- الأحد مايو 05, 2013 9:43 pm
#62793
هل أحد يصدق بشار الأسد حين يتحدث عن الإرهاب؟ هل أحد يصدق نوري المالكي حين يتحدث عن الطائفية؟ هل أحد يصدق جماعة الإخوان حين تتحدث قياداتها ورموزها عن الوطن أو الشعب لا عن الجماعة؟
إنها أسئلة مستحقة لحقبة جديدة في العالم العربي، حقبة الإسلام السياسي الذي يمارس السياسة بأردأ طرقها وآلياتها ومناهجها وأخطائها ثم يحمّل كل فشله وتطرفه على الإسلام كدين، يصح هذا في الإسلام السياسي السني والشيعي على حد سواء.
تحت سخونة الأوضاع في سوريا، وتحت حرارة الدم السوري المراق بدأت تذوب الأكاذيب وتذوي الشعارات، لقد أبانت إيران ومحورها الذي لطالما بث الدعايات حول كونه الممثل الشرعي للأمة في مقاومة إسرائيل أن القضية الفلسطينية بالنسبة له لا تعدو أن تكون ستارا كثيفا تدير تحته الجمهورية الإسلامية طموحاتها في التوسع وأحلامها في النفوذ في المنطقة العربية وهو ما كشفته بوضوح الأزمة والمأساة السورية.
ويجدر هنا أن نتساءل، لماذا توقف حزب الله نهائيا عن تهديد إسرائيل؟ ولماذا توقف حسن نصر الله عن تهديداته وتحدياته المعتادة تجاهها؟ ولماذا صمتت حماس تماما عن أي موقف يشتبه بأن فيه عداء لإسرائيل؟ إن إيران ومحورها مهتمان أكثر ببقاء النظام السوري وتصفية الشعب السوري حتى يستطيع بشار الأسد أن يحكم ما يتبقى منه. وقل مثل هذا في حكم الإخوان المسلمين بمصر الذين يخاطبون الرئيس الإسرائيلي بالصديق العزيز والعظيم، وأكثر من هذا أن الطرفين - إيران والإخوان - قاما بالتبرؤ من أي عمل عدائي تجاه إسرائيل على مراحل متفاوتة في الفترة القريبة الماضية، كتبرؤ حزب الله من الطائرة من دون طيار، وكتبرؤ حماس من أي إطلاق للصواريخ من غزة.
خرج الأسبوع الماضي السيد حسن نصر الله متحدثا عن الأزمة السورية وهو حاول أن يبدو واقعيا ورابط الجأش واعترف بمشاركة عناصر حزبه العسكرية في القتال ضد الشعب السوري وإن حاول تبرير تلك المشاركة لأتباعه، وهو كعادته حاول تقديم رؤية عامة للمشهد الذي يتحدث عنه، ولكن رؤيته هذه المرة كانت أبعد ما تكون عن أي واقعية أو مصداقية، فهي رؤية منحازة وطائفية بامتياز، منحازة للنظام السوري وتزايد على تبريراته وطائفية في بعض المسائل التي سمّاها بالحساسة كمقام السيدة زينب في ريف دمشق.
تحدث نصر الله عن أن ميليشياته لم تدخل المعركة السورية بشكل كامل، والواقع يقول إنها تعيث في الكثير من المواقع السورية كما هو معلوم، ولكنه يستخدم طريقة التهديد بما هو أعظم، وهي نفس الطريقة التي اتخذها النظام السوري في قتل شعبه منذ البداية. لقد كان يقول إن الأوضاع تحت السيطرة والأمن هو الذي يواجه المتظاهرين وبعد أن أدخل القوّات المسلحة والجيش في المعركة كان ينفي ذلك، ثم ومع تضييق الخناق على قوّاته أخذ يلجأ شيئا فشيئا لما هو أكبر، فلجأ لاستخدام المروحيات ثم القوات الجوية بكامل عتادها وصواريخها، ثم الصواريخ الباليستية كصاروخ سكود، ثم السلاح الكيماوي.
قبل يومين فقط قام النظام بمجزرة في قرية البيضا التابعة لـ«بانياس» وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية قائلا إن «الأحياء السنية في المدينة تتعرض للقصف والقرى السنية جنوب المدينة كذلك، والطرق إلى اللاذقية وطرطوس تنتشر عليها حواجز للقوات النظامية، ما يجعل فرار السُنة إلى مناطق أخرى أمرا مستحيلا»، وتساءل «ماذا ستفعل الأمم المتحدة؟ تترك هذه الأقلية السنية في محيط علوي محاصرة؟» (العربية نت).
وقد اتهم ائتلاف المعارضة السورية نظام بشار الأسد باللجوء إلى «التطهير الطائفي» وطالب الجامعة العربية والأمم المتحدة بإحالة هذه القضية ومثيلاتها للمحكمة الجنائية الدولية كجريمة حرب يجب أن يحاسب عليها النظام.
إن إيران وحلفاءها يلعبون بالنار الطائفية بشكل مخيف، وانظر لما تصنعه في سوريا وتدخل حزب الله في مهاجمة قرى سنية في القصير بحمص، وقارن بالهجوم الشرس الذي تبناه رئيس الوزراء نوري المالكي ضد بعض المناطق السنية والاعتصامات السلمية فيها، وانظر إلى توظيفها لبعض أفراد من الأقليات الشيعية في الخليج ضد دولهم، وكذلك إرسالها الأسلحة والعتاد لبعض الجماعات الشيعية المعارضة في اليمن.
إن الحديث عن الطائفية بغيض ومخيف في الآن ذاته، وإدخالها في صراعات السياسة بشكل مسلح ومنهجي ودموي ربما خدم سياسات إيران التوسعية مرحليا وقد تكون حكومة إيران قادرة على حماية نفسها داخليا كونها تمثل الأكثرية الشيعية في إيران، ولكنها أبدا لن تكون قادرة على لجم «الغضب السُني» الذي بدأ ينتشر ويتفشى في كثير من البلدان العربية والإسلامية، وهو إذا انفجر فسوف تكون الأوضاع كارثية على الأقليات الشيعية في تلك البلدان.
لا شيء أبغض من الحديث عن الطائفية، ولكن أي محاولة لقراءة استراتيجية المحور الإيراني في المنطقة بشكل عقلاني وواقعي يجب أن تصطدم بهذا السلاح الطائفي البغيض الذي تدير به إيران معاركها، والاعتراف بوجوده كمعطى واقعي ملموس والتنبيه والتحذير منه الآن أمر ضروري حتى يكون الجميع على بصيرة من أمرهم حين تنجرف الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه لاحقا.
لقد أظهر الشعب السوري قدرة عظيمة حتى الآن في عدم الانسياق وراء سياسة النظام الطائفية المحضة، وأظهرت المعارضة السورية والجيش الحر مواقف رافضة على طول الخط لتحويل معركة الشعب ضد النظام إلى معركة طائفية لا يمكن لأحد حين تشتعل نيرانها أن يطفئها لعقود ربما.
يمثل المنتسبون للمذاهب السنية من تعداد المسلمين ما يزيد على الثلاثة أرباع ويبقى ما يقارب الربع للمذاهب الشيعية، وهي بالتأكيد مذاهب محترمة، ولكن ما مصلحة إيران من تحشيد ربع المسلمين أو من استطاعت الوصول إليه منهم ضد الأكثرية الكبرى؟ وما حجم الجناية التاريخية التي ترتكبها في حقهم؟ وهل فعلا هي واعية بما تصنعه سياساتها؟ وهل المشروع النووي وطموحات النفوذ والتوسع تستحق كل هذه الحروب التي لم نرَ إلا بداياتها حتى الآن؟
إنها أسئلة مشروعة وهناك المزيد، وسيكون على ساسة الجمهورية الإسلامية تحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية عن أي موجات غضب قد تنتشر في مقبل الأيام.
إنها أسئلة مستحقة لحقبة جديدة في العالم العربي، حقبة الإسلام السياسي الذي يمارس السياسة بأردأ طرقها وآلياتها ومناهجها وأخطائها ثم يحمّل كل فشله وتطرفه على الإسلام كدين، يصح هذا في الإسلام السياسي السني والشيعي على حد سواء.
تحت سخونة الأوضاع في سوريا، وتحت حرارة الدم السوري المراق بدأت تذوب الأكاذيب وتذوي الشعارات، لقد أبانت إيران ومحورها الذي لطالما بث الدعايات حول كونه الممثل الشرعي للأمة في مقاومة إسرائيل أن القضية الفلسطينية بالنسبة له لا تعدو أن تكون ستارا كثيفا تدير تحته الجمهورية الإسلامية طموحاتها في التوسع وأحلامها في النفوذ في المنطقة العربية وهو ما كشفته بوضوح الأزمة والمأساة السورية.
ويجدر هنا أن نتساءل، لماذا توقف حزب الله نهائيا عن تهديد إسرائيل؟ ولماذا توقف حسن نصر الله عن تهديداته وتحدياته المعتادة تجاهها؟ ولماذا صمتت حماس تماما عن أي موقف يشتبه بأن فيه عداء لإسرائيل؟ إن إيران ومحورها مهتمان أكثر ببقاء النظام السوري وتصفية الشعب السوري حتى يستطيع بشار الأسد أن يحكم ما يتبقى منه. وقل مثل هذا في حكم الإخوان المسلمين بمصر الذين يخاطبون الرئيس الإسرائيلي بالصديق العزيز والعظيم، وأكثر من هذا أن الطرفين - إيران والإخوان - قاما بالتبرؤ من أي عمل عدائي تجاه إسرائيل على مراحل متفاوتة في الفترة القريبة الماضية، كتبرؤ حزب الله من الطائرة من دون طيار، وكتبرؤ حماس من أي إطلاق للصواريخ من غزة.
خرج الأسبوع الماضي السيد حسن نصر الله متحدثا عن الأزمة السورية وهو حاول أن يبدو واقعيا ورابط الجأش واعترف بمشاركة عناصر حزبه العسكرية في القتال ضد الشعب السوري وإن حاول تبرير تلك المشاركة لأتباعه، وهو كعادته حاول تقديم رؤية عامة للمشهد الذي يتحدث عنه، ولكن رؤيته هذه المرة كانت أبعد ما تكون عن أي واقعية أو مصداقية، فهي رؤية منحازة وطائفية بامتياز، منحازة للنظام السوري وتزايد على تبريراته وطائفية في بعض المسائل التي سمّاها بالحساسة كمقام السيدة زينب في ريف دمشق.
تحدث نصر الله عن أن ميليشياته لم تدخل المعركة السورية بشكل كامل، والواقع يقول إنها تعيث في الكثير من المواقع السورية كما هو معلوم، ولكنه يستخدم طريقة التهديد بما هو أعظم، وهي نفس الطريقة التي اتخذها النظام السوري في قتل شعبه منذ البداية. لقد كان يقول إن الأوضاع تحت السيطرة والأمن هو الذي يواجه المتظاهرين وبعد أن أدخل القوّات المسلحة والجيش في المعركة كان ينفي ذلك، ثم ومع تضييق الخناق على قوّاته أخذ يلجأ شيئا فشيئا لما هو أكبر، فلجأ لاستخدام المروحيات ثم القوات الجوية بكامل عتادها وصواريخها، ثم الصواريخ الباليستية كصاروخ سكود، ثم السلاح الكيماوي.
قبل يومين فقط قام النظام بمجزرة في قرية البيضا التابعة لـ«بانياس» وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية قائلا إن «الأحياء السنية في المدينة تتعرض للقصف والقرى السنية جنوب المدينة كذلك، والطرق إلى اللاذقية وطرطوس تنتشر عليها حواجز للقوات النظامية، ما يجعل فرار السُنة إلى مناطق أخرى أمرا مستحيلا»، وتساءل «ماذا ستفعل الأمم المتحدة؟ تترك هذه الأقلية السنية في محيط علوي محاصرة؟» (العربية نت).
وقد اتهم ائتلاف المعارضة السورية نظام بشار الأسد باللجوء إلى «التطهير الطائفي» وطالب الجامعة العربية والأمم المتحدة بإحالة هذه القضية ومثيلاتها للمحكمة الجنائية الدولية كجريمة حرب يجب أن يحاسب عليها النظام.
إن إيران وحلفاءها يلعبون بالنار الطائفية بشكل مخيف، وانظر لما تصنعه في سوريا وتدخل حزب الله في مهاجمة قرى سنية في القصير بحمص، وقارن بالهجوم الشرس الذي تبناه رئيس الوزراء نوري المالكي ضد بعض المناطق السنية والاعتصامات السلمية فيها، وانظر إلى توظيفها لبعض أفراد من الأقليات الشيعية في الخليج ضد دولهم، وكذلك إرسالها الأسلحة والعتاد لبعض الجماعات الشيعية المعارضة في اليمن.
إن الحديث عن الطائفية بغيض ومخيف في الآن ذاته، وإدخالها في صراعات السياسة بشكل مسلح ومنهجي ودموي ربما خدم سياسات إيران التوسعية مرحليا وقد تكون حكومة إيران قادرة على حماية نفسها داخليا كونها تمثل الأكثرية الشيعية في إيران، ولكنها أبدا لن تكون قادرة على لجم «الغضب السُني» الذي بدأ ينتشر ويتفشى في كثير من البلدان العربية والإسلامية، وهو إذا انفجر فسوف تكون الأوضاع كارثية على الأقليات الشيعية في تلك البلدان.
لا شيء أبغض من الحديث عن الطائفية، ولكن أي محاولة لقراءة استراتيجية المحور الإيراني في المنطقة بشكل عقلاني وواقعي يجب أن تصطدم بهذا السلاح الطائفي البغيض الذي تدير به إيران معاركها، والاعتراف بوجوده كمعطى واقعي ملموس والتنبيه والتحذير منه الآن أمر ضروري حتى يكون الجميع على بصيرة من أمرهم حين تنجرف الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه لاحقا.
لقد أظهر الشعب السوري قدرة عظيمة حتى الآن في عدم الانسياق وراء سياسة النظام الطائفية المحضة، وأظهرت المعارضة السورية والجيش الحر مواقف رافضة على طول الخط لتحويل معركة الشعب ضد النظام إلى معركة طائفية لا يمكن لأحد حين تشتعل نيرانها أن يطفئها لعقود ربما.
يمثل المنتسبون للمذاهب السنية من تعداد المسلمين ما يزيد على الثلاثة أرباع ويبقى ما يقارب الربع للمذاهب الشيعية، وهي بالتأكيد مذاهب محترمة، ولكن ما مصلحة إيران من تحشيد ربع المسلمين أو من استطاعت الوصول إليه منهم ضد الأكثرية الكبرى؟ وما حجم الجناية التاريخية التي ترتكبها في حقهم؟ وهل فعلا هي واعية بما تصنعه سياساتها؟ وهل المشروع النووي وطموحات النفوذ والتوسع تستحق كل هذه الحروب التي لم نرَ إلا بداياتها حتى الآن؟
إنها أسئلة مشروعة وهناك المزيد، وسيكون على ساسة الجمهورية الإسلامية تحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية عن أي موجات غضب قد تنتشر في مقبل الأيام.