- الخميس ديسمبر 05, 2013 7:06 pm
#67971
عن: الاسوشيتد برس
ترجمة: علاء غزالة
محافظة واسط – يعمل فريق من المهندسين والعمال الصينيين من شركة الواحة النفطية، وقد لوثت بقع من الزيت بذلاتهم البرتقالية، بالتعاون مع نظرائهم العراقيين تحت الشمس الحارقة من اجل تحضير الارض الجرداء في جنوبي شرقي بغداد للبنية التحتية اللازمة لاستخلاص ونقل السائل اللزج الذي يقبع فيه مستقبل العراق: النفط.
ينتصب علم احمر عند مدخل الشركة، وهي الفرع العراقي للشركة المملوكة للحكومة الصينية، والمسماة المجموعة الصينية الوطنية للبترول، ويَعد ممثلوها من الصينيين كل من يتمكن من استطلاع وجوههم: "سوف نحاول بكل ما اوتينا من قوة من اجل انجاح المشروع."
بات هناك شعور عام متزايد في عراق ما بعد الحرب يتجاوز التأمل في الكيفية التي تدفع بها تلك البلاد التي تمتلك ثالث اكبر احتياطي نفطي معروف في العالم من اجل ان رفع انتاجها. انه ايضا شهادة على المدى الذي تصل اليه الصين لتأمين النفط الذي تمس حاجتها اليه لتغذية اقتصادها المتسارع في الوقت الذي لا يسد انتاجها من النفط الخام سوى جزءا بسيطا من الطلب عليه.
تقول امريتا سَن، المحللة النفطية لبنك باركليز كابيتول العالمي: "الامن النفطي، بالنسبة للصين، غالبا ما يكون بتجنب انقطاع التجهيز وتخفيف آثار التقلبات الشديدة في اسعار النفط. لقد اضحى العراق هدفا واضحا لتأمين براميل النفط من اجل الاستهلاك المستقبلي."
وتبرز الصين اليوم على انها اكبر المستفيدين اقتصاديا من الغزو الاميركي للعراق عام 2003، وهي التي كانت اكثر منتقديه صراحة، وذلك بعد ان اقتنصت خمسة عقود سخية. ففي حين سَكنتْ اهتمامات الشركات الغربية في مزادات النفط العراقية الاخيرة الى حد كبير، حصلت الصين على ثلاثة عقود، غير مبالية بالمخاطر الامنية وعدم الاستقرار السياسي في تلك البلاد من اجل النفط الواعد.
لقد ترك السباق من اجل الحصول على النفط اثرا بارزا لخطى الصين في عدد من البلدان التي بدأ غيرها في التواري عنها، سواء بسبب العنف، ام خرقها لحقوق الانسان، ام لفرض العقوبات عليها.
وبنظرة اكثر شمولا الى منطقة الشرق الاوسط نجد ان الصين قد ساعدت السودان في توسيع صناعتها النفطية، وهي الامة التي يرأسها رجل مطلوب للقضاء الدولي بتهمة ارتكاب جرائم حرب. كما انها وقعّت صفقات مع ايران، الدولة التي يحتمل ان تواجه حكومتها المتشددة عقوبات دولية للمرة الرابعة بسبب الجدل حول برنامجها النووي. وكانت ايران رفضت الاتهامات الاميركية بانها تطمح الى انتاج اسلحة نووية.
ونتيجة لهذه الجهود فان نصف النفط الذي تستهلكه الصين يأتي من هذه المنطقة. كما انها تفوقت على الولايات المتحدة في تعاملها مع كبرى بلدان منظمة الاوبك، المملكة العربية السعودية، حتى اضحت الصين اكبر مستوردي النفط من تلك الدولة. يذكر ان السعودية قامت بانشاء منشأة مشتركة كبرى لتكرير النفط في الصين.
لكن العراق، على كل حال، يجسد افضل آمال بكين في عالم تتزايد فيه صعوبة الحصول على مصادر للنفط الخام الرخيص يعتمد عليها. وبينما يحمل التعامل مع ايران بين طياته عواقب سياسية للصين، فان العراق يمثل مخاطرة محسوبة.
ان تطبيق العقوبات على ايران يحد من الاستثمار في تلك البلاد الى حد كبير، ويمنع الشركات الغربية الكبرى من متابعة المشاريع هناك بفاعلية. وقد تؤدي جولة جديدة من العقوبات التي تنظر فيها الامم المتحدة الى توسيع هذه المحددات. ومع ذلك، فان ايران هي ثالث اكبر مورد نفطي للصين.
يقول صامويل سيزوك، المحلل النفطي في كلوبل انسايت ميد ايست: "العراق في غاية الاهمية لستراتيجة نمو الشركات الصينية، خصوصا مع ترجيح ان تواجه ايران حالة الجمود لسنوات قادمة."
ينتج العراق، هذا البلد الذي عانى من سنوات من الاهمال والحرب والتخريب وقلة الاستثمار، حوالي 2.4 مليون برميل يوميا، وهو يقل كثيرا عن مستويات الانتاج في فترة ما قبل الغزو عام 2003. لكن المسؤولين العراقيين يقولون ان العقود التي احيلت اثناء مزادين لاستثمار حقول النفط والغاز اجريا في العام الماضي يُتوقع ان ترفع الانتاج الى اثني عشر مليون برميل في اليوم خلال مدة سبع سنين. على ان المحللين يقولون ان هذه التقديرات طموحة جدا. وفي اية حال، فان الانتاج سوف يزيد، وسوف تعلب الصين دورا فيه وتجني ثمار ذلك.
وبينما تشترط عقود الانتاج هذه، والتي يبلغ امدها عشرون عاما، على الشركات ان تستحصل سعرا ثابتا عن كل برميل تنتجه، فانها تتيح خيار الدفع بالنفط الخام. يُمكّن هذا الاجراء الشركات من الحصول على تجهيز مستقر وطويل الاجل من النفط. كما يمكن تمديد العقود لخمس سنوات اخرى.
ان حاجات الصين للطاقة واضحة للعيان بقدر التحديات التي تواجهها. فبينما كان العالم يعاني من اسوأ ركود اقتصادي في فترة ستة عقود، فان الاقتصاد الصيني نما بنسبة 8.7 بالمئة في عام 2009. ويتوقع صندوق النقد الدولي ان تصل نسبة النمو الى عشرة بالمئة هذا العام.
وتوصل تقرير صدر عن معهد بلاتس، وهو الفرع المتخصص بمعلومات الطاقة في مؤسسة مكغرو-هيل، ان الطلب الصيني على النفط وصل الى 8.43 مليون برميل يوميا في شهر نيسان، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 12.7 بالمئة عن مستويات نسيان من عام 2009. ويشكل طلب الصين الحالي للنفط ضعف ما يمكنها انتاجه محليا.
ذهبت اربعة صفقات نفطية منحتها الحكومة المركزية العراقية الى الصين، من بين اثني عشر صفقة عقدت منذ عام 2003. لكن حكومة اقليم كردستان في الشمال، والتي وقعت اكثر من عشرين عقدا مع الشركات الاجنبية، لم تمنح الا عقدا واحدا للصين.
ان عمال النفط الصينيين العاملين مع شركة الواحة، والذين يتصببون عراقا تحت شمس العراق اللاهبة وهم يقومون بحفر الابار ويمهدون الارض لبناء البنية التحتية في محافظة واسط الامنة نسبيا، هم اولى علامات هذا التعاون الجديد.
وكانت الشركة قد بدأت في النتقيب جنوبي شرقي بغداد قرب الحدود الايرانية في العام الماضي، لكنها واجهت مشاكل مع الفلاحين بعد تعرض محاصليهم الى الدمار. ومن ثم تدخـّل المسؤولين العراقيين بسرعة والتقوا مع رؤوساء العشائر المحليين من اجل تهدئة التوترات.
تظهر تلك الحادثة عزم العراقيين على عدم ازعاج الشركات النفطية العاملة في البلاد. كما انها تفصح عن تواجد المنقبين الصينيين المتزايد في صناعة كانت حكرا على الشركات الغربية الكبرى في الماضي. غير ان تلك الشركات لم تتمكن من تقديم عروضها بالقوة التي توقعها الكثيرون، مركزين نظرهم على الحقول في الاماكن المستقرة نسبيا، حيث يكون النفط سهلا الانتاج كذلك.
ليس لدى الصينيون مثل هذه المخاوف. عيّن مسؤولو شركاتها ثلاثمئة وخمسين من الموظفين لحماية البنية التحتية النفطية، بينما يقدم العشرات غيرهم خدمات اسنادية اخرى. يقول مايو يوليانغ، مدير الانتاج الصيني في شركة الواحة: "اعتقد ان البيئتين السياسية والاجتماعية جيدتان، كما ان الوضع الامني لم يكن على درجة السوء التي كنا نتوقعها."
ترجمة: علاء غزالة
محافظة واسط – يعمل فريق من المهندسين والعمال الصينيين من شركة الواحة النفطية، وقد لوثت بقع من الزيت بذلاتهم البرتقالية، بالتعاون مع نظرائهم العراقيين تحت الشمس الحارقة من اجل تحضير الارض الجرداء في جنوبي شرقي بغداد للبنية التحتية اللازمة لاستخلاص ونقل السائل اللزج الذي يقبع فيه مستقبل العراق: النفط.
ينتصب علم احمر عند مدخل الشركة، وهي الفرع العراقي للشركة المملوكة للحكومة الصينية، والمسماة المجموعة الصينية الوطنية للبترول، ويَعد ممثلوها من الصينيين كل من يتمكن من استطلاع وجوههم: "سوف نحاول بكل ما اوتينا من قوة من اجل انجاح المشروع."
بات هناك شعور عام متزايد في عراق ما بعد الحرب يتجاوز التأمل في الكيفية التي تدفع بها تلك البلاد التي تمتلك ثالث اكبر احتياطي نفطي معروف في العالم من اجل ان رفع انتاجها. انه ايضا شهادة على المدى الذي تصل اليه الصين لتأمين النفط الذي تمس حاجتها اليه لتغذية اقتصادها المتسارع في الوقت الذي لا يسد انتاجها من النفط الخام سوى جزءا بسيطا من الطلب عليه.
تقول امريتا سَن، المحللة النفطية لبنك باركليز كابيتول العالمي: "الامن النفطي، بالنسبة للصين، غالبا ما يكون بتجنب انقطاع التجهيز وتخفيف آثار التقلبات الشديدة في اسعار النفط. لقد اضحى العراق هدفا واضحا لتأمين براميل النفط من اجل الاستهلاك المستقبلي."
وتبرز الصين اليوم على انها اكبر المستفيدين اقتصاديا من الغزو الاميركي للعراق عام 2003، وهي التي كانت اكثر منتقديه صراحة، وذلك بعد ان اقتنصت خمسة عقود سخية. ففي حين سَكنتْ اهتمامات الشركات الغربية في مزادات النفط العراقية الاخيرة الى حد كبير، حصلت الصين على ثلاثة عقود، غير مبالية بالمخاطر الامنية وعدم الاستقرار السياسي في تلك البلاد من اجل النفط الواعد.
لقد ترك السباق من اجل الحصول على النفط اثرا بارزا لخطى الصين في عدد من البلدان التي بدأ غيرها في التواري عنها، سواء بسبب العنف، ام خرقها لحقوق الانسان، ام لفرض العقوبات عليها.
وبنظرة اكثر شمولا الى منطقة الشرق الاوسط نجد ان الصين قد ساعدت السودان في توسيع صناعتها النفطية، وهي الامة التي يرأسها رجل مطلوب للقضاء الدولي بتهمة ارتكاب جرائم حرب. كما انها وقعّت صفقات مع ايران، الدولة التي يحتمل ان تواجه حكومتها المتشددة عقوبات دولية للمرة الرابعة بسبب الجدل حول برنامجها النووي. وكانت ايران رفضت الاتهامات الاميركية بانها تطمح الى انتاج اسلحة نووية.
ونتيجة لهذه الجهود فان نصف النفط الذي تستهلكه الصين يأتي من هذه المنطقة. كما انها تفوقت على الولايات المتحدة في تعاملها مع كبرى بلدان منظمة الاوبك، المملكة العربية السعودية، حتى اضحت الصين اكبر مستوردي النفط من تلك الدولة. يذكر ان السعودية قامت بانشاء منشأة مشتركة كبرى لتكرير النفط في الصين.
لكن العراق، على كل حال، يجسد افضل آمال بكين في عالم تتزايد فيه صعوبة الحصول على مصادر للنفط الخام الرخيص يعتمد عليها. وبينما يحمل التعامل مع ايران بين طياته عواقب سياسية للصين، فان العراق يمثل مخاطرة محسوبة.
ان تطبيق العقوبات على ايران يحد من الاستثمار في تلك البلاد الى حد كبير، ويمنع الشركات الغربية الكبرى من متابعة المشاريع هناك بفاعلية. وقد تؤدي جولة جديدة من العقوبات التي تنظر فيها الامم المتحدة الى توسيع هذه المحددات. ومع ذلك، فان ايران هي ثالث اكبر مورد نفطي للصين.
يقول صامويل سيزوك، المحلل النفطي في كلوبل انسايت ميد ايست: "العراق في غاية الاهمية لستراتيجة نمو الشركات الصينية، خصوصا مع ترجيح ان تواجه ايران حالة الجمود لسنوات قادمة."
ينتج العراق، هذا البلد الذي عانى من سنوات من الاهمال والحرب والتخريب وقلة الاستثمار، حوالي 2.4 مليون برميل يوميا، وهو يقل كثيرا عن مستويات الانتاج في فترة ما قبل الغزو عام 2003. لكن المسؤولين العراقيين يقولون ان العقود التي احيلت اثناء مزادين لاستثمار حقول النفط والغاز اجريا في العام الماضي يُتوقع ان ترفع الانتاج الى اثني عشر مليون برميل في اليوم خلال مدة سبع سنين. على ان المحللين يقولون ان هذه التقديرات طموحة جدا. وفي اية حال، فان الانتاج سوف يزيد، وسوف تعلب الصين دورا فيه وتجني ثمار ذلك.
وبينما تشترط عقود الانتاج هذه، والتي يبلغ امدها عشرون عاما، على الشركات ان تستحصل سعرا ثابتا عن كل برميل تنتجه، فانها تتيح خيار الدفع بالنفط الخام. يُمكّن هذا الاجراء الشركات من الحصول على تجهيز مستقر وطويل الاجل من النفط. كما يمكن تمديد العقود لخمس سنوات اخرى.
ان حاجات الصين للطاقة واضحة للعيان بقدر التحديات التي تواجهها. فبينما كان العالم يعاني من اسوأ ركود اقتصادي في فترة ستة عقود، فان الاقتصاد الصيني نما بنسبة 8.7 بالمئة في عام 2009. ويتوقع صندوق النقد الدولي ان تصل نسبة النمو الى عشرة بالمئة هذا العام.
وتوصل تقرير صدر عن معهد بلاتس، وهو الفرع المتخصص بمعلومات الطاقة في مؤسسة مكغرو-هيل، ان الطلب الصيني على النفط وصل الى 8.43 مليون برميل يوميا في شهر نيسان، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 12.7 بالمئة عن مستويات نسيان من عام 2009. ويشكل طلب الصين الحالي للنفط ضعف ما يمكنها انتاجه محليا.
ذهبت اربعة صفقات نفطية منحتها الحكومة المركزية العراقية الى الصين، من بين اثني عشر صفقة عقدت منذ عام 2003. لكن حكومة اقليم كردستان في الشمال، والتي وقعت اكثر من عشرين عقدا مع الشركات الاجنبية، لم تمنح الا عقدا واحدا للصين.
ان عمال النفط الصينيين العاملين مع شركة الواحة، والذين يتصببون عراقا تحت شمس العراق اللاهبة وهم يقومون بحفر الابار ويمهدون الارض لبناء البنية التحتية في محافظة واسط الامنة نسبيا، هم اولى علامات هذا التعاون الجديد.
وكانت الشركة قد بدأت في النتقيب جنوبي شرقي بغداد قرب الحدود الايرانية في العام الماضي، لكنها واجهت مشاكل مع الفلاحين بعد تعرض محاصليهم الى الدمار. ومن ثم تدخـّل المسؤولين العراقيين بسرعة والتقوا مع رؤوساء العشائر المحليين من اجل تهدئة التوترات.
تظهر تلك الحادثة عزم العراقيين على عدم ازعاج الشركات النفطية العاملة في البلاد. كما انها تفصح عن تواجد المنقبين الصينيين المتزايد في صناعة كانت حكرا على الشركات الغربية الكبرى في الماضي. غير ان تلك الشركات لم تتمكن من تقديم عروضها بالقوة التي توقعها الكثيرون، مركزين نظرهم على الحقول في الاماكن المستقرة نسبيا، حيث يكون النفط سهلا الانتاج كذلك.
ليس لدى الصينيون مثل هذه المخاوف. عيّن مسؤولو شركاتها ثلاثمئة وخمسين من الموظفين لحماية البنية التحتية النفطية، بينما يقدم العشرات غيرهم خدمات اسنادية اخرى. يقول مايو يوليانغ، مدير الانتاج الصيني في شركة الواحة: "اعتقد ان البيئتين السياسية والاجتماعية جيدتان، كما ان الوضع الامني لم يكن على درجة السوء التي كنا نتوقعها."