منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#63316
يصف العديد من المؤرخين الإمبراطور الروسي بولس الأول بالمجنون لأسباب كثيرة أهمها محاولته تنظيم حملة للقوات الروسية إلى الهند. للوهلة الأولى تبدو هذه الحقيقية التاريخية غريبة حقاً... ويتساءل معظم الخبراء والمراقبين ما الذي نسيه الإمبراطور بولس الأول في بلاد تفصلها عن روسيا بحار ومحيطات؟ لكن إذا أمعنا النظر في أسباب هذه الحملة يصبح من الواضح أنها ليست مجرد فكرة إمبراطور معتوه وإنما عملية إستراتيجية مخطط لها

كفاح مشترك ضد عدو مشترك

لقد كانت الحملة على الهند من بنات أفكار نابليون الأول والتي حصلت على ترحيب وموافقة من بولس الأول حيث عبر الزعيمان عن رغبتهما مواجهة العدو المشترك الممثل بانكلترا تلك الدولة العظمي آنذاك سيدة البحار التي شكلت تهديداً لكلا الدولتين الطامعتين لأن تصبحا قوتان بحريتان في المنطقة ولتحقيق هذا الهدف كان من الضروري تقويض القوة الاقتصادية لانكلترا.

وفي هذا السياق يشير كل من البروفسور الفرنسي ايرنيست لافيس و الفريد رامبو في كتابهما بعنوان "تاريخ القرن التاسع عشر" قائلين: "بالطبع كان لابد لفكرة تقارب الدولتين أن تلد من أجل مواجهة صراع مشترك وللاستيلاء بشكل نهائي على الهند تلك الدولة التي تعتبر المصدر الرئيسي للثروة والقوة العسكرية الانكليزية هكذا ظهرت الخطة الكبيرة التي تنتمي دون أدنى شك إلى بونابرت الذي قام بدراستها بشكل دقيق وعرضها على بولس الأول.

يمكن اعتبار الحملة على مصر التي قام بها القنصل الأول هي نقطة بداية الحملة على الهند، ففي 19 من شهر أيار /مايو عام 1798 خرج جيش مهيب بقيادة بونابرت ضم 300 سفينة و10 ألاف شخص و35 ألف من القوات الاستطلاعية من مدينة تولون الفرنسية باتجاه مصر، وفي 30 من شهر حزيران/ يونيو بدأت عملية الإنزال في مدينة الإسكندرية. وهنا يتساءل المحللون ماذا أراد الفرنسيون من مصر؟ ومن خلال التحليل العسكري لتلك المنطقة نرى أنه بعد انهيار أول تحالف مناهض لفرنسا استمرت انكلترا وحدها في تنفيذ خططها الاستعمارية الإستراتيجية. يشار إلى أن القيادة كانت تعتزم تنظيم إنزال للقوات في الجزر البريطانية ولكن سرعان ما تم التخلي عن هذه الفكرة بسبب نقص في القوات والموارد الأساسية ومن هنا ظهرت خطة للاستيلاء على مصر وذلك بتوجيه ضربة لمهاجمة خطوط الاتصال بين انكلترا والهند.

ولقد كتب المؤرخ الروسي المعروف ديمتري ميريجكوفسكي بإعجاب في روايته سيرة نابليون الذاتية قائلاً: "عبر مصر إلى الهند لتوجيه ضربة مميتة لانكلترا التي تسيطر على العالم – هذه هي خطة بونابرت العملاقة".

أما المؤرخ الفرنسي جان تيولاراف المعاصر أشار في كتابه "نابليون أو أسطورة المخلص" قائلاً: لقد سمحت الحملة على مصر بتحقيق ثلاثة أهداف إستراتيجية: الاستيلاء على قناة السويس وبالتالي إغلاق أحد الممرات الواصلة بين الهند وانكلترا والحصول على مستعمرة جديدة والاستيلاء على قاعدة مهمة والتي تعتبر بوابة على الهند ذلك المصدر الرئيسي لازدهار انكلترا.

سعود الجبهان9
430111061