- الخميس يوليو 18, 2013 4:53 am
#63838
مسعود ضاهر
التاريخ: 06 مارس 2013
بعد عام من التوتر المتواصل بسبب النزاع على ملكية جزر سانكاكو/ دياويو، ظهرت إشارات للتهدئة في العلاقات الصينية - اليابانية. فقد دعا كل من الرئيس الصيني الجديد شي جين بينغ ورئيس وزراء اليابان شينزو آبي، إلى تكثيف الجهود المشتركة لحل القضايا الحساسة المتنازع عليها بين الجانبين، بالطرق الدبلوماسية.
في هذا الإطار، التقى في بكين الزعيم الصيني مع ناتسو ياما جوتشي، زعيم حزب كوميتو الياباني، وهو أرفع اتصال سياسي بين البلدين منذ إعلان حكومة اليابان في سبتمبر 2012 شراء بعض جزر دياويو، في خطوة متسرعة ساهمت في تدهور العلاقات بين الجانبين، وما رافقها من تصريحات قومية متشنجة.
تجدر الإشارة إلى أن حزب كوميتو هو الشريك الأصغر في الائتلاف الياباني الحاكم، ولا يعتبر من صانعي القرار في حكومة اليابان الحالية برئاسة آبي، لكنه يشارك فيها بفاعلية بصفته أبرز الأحزاب اليابانية التي عقدت تحالفا ثابتا مع الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي يحكم اليابان منذ سنوات طويلة. وهو معروف بصفته الحزب الحريص على أداء الحكومة النظيفة، والداعي باستمرار إلى محاربة الفساد السياسي والإداري والمالي، ومن أكثر المدافعين عن الأخلاق والقيم والتقاليد اليابانية الموروثة.
كان اللقاء مناسبة هامة عرض فيها الزعيم الصيني، وللمرة الأولى، استراتيجية القيادة الصينية الجديدة تجاه اليابان. فأكد على عدم رغبة الصين في التخلي عن سياستها المتبعة، والهادفة إلى تطوير العلاقات مع اليابان بوتيرة متصاعدة. وحث أصحاب القرار في البلدين على التعلم من أخطاء الحروب السابقة، وما جرته من مآس على الشعبين الصيني والياباني. واقترح اعتماد سياسة المصالح المشتركة، والحكمة السياسية، وتحمل المسؤولية التاريخية تجاه الأجيال القادمة، للتغلب على المشكلات الراهنة بالطرق السلمية.
ومع إعادة التأكيد على أهمية العلاقات الصينية اليابانية المشتركة، بات كلا الجانبين مطالبا باتخاذ إجراءات ملموسة لتخفيف حدة التوتر المستمر منذ أكثر من عام، وإعادة العلاقات إلى طبيعتها التنموية، وتجاوز مشكلة الجزر بالسرعة الممكنة.
وقد حمل ياما جوتشي رسالة واضحة تؤكد رغبة اليابان في العمل على تعزيز الحوار الإيجابي مع الصين، وحل القضايا الحساسة وفق آلية عقلانية تضمن المصالح المشتركة لشعبي البلدين، وتساهم في تعزيز وتطوير العلاقات المشتركة والارتقاء بها نحو آفاق أعلى في المستقبل.
لكن نتائج اللقاء لا تشير حتى الآن إلى بروز خطوات عملية لإصلاح العلاقات الثنائية، وإصدار قرارات واضحة من جانب الحكومة اليابانية والحكومة الصينية، لوقف الحملات الإعلامية المتبادلة. ويبدو رئيس وزراء اليابان، شينزو آبي، في موقف حرج بعد الوعود التي قطعها للناخبين اليابانيين، وتمت صياغتها بلهجة قومية متشددة تؤكد موقف اليابان الثابت في الحفاظ على ملكيتها لجزر سينكاكو والدفاع عنها مهما كانت النتائج.
في الوقت عينه، تشير وسائل الإعلام الصينية إلى أن ياما جوتشي زار الصين بتشجيع من رئيس الوزراء آبي، وترجح أنه كلف بهذه المهمة كمبعوث خاص منه إلى الصين، لاختبار نوايا القيادة الصينية الجديدة والحلول التي تقترحها للخروج من أزمة الجزر، وإعادة علاقات الصين مع اليابان إلى مسارها الإيجابي. وقد عبر ياما جوتشي بوضوح عن رغبة اليابان في الارتقاء بعلاقتها مع الصين إلى مصاف العلاقات الاستراتيجية، المبنية على تبادل المنفعة بين البلدين. وذلك يتطلب مواجهة المرحلة الراهنة بكثير من الحكمة والمرونة من الطرفين..
1- فالمعالجة الحالية للتوترات المتعلقة بملكية الجزر المتنازع عليها، تسيء إلى مضمون التصريحات التي تبشر بعلاقات استراتيجية بين الجارتين الآسيويتين، اللتين تلعبان دورا محوريا في قيام الوحدة الآسيوية عبر مجموعة دول آسيان. وبالتالي، لا بد من إخراج قضية الجزر من دائرة التصريحات المتشنجة، التي تتناقلها يوميا وسائل الإعلام في البلدين.
2- تتحمل اليابان والصين المسؤولية الكبرى في حماية السلام وتعزيز مشاريع التنمية الاقتصادية في مناطق آسيا بأكملها، بيد أن القيام بأعمال استفزازية بصورة دورية من كلا الجانبين في جوار الجزر المتنازع عليها، يهدد عملية السلام والتنمية في المنطقة. وحان الوقت لوضع حد نهائي لهذا النزاع، الذي بدأ يستقطب دولا كبرى غير آسيوية، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية، التي تعمل على تأجيج النزاع حول ملكية الجزر، بحيث يتحول إلى صراع مزمن على غرار منطقة الشرق الأوسط.
3- لقد تدهورت العلاقات الثنائية بشكل ملحوظ بين الصين واليابان، منذ أن بادرت اليابان إلى شراء جزء من جزر سينكاكو/ دياويو في العام الماضي. وظهرت ردود فعل صينية غاضية أمام المؤسسات اليابانية في الصين، ووصفت المحاولة بالمهزلة لأن الصين ليست في وارد بيع جزء من أراضيها. وأعادت القيادة الصينية الجديدة التأكيد على موقفها الثابت، وأن على اليابان احترام التاريخ وبذل الجهود المشتركة للتحكم في المشكلة، والعمل على حلها عبر الحوار الإيجابي، ومنع أي طرف خارجي من التدخل بين الدول الآسيوية.
نخلص إلى القول أن حل النزاع القائم حول ملكية الجزر، يؤثر على مستقبل العلاقات الثنائية، ويبرز مدى قدرة الجانبين على إيجاد حلول عقلانية لا تقوم على نبش ملفات الماضي الأليم، بل تفتح آفاقا جديدة نحو المستقبل. ولا بد من التعامل بشكل عقلاني مع النزاعات الموروثة من الماضي، واتخاذ تدابير ملائمة وسليمة تساعد على تهدئة المشاعر القومية لدى الشعبين.
ختاما، تواجه العلاقات الثنائية بين الصين واليابان مرحلة بالغة الدقة، تتطلب حل النزاع المستمر حول الجزر المتنازع عليها، لضمان مستقبل التنمية الثنائية المتبادلة. فالتعاون الإيجابي غير المسبوق خلال العقود الأربعة التي أعقبت تطبيع العلاقات بين الجانبين، قادت إلى تطوير علاقات اقتصادية ممتازة بينهما، وشكلت حجر الزاوية في استقرار وأمن منطقة جنوب وشرق آسيا بأكملها.
فوقع الجانبان على البيان الصيني - الياباني المشترك لتطوير العلاقات الاستراتيجية والثنائية بشكل شامل عام 1972، وأبرما اتفاقيات ومعاهدات سلام وتعاون وصداقة مشتركة خلال أعوام 1987، و1998، و2008، بيد أن التشنج الراهن يستوجب بذل الكثير من الحكمة السياسية للتغلب على الأزمة بعد أن باتت تهدد أمن دول المنطقة. فحل النزاع بالطرق السلمية هو المخرج الوحيد للأزمة، لأنه يرتقي بالعلاقات المشتركة نحو آفاق استراتيجية، لكي تلعب كل من الصين واليابان دورا متقدما في تحويل القرن الحادي والعشرين إلى قرن آسيوي بامتياز.
التاريخ: 06 مارس 2013
بعد عام من التوتر المتواصل بسبب النزاع على ملكية جزر سانكاكو/ دياويو، ظهرت إشارات للتهدئة في العلاقات الصينية - اليابانية. فقد دعا كل من الرئيس الصيني الجديد شي جين بينغ ورئيس وزراء اليابان شينزو آبي، إلى تكثيف الجهود المشتركة لحل القضايا الحساسة المتنازع عليها بين الجانبين، بالطرق الدبلوماسية.
في هذا الإطار، التقى في بكين الزعيم الصيني مع ناتسو ياما جوتشي، زعيم حزب كوميتو الياباني، وهو أرفع اتصال سياسي بين البلدين منذ إعلان حكومة اليابان في سبتمبر 2012 شراء بعض جزر دياويو، في خطوة متسرعة ساهمت في تدهور العلاقات بين الجانبين، وما رافقها من تصريحات قومية متشنجة.
تجدر الإشارة إلى أن حزب كوميتو هو الشريك الأصغر في الائتلاف الياباني الحاكم، ولا يعتبر من صانعي القرار في حكومة اليابان الحالية برئاسة آبي، لكنه يشارك فيها بفاعلية بصفته أبرز الأحزاب اليابانية التي عقدت تحالفا ثابتا مع الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي يحكم اليابان منذ سنوات طويلة. وهو معروف بصفته الحزب الحريص على أداء الحكومة النظيفة، والداعي باستمرار إلى محاربة الفساد السياسي والإداري والمالي، ومن أكثر المدافعين عن الأخلاق والقيم والتقاليد اليابانية الموروثة.
كان اللقاء مناسبة هامة عرض فيها الزعيم الصيني، وللمرة الأولى، استراتيجية القيادة الصينية الجديدة تجاه اليابان. فأكد على عدم رغبة الصين في التخلي عن سياستها المتبعة، والهادفة إلى تطوير العلاقات مع اليابان بوتيرة متصاعدة. وحث أصحاب القرار في البلدين على التعلم من أخطاء الحروب السابقة، وما جرته من مآس على الشعبين الصيني والياباني. واقترح اعتماد سياسة المصالح المشتركة، والحكمة السياسية، وتحمل المسؤولية التاريخية تجاه الأجيال القادمة، للتغلب على المشكلات الراهنة بالطرق السلمية.
ومع إعادة التأكيد على أهمية العلاقات الصينية اليابانية المشتركة، بات كلا الجانبين مطالبا باتخاذ إجراءات ملموسة لتخفيف حدة التوتر المستمر منذ أكثر من عام، وإعادة العلاقات إلى طبيعتها التنموية، وتجاوز مشكلة الجزر بالسرعة الممكنة.
وقد حمل ياما جوتشي رسالة واضحة تؤكد رغبة اليابان في العمل على تعزيز الحوار الإيجابي مع الصين، وحل القضايا الحساسة وفق آلية عقلانية تضمن المصالح المشتركة لشعبي البلدين، وتساهم في تعزيز وتطوير العلاقات المشتركة والارتقاء بها نحو آفاق أعلى في المستقبل.
لكن نتائج اللقاء لا تشير حتى الآن إلى بروز خطوات عملية لإصلاح العلاقات الثنائية، وإصدار قرارات واضحة من جانب الحكومة اليابانية والحكومة الصينية، لوقف الحملات الإعلامية المتبادلة. ويبدو رئيس وزراء اليابان، شينزو آبي، في موقف حرج بعد الوعود التي قطعها للناخبين اليابانيين، وتمت صياغتها بلهجة قومية متشددة تؤكد موقف اليابان الثابت في الحفاظ على ملكيتها لجزر سينكاكو والدفاع عنها مهما كانت النتائج.
في الوقت عينه، تشير وسائل الإعلام الصينية إلى أن ياما جوتشي زار الصين بتشجيع من رئيس الوزراء آبي، وترجح أنه كلف بهذه المهمة كمبعوث خاص منه إلى الصين، لاختبار نوايا القيادة الصينية الجديدة والحلول التي تقترحها للخروج من أزمة الجزر، وإعادة علاقات الصين مع اليابان إلى مسارها الإيجابي. وقد عبر ياما جوتشي بوضوح عن رغبة اليابان في الارتقاء بعلاقتها مع الصين إلى مصاف العلاقات الاستراتيجية، المبنية على تبادل المنفعة بين البلدين. وذلك يتطلب مواجهة المرحلة الراهنة بكثير من الحكمة والمرونة من الطرفين..
1- فالمعالجة الحالية للتوترات المتعلقة بملكية الجزر المتنازع عليها، تسيء إلى مضمون التصريحات التي تبشر بعلاقات استراتيجية بين الجارتين الآسيويتين، اللتين تلعبان دورا محوريا في قيام الوحدة الآسيوية عبر مجموعة دول آسيان. وبالتالي، لا بد من إخراج قضية الجزر من دائرة التصريحات المتشنجة، التي تتناقلها يوميا وسائل الإعلام في البلدين.
2- تتحمل اليابان والصين المسؤولية الكبرى في حماية السلام وتعزيز مشاريع التنمية الاقتصادية في مناطق آسيا بأكملها، بيد أن القيام بأعمال استفزازية بصورة دورية من كلا الجانبين في جوار الجزر المتنازع عليها، يهدد عملية السلام والتنمية في المنطقة. وحان الوقت لوضع حد نهائي لهذا النزاع، الذي بدأ يستقطب دولا كبرى غير آسيوية، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية، التي تعمل على تأجيج النزاع حول ملكية الجزر، بحيث يتحول إلى صراع مزمن على غرار منطقة الشرق الأوسط.
3- لقد تدهورت العلاقات الثنائية بشكل ملحوظ بين الصين واليابان، منذ أن بادرت اليابان إلى شراء جزء من جزر سينكاكو/ دياويو في العام الماضي. وظهرت ردود فعل صينية غاضية أمام المؤسسات اليابانية في الصين، ووصفت المحاولة بالمهزلة لأن الصين ليست في وارد بيع جزء من أراضيها. وأعادت القيادة الصينية الجديدة التأكيد على موقفها الثابت، وأن على اليابان احترام التاريخ وبذل الجهود المشتركة للتحكم في المشكلة، والعمل على حلها عبر الحوار الإيجابي، ومنع أي طرف خارجي من التدخل بين الدول الآسيوية.
نخلص إلى القول أن حل النزاع القائم حول ملكية الجزر، يؤثر على مستقبل العلاقات الثنائية، ويبرز مدى قدرة الجانبين على إيجاد حلول عقلانية لا تقوم على نبش ملفات الماضي الأليم، بل تفتح آفاقا جديدة نحو المستقبل. ولا بد من التعامل بشكل عقلاني مع النزاعات الموروثة من الماضي، واتخاذ تدابير ملائمة وسليمة تساعد على تهدئة المشاعر القومية لدى الشعبين.
ختاما، تواجه العلاقات الثنائية بين الصين واليابان مرحلة بالغة الدقة، تتطلب حل النزاع المستمر حول الجزر المتنازع عليها، لضمان مستقبل التنمية الثنائية المتبادلة. فالتعاون الإيجابي غير المسبوق خلال العقود الأربعة التي أعقبت تطبيع العلاقات بين الجانبين، قادت إلى تطوير علاقات اقتصادية ممتازة بينهما، وشكلت حجر الزاوية في استقرار وأمن منطقة جنوب وشرق آسيا بأكملها.
فوقع الجانبان على البيان الصيني - الياباني المشترك لتطوير العلاقات الاستراتيجية والثنائية بشكل شامل عام 1972، وأبرما اتفاقيات ومعاهدات سلام وتعاون وصداقة مشتركة خلال أعوام 1987، و1998، و2008، بيد أن التشنج الراهن يستوجب بذل الكثير من الحكمة السياسية للتغلب على الأزمة بعد أن باتت تهدد أمن دول المنطقة. فحل النزاع بالطرق السلمية هو المخرج الوحيد للأزمة، لأنه يرتقي بالعلاقات المشتركة نحو آفاق استراتيجية، لكي تلعب كل من الصين واليابان دورا متقدما في تحويل القرن الحادي والعشرين إلى قرن آسيوي بامتياز.