- الخميس نوفمبر 28, 2013 1:14 pm
#66459
يذهب غودسبيد إلى أن العصبة مرت في حياتها بثلاث مراحل:
1ـ مرحلة التكامل، وفيها حاولت العصبة تثبيت أقدامها والبرهنة على قدرتها في التصدي للرياح التي هبت عليها تبتغي تحطيم مكانتها، ونجحت في هذه المرحلة في حل عدد من النزاعات كنزاع السويد ـ فنلندا على جزر آلاند، وبذلت مساع جديرة بالتقدير في عدد آخر من النزاعات، كالنزاع الألباني على الحدود ونزاع ممر كورفو… إلخ.
2ـ مرحلة الاستقرار وقد استمرت بين عامي 1924و1932، وقد سادت في بداياتها روح الثقة بالعصبة نتيجة تمكنها من الوقوف على قدميها في وجه الأعاصير، ونتيجة قيام مجلسها بالتصدي لعدد من المنازعات، كما بدأت نشاطات العصبة في المجالات غير السياسية المختلفة، وتأسست المحكمة الدائمة للعدل الدولي، ولعل من أهم ما حلته العصبة في هذه الفترة النزاع اليوناني البلغاري. كما أسهمت في انقشاع الغيوم المتلبدة في أجواء العلاقات الفرنسية ـ الألمانية، وبلغت العصبة ذروة مجدها بانضمام ألمانيا إليها عام 1929 بوصفها دولة كبرى لها مكانتها داخل العصبة وخارجها. ولكن بعد ثلاث سنوات بدأت الأعاصير تهب في وجه العصبة، منها الأزمة الاقتصادية العالمية وما تلاها من هزات سياسية، ومنها إحياء مبدأ القوميات على أسس ثورية عدوانية، وأهمها جو الشك المتزايد الذي عصف بعلاقات الدول.
3ـ مرحلة الانهيار، وبحلول خريف عام 1931 بدأ الكل يشعر أن العصبة سائرة إلى انهيار، وحدث الغزو الياباني لمنشوريا فما استطاعت العصبة التصرف فيه، وتبعه الغزو الإيطالي للحبشة، فما كان حظ العصبة أحسن حالاً. ثم تجدد الصراع الصيني ـ الياباني عام 1937، وأخيراً ضرب هتلر ضربته الكبرى وأُعلِنَت الحرب العالمية الثانية فانهارت العصبة عملياً. أما رسمياً فلم يعلن انقضاء العصبة إلا في 18/4/1946، أي بعد ولادة هيئة الأمم التي ورثت عنها أملاكها ومشاكلها وخبراتها.
يسجل مؤرخو العصبة بضعة أسباب لإخفاقها منها عدم انضمام جميع الدول الكبرى إليها، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية التي أخفق ويلسون في إقناع الكونغرس بالموافقة على عهدها ومنها انسحاب عدد من الدول منها كاليابان وألمانيا وإيطاليا وبعض جمهورياتأمريكا اللاتينية وطرد الاتحاد السوڤييتي منها سنة سقوطها، ومن أسباب إخفاقها بُعُدها عن مبادئ العدالة في حلولها، ومنها ولعله من أهمها أن دستورها أو عهدها جاء مندمجاً في نصوص معاهدة ڤرساي، وبذا اختلطت بمعاهدة الصلح التي كانت تذكرة مستمرة للمنتصرين بانتصارهم وللمهزومين بانهزامهم. ومن أسباب إخفاق العصبة أيضاً أخذها بنظام المركزية في نشاطاتها، فلا هي اعتمدت على التنظيمات الإقليمية، ولا على المنظمات المتخصصة، ومن أسباب إخفاقها أيضاً بعض العيوب والثغرات في عهدها، فهو لم يحرم الحرب نهائياً، وكذلك جاء مائعاً في تحديد الصلاحيات والاختصاصات لكل من مجلس العصبة وجمعيتها العامة. ومن أسباب إخفاق العصبة أيضاً ما اتصل بنشاطاتها التي أحاطتها السّرية ولونتها العواطف الوطنية للعاملين فيها. لكن أهم أسباب إخفاق العصبة يكمن في رأي غالبية مؤرخيها في إخفاق الدول التي أنشأتها أو أسهمت في عضويتها في تحمل مسؤولياتها التي تعهدت بالقيام بها بموجب عهدها وسعي هذه الدول باستمرار إلى تسخير العصبة في خدمة أهدافها الوطنية الضيقة على حساب التجربة الرائدة في السعي نحو العالمية، وهي ما قامت العصبة أصلاً من أجله.
لقد انتهت العصبة بكل مالها وما عليها، وأصبحت جزءاً من التاريخ السياسي للعالم المعاصر. لكن الأفكار التي بلورتها والآمال التي شجعتها والوسائل والمؤسسات التي ابتكرتها أو طورتها أصبحت كما يقول «وولترز» جزءاً لا يتجزأ من التفكير السياسي للعالم المتمدن، وسيستمر أثرها باقياً حتى يصل الناس إلى مرحلة يتجاوزون فيها مرحلة تقسيم العالم إلى دول وأمم، وكانت من دون شك مدرسة يفترض أن هيئة الأمم المتحدة التي خلفتها تعلمت منها ما هو مفيد ونافع.
1ـ مرحلة التكامل، وفيها حاولت العصبة تثبيت أقدامها والبرهنة على قدرتها في التصدي للرياح التي هبت عليها تبتغي تحطيم مكانتها، ونجحت في هذه المرحلة في حل عدد من النزاعات كنزاع السويد ـ فنلندا على جزر آلاند، وبذلت مساع جديرة بالتقدير في عدد آخر من النزاعات، كالنزاع الألباني على الحدود ونزاع ممر كورفو… إلخ.
2ـ مرحلة الاستقرار وقد استمرت بين عامي 1924و1932، وقد سادت في بداياتها روح الثقة بالعصبة نتيجة تمكنها من الوقوف على قدميها في وجه الأعاصير، ونتيجة قيام مجلسها بالتصدي لعدد من المنازعات، كما بدأت نشاطات العصبة في المجالات غير السياسية المختلفة، وتأسست المحكمة الدائمة للعدل الدولي، ولعل من أهم ما حلته العصبة في هذه الفترة النزاع اليوناني البلغاري. كما أسهمت في انقشاع الغيوم المتلبدة في أجواء العلاقات الفرنسية ـ الألمانية، وبلغت العصبة ذروة مجدها بانضمام ألمانيا إليها عام 1929 بوصفها دولة كبرى لها مكانتها داخل العصبة وخارجها. ولكن بعد ثلاث سنوات بدأت الأعاصير تهب في وجه العصبة، منها الأزمة الاقتصادية العالمية وما تلاها من هزات سياسية، ومنها إحياء مبدأ القوميات على أسس ثورية عدوانية، وأهمها جو الشك المتزايد الذي عصف بعلاقات الدول.
3ـ مرحلة الانهيار، وبحلول خريف عام 1931 بدأ الكل يشعر أن العصبة سائرة إلى انهيار، وحدث الغزو الياباني لمنشوريا فما استطاعت العصبة التصرف فيه، وتبعه الغزو الإيطالي للحبشة، فما كان حظ العصبة أحسن حالاً. ثم تجدد الصراع الصيني ـ الياباني عام 1937، وأخيراً ضرب هتلر ضربته الكبرى وأُعلِنَت الحرب العالمية الثانية فانهارت العصبة عملياً. أما رسمياً فلم يعلن انقضاء العصبة إلا في 18/4/1946، أي بعد ولادة هيئة الأمم التي ورثت عنها أملاكها ومشاكلها وخبراتها.
يسجل مؤرخو العصبة بضعة أسباب لإخفاقها منها عدم انضمام جميع الدول الكبرى إليها، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية التي أخفق ويلسون في إقناع الكونغرس بالموافقة على عهدها ومنها انسحاب عدد من الدول منها كاليابان وألمانيا وإيطاليا وبعض جمهورياتأمريكا اللاتينية وطرد الاتحاد السوڤييتي منها سنة سقوطها، ومن أسباب إخفاقها بُعُدها عن مبادئ العدالة في حلولها، ومنها ولعله من أهمها أن دستورها أو عهدها جاء مندمجاً في نصوص معاهدة ڤرساي، وبذا اختلطت بمعاهدة الصلح التي كانت تذكرة مستمرة للمنتصرين بانتصارهم وللمهزومين بانهزامهم. ومن أسباب إخفاق العصبة أيضاً أخذها بنظام المركزية في نشاطاتها، فلا هي اعتمدت على التنظيمات الإقليمية، ولا على المنظمات المتخصصة، ومن أسباب إخفاقها أيضاً بعض العيوب والثغرات في عهدها، فهو لم يحرم الحرب نهائياً، وكذلك جاء مائعاً في تحديد الصلاحيات والاختصاصات لكل من مجلس العصبة وجمعيتها العامة. ومن أسباب إخفاق العصبة أيضاً ما اتصل بنشاطاتها التي أحاطتها السّرية ولونتها العواطف الوطنية للعاملين فيها. لكن أهم أسباب إخفاق العصبة يكمن في رأي غالبية مؤرخيها في إخفاق الدول التي أنشأتها أو أسهمت في عضويتها في تحمل مسؤولياتها التي تعهدت بالقيام بها بموجب عهدها وسعي هذه الدول باستمرار إلى تسخير العصبة في خدمة أهدافها الوطنية الضيقة على حساب التجربة الرائدة في السعي نحو العالمية، وهي ما قامت العصبة أصلاً من أجله.
لقد انتهت العصبة بكل مالها وما عليها، وأصبحت جزءاً من التاريخ السياسي للعالم المعاصر. لكن الأفكار التي بلورتها والآمال التي شجعتها والوسائل والمؤسسات التي ابتكرتها أو طورتها أصبحت كما يقول «وولترز» جزءاً لا يتجزأ من التفكير السياسي للعالم المتمدن، وسيستمر أثرها باقياً حتى يصل الناس إلى مرحلة يتجاوزون فيها مرحلة تقسيم العالم إلى دول وأمم، وكانت من دون شك مدرسة يفترض أن هيئة الأمم المتحدة التي خلفتها تعلمت منها ما هو مفيد ونافع.