منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#67085
قلم الدكتور نسيم الخوري

جال جورج ميتشل مجدداً في المنطقة وأمامي النص الحرفي لتقرير «لجنة ميتشل» عن أوضاع الأراضي المحتلة، وقد وضعته في 25 أيار 2001 ،
لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق التي شكلت في مؤتمر سلام الشرق الأوسط لبحث أسباب العنف التي اندلعت بين إسرائيل والفلسطينيين في أيلول من العام 2000، وأهم ما فيه مجموعة من التوصيات بشأن سبل منع تكرار وقوع هذه الأحداث، وفي رأسها مسألتان أو عقدتان و هما: المستوطنات والقدس.‏

في المستوطنات ، كتب جورج ميتشل في تقريره :«تتحمل حكومة إسرائيل وحدها مسؤولية المساهمة في إعادة الثقة ومن الصعب جداً المحافظة على وقف العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين إذا لم تجمد الحكومة الإسرائيلية كل نشاطات بناء المستوطنات، وعلى حكومة إسرائيل أن تدرس جيداً ما إذا كانت هذه المستوطنات التي تشكل نقاط احتكاكٍ حقيقية وسائل مهمة للمقايضة في مفاوضات مستقبلية أو مكامن استفزاز قادرة على أن تحول دون بدء مفاوضات مثمرة».‏

وكتب ميتشل:« منذ تأسيسها قبل نصف قرن، تمتعت إسرائيل بدعم قوي من الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت، في المحافل الدولية، الصوت الوحيد المؤيد لإسرائيل، ولكن حتى في علاقات متينة إلى هذا الحد، كانت تقوم بعض دواعي الخلاف ومن أبرزها معضلة المستوطنات».‏

وقد علق جيمس بيكر، وزير الخارجية الأمريكية آنذاك:« في كل مرة قصدت فيها إسرائيل لمهمة تتعلق بعملية السلام.. كنت استقبل بإعلان عن نشاط استيطاني جيد. هذا انتهاك لسياسة الولايات المتحدة، ومسألة الاستيطان هي أول مسألة يثيرها الفلسطينيون في أراضيهم الذين يعيشون في وضع بائس حقاً، كما يثيرها العرب. ولا أظن أن هناك عقبة تعترض السلام أكبر من العقبة التي يشكلها النشاط الاستيطاني الذي يستمر، لا بصورة مستمرة وحسب، بل بصورة متسارعة. هذه السياسة التي عبر عنها بيكر، تمثل في جوهرها، كما تابع ميتشل، سياسة كل إدارة أمريكية على مدى ثلاثة عقود منصرمة.‏

ولطالما انتقد مجمل البلدان وفي طليعتها تركيا والنروج ودول الاتحاد الأوروبي سياسة الاستيطان الإسرائيلي، لكونها غير شرعية في القانون الدولي وتتعارض مع الاتفاقيات السابقة.‏

وفي الأماكن المقدسة، كتب ميتشل بأنه « من المؤسف للغاية أن تتحول أماكن مثل الحرم الشريف/جبل الهيكل في القدس، وقبر يوسف في نابلس، وقبر راحيل في بيت لحم إلى مسارح للاستيطان والعنف والموت، وهذه أماكن سلام وصلاةٍ وتأمل يجب أن تكون مفتوحة لكل الديانات».‏

أين نحن بعد عقد من الزمن؟‏

لقد زاد الخوف والحقد والغضب، والخطر الأكبر هو أن ثقافة السلام باتت محطمة بفعل الإمعان الإسرائيلي في تخريب المقدسات وانتهاكها كما في ربط السلام بتجميد المستوطنات الإعلامي الإسرائيلي لشهور، مع أن إسرائيل تستمر بتوسيع المستوطنات القائمة مع أن لا فرق على الإطلاق بين إقامة المستوطنات الجديدة والموسعة .‏

طبعاً لا يمكن حصر قضية السلام العادل والشامل بهذين الأمرين المهمين، لطالما يرتسم قوس التسويات على المثلث الفلسطيني السوري اللبناني مجدداً لكن...‏

لكن كان يمكن لي، وأنا أتابع قراءة التقرير الذي لا تتسع المساحة لأهميته، أن أعنون هذا المقال « مضغ الزمن المر» تدليلاً على الرتابة والتكرار، أو «علك المياه الملوثة» إشارة إلى من في فمه ماء لا يبلع ولا يبصق ،ولو دققنا هذا الماء في الأجران يبقى ماءً ولو كانت الأجران مستعارة من مطارح القدس، فإنها تشيع في التاريخ عبر سبعة قرون من السياسة الإسرائيلية الجائرة في حقوق الفلسطينيين ما يشبه «لغة أحجار المطاحن» الدائرة حول نفسها ولو تغيرت الأمكنة أو عمال المطاحن فلن يرشح عنها نقطة زيتٍ منتظرة تحل بعض هذا الصدأ العالق في السلوك الإسرائيلي ، ولا عجب في ذلك لأن غابات الزيتون المقلوعة أمام الجرافات الإسرئيلية في حقول فلسطين لاتدعو أهلها سوى إلى مقاومة أحجار المطاحن والجرافات ولو بالنطف العارية، لم الانتظار إذاً حيث لن تهر تحت تلك المطاحن حبة طحين تصلح لعجينة بزيت ما مستورد من الغرب أو مستقرض من العرب، ترفع فوق بابٍ مهشم معلنة زواجاً ما، أو يستعملها العالم ملاطاً لشقوق كثيرة لا تستقيم ولا تصلب ولو لدقائق في بناء جدران من حصى الوهم بين إسرائيل والفلسطينيين في البحث عن السلام المستحيل.‏