منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#63879
هل يمكن للعلمانية أن تكون بديلا للاحزاب الدينية ؟ – بقلم جواد أسود

قبل أن يعيب على احدكم ممن هو اكثر مني علما وتبحرا أود أن اشير الى أني لست مفكرا او فيلسوفا او متخصصا بالاهوت او بالفقه الاسلامي ولكني اصنف نفسي قارئا وعندما أفكر احاول أن افكر بصوت عال ليسمعني من يصحح لي او يضيف لما اقوله او ليعارضني مخالفا لفكرتي من يملك الحجة الدامغه وعندها لن اتردد من أن ارفع له القبعه صاغرا
أما لما كل هذه المقدمة ؟؟ السبب أننا نتطرق الى موضوع لم يبت فيها حتى الان وهو مصدر جدل ومازالت التجربه تضيف الى مكونه العلمي الكثير من الحيثيات
لنعرف العلمانيه ونسأل هل قصد بها العلم والحداثة أم شيء اخر لو قصد بها الاشارة الى العلم والتنور عندها فأن نقيضها يعني الجهل والتخلف
وهل العلمانية هي مصطلح جديد أقتحم مجتمعاتنا حديثا ام هو تسمية لفكر أزلي قائم مازال يخوض صراعا مع الفكر الديني
لنبدء من فكرة الدين ولن نتطرق الى علة وجود الظاهرة الدينية هل هي من السماء ام هي نتاج ابداع بشري ولكن يبقى لدينا سؤال يشكل مدخلا لنا للحديث هل الالحاد سبق الايمان ام الايمان سبق الالحاد
اذا كنا مع نظريه أن الدين من السماء فالايمان سبق الالحاد , أما اذا اعتمدنا نظريه أن الدين ابداع بشري فهذا يدفعنا الى ان الالحاد سبق الايمان وفساد الالحاد شكل ضرورة لاختلاق الدين وظهور مبدعيه ( الانبياء)
هذا يعني أن الايمان والالحاد نيقضان ضاربان بالقدم فكلما وجد الدين كان يوجد الالحاد النقيض المشاكس من مبدأ عدم تقيد النزعات والنزوات البشريه
والالحاد بني على الوجودية وأن الانسان نتاج الطبيعه والطبيعه تحمل الشيء ونقيضه الشمس والظل . الليل والنهار . الماء والنار ,,,, المفترس والمفترس به ومنها الى الخير والشر وبناء عليه فعلى الانسان أن يشكل بنفسه منظومته القانونية من باب تشريع الطبائع البشريه من جنوح للخير وتجنبا للشر ووضع ضوابط لهذه المنظومه ومن ثم الارتقاء به الى مفهوم الاخلاق والضمير
لن نناقش صواب هذه الفكرة من عجزها ولكن سنخلص الى تعريف هذا الفكر بمسمى الوجودي او الدهري لنجد أنفسنا أمام ترجمة تتفق ومعنى العلمانية لكلمة Secularism والتي يأتي تعريفها الادق تحت اسم دنيوي وليس علماني كاشتقاق من العلم كما يذهب اغلبيه الناس في تصورهم ومحاوله اظهار أن الدين عدو العلم وأن العلمانيين هم اهل العلم والحداثة
هنالك خطأ شائع يقول أن الدين يحارب العلم ويضربون امثله كثيرة كيف أن الكنيسة احرقت كتبا كثيرة لعلماء وقتلت علماء دون التوقف عند السبب واسوق هنا مثال بسيطا لو عدنا الى الوراء 500 عام وحملنا معنا بعض من مقتنيات هذا العصر من تكنولوجيا لو اخدنا معنا الموبيال والستالايت وقمنا باستعراضهم امام عامة الشعب فسوف يتهموننا بالسحر وسيقتلوننا اتقاء سحرنا
ظهور العلم بتلك الاونه بعد سنوات طويله من الجهل دفع الناس والكنيسه جزء منهم لتصور هذا الابداع سحرا فكفرته ولكن مع الوقت استوعب الناس الامر واصبح امر مقبولا ولو كان الاصل بالكنيسه اعتراض العلم لبقيت حتى تاريخه تعارضه
فالدين ليس عدو للعلم ولكن الجهل العلمي هو عدو العلم فليس هنالك نص سماوي في كل الاديان يحارب العلم بل على العكس
اذن العلمانية هي نقيض الدين فكما الدين ديانه فالالحاد ايضا ديانه اذا كان لامر ما قانونا تنظيما فأن الرفض المنظم له يجب أن يأخذ شكل تنظيما فالالحاد هي ديانة بلا دين تعتمد ديانه تقوم على انكار ما سبق وتتخذ من الطبائع البشريه منهجا توظيفا وترتقي بها الى مفهوم المنفعه المتبادله ومن ثم الى الاخلاق والضمير فهي بالنهايه دين ولكن بفارق جوهري وهو تحرير الانسان من تقييده للغرائز وتحريره من سلطه دنيويه بصولجان الهي
أذن العلمانية هي قضاء دنيوي اختطف السلطة والتشريع الالهي والبسها للحاكم الدنيوي واعطى للانسان مساحة كبيرة من تحرير للنزعات الخاصة وقيدها باتجاه المنفعه العامة لتسيير المجتمع
وحيث أن العلمانيه فكر مواجهه فهو اقصائي بالمطلق لانه يعتمد الانكار والرفض اساسا لمنهجه ومن هنا تأتي فكرة استحالة أن يكون بديلا للاحزاب الدينية والسبب أن تواجد الاديان مع البشريه تواجد ازلي فلقد استحال على المفكرين والفلاسفه على مدى التاريخ المرصود ايجاد مجتمع قابل للحياة بلا دين سواء اكان دينا سماويا او دينا لايحمل رساله سماوية لأن البشر دائما بحاجة الى الايمان للحد من النزعات الغريزية وحتى عندما قامت الثورة البلشفيه عام 1917 واعتبرت أن الدين افيون الشعوب وتصور الناس أن هذه الثورة ستطيح بالاديان جميعها هاهي بعد اقل من مائه تنتهي هذه الثورة البلشفيه ويتعاظم دور الدين عند الشعوب
الدين باق الى أن يرث الله الارض وما عليها وقد يكون من الاجدى بدل ان نقوض الدين بالمجتمع أن نبحث عن اسلوب يطور اليات تعامل الدين مع المجتمع الحالي بمعنى اي التنوير والحداثة لمواكبه التطور الاجتماعي للبشريه
أن محاولة الاحتماء بمفهوم العلمانية لمحاربه التطرف الديني يزيد التطرف تطرفا ويجعل من العلمانية والعلمانيين متطرفين ومغالين بالتطرف والاقصاء
لذا لايمكن أن تنجح العلمانية بأن تكون البديل المناسب والانسب للاحزاب الدينية المعتدله لا ولا حتى المتطرف منها
جواد أســــود