- الأحد مايو 05, 2013 8:23 pm
#62728
مقدمة
الخدمة الاجتماعية هدفها الرئيسي تنمية المجتمعات وذلك عن طريق البحث عن القوى و العوامل المختلفة التي تحول دون النمو والتقدم الاجتماعي مثل الحرمان والبطالة والمرض والظروف المعيشية السيئة التي تخرج من نطاق قدرة الأفراد الذين يعانون منها والتي تعمل على شقائهم كما تبحث عن أسباب العلل في المجتمع لكي تتصدى وتكافح هذه الأسباب وتنتق أنسب الوسائل الفعالة في المجتمع للقضاء عليها أو التقليل من أثارها والأضرار التي تنتج عنها إلى أدنى حد ممكن . فلسفة الخدمة الاجتماعية في مفهومها فلسفه اجتماعيه أخلاقيه وذلك أن جذور فلسفة الخدمة الاجتماعية تتصل وترتبط بالدين والنزعة الانسانيه فالخدمة الاجتماعية تستمد فلسفتها من الأديان السماوية والحركات الانسانيه والعلوم الاجتماعية والطبيعية والخبرات العلمية للاخصئيين الاجتماعين لذالك نقول أن فلسفة الخدمة الاجتماعية سبق ظهورها المهنة من قديم الأزل .
نشأة الخدمة الاجتماعية
تمهيد :
ابتداء تجدر الإشارة إلى إن البذور الأولى لمهنة الخدمة الاجتماعية قد ظهرت عن طريق الرعاية الاجتماعية , ثم تطورت وأصبحت مهنة علمية وفنية في وجودها الأكاديمي وتطبيقاتها الميدانية في المجتمعات الغربية لما شهدته تلك المجتمعات من تغير وتطور ديناميكي انعكس على مجمل الأوضاع فيها . تم استخدام الخدمة الاجتماعية في مجالات متعددة مباشرة وغير مباشرة لتساعد المهن الأخرى في أداء وظيفتها بكفاءة عالية. لقد استخدمت الخدمة الاجتماعية في مختلف المؤسسات والمنظمات الشعبية والمهنية وأسهمت تجارب الإنسان العديدة عبر السنين في تطور هذه المهنة ونضج طرائقها وتنوع أساليبها من خلال قيام الجماعات والمجتمعات الإنسانية بنشاطات الرعاية الاجتماعية وعبر مراحل تاريخية متعددة حيث اتخذ هذا التطور إشكالاً وصوراً تنوعت باختلاف التطور الذي ظهرت فيه والمجتمعات التي مارسته. كما اعتمدت الخدمة الاجتماعية على العلوم الاجتماعية الأخرى وما حققته من تقدم في تثبيت دعائمها العلمية والمهنيـة.
أولاً :ماهية الخدمة الاجتماعية
الخدمة الاجتماعية هي تقديم الخدمات لمساعدة الأفراد أما بمفردهم أو ضمن الجماعة لكي يستطيعوا آن يتكيفوا مع الصعوبات الاجتماعية والنفسية في الوقت الحاضر أو بالمستقبل والتي تقف أمام مساهمتهم بمجهود ودور فعال في المجتمع . وتكون" هذه الخدمة محددة من قبل المؤسسة التي تقوم بها من ناحية والأخصائي الاجتماعي من ناحية أخرى من حيث مقدرته التي يقوم بها من اجل تنمية قدرات الأفراد وخلق الظروف الملائمة ". فإذن تعمل الخدمة الاجتماعية على مساعدة الأفراد والجماعات وحل المشكلات التي تحيط بهم ومساعدتهم على التكيف ضمن المحيط الاجتماعي من اجل أداء وظائفهم في المجتمع على أكمل وجه وتؤمن لهم الحاجات الضرورية التي لها اثر في حياتهم .
ثانياً : الخدمة الاجتماعية كمهنة
تعتمد مهنة الخدمة الاجتماعية على معلومات أو معارف علمية عند تقديم الخدمة للمحتاجين فضلا عن المهارات متخصصة للعاملين مع هؤلاء الأشخاص التي تعتمد تلك المهارات على أساليب ومبادئ الخدمة الاجتماعية . لذلك أنشئت كليات ومعاهد لإعداد المتخصصين في الخدمة الاجتماعية أعدادا علمياً وتطبيقياً للعمل في مجالات الخدمة الاجتماعية ، وهذه المهنة تحتاج الى مقدرة كبيرة بمعرفـة سلوك ودوافع المحتاجين للخدمة وكذلك تحتاج إلى اكتساب المهارات الفنية الدقيقة للعمل الاجتماعي.
نشأة مهنة الخدمة الاجتماعية وتطورها :
تعتبر نشاطات الرعاية الاجتماعية هي البذور الأولى التي نبتت عنها مهنة الخدمة الاجتماعية ، وبما أن الخدمة الاجتماعية نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية وبما أن هذه المهنة تطورت حتى أصبحت مهنة لها مقوماتها وفلسفتها ومبادئها وطرقها ومجالاتها فإن مناقشتنا تبدأ من نشأة وتطور مهنة الخدمة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية ثم مناقشة نشأتها بشكل عام .
تعرضت مهنة الخدمة الاجتماعية للنشأة والتطور من خلال طرقها المهنية وفيما يلي توضيح لمعالم التطور والنشأة من خلال طرق الخدمة الاجتماعية :
أولاً : طريقة خدمة الفرد :
اعترف بطريقة خدمة الفرد كأول طريقة للخدمة الاجتماعية عام 1917م وفي الواقع ، كانت الفترة بعد الحرب العالمية الأولى تشاهد تشكيل الخدمة الاجتماعية في قالب مهني فقد ساعدت الحرب على تقدم ملموس في العلوم الاجتماعية واستطاع الأخصائيون الاجتماعيون أن يأخذوا منها كل ما يصلح للمهنة .
ثانياً : طريقة خدمة الجماعة :
اعترف بطريقة خدمة الجماعة كطريقة ثانية للخدمة الاجتماعية خلال
عامي 1936 ـ 1937م .
وتعتبر المحلات الاجتماعية البوتقة التي ظهرت من خلال طريقة خدمة الجماعة . . وكان الهدف في الدعوة لظهور هذه الطريقة هو مساعدة المهاجرين الجدد إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، للتكيف مع قيم مجتمعهم الجديد من خلال أنشطة المحلات الاجتماعية .
ثالثاً : طريقة تنظيم المجتمع :
اعترف بطريقة تنظيم المجتمع طريقة ثالثة أساسية في الخدمة الاجتماعية عام 1946م .
وباستعراض تقارير مؤلفات الخدمة الاجتماعية يتضح قيام المتخصصون في تنظيم المجتمع في عام 1920م بوضع تعريف خاص عن تنظيم المجتمع في صورته الأولى . . ففي عام 1921 ركز " ادوارد ليندمان " على العمليات الديمقراطية ، والتخصص في دراسة تنظيم المجتمع من خلال جهود الإقناع كجز من الضبط المجتمعي باستخدام الجهود الديمقراطية وضمان الحصول على خدمة من المتخصصين ، المنظمات بوسائل خاصة . . ومن خلال التداخل فيما بينها . وفي عام 1922م عرف " ادوارد " تنظيم المجتمع من خلال مجالسها ، وكتب عن التنسيق والتناغم بين المؤسسات ، وعن التخطيط للنمو المستقبلي في مجتمع الخدمة الاجتماعية من خلال لجان كونت للتمويل الحكومي .
نشأة الخدمة الاجتماعية في المجتمع العربي :
نشأت الخدمة الاجتماعية في ظل المجتمعات الرأسمالية لمساعدة المحتاجين وتقديم الخدمات الضرورية عند مطلع القرن العشرين حيث كانت الرأسمالية راسخة القدم في الولايات المتحدة لعل السبب الذي دفع الدول الرأسمالية إلى التدخل في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية السائدة في بلادها حالة التدهور الشديد الذي وصلت إليه الطبقات العاملة فعمدت إلى تحسين أجور العمال وعقد مؤتمر البيت الأبيض** لرعاية الأطفال الذين لا عائل لهم والذي يهدف الى تقوية الروابط الأسرية تجنبا للوقوع في مشكلات الطفولة وإصدار التشريعات لمساعدة الأمهات . أما في الوطن العربي فلم تستطع الخدمة الاجتماعية القيام بدورها بشكل فعال حيث ظلت الأحوال الاجتماعية السائدة هناك حسب فلسفة ومبادئ الخدمة الاجتماعية التي تعتنق فلسفتها من الايديولوجية السائدة في ذلك المجتمع وتقدم ذلك البلد . " كانت الرعاية الاجتماعية هي السائدة لمساعدة المحتاجين وتقديم الخدمات واستمرت وتطورت .بينما بدأت الخدمة الاجتماعية بشكل واقعي عام 1935 وكانت مصر اول دولة عربية دخلتها هذه المهنة " . و كان تطبيق الخدمة الاجتماعية يختلف بين دولة وأخرى حسب الثقافات وكان "الاتجاه الأساس للخدمة الاجتماعية في مجتمعنا العربي هو إعادة تنظيم المجتمع وتحقيق التنمية الاجتماعية من اجل القضاء على سمات التخلف الذي خلفه الاستعمار ورفع مستويات المواطنين الى تحقيق الرفاهية الاجتماعية ويتم عن طريق تنظيم المجتمع لتنميته" . قامت مشروعات كثيرة منها تقديم الخدمات الاجتماعية الريفية من اجل إنعاش ريفنا العربي ففتحت مراكز تثقيف المرأة الريفية وتربية النشء ورعاية الشباب " فأنشأت الكثير من المؤسسات الاجتماعية لرعاية الطفولة والامومة وتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية فيها. ومن الخدمات الاجتماعية التي قدمت في الوطن العربي :-"
1- تنمية المجتمعات المحلية الريفية والحضرية .
2- رعاية الشباب .
3- رعاية الطفولة .
4- الخدمات الاجتماعية للأسرة .
5- الخدمات الاجتماعية المدرسية .
6- الخدمات الاجتماعية الطبية .
7- الخدمات الاجتماعية الشيخوخة .
8- الخدمات الاجتماعية للاحداث المنحرفين .
9- الخدمات الاجتماعية للمعوقين والمتخلفين عقليا .
10- المساعدات الاجتماعية والتأهيل المهني .
لقد كانت الخدمة الاجتماعية مسؤولة عن توصيل برامج الرعاية الاجتماعية على اختلاف ألوانها الى المواطنين. والتي تختلف باختلاف أيديولوجيات المجتمع والحاجات والمشكلات والتي نستطيع الكشف عنها من خلال البحوث والدراسات الميدانية . فكانت الخدمة الاجتماعية في الأقطار العربية تتجه نحو التنمية وتطوير الريف بوجه خاص من اجل تحقيق الأهداف الآتية وهي الاكتفاء الذاتي لتطوير المجتمع والاعتماد على نفسه بحل مشكلاته عن طريق المجالس الشعبية والتحرر من النظام الإقطاعي ومكافحة الأمية ومشكلاتها ونشر التعليم المجاني وتطوير المرأة من اجل رعاية وتوجيه الجيل من النشء بكافة مراحله . وكان تحقيق تلك الأهداف يعتمد بالدرجة الأولى على طرق الخدمة الاجتماعية في المجتمعات العربية التي تحقق البناء والوقاية والتي اعتمدت على المنهج العلمي في البحث والتخطيط وفي عام 1966 اقترح سيد آبو بكر وزملاؤه إن "تمارس الخدمة الاجتماعية دورا في تحقيق التنمية الاقتصادية بالمساعدة على استثارة الجماهير للتحرك والنشاطات لتأدية خدمات مادية ملموسة للمجتمع ، وإزالة العوائق الاجتماعية التي تعرقل التقدم وحل المشكلات المصاحبة لعمليات التنمية الاقتصادية " . وفي هذا المجال يرى احمد كمال احمد "إن جهاز بناء وتنمية القرية هو جهاز تنظيم المجتمع الريفي على المستوى المحلي مع توفر الشروط في هذا الجهاز ". إن ظروف وأوضاع المجتمع العربي تعطي أولوية للآخذ بالاتجاه التنموي في ممارسة الخدمة الاجتماعية إلى جانب الاتجاه الوقائي ثم العلاجي وصولاً إلى تحسين أحوال المجتمعات والتي تتضمن تحقيق مستويات تنمية الإنسان العربي ذاته صحياًً وثقافياً واجتماعياً ونفسياً لترتفع به إلى مستوى إنسان العصر الحديث.
ويؤكد آخرون بعض الأسباب التي تعطي أولوية الأخذ" بالاتجاه التنموي في ممارسة الخدمة الاجتماعية التي يمكن عرضها في النقاط الآتية:
1- الخدمة الاجتماعية الإنمائية تلقي بثقلها في تنمية الموارد الإنسانية عن طريق تدعيم وتقوية حياة الأسرة وإعداد الأهالي لتحسين أحوالهم من خلال الإسهام في عمليات التنمية المحلية.
2- تساهم الخدمة الاجتماعية التنموية في دفع قوة فاعلية المشاركة الشعبية والاستفادة من المواطنين للإسهام في خطة التنمية المحلية .
3- تساهم الخدمة الاجتماعية التنموية في تحديد الاحتياجات والمشكلات التي يعاني منها سكان المجتمع المحلي وتنمية إمكانياتهم وقدراتهم لمواجهة هذه المشكلات وإشباع هذه لاحتياجات"
من هنا نجد أن الخدمة الاجتماعية تعمل على دفع عملية التغيير وإزالة العقبات التي تعوق مسارات التنمية المطلوبة عن طريق أحداث تغييرات إيجابية في العلاقات الاجتماعية والتي تؤدي بطبيعة الحال الى ازالة الأسباب المعوقة التي تقف في سبيل التنمية المحلية، وبناءً على ما تقدم " تتطلب الخدمة الاجتماعية البحث والاستقصاء والدراسة العلمية الصحيحة لكل حالة قبل وضع وسائل العلاج حتى يكون العلاج مجدياًًًً ومستأصلا للداء من جذوره" (
الخاتمة
تمثل الخدمة الاجتماعية الجهود والخدمات الإنسانية التي تقدم بطرق علمية منظمة ومعروفة يمارسها أخصائيون اجتماعيون تم إعدادهم إعدادا علميا لتقديم الخدمات العلاجية والوقائية والإنمائية بما تساعد على مقابلة احتياجات الإنسان كفرد أولا وعضوا في الجماعة أو المجتمع ثانيا من خلال المؤسسات الاجتماعية التي تمارس من خلالها مهمة الخدمات الاجتماعية.
فالشباب مرحلة من مراحل العمر تمر بالإنسان وتتميز بالحيوية وهي طاقة متجددة تضفي على المجتمع طابعا مميزا وترتبط بالقدرة على التعلم والمرونة في العلاقات الإنسانية وتحمل المسئولية، والشباب طاقة قومية بما تحوية من قدرات وأفكار وانفعالات منطلقة وتعتبر هذه القدرات الاجتماعية خلاصة المهارات والخبرات التي يكتسبها ويتشبع بها من خلال تجاربه وعلاقاته بالمجتمع ،و بالتالي تعتبر هذه الطاقة الإنسانية في الشباب خلاصة مجموعة القدرات الجسمية والعقلية والنفسية التي يولد بها الطفل وتحتاج إلى صقل وتهذيب بما تتماشى مع متطلبات المجتمع. فالشباب هم المستقبل وأمل الأمة، وعلى أكتافه تلقى التبعات المستقبل والدولة حيت ترعى الشباب وتوفر له الإمكانيات للإعداد السليم ومقوماته وتهيء له أساليب الحياة الكريمة. وخاصة نحن نعيش مجتمع اجتاحته تيارات التغير السريعة والانفتاح على العالم الخارجي والغزو الثقافي ففي ظل هده التغيرات والتحولات ت والتحديات المعاصرة شهدت المجتمعات العربية العديد من الظواهر المرضية والتي تشير إلى وجود أزمة يعانيها هذا المجتمع بشكل عام والشباب بشكل خاص وتتجسد مظاهر هذه الأزمة بداية بمظاهر اللامبالاة والإهمال وينتهي بالتطرف والاغتيالات السياسية ومظاهر العنف المختلفة والإرهاب, وفى ظل هذه المشكلات والأمراض الاجتماعية دفعت للوقوف على طبيعة وأسباب انتشار مثل هذه الظواهر وخاصة ظاهرة الإرهاب لأنها تهدد ا أمن واستقرار المجتمع .
المراجع
1- محمد سلامة غبارى ؛ الخدمة الاجتماعية ورعاية الشباب في المجتمعات الإسلامية ، ط3 : (الرياض ، مؤسسة النشر ، 1982 ) ص 5 .
2- محمد سيد فهمي ؛ مدخل في الخدمة الاجتماعية : ( الإسكندرية ، المكتب الجامعي الحديث ، 2001 ) ص3 .
3- أحمد كمال و عدلي سليمان ؛ الخدمة الاجتماعية والمجتمع القاهرة ، مكتبة القاهرة الحديثة ،1963 ) ، ص 25
4- صباح الدين علي كامل؛ الخدمة الاجتماعية ، ط 3 : ( القاهرة ، ب . م ،1972 )
الخدمة الاجتماعية هدفها الرئيسي تنمية المجتمعات وذلك عن طريق البحث عن القوى و العوامل المختلفة التي تحول دون النمو والتقدم الاجتماعي مثل الحرمان والبطالة والمرض والظروف المعيشية السيئة التي تخرج من نطاق قدرة الأفراد الذين يعانون منها والتي تعمل على شقائهم كما تبحث عن أسباب العلل في المجتمع لكي تتصدى وتكافح هذه الأسباب وتنتق أنسب الوسائل الفعالة في المجتمع للقضاء عليها أو التقليل من أثارها والأضرار التي تنتج عنها إلى أدنى حد ممكن . فلسفة الخدمة الاجتماعية في مفهومها فلسفه اجتماعيه أخلاقيه وذلك أن جذور فلسفة الخدمة الاجتماعية تتصل وترتبط بالدين والنزعة الانسانيه فالخدمة الاجتماعية تستمد فلسفتها من الأديان السماوية والحركات الانسانيه والعلوم الاجتماعية والطبيعية والخبرات العلمية للاخصئيين الاجتماعين لذالك نقول أن فلسفة الخدمة الاجتماعية سبق ظهورها المهنة من قديم الأزل .
نشأة الخدمة الاجتماعية
تمهيد :
ابتداء تجدر الإشارة إلى إن البذور الأولى لمهنة الخدمة الاجتماعية قد ظهرت عن طريق الرعاية الاجتماعية , ثم تطورت وأصبحت مهنة علمية وفنية في وجودها الأكاديمي وتطبيقاتها الميدانية في المجتمعات الغربية لما شهدته تلك المجتمعات من تغير وتطور ديناميكي انعكس على مجمل الأوضاع فيها . تم استخدام الخدمة الاجتماعية في مجالات متعددة مباشرة وغير مباشرة لتساعد المهن الأخرى في أداء وظيفتها بكفاءة عالية. لقد استخدمت الخدمة الاجتماعية في مختلف المؤسسات والمنظمات الشعبية والمهنية وأسهمت تجارب الإنسان العديدة عبر السنين في تطور هذه المهنة ونضج طرائقها وتنوع أساليبها من خلال قيام الجماعات والمجتمعات الإنسانية بنشاطات الرعاية الاجتماعية وعبر مراحل تاريخية متعددة حيث اتخذ هذا التطور إشكالاً وصوراً تنوعت باختلاف التطور الذي ظهرت فيه والمجتمعات التي مارسته. كما اعتمدت الخدمة الاجتماعية على العلوم الاجتماعية الأخرى وما حققته من تقدم في تثبيت دعائمها العلمية والمهنيـة.
أولاً :ماهية الخدمة الاجتماعية
الخدمة الاجتماعية هي تقديم الخدمات لمساعدة الأفراد أما بمفردهم أو ضمن الجماعة لكي يستطيعوا آن يتكيفوا مع الصعوبات الاجتماعية والنفسية في الوقت الحاضر أو بالمستقبل والتي تقف أمام مساهمتهم بمجهود ودور فعال في المجتمع . وتكون" هذه الخدمة محددة من قبل المؤسسة التي تقوم بها من ناحية والأخصائي الاجتماعي من ناحية أخرى من حيث مقدرته التي يقوم بها من اجل تنمية قدرات الأفراد وخلق الظروف الملائمة ". فإذن تعمل الخدمة الاجتماعية على مساعدة الأفراد والجماعات وحل المشكلات التي تحيط بهم ومساعدتهم على التكيف ضمن المحيط الاجتماعي من اجل أداء وظائفهم في المجتمع على أكمل وجه وتؤمن لهم الحاجات الضرورية التي لها اثر في حياتهم .
ثانياً : الخدمة الاجتماعية كمهنة
تعتمد مهنة الخدمة الاجتماعية على معلومات أو معارف علمية عند تقديم الخدمة للمحتاجين فضلا عن المهارات متخصصة للعاملين مع هؤلاء الأشخاص التي تعتمد تلك المهارات على أساليب ومبادئ الخدمة الاجتماعية . لذلك أنشئت كليات ومعاهد لإعداد المتخصصين في الخدمة الاجتماعية أعدادا علمياً وتطبيقياً للعمل في مجالات الخدمة الاجتماعية ، وهذه المهنة تحتاج الى مقدرة كبيرة بمعرفـة سلوك ودوافع المحتاجين للخدمة وكذلك تحتاج إلى اكتساب المهارات الفنية الدقيقة للعمل الاجتماعي.
نشأة مهنة الخدمة الاجتماعية وتطورها :
تعتبر نشاطات الرعاية الاجتماعية هي البذور الأولى التي نبتت عنها مهنة الخدمة الاجتماعية ، وبما أن الخدمة الاجتماعية نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية وبما أن هذه المهنة تطورت حتى أصبحت مهنة لها مقوماتها وفلسفتها ومبادئها وطرقها ومجالاتها فإن مناقشتنا تبدأ من نشأة وتطور مهنة الخدمة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية ثم مناقشة نشأتها بشكل عام .
تعرضت مهنة الخدمة الاجتماعية للنشأة والتطور من خلال طرقها المهنية وفيما يلي توضيح لمعالم التطور والنشأة من خلال طرق الخدمة الاجتماعية :
أولاً : طريقة خدمة الفرد :
اعترف بطريقة خدمة الفرد كأول طريقة للخدمة الاجتماعية عام 1917م وفي الواقع ، كانت الفترة بعد الحرب العالمية الأولى تشاهد تشكيل الخدمة الاجتماعية في قالب مهني فقد ساعدت الحرب على تقدم ملموس في العلوم الاجتماعية واستطاع الأخصائيون الاجتماعيون أن يأخذوا منها كل ما يصلح للمهنة .
ثانياً : طريقة خدمة الجماعة :
اعترف بطريقة خدمة الجماعة كطريقة ثانية للخدمة الاجتماعية خلال
عامي 1936 ـ 1937م .
وتعتبر المحلات الاجتماعية البوتقة التي ظهرت من خلال طريقة خدمة الجماعة . . وكان الهدف في الدعوة لظهور هذه الطريقة هو مساعدة المهاجرين الجدد إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، للتكيف مع قيم مجتمعهم الجديد من خلال أنشطة المحلات الاجتماعية .
ثالثاً : طريقة تنظيم المجتمع :
اعترف بطريقة تنظيم المجتمع طريقة ثالثة أساسية في الخدمة الاجتماعية عام 1946م .
وباستعراض تقارير مؤلفات الخدمة الاجتماعية يتضح قيام المتخصصون في تنظيم المجتمع في عام 1920م بوضع تعريف خاص عن تنظيم المجتمع في صورته الأولى . . ففي عام 1921 ركز " ادوارد ليندمان " على العمليات الديمقراطية ، والتخصص في دراسة تنظيم المجتمع من خلال جهود الإقناع كجز من الضبط المجتمعي باستخدام الجهود الديمقراطية وضمان الحصول على خدمة من المتخصصين ، المنظمات بوسائل خاصة . . ومن خلال التداخل فيما بينها . وفي عام 1922م عرف " ادوارد " تنظيم المجتمع من خلال مجالسها ، وكتب عن التنسيق والتناغم بين المؤسسات ، وعن التخطيط للنمو المستقبلي في مجتمع الخدمة الاجتماعية من خلال لجان كونت للتمويل الحكومي .
نشأة الخدمة الاجتماعية في المجتمع العربي :
نشأت الخدمة الاجتماعية في ظل المجتمعات الرأسمالية لمساعدة المحتاجين وتقديم الخدمات الضرورية عند مطلع القرن العشرين حيث كانت الرأسمالية راسخة القدم في الولايات المتحدة لعل السبب الذي دفع الدول الرأسمالية إلى التدخل في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية السائدة في بلادها حالة التدهور الشديد الذي وصلت إليه الطبقات العاملة فعمدت إلى تحسين أجور العمال وعقد مؤتمر البيت الأبيض** لرعاية الأطفال الذين لا عائل لهم والذي يهدف الى تقوية الروابط الأسرية تجنبا للوقوع في مشكلات الطفولة وإصدار التشريعات لمساعدة الأمهات . أما في الوطن العربي فلم تستطع الخدمة الاجتماعية القيام بدورها بشكل فعال حيث ظلت الأحوال الاجتماعية السائدة هناك حسب فلسفة ومبادئ الخدمة الاجتماعية التي تعتنق فلسفتها من الايديولوجية السائدة في ذلك المجتمع وتقدم ذلك البلد . " كانت الرعاية الاجتماعية هي السائدة لمساعدة المحتاجين وتقديم الخدمات واستمرت وتطورت .بينما بدأت الخدمة الاجتماعية بشكل واقعي عام 1935 وكانت مصر اول دولة عربية دخلتها هذه المهنة " . و كان تطبيق الخدمة الاجتماعية يختلف بين دولة وأخرى حسب الثقافات وكان "الاتجاه الأساس للخدمة الاجتماعية في مجتمعنا العربي هو إعادة تنظيم المجتمع وتحقيق التنمية الاجتماعية من اجل القضاء على سمات التخلف الذي خلفه الاستعمار ورفع مستويات المواطنين الى تحقيق الرفاهية الاجتماعية ويتم عن طريق تنظيم المجتمع لتنميته" . قامت مشروعات كثيرة منها تقديم الخدمات الاجتماعية الريفية من اجل إنعاش ريفنا العربي ففتحت مراكز تثقيف المرأة الريفية وتربية النشء ورعاية الشباب " فأنشأت الكثير من المؤسسات الاجتماعية لرعاية الطفولة والامومة وتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية فيها. ومن الخدمات الاجتماعية التي قدمت في الوطن العربي :-"
1- تنمية المجتمعات المحلية الريفية والحضرية .
2- رعاية الشباب .
3- رعاية الطفولة .
4- الخدمات الاجتماعية للأسرة .
5- الخدمات الاجتماعية المدرسية .
6- الخدمات الاجتماعية الطبية .
7- الخدمات الاجتماعية الشيخوخة .
8- الخدمات الاجتماعية للاحداث المنحرفين .
9- الخدمات الاجتماعية للمعوقين والمتخلفين عقليا .
10- المساعدات الاجتماعية والتأهيل المهني .
لقد كانت الخدمة الاجتماعية مسؤولة عن توصيل برامج الرعاية الاجتماعية على اختلاف ألوانها الى المواطنين. والتي تختلف باختلاف أيديولوجيات المجتمع والحاجات والمشكلات والتي نستطيع الكشف عنها من خلال البحوث والدراسات الميدانية . فكانت الخدمة الاجتماعية في الأقطار العربية تتجه نحو التنمية وتطوير الريف بوجه خاص من اجل تحقيق الأهداف الآتية وهي الاكتفاء الذاتي لتطوير المجتمع والاعتماد على نفسه بحل مشكلاته عن طريق المجالس الشعبية والتحرر من النظام الإقطاعي ومكافحة الأمية ومشكلاتها ونشر التعليم المجاني وتطوير المرأة من اجل رعاية وتوجيه الجيل من النشء بكافة مراحله . وكان تحقيق تلك الأهداف يعتمد بالدرجة الأولى على طرق الخدمة الاجتماعية في المجتمعات العربية التي تحقق البناء والوقاية والتي اعتمدت على المنهج العلمي في البحث والتخطيط وفي عام 1966 اقترح سيد آبو بكر وزملاؤه إن "تمارس الخدمة الاجتماعية دورا في تحقيق التنمية الاقتصادية بالمساعدة على استثارة الجماهير للتحرك والنشاطات لتأدية خدمات مادية ملموسة للمجتمع ، وإزالة العوائق الاجتماعية التي تعرقل التقدم وحل المشكلات المصاحبة لعمليات التنمية الاقتصادية " . وفي هذا المجال يرى احمد كمال احمد "إن جهاز بناء وتنمية القرية هو جهاز تنظيم المجتمع الريفي على المستوى المحلي مع توفر الشروط في هذا الجهاز ". إن ظروف وأوضاع المجتمع العربي تعطي أولوية للآخذ بالاتجاه التنموي في ممارسة الخدمة الاجتماعية إلى جانب الاتجاه الوقائي ثم العلاجي وصولاً إلى تحسين أحوال المجتمعات والتي تتضمن تحقيق مستويات تنمية الإنسان العربي ذاته صحياًً وثقافياً واجتماعياً ونفسياً لترتفع به إلى مستوى إنسان العصر الحديث.
ويؤكد آخرون بعض الأسباب التي تعطي أولوية الأخذ" بالاتجاه التنموي في ممارسة الخدمة الاجتماعية التي يمكن عرضها في النقاط الآتية:
1- الخدمة الاجتماعية الإنمائية تلقي بثقلها في تنمية الموارد الإنسانية عن طريق تدعيم وتقوية حياة الأسرة وإعداد الأهالي لتحسين أحوالهم من خلال الإسهام في عمليات التنمية المحلية.
2- تساهم الخدمة الاجتماعية التنموية في دفع قوة فاعلية المشاركة الشعبية والاستفادة من المواطنين للإسهام في خطة التنمية المحلية .
3- تساهم الخدمة الاجتماعية التنموية في تحديد الاحتياجات والمشكلات التي يعاني منها سكان المجتمع المحلي وتنمية إمكانياتهم وقدراتهم لمواجهة هذه المشكلات وإشباع هذه لاحتياجات"
من هنا نجد أن الخدمة الاجتماعية تعمل على دفع عملية التغيير وإزالة العقبات التي تعوق مسارات التنمية المطلوبة عن طريق أحداث تغييرات إيجابية في العلاقات الاجتماعية والتي تؤدي بطبيعة الحال الى ازالة الأسباب المعوقة التي تقف في سبيل التنمية المحلية، وبناءً على ما تقدم " تتطلب الخدمة الاجتماعية البحث والاستقصاء والدراسة العلمية الصحيحة لكل حالة قبل وضع وسائل العلاج حتى يكون العلاج مجدياًًًً ومستأصلا للداء من جذوره" (
الخاتمة
تمثل الخدمة الاجتماعية الجهود والخدمات الإنسانية التي تقدم بطرق علمية منظمة ومعروفة يمارسها أخصائيون اجتماعيون تم إعدادهم إعدادا علميا لتقديم الخدمات العلاجية والوقائية والإنمائية بما تساعد على مقابلة احتياجات الإنسان كفرد أولا وعضوا في الجماعة أو المجتمع ثانيا من خلال المؤسسات الاجتماعية التي تمارس من خلالها مهمة الخدمات الاجتماعية.
فالشباب مرحلة من مراحل العمر تمر بالإنسان وتتميز بالحيوية وهي طاقة متجددة تضفي على المجتمع طابعا مميزا وترتبط بالقدرة على التعلم والمرونة في العلاقات الإنسانية وتحمل المسئولية، والشباب طاقة قومية بما تحوية من قدرات وأفكار وانفعالات منطلقة وتعتبر هذه القدرات الاجتماعية خلاصة المهارات والخبرات التي يكتسبها ويتشبع بها من خلال تجاربه وعلاقاته بالمجتمع ،و بالتالي تعتبر هذه الطاقة الإنسانية في الشباب خلاصة مجموعة القدرات الجسمية والعقلية والنفسية التي يولد بها الطفل وتحتاج إلى صقل وتهذيب بما تتماشى مع متطلبات المجتمع. فالشباب هم المستقبل وأمل الأمة، وعلى أكتافه تلقى التبعات المستقبل والدولة حيت ترعى الشباب وتوفر له الإمكانيات للإعداد السليم ومقوماته وتهيء له أساليب الحياة الكريمة. وخاصة نحن نعيش مجتمع اجتاحته تيارات التغير السريعة والانفتاح على العالم الخارجي والغزو الثقافي ففي ظل هده التغيرات والتحولات ت والتحديات المعاصرة شهدت المجتمعات العربية العديد من الظواهر المرضية والتي تشير إلى وجود أزمة يعانيها هذا المجتمع بشكل عام والشباب بشكل خاص وتتجسد مظاهر هذه الأزمة بداية بمظاهر اللامبالاة والإهمال وينتهي بالتطرف والاغتيالات السياسية ومظاهر العنف المختلفة والإرهاب, وفى ظل هذه المشكلات والأمراض الاجتماعية دفعت للوقوف على طبيعة وأسباب انتشار مثل هذه الظواهر وخاصة ظاهرة الإرهاب لأنها تهدد ا أمن واستقرار المجتمع .
المراجع
1- محمد سلامة غبارى ؛ الخدمة الاجتماعية ورعاية الشباب في المجتمعات الإسلامية ، ط3 : (الرياض ، مؤسسة النشر ، 1982 ) ص 5 .
2- محمد سيد فهمي ؛ مدخل في الخدمة الاجتماعية : ( الإسكندرية ، المكتب الجامعي الحديث ، 2001 ) ص3 .
3- أحمد كمال و عدلي سليمان ؛ الخدمة الاجتماعية والمجتمع القاهرة ، مكتبة القاهرة الحديثة ،1963 ) ، ص 25
4- صباح الدين علي كامل؛ الخدمة الاجتماعية ، ط 3 : ( القاهرة ، ب . م ،1972 )