس عملية موضوعية بشكل مطلق فهو كغيره من الحقول المعرفية الاجتماعية يصعب تحديده وضبطه اسماً ومسماً ضبطاً جامعاً مانعاً نظراً لما يكتنف هذا التعريف من صعوبات يضاف لهذا أن علوم الأمة بحكم علاقتها التكاملية تتأبى على وضع الفواصل القاطعة والجامعة بصورة يصعب معها الادعاء باستئثار علم معين واختصاصه بموضوع معين بشكل مطلق وإذا كان الفكر لابد له من مفكرين فإن كثيراً من شوامخ الفكر السياسي الإسلامي كانت لهم إبداعاتهم وريادتهم في علوم أخرى بصورة يصعب أن نشدهم إلى هذا الحقل ونخصهم به فقد كانوا دائمأ يوصفون بالفلاسفة والفقهاء والمحدثين.
ويستدعي هذا ضرورة ضبط العلاقة بين مفهومي الشرع والفقه وبين مفهوم الفكر عامة والفكر السياسي خاصة لما لذلك من أثر على تحديد حقل الفكر السياسي افسلامي ضيقاً واتساعاً إن الفكر السياسي الإسلامي يصعب فهمه حقلاً معرفياً دون فهمه مصطلحاً معرفياً سياسياً مركباً لابد من فهمه من خلال التوقف عند كل مفردة من مفرادته الثلاث لمعرفة كيف تأتلف وتتكامل لتكون المفهوم فيه (أي الفكر).

السياسي:
وصف السياسي فهي صفة مانعة لكل فكر غير سياسي تحدد الفكر بما كان له صلة بالظاهرة السياسية أخذاً في الاعتبار تميز فهم السيا سي في الأصول والخبرة الإسلامية والراجح أن كلمة السياسة عربية الأصل فالسياسة هي فعل السائس ويقال هو يسوس الدواب إذا قام عليها وعلى راحتها والوالي يسوس رعيته والسياسة أيضاً هي الرياسة وهي ترويض الأمر وتذليله ومن ثم فإن معناها في اللغة يتطابق مع معناها الاصطلاحي بأنها القيام على الأمر بما يصلحه القيام بما يشمله من معاني الحفظ والرعاية والصيانة والأمر بمعنى مطلق الأمر سواء في الفرد والجماعة والصلاح الذي يشير للغاية التي تبرر الوجود الجماعي في هيئة اجتماعية فالسياسة كما قال التهنوي في كشاف اصطلاحات الفنون مصدر ساس وأساس الوالي الرعية أي أمرهم ونهاهم فالسياسة إصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في الدنيا والآخرة والسياسة المدنية من أقسام الحكمة العملية وتسمى الحكمة السياسية وعلم السياسة وسياسة الملك والحكمة المدنية وهي علم تعلم منه أنواع الرياسة والسياسات الاجتماعية المدنية وأحوالها وموضوعه المراتب المدنية ويذكر المقريزي في خططه أن السياسة من ساس الأمر سياسة بمعنى قام به... ثم رسمت بأنها القانون الموضع لرعاية الآداب والمصالح وانتظام الأحوال والسياسة نوعان سياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر فهي من الأحكام الشرعية والنوع الآخر سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها وهنا إشارة مهمة إلى تمييز التراث السياسي بين السياسة الشرعية وغيرها فيقصد بالسياسة الشرعية تدبير مصالح العباد على وفق الشرع كما عبر البعض عن السياسة بالعلم المدني وبوصف السياسة المدنية كما في رسالة الفارابي حيث يدور معنى السياسة حول تدبير المور والتعامل معها من منطلق الحكمة المصلحة والمصلحة تقضي بإصلاح ما فسد والمحافظة على ما هو سليم فالسياسة هنا هي السياسة الفاضلة التي يحقق السائس عن طريقها نوعاً من الفضيلة لا يتحقق إلا بها فتلك هي الفضيلة العظمى التي تنال عن طريقها السعادة في الدنيا والآخرة وهي الشرعية أو العادلة أما غير هذه من السياسات فلا يطلق عليها لفظ سياسة إلا من باب الاشتراك في اللفظ دون المعنى وبذلك تدور السياسة في فلك واحد مع الدين والأخلاق في شمول لا يعرفه فهوم السياسة الغربي فوصف الفكر بأنه سياسي يجعله متعلقً بالظاهرة السياسة بالوصف السابق لها لذلك إن كا التأليف المستقل في السياسة قد تأخر فإن مبحث الإمامة بما تنطوي عليه من أبعاد ينية ودنيوية كان من المباحث الهامة والأولى في الفكر السياسي الإسلامي.
التعريفات السابقة منقولة من كتاب الدكتورة نيفين عبد الخالق مصطفي، مدخل في الفكر السياسي الإسلامي مكتبة الملك فيصل الإسلامية طبعة أولي عام 1997. الدكتورة نيفين عبد الحالق هي أستاذ الفكر السياسي الإسلامي والنظرية السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.

الاسلامي:
أما وصف الإسلامي فتأتي أهمية تحديده من أنه برغم تخصيصه لمفهوم الفكر السياسي فإنه مفهوم إشكالي يثير معيار الحكم على فكر ما بأنه إسلامي لأن كلمة إسلامي قد تستخدم لوصف أفكار وممارسات لا ينطبق عليها هذا الوصف. ولما كان الإسلامي نسب لإلى أسلم أي انقاد وأخلص الدين لله تعالى وأسلم أمره إلى الله أي فوضه ورضي بحكمه فإن الإسلامي في صورته المثلى ما كان هدفه وغايته وسلوكه منهجه متوافقاً مع الأصول الإسلامية الجمع عليها القرآن والسنة فهناك أحداثفي التاريخ الإسلامي تتناقض مع هذه الأصول ولكنها قد تنسب إلى الإسلام بعتبار أنها وقعت في دولة الإسلام أو في حضارة الإسلام وكذلك الفكار المنسوبة إلى مفكرين مسلمين بعتبار الديانة لكنها تتضمن خروجاً على أصول الإسلام كأفكار بعض الفلاسفة فالفكر السياسي الإسلامي لابد أن تكون مرجعيته افسلام معبراً عنه بالقرآن والسنة.