منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#66210
إن الدبلوماسية الدولية فى هذه الفترة التى عرفت بكثافة استخدام مفاهيم جديدة على المجتمع الدولى، مثل دبلوماسية الشفافية، ودبلوماسية القبلات، ودبلوماسية زلة اللسان، ودبلوماسية الهاتف، ودبلوماسية التوبيخ وغيرها، فضلا عن تعزيز الاستخدام لمفاهيم وممارسات دبلوماسية عتيقة فى عالم دبلوماسية ما بعد سبتمبر 2001، خاصة دبلوماسية التحريض، ودبلوماسية الكذب، ودبلوماسية الملاحقة، ودبلوماسية نهب الثروات، ودبلوماسية الإهانة، ودبلوماسية التنصت. الخ ويرصد الكاتب محمد عبدالهادى ظاهرة الكذب فى عالم الدبلوماسية، ويرى أن أكبر أكذوبة عرفتها البشرية هى الأكاذيب المتلاحقة التى شنتها الإدارة الأمريكية لتبرير غزوها للعراق ويرى الكاتب أن أهم الأكاذيب التى عرفتها البشرية أيضا الأكذوبة التى رفعتها وروجت لها الحركة الصهيونية العالمية عن فلسطين ـ أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ـ لتبرير احتلال فلسطين وإقامة دولة إسرائيل ومن أشهر الفضائح السياسية فى مجال الكذب كذبة العشرين من سبتمبر 2002، التى زعم فيها الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن قدرة العراق على إنتاج أسلحة بيولوجية وكيماوية، كما أطلق بوش أيضا كذبة فى السابع من أكتوبر 2002، زاعما أن صدام لديه أسطول ضخم من الطائرات الموجهة عن بعد ويمكنه مهاجمة الولايات المتحدة وشهدت عملية التحضير لغزو العراق عشرات الأكاذيب التى شنتها الدبلوماسية الأمريكية والبريطانية لتبرير هذا الغزو ورغم زوال عصر الاستعمار، إلا أن دبلوماسية نهب ثروات الشعوب مازالت مستمرة ويرصد الكاتب هذه الظاهرة، فمازال رؤساء دول كما فى إفريقيا بالتعاون مع بنوك دولية فى سويسرا وفرنسا وبريطانيا يسرقون ثروات بلدانهم مثل الرئيس النيجيرى السابق سانى أباتشا (93 ـ 1998) الذى توفى فى ظروف غامضة وهذه هى الحال فى يوغوسلافيا فى عهد رئيسها سلوبودان ميلوسيفيتش ومن أبرز صور نهب ثروات الشعوب وبشكل دولى منظم ملف النفط مقابل الغذاء، الذى تورط فيه موظفون دوليون وشخصيات سياسية دولية فى الأمم المتحدة ودول أخرى وفى أثناء فترة الغزو الأمريكى للعراق، تمت سرقة المتحف الوطنى العراقى، وسرقة الآثار العراقية، وتقدر القطع التى سرقت خلال الأسبوع الأول من الاحتلال فقط بـ 170 ألف قطعة أثرية، ومازال جنود الاحتلال وعملاؤهم يسرقون نفط العراق وآثاره وتاريخه كما أصبحت الإهانة مفردة من مفردات السياسة الدولية على يد الدبلوماسية الأمريكية فى عهد الرئيس جورج بوش الابن منذ غزو أفغانستان وإنشاء سجون جوانتانامو وغزو العراق، وما تكشف بعدها من إهانات فظيعة للمعتقلين، وأشهرها ما حدث فى سجن أبوغريب بالعراق واتسمت الدبلوماسية الأمريكية فى مرحلة ما بعد الحادى عشر من سبتمبر 2001 باستخدام دبلوماسية الإهانة فى مواجهة الشعوب العربية والإسلامية، وأدت إلى موجة من العنصرية الجديدة عند الغرب ضد الإسلام والمسلمين والعرب، وكان أبرزها مؤخرا الرسوم التى أساءت للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ويرصد الكاتب دبلوماسية زلة اللسان التى اشتهرت بها الدبلوماسية الأمريكية فى مرحلة ما بعد الحادى عشر من سبتمبر، خاصة تلك التى تلفظ بها الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن فى السابع عشر من سبتمبر 2001 عندما هدد بشن حرب صليبية طويلة الأمد ضد أعداء أمريكا لتخليص العالم من الأشرار، وما صرح به رئيس الوزراء الإيطالى عقب أحداث 11 سبتمبر، عندما قال إن الدين الإسلامى لا يحترم حقوق الإنسان، وإن الغرب سيهزم الإسلام وحضارته، والتى أثارت ردود فعل غاضبة فى العالمين العربى والإسلامى، إلا أن المقابل لهذه الأخطاء الفادحة غياب دبلوماسية الاعتذار الواضحة، وهو ما حدث فى نفس هاتين المناسبتين السابق ذكرهما، وما تكرر مع أحداث إساءة بعض الصحف الغربية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إذ لم تعتذر الدول الغربية بشكل واضح وصريح عن هذه الأخطاء وكما لم تعتذر أوروبا عن الحروب الصليبية وعن عهود الاستعمار، لم تعتذر الولايات المتحدة عن احتلالها للعراق أو لأحداث أبو غريب، كما لم تعتذر الدانمارك والنرويج والدول الغربية عن إساءتها للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكثفت الإدارة الأمريكية من استخدام مصطلح دبلوماسية التوبيخ بديلا عن الاعتذار والتعويض عما ارتكبه جنودها ضد الأبرياء فى العراق وأفغانستان وجوانتانامو، عندما أعلن البنتاجون أنه وبخ الجنود المتورطين فى هذه الانتهاكات، ولطالما استخدمت الإدارة الأمريكية دبلوماسية التوبيخ فى إهانة سياسيين وقادة من دول صديقة لواشنطن ومن سمات دبلوماسية ما بعد 11 سبتمبر 2001 ـ كما يرصدها الكاتب ـ سقوط دبلوماسية التعويضات، حيث تنكر الدبلوماسية الأمريكية والغربية حق الشعب الفلسطينى فى التعويض وحقوق ضحايا غزو العراق وأفغانستان، وحقوق الشعوب التى استعمرت فى التعويض ومن سمات الدبلوماسية فى عهد الهيمنة الأمريكية بروز مصطلح دبلوماسية الملاحقة منذ أحداث يوغوسلافيا السابقة، وإقامة محاكمات دولية لمجرمى الحرب الذين تلاحقهم الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولى فى يوغوسلافيا السابقة ورواندا وبوروندى ومن سمات دبلوماسية ما بعد 11 سبتمبر 2001 تزايد استخدام الهاتف فى الاتصالات الدولية بين الرئيس الأمريكى جورج بوش ومسئولى إدارته، وبين زعماء وقادة سياسيين فى الدول الأخرى، عوضا عن الزيارات السياسية السابقة التى كان يقوم بها السياسيون الأمريكيون، والتى كانت توصف فى مرحلة سابقة بالزيارات المكوكية كما أدخلت الولايات المتحدة إلى عالم الدبلوماسية مفهوم "دبلوماسية التنصت" التى تقوم على أساس استخدام تكنولوجيا الاتصالات والأقمار الصناعية فى التجسس على مكالمات القادة السياسيين والزعماء فى الدول الأخرى، كما تزايدت فى فترة ما بعد ـ 11 سبتمبر 2001 دبلوماسية التسجيلات الصوتية والفيديو، وكان مخترع هذه الدبلوماسية زعيم تنظيم القاعدة بن لادن الذى استخدم هذه الأداة فى توجيه تهديداته إلى الغرب ومن المصطلحات الجديدة فى عالم الدبلوماسية فى عهد الهيمنة الأمريكية دبلوماسية "القبلات" التى اشتهرت بها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت، التى حرصت لأسباب سياسية وإعلامية على تقبيل أغلب المسئولين العرب الذين التقتهم، ومنهم عرفات، وآخر قبلة وجهتها أولبرايت كانت للسيد عمرو موسى عند استقباله لها فى مطار القاهرة فى يوليو 1999، فقد فوجئ الرجل بالسيدة أولبرايت تهبط سلم الطائرة، فاتحة ذراعيها ومعانقة له ثم قبلته، ووجه خطورة هذه القبلة هو ضرب الصورة الذهنية لدى الرأى العام العربى والعالمى التى تأسست على أن موسى معارض للسياسة الأمريكية فى التعامل مع قضايا المنطقة ومن سمات دبلوماسية ما بعد 11 سبتمبر 2001.
كما يرى الكاتب تزايد ظاهرة دبلوماسية المصافحة، التى كان أشهرها تاريخيا مصافحة الرئيس السادات فى مطار بن جوريون لقادة إسرائيل فى مساء يوم 19 نوفمبر 1977، وهى المصافحة الأهم فى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ومن أبرز الدول التى استخدمت المصافحة، كوسيلة للتطبيع، إسرائيل التى يصر قادتها فى مختلف المناسبات على مصافحة المسئولين والقادة العرب الذين يتعمدون مقابلتهم أثناء المناسبات الدولية، ومنها المصافحة الشهيرة بين باراك وبوتفليقة وأهم الدول التى يتجنب ساستها بإصرار مصافحة الإسرائيليين هى سوريا التى تعتبر المصافحة ذات دلالات سياسية غير حقيقية.

بقلم مختار شعيب