- الثلاثاء ديسمبر 03, 2013 7:57 pm
#67472
قوى ثورية جامحة رصيدها من النقاء والبراءة لا ينفد لكنها تطلقه أحيانا فى الفراغ، ومجلس عسكرى ماكر يخطط للحفاظ على مصالحه ونفوذه لكنه قليل الخبرة بالسياسة ودروبها، وحكومة عاجزة خائرة ليس لديها ما تقدمه وليس بوسعها أن تنفصل جسدا وروحا عن النظام القديم، وبرلمان سجين فإن حرر مساحة للحركة والمناورة سكنها قصر النظر وآفة الأنانية والطمع والشراهة إلى الاستحواذ وقلة الدراية. رجال صغار يدورون حول أنفسهم، بلا خيال ولا حيلة، وشباب مخلص لا يتوقف كثيرا ليتحسس موضع أقدامه، ويعرف أين الصواب؟ هؤلاء لا لوم عليهم، بل أثبتوا أحيانا أن لديهم أفضل مما لدى العواجيز، وأن نظرتهم أبعد وأثقب من نظرة من لا يريدون أن يتركوا لهم المواقع والمناصب. أما الطرف الأول فعليه كل اللوم، وتوبيخه واجب.
وكلما وقعت أزمة داخلية أو خارجية انتظر الناس فعل السلطة التنفيذية الحالية، سواء المجلس العسكرى أو الحكومة، وكذلك السلطة التشريعية، لكن لا شىء يأتى، ولا شىء يفيد. الكل يكافح بشراسة من أجل الحفاظ على مصالحه، ومنافعه. أما حال البلد ومستقبله، فلا يعنى سوى من ليست بأيديهم سلطة قرار، وهم لا يملكون إلا حق الاقتراح والاعتراض والنقد والتقييم والمطالبة، ويفهمون جيدا أنه لا يضيع حق وراءه مطالب، لكنهم قوة غير منظمة، لا يعرف بعضها بعضا إلا قليلا، ولذا ليس بوسعها أن تعبئ الناس وتحشدهم كل وقت فى الاتجاه السليم، الذى يخرجنا من هذه الفترة العصيبة.
لقد أمات المخلوع السياسة فى بلادنا، فألحق أحزاب المعارضة بالسلطة، وفجر ودمر كل حزب تمرد على قواعد اللعبة وطرح نفسه بديلا، وقتل معنويا كل رمز ظهر فى البلاد، حتى لا يرى الناس غيره. ومع موت رجال الدولة الذين نشأوا وتربوا واستووا على سوقهم قبل عهده المشؤوم، لم يعد هناك رجال دولة، بل امتلأت البلد بالموظفين، صغارا وكبارا، وكلهم ينتظرون توجيهات رجل بلا خيال ولا معرفة ولا يجيد سوى العناد والبلادة، ولا يتقن سوى لغة الفساد. وزاد على ذلك تلك المقولة التى روجها بعض المغرضين والمتعجلين والمدافعين عن منافع كسبوها دون أن يبذلوا أى جهد فى سبيلها حول عدم صلاح «الثوريين» ليكونوا «رجال دولة»، مع أن كثيرا من الثورات فى تاريخ الإنسانية أفرزت رجالا أداروا الدولة وحققوا مطالب الثورة، أو طبقوا برنامجها واستراتيجيتها.
إن ما نحن فيه من تخبط وارتباك يكاد أن يودى بأحلام ثورة عظيمة هو نتاج طبيعى لغياب رجال الدولة. وهذا بدوره جزء من الميراث الثقيل الذى تركه المخلوع خلف ظهره، وكان يعلم هذا جيدا لذا حذر من «الفوضى» التى رباها على مدار ثلاثين عاما وادخرها ثم أطلقها يوم خلعه، وراح يلعب فى أنفه، ويبتسم لتلاميذه.
وكلما وقعت أزمة داخلية أو خارجية انتظر الناس فعل السلطة التنفيذية الحالية، سواء المجلس العسكرى أو الحكومة، وكذلك السلطة التشريعية، لكن لا شىء يأتى، ولا شىء يفيد. الكل يكافح بشراسة من أجل الحفاظ على مصالحه، ومنافعه. أما حال البلد ومستقبله، فلا يعنى سوى من ليست بأيديهم سلطة قرار، وهم لا يملكون إلا حق الاقتراح والاعتراض والنقد والتقييم والمطالبة، ويفهمون جيدا أنه لا يضيع حق وراءه مطالب، لكنهم قوة غير منظمة، لا يعرف بعضها بعضا إلا قليلا، ولذا ليس بوسعها أن تعبئ الناس وتحشدهم كل وقت فى الاتجاه السليم، الذى يخرجنا من هذه الفترة العصيبة.
لقد أمات المخلوع السياسة فى بلادنا، فألحق أحزاب المعارضة بالسلطة، وفجر ودمر كل حزب تمرد على قواعد اللعبة وطرح نفسه بديلا، وقتل معنويا كل رمز ظهر فى البلاد، حتى لا يرى الناس غيره. ومع موت رجال الدولة الذين نشأوا وتربوا واستووا على سوقهم قبل عهده المشؤوم، لم يعد هناك رجال دولة، بل امتلأت البلد بالموظفين، صغارا وكبارا، وكلهم ينتظرون توجيهات رجل بلا خيال ولا معرفة ولا يجيد سوى العناد والبلادة، ولا يتقن سوى لغة الفساد. وزاد على ذلك تلك المقولة التى روجها بعض المغرضين والمتعجلين والمدافعين عن منافع كسبوها دون أن يبذلوا أى جهد فى سبيلها حول عدم صلاح «الثوريين» ليكونوا «رجال دولة»، مع أن كثيرا من الثورات فى تاريخ الإنسانية أفرزت رجالا أداروا الدولة وحققوا مطالب الثورة، أو طبقوا برنامجها واستراتيجيتها.
إن ما نحن فيه من تخبط وارتباك يكاد أن يودى بأحلام ثورة عظيمة هو نتاج طبيعى لغياب رجال الدولة. وهذا بدوره جزء من الميراث الثقيل الذى تركه المخلوع خلف ظهره، وكان يعلم هذا جيدا لذا حذر من «الفوضى» التى رباها على مدار ثلاثين عاما وادخرها ثم أطلقها يوم خلعه، وراح يلعب فى أنفه، ويبتسم لتلاميذه.