منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#66980
إن مدونة السلوك لدى الأحزاب السياسية هي في العادة عبارة عن اتفاق طوعي بشأن قواعد السلوك للأحزاب السياسية ومؤيديها خلال الحملة الانتخابية، لا سيما في البلدان التي تمر بمراحل انتقالية حيث لم يتم هناك تطوير واختبار سيادة للقانون بعد. والهدف من وضع مدونة قواعد السلوك هو مساعدة الأحزاب السياسية للإتفاق على قواعد مقبولة للعبة الإنتخابية، وزيادة الثقة في العملية الانتخابية نفسها. كما أن مدونات قواعد السلوك التي تنطوي على تشجيع أو اشتراط للأحزاب السياسية والمرشحين للإلتقاء بانتظام خلال الحملة الانتخابية من شأنها أن تسهم في تجنب الصراعات العنيفة وزيادة الدعم الشعبي للعملية الديمقراطية.

ويمكن وضع مدونة سلوك للأحزاب السياسية بأية طريقة من طرق عديدة ومتنوعة للغاية في سماتها:

1) قد تكون جزءاً من القانون الانتخابي ، المحدد من قبل السلطة السيادية في البلاد.

2) قد يتم الاتفاق عليها من قبل الأحزاب السياسية ، نتيجة مفاوضات تامة فيما بينها ، أو ، وهو الأكثر شيوعا ، نتيجة لمفاوضات يديرها طرف ثالث.

3) قد يتم الاتفاق عليها من قبل الطرفين ، ثم يجري تجسيدها وإدراجها في متن القانون.

4) قد يتم تحديدها من قبل طرف ثالث ، مثل هيئة إدارة الانتخابات (EMB).


مدونات السلوك الطوعية

غالباً ما يتم وضع التركيز على أهمية الجانب الطوعي في مدونات قواعد السلوك. وفيما يلي أسباب ذلك :

1) من المرجح أن تشعرالأحزاب السياسية أنها ملزمة بالإتفاقيات والتعهدات التي دخلت فيها بحرية ، وبالتالي قد تكون أكثر عرضة للوفاء بتلك الالتزامات.

2) تعتبر الأطراف أو الأحزاب الداخلة في مدونة سلوك بصورة طوعية أنها قادرة على إلزام نفسها، وإلزام بعضها البعض ، لإجراء أو الامتناع عن أي تصرفات قد تتعارض مع الالتزامات الدولية أو الدستورية مثل حرية التعبير أو التجمع وتكوين الجمعيات.

3) ومن خلال المشاركة في مسائل التشاور وتطوير واستخدام مدونات السلوك الطوعية ، فإن الأحزاب السياسية تساهم بشكل إيجابي في نمط وثقافة الحملة الانتخابية.

على من يجري تطبيق مدونة قواعد السلوك ؟

ينبغي أن تعمل مدونة قواعد السلوك صراحة على إرتباط وإلتزام الأطراف التالية بها على الأقل :

1) سائر الأطراف بما فيها الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين ، و

2) ومن خلال السيطرة والضبط من جانب كل حزب، وقائده ، ومسؤوليه ومرشحيه، وأعضائه.

وبقدر ما هو معقول في ظل الظروف المحلية السائدة ، فإن من المنتظر من أي حزب أن يعمل على ما يلي :

1) ممارسة الرقابة والتحكم في أنشطة وتصرفات أنصاره؛ و

2) تحمل مسؤولية انتهاكات مدونة السلوك من قبل أنصاره ، أو على الأقل إبداء حسن النية ببذل جهد كاف لتوعية مؤيديه بشأن المدونة، وتشجيعهم على الالتزام بها.

إذا جرى في وقت لاحق إدراج مدونة سلوك طوعية وإدخالها ضمن القانون ، فإن القانون أو الإطارالقانوني العام سيحدد من هو الملزم بالمدونة.


ولكن ما الفترة التي يتعين خلالها تطبيق المدونة؟

تتفاوت الفترة وتختلف من حالة إلى حالة : وفي بعض الظروف ، فأنها ستكون فترة الانتخابات، كما ينص عليها القانون ، وفي حالات أخرى ، فإن المدونة نفسها قد تحدد فترة تطبيقها.

كما يجب دوماً تطبيق المدونة في الفترة من بداية الحملة الانتخابية المحددة وحتى إعلان وتصديق النتائج.

وإلى جانب ذلك ، فإنه يجب تطبيق المدونة في أية فترة يمكن إعتبار الانتهاكات فيها بأن لها أثر خطير خاصة على نزاهة العملية الانتخابية. وقد تشمل تلك الفترات المخصصة لتسجيل الأحزاب السياسية ، وتسجيل الناخبين ، وتسمية المرشحين ، والتي تصادف فتراتها جميعها قبل فترة الحملة الإنتخابية الرسمية.

كما أن كثيراً من الأحكام الواردة في مدونة نموذجية لقواعد السلوك ، على سبيل المثال تلك التي تعكس وتعزز حقوق الإنسان العامة أو السياسية ، ستظل نافذة في جميع الأوقات.

العلاقة بين مدونة قواعد السلوك وقانون الانتخابات

في الغالب الأعم، يعمل التشريع الإنتخابي على تحديد الإجراءات والآليات التي يتعين استخدامها عند التعامل مع الشكاوى والنزاعات المتعلقة بالعملية الانتخابية. وتختلف تلك الأحكام بين بلد وآخر، سواء بشأن التفاصيل أو المحتوى ، كما أنها قد تؤثر في كيفية تطبيق أحكام مدونة قواعد السلوك. وعلى سبيل المثال ، فإن القانون الإنتخابي في بلد ما قد ينص على المقاضاة أو آليات غيرها ، مثل الوساطة ، للتعامل مع مخالفة مدونة قواعد السلوك أو المنازعات الناشئة عن انتهاك من ذاك القبيل.

ما هي العقوبات التي يجب تطبيقها عند خرق مدونة السلوك؟

إن أبرز العقوبات الأساسية ، التي ينبغي تطبيقها في سائر الحالات تقريباً ، هي العرض أمام الجمهور لمسألة الخرق وعدم الامتثال لمدونة السلوك من قبل أي طرف أو حزب، أو من قبل أي أشخاص يعتبر الحزب مسؤولاً عن تصرفاتهم. وتتفاوت أنواع العقوبة وتختلف من بلد إلى آخر.

وإذا تم إدراج مدونة سلوك في القانون ، فإن فرض العقوبات الجنائية أو المدنية يصبح نافذاً وقابلاً للتطبيق ، مثل سحب وإلغاء صلاحية المرشحين أو الأحزاب.

ومهما كانت العقوبات المقررة، قانونية أم غيرها، فإن على الحزب وأعضائه أن يكونوا قادرين على فهم التزاماتهم ومسؤولياتهم بكل وضوح. وعليه، فإن من المهم أن تكون كل من الالتزامات والعقوبات موضحة بشكل قانوني.

العلاقة بين مدونة قواعد السلوك لقوانين حقوق الإنسان

وبشكل عام ، فإن مدونة قواعد السلوك المتعارف عليها يجب أن تجسد حقوق الإنسان الأساسية والحقوق السياسية. ومع ذلك ، فإنه قد يكون من بين بعض أحكامها الأكثر قيمة ما يلي :

1) تلك الأحكام التي تتطلب ضبط النفس من كل الأحزاب والأطراف في سياق ممارسة حقوقها .

2) الإجراءات الواجب اتباعها وتطبيقها عند احتمال نشوء أي تعارض أو تضارب بين حقوق الأطراف المختلفة .

ومن بين أشكال ضبط النفس المرغوب فيها، وإجراءات إدارة الحقوق المتضاربة ، فإنه يتعين تحديدها بمثل العوامل التالية:

1) التقاليد والثقافة السياسية الخاصة بالبلد ؛

2) التهديدات التي قد توجد في العملية الانتخابية ؛ و

3) الإطار المؤسساتي السائد.

وفي الماضي ، فإن أهمية الظروف الخاصة لكل بلد قد انعكست على شكل اختلافات كبيرة في مدونات السلوك الوطنية.


تنفيذ مدونة السلوك

حتى تكون أية مدونة سلوك طوعية مفيدة وقيمة، فإن على مختلف الأطراف والأحزاب المعنيين بها، أن يلتزموا بها ، وينظروا إليها على أنها ليست مجرد مجموعة من القواعد الميكانيكية ، ولكن بوصفها مجموعة من المبادئ يتعين إحترامها والوفاء بها، نصاً وروحاً. ولا توجد مدونة سلوك واعدة قادرة على التنبؤ والإستعداد الملائم لمواجهة جميع الظروف والأوضاع التي قد تتم مواجهتها في سياق العمليات الانتخابية. وينبغي تنفيذ مدونة قواعد السلوك بمنطق سليم ونوايا حسنة.

وينبغي على الأطراف المتفاوضة بشأن مدونة قواعد سلوك توقع ما يلي:

1) اللقاء والاجتماع بصورة منتظمة بعد تبني المدونة لمناقشة ومراقبة تنفيذ بنودها خلال فترة الحملة الإنتخابية. ومن الممكن النص في المدونة على إلزامية الإلتقاء والمشاركة في تلك الاجتماعات .

الإلتقاء والاجتماع سوياً، قبل ، وخلال المراحل الأولى من الحملة الانتخابية لمناقشة المدونة وأحكامها. وتعتبر هذه الاجتماعات بمثابة خطوة قيمة نحو القيام بالحملة الانتخابية بروح التسامح والقدرة على الصفح والتحمل.