- الخميس ديسمبر 05, 2013 8:11 pm
#67980
تشير التقارير الصحفية إلى أن الولايات المتحدة، ممثلة في شخص نائب وزير الخارجية وليام بيرنز، أجرت خلال الأشهر الأخيرة مناقشات ثنائية سرية مكثفة مع كبار المسؤولين الإيرانيين. وتنعقد الآمال على أن تكون هذه المناقشات رفيعة المستوى قد تمت بالفعل وستستمر، وتوفر مناخاً مثالياً لمناقشة الخطوات التي يمكن أن يتخذها كل طرف الآن بعد التوقيع على اتفاق، بما في ذلك تفسير النصوص التي تُركت غامضة عمداً في الوثيقة التي تم الإفصاح عنها للجمهور.
النصوص الغامضة
في الاتفاقات النووية السابقة التي وقعت في عامي 2003 و 2004، فسّرت إيران الشروط بشكل واسع النطاق زاعمةً أن الاتفاقات سمحت بأنشطة ظنت أطراف أخرى أنها محظورة بوضوح. وفي النهاية، تراجعت إيران عن الاتفاقات مدعيةً أن الغرب لم يفي بالتزاماته كما فهمتها طهران. وفي الواقع، وبطبيعة الحال، أن إيران ربما كانت تستغل هذا الاستدلال كمبرر للانسحاب من الاتفاقات التي لا توافق رغبتها. وتوضح هذه التجربة بعض التحديات التي تواجه تنفيذ أي اتفاق من هذا القبيل حيث يوجد احتمال دائم لقيام تفسيرات متباينة.
وعلى الرغم من أنه يقع على عاتق طهران العديد من الالتزامات بمقتضى «خطة العمل المشترك»، إلا أن هذه الالتزامات ليست مرتبطة بجداول زمنية. فعلى سبيل المثال، من ضمن حقوق طهران الانتظار لمدة خمسة أشهر قبل الإيفاء بشرط خفض نسبة تخصيب نصف مخزونها من اليورانيوم المخصب من 20 بالمائة إلى 5 بالمائة - على افتراض أن النظام سوف يسمح لمفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بالدخول إلى منشآت تصنيع أجهزة الطرد المركزي، أو سوف يتفق مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" على ضمانات لمفاعل "آراك"، أو سوف يسمح للمفتشين بالدخول اليومي إلى محطتي "فوردو" و "نطنز".
وهذا هو أحد المجالات التي يمكن أن تمثل فيه المحادثات المستمرة التي تتم عبر القنوات الخلفية فائدة كبيرة - إي إثارة أي مخاوف وإبداء الأسباب وراء التأخيرات الحتمية التي سوف تحدث في بعض الجوانب. وفي هذه المحادثات، ينبغي على واشنطن أن توضح بقوة أن إجراءاتها ضمن تنفيذ «خطة العمل المشترك» سوف تكون مرتبطة بامتثال إيران. على سبيل المثال، لا تنص «خطة العمل المشترك» على جدول زمني لتعليق العقوبات الأمريكية على صادرات إيران البتروكيماوية وتجارة الذهب وواردات صناعة السيارات. ولا ينبغي رفع هذه العقوبات بناء على حسن النية بأن إيران ستفي بالتزاماتها الواردة في الاتفاق في نهاية المطاف. كما أن الممارسات التفاوضية الأفضل تدعو إلى الوصول إلى تفاهم متفق عليه بشأن سرعة تنفيذ كل طرف لالتزاماته.
ونلفت الانتباه هنا إلى أن هناك عدداً من النصوص الأخرى في «خطة العمل المشترك» يشوبها الغموض. وعلى وجه الخصوص، يذكر النص أن "الإدارة الأمريكية التي - تتصرف وفقاً للأدوار المحددة للرئيس والكونغرس - ستمتنع عن فرض عقوبات جديدة ذات صلة بالبرنامج النووي". ويبدو هذا النص واضحاً بشكل كاف ولكنه يترك أسئلة رئيسية بدون إجابة. وربما يكون الشيء الأهم هو تطبيق الولايات المتحدة لعقوباتها الحالية. وهذا التطبيق تطلب تصنيفاً متكرراً لكيانات وأفراد آخرين داخل الجمهورية الإسلامية المرتبطين بها على أنهم إرهابيين، ويرجع ذلك في كثير من الأحيان إلى أن إيران تستخدم حيلاً لتجنب العقوبات الأمريكية. وإذا ما استمرت واشنطن في تصنيف جهات إضافية تخترق نظام العقوبات على أنها جهات إرهابية، فقد تشتكي طهران من أن الولايات المتحدة تتراجع عن التزاماتها بموجب الاتفاق من خلال سن عقوبات جديدة. ولكن إذا غضت واشنطن الطرف عن خطط إيران الجديدة التي تهدف إلى تجنب القيود المفروضة، فسوف تتآكل العقوبات القائمة وسيكون لدى الجمهورية الإسلامية حافز أقل للاستمرار في المفاوضات أو حتى مراعاة اتفاقية جنيف.
ومثلما لا تتحدث «خطة العمل المشترك» عن الإجراءات الجديدة لتنفيذ العقوبات القائمة، فإنها لا تذكر أي شيء عن التهديدات بفرض عقوبات إضافية في نهاية المطاف إذا فشلت المحادثات، حيث يقتصر النص على حظر "فرض عقوبات جديدة". وعلى سبيل المقارنة، فإنه في ظل تشريع العقوبات الذي ينظر فيه مجلس الشيوخ الأمريكي سيتم فرض عقوبات جديدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق كامل في غضون 180 يوماً بعد توقيع اتفاق جنيف. ويقول أنصار مشروع القانون في مجلس الشيوخ إن هذا البند هو بمثابة محفز للتوصل إلى حل شامل، وليس وسيلة ضغط لفرض عقوبات جديدة تنتهك «خطة العمل المشترك». وبعد بيان ما سبق، فإن طهران سوف تملأ الدنيا صخباً وضجيجاً إذا ما تم إقرار مشروع القانون في مجلس الشيوخ. أما نصوص اتفاق جنيف فهي تحدد مساحة لفرض عقوبات جديدة على إيران لأسباب غير متصلة بالقضية النووية، مثل انتهاكات حقوق الإنسان أو دعم الإرهاب أو الاتجار بالمخدرات - وهي أمور تم الاستشهاد بها جميعاً كمبرر لفرض بعض العقوبات ضد إيران. ومن الناحية العملية، يُرجح أن تشكو طهران بشأن أي عقوبات من هذا القبيل. يرجح أن يتم تنفيذ اتفاق جنيف إذا أوضحت إدارة أوباما لطهران الطبيعة المحدودة للالتزامات الأمريكية بموجب الاتفاق. وإذا كانت إيران من الناحية الأخرى تريد تطمينات من خلال خطوات أمريكية غير تلك التي تم تحديدها، فيجب على طهران أن تظهر رغبة ملموسة في اتخاذ خطوات إضافية.
التقدم المحرز بدءً من جنيف إلى الحل الشامل
لقد أكد المسؤولون الأمريكيون على أن اتفاق جنيف ما هو إلا خطوة أولى. وتتبنى «خطة العمل المشترك» نفس الصياغة المستخدمة في تقارير الإحاطة بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر التي قدمها "مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية" حول "حل الخطوة الأولى ثم الحل الشامل". فقد قال ذلك المسؤول، مشيراً إلى الاتفاقات التي كانت خاضعة للنقاش في ذلك الحين، "إنه ليس اتفاقاً مرحلياً لا تستطيع مطلقاً إنجاز ما تبقى منه. إنه خطوة أولى يجب أن يقودك نحو ما تحاول حله من خلال اتفاق شامل".
لكن الجدول الزمني المحدد للتوصل إلى اتفاق شامل يتسم بطابع أكثر مرونة عن فترة الستة أشهر التي يكثر الاستشهاد بها. وتقول «خطة العمل المشترك» "ستكون الخطوة الأولى محددة بفترة زمنية أمدها ستة أشهر يمكن تجديدها من خلال الاتفاق المشترك، ويعمل خلالها جميع الأطراف على الحفاظ على مناخ بنّاء للمفاوضات التي تستند على حسن النية". وهذه الصياغة لا تلزم طهران سوى بالتفاوض عن حسنة نية خلال فترة الستة أشهر المشار إليها. وفي الواقع أن القسم الذي عنوانه "عناصر الخطوة النهائية للاتفاق الشامل" يستعرض "الخطوات النهائية لحل شامل تهدف الأطراف إلى التوصل إليه والبدء في تطبيقه في فترة لا تزيد عن عام واحد عقب إقرار هذه الوثيقة" - مما يعني أن المفاوضات قد تستمر لمدة سنة وليس ستة أشهر.
ومن الناحية العملية، يصعب تحديد الظروف التي يمكن فيها لـ "مجموعة الخمسة زائد واحد"، كما تُعرف الدول التي تتفاوض مع إيران، أن ترفض تجديد اتفاق جنيف. وفي الواقع أنه سيكون من شبه المستحيل أن تفسر "مجموعة دول الخمسة زائد واحد" لماذا أن اتفاقاً كان جيداً بما يكفي لفترة ستة أشهر ليس جيداً بما يكفي لست سنوات - أو بشكل دائم. بيد أن التزامات إيران في جانبين رئيسيين تستمر لمدة ستة أشهر فقط وهي: "إيران تعلن أنها لن تقوم بتخصيب اليورانيوم إلى نسب تتجاوز 5 بالمائة خلال فترة الستة أشهر" و "إيران كانت قد قررت أن تحول سداسي فلوريد اليورانيوم [نوع ليس من السهل تحويله بصورة أكثر] الذي تم تخصيبه مؤخراً حتى 5 في المائة إلى أكسيد خلال فترة الستة أشهر". ولا يرد في «خطة العمل المشترك» ما يبين إن كان سيجري إطالة أجل هذه الالتزامات إذا تم تمديد الاتفاق.
إن الآلية الرئيسية في اتفاق جنيف لدفع إيران نحو حل شامل هو الطبيعة الجزئية لتخفيف العقوبات، مع وجود عنصر هام (الإفراج عن بعض الأموال المودعة في مصارف خارج إيران) يكون محدوداً بفترة زمنية. لذا فإن الضغط على إيران سوف يعتمد في المقام الأول على مدى القوة في تنفيذ العقوبات الحالية. بيد أنه وكما ذكر أعلاه، يرجح أن تعترض طهران على أي إجراءات تنفيذية من خلال وصفها بأنها عقوبات جديدة. وهذه قضية أخرى يلزم التوصل إلى اتفاق جانبي بشأنها بعيداً عن الجمهور.
الاعتراف بالحقيقة أفضل من التمادي في التظاهر والادعاء
إذا ما انهار اتفاق جنيف كما حدث مع الاتفاقات النووية السابقة مع إيران في الأعوام 2003، 2004 و 2009، فسوف تترتب على ذلك أزمة خطيرة. فيمكن أن يؤدي فشل الاتفاق إلى تعزيز شكوك إيران تجاه الغرب، وهي شكوك لا يزال المرشد الأعلى علي خامنئي يعبر عنها في موافقته الحذرة على المحادثات النووية. ولو رفضت إيران في نهاية المطاف قيوداً قبلت بها الآن، فإن تلك الخطوة سوف تعزز المخاوف في الغرب والمنطقة - لا سيما ملكيات الخليج وإسرائيل - بأن إيران كانت تستعد "لتجاوز العتبة النووية" أو القيام بالخطوات الأخيرة قبل الانطلاق نحو امتلاك قدرات تصنيع الأسلحة النووية. وبذلك سينكشف السيناريو الذي سعى المجتمع الدولي إلى تجنبه من خلال التوصل إلى اتفاق، وستكون الخيارات هي قبول امتلاك إيران لقنبلة نووية أو توجيه ضربة إليها.
وبالتالي، ستميل واشنطن إلى الإصرار على أن كل شيء على ما يرام: من خلال تأكيد الغموض الذي يشوب المعلومات الاستخباراتية بشأن الانتهاكات، وتصنيف أي مشاكل على أنها طفيفة ويمكن إصلاحها بسهولة. أضف إلى ذلك الغريزة المهنية لدى الدبلوماسيين الذين يرون أن لديهم الأدوات لحل الخلافات. والمفارقة هي أن الاتجاه المتسامح نسبياً من هذا القبيل قد يعرِّض الحل السلمي للأزمة النووية للخطر، لأن النقاد سينظرون إلى أوجه القصور الخفية باعتبارها تغطية ودليلاً على فشل الاتفاق. والأفضل من ذلك بكثير هو تحييد النقاد من خلال الإقرار على الفور وبصراحة وانتظام على أن الاتفاق النووي هو عمل لم يكتمل بعد وأنه ليس من المفترض أن يسير كل شيء وفق الخطة وأن مسائل غير متوقعة سوف تنشأ الأمر الذي يتطلب اتفاقاً آخر. إن مواجهة الحقيقة أمر صعب، لكن التظاهر والادعاء نادراً ما يكون بديلاً مستداماً.
پاتريك كلاوسون هو مدير الأبحاث في معهد واشنطن.
النصوص الغامضة
في الاتفاقات النووية السابقة التي وقعت في عامي 2003 و 2004، فسّرت إيران الشروط بشكل واسع النطاق زاعمةً أن الاتفاقات سمحت بأنشطة ظنت أطراف أخرى أنها محظورة بوضوح. وفي النهاية، تراجعت إيران عن الاتفاقات مدعيةً أن الغرب لم يفي بالتزاماته كما فهمتها طهران. وفي الواقع، وبطبيعة الحال، أن إيران ربما كانت تستغل هذا الاستدلال كمبرر للانسحاب من الاتفاقات التي لا توافق رغبتها. وتوضح هذه التجربة بعض التحديات التي تواجه تنفيذ أي اتفاق من هذا القبيل حيث يوجد احتمال دائم لقيام تفسيرات متباينة.
وعلى الرغم من أنه يقع على عاتق طهران العديد من الالتزامات بمقتضى «خطة العمل المشترك»، إلا أن هذه الالتزامات ليست مرتبطة بجداول زمنية. فعلى سبيل المثال، من ضمن حقوق طهران الانتظار لمدة خمسة أشهر قبل الإيفاء بشرط خفض نسبة تخصيب نصف مخزونها من اليورانيوم المخصب من 20 بالمائة إلى 5 بالمائة - على افتراض أن النظام سوف يسمح لمفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بالدخول إلى منشآت تصنيع أجهزة الطرد المركزي، أو سوف يتفق مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" على ضمانات لمفاعل "آراك"، أو سوف يسمح للمفتشين بالدخول اليومي إلى محطتي "فوردو" و "نطنز".
وهذا هو أحد المجالات التي يمكن أن تمثل فيه المحادثات المستمرة التي تتم عبر القنوات الخلفية فائدة كبيرة - إي إثارة أي مخاوف وإبداء الأسباب وراء التأخيرات الحتمية التي سوف تحدث في بعض الجوانب. وفي هذه المحادثات، ينبغي على واشنطن أن توضح بقوة أن إجراءاتها ضمن تنفيذ «خطة العمل المشترك» سوف تكون مرتبطة بامتثال إيران. على سبيل المثال، لا تنص «خطة العمل المشترك» على جدول زمني لتعليق العقوبات الأمريكية على صادرات إيران البتروكيماوية وتجارة الذهب وواردات صناعة السيارات. ولا ينبغي رفع هذه العقوبات بناء على حسن النية بأن إيران ستفي بالتزاماتها الواردة في الاتفاق في نهاية المطاف. كما أن الممارسات التفاوضية الأفضل تدعو إلى الوصول إلى تفاهم متفق عليه بشأن سرعة تنفيذ كل طرف لالتزاماته.
ونلفت الانتباه هنا إلى أن هناك عدداً من النصوص الأخرى في «خطة العمل المشترك» يشوبها الغموض. وعلى وجه الخصوص، يذكر النص أن "الإدارة الأمريكية التي - تتصرف وفقاً للأدوار المحددة للرئيس والكونغرس - ستمتنع عن فرض عقوبات جديدة ذات صلة بالبرنامج النووي". ويبدو هذا النص واضحاً بشكل كاف ولكنه يترك أسئلة رئيسية بدون إجابة. وربما يكون الشيء الأهم هو تطبيق الولايات المتحدة لعقوباتها الحالية. وهذا التطبيق تطلب تصنيفاً متكرراً لكيانات وأفراد آخرين داخل الجمهورية الإسلامية المرتبطين بها على أنهم إرهابيين، ويرجع ذلك في كثير من الأحيان إلى أن إيران تستخدم حيلاً لتجنب العقوبات الأمريكية. وإذا ما استمرت واشنطن في تصنيف جهات إضافية تخترق نظام العقوبات على أنها جهات إرهابية، فقد تشتكي طهران من أن الولايات المتحدة تتراجع عن التزاماتها بموجب الاتفاق من خلال سن عقوبات جديدة. ولكن إذا غضت واشنطن الطرف عن خطط إيران الجديدة التي تهدف إلى تجنب القيود المفروضة، فسوف تتآكل العقوبات القائمة وسيكون لدى الجمهورية الإسلامية حافز أقل للاستمرار في المفاوضات أو حتى مراعاة اتفاقية جنيف.
ومثلما لا تتحدث «خطة العمل المشترك» عن الإجراءات الجديدة لتنفيذ العقوبات القائمة، فإنها لا تذكر أي شيء عن التهديدات بفرض عقوبات إضافية في نهاية المطاف إذا فشلت المحادثات، حيث يقتصر النص على حظر "فرض عقوبات جديدة". وعلى سبيل المقارنة، فإنه في ظل تشريع العقوبات الذي ينظر فيه مجلس الشيوخ الأمريكي سيتم فرض عقوبات جديدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق كامل في غضون 180 يوماً بعد توقيع اتفاق جنيف. ويقول أنصار مشروع القانون في مجلس الشيوخ إن هذا البند هو بمثابة محفز للتوصل إلى حل شامل، وليس وسيلة ضغط لفرض عقوبات جديدة تنتهك «خطة العمل المشترك». وبعد بيان ما سبق، فإن طهران سوف تملأ الدنيا صخباً وضجيجاً إذا ما تم إقرار مشروع القانون في مجلس الشيوخ. أما نصوص اتفاق جنيف فهي تحدد مساحة لفرض عقوبات جديدة على إيران لأسباب غير متصلة بالقضية النووية، مثل انتهاكات حقوق الإنسان أو دعم الإرهاب أو الاتجار بالمخدرات - وهي أمور تم الاستشهاد بها جميعاً كمبرر لفرض بعض العقوبات ضد إيران. ومن الناحية العملية، يُرجح أن تشكو طهران بشأن أي عقوبات من هذا القبيل. يرجح أن يتم تنفيذ اتفاق جنيف إذا أوضحت إدارة أوباما لطهران الطبيعة المحدودة للالتزامات الأمريكية بموجب الاتفاق. وإذا كانت إيران من الناحية الأخرى تريد تطمينات من خلال خطوات أمريكية غير تلك التي تم تحديدها، فيجب على طهران أن تظهر رغبة ملموسة في اتخاذ خطوات إضافية.
التقدم المحرز بدءً من جنيف إلى الحل الشامل
لقد أكد المسؤولون الأمريكيون على أن اتفاق جنيف ما هو إلا خطوة أولى. وتتبنى «خطة العمل المشترك» نفس الصياغة المستخدمة في تقارير الإحاطة بتاريخ 6 تشرين الثاني/نوفمبر التي قدمها "مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية" حول "حل الخطوة الأولى ثم الحل الشامل". فقد قال ذلك المسؤول، مشيراً إلى الاتفاقات التي كانت خاضعة للنقاش في ذلك الحين، "إنه ليس اتفاقاً مرحلياً لا تستطيع مطلقاً إنجاز ما تبقى منه. إنه خطوة أولى يجب أن يقودك نحو ما تحاول حله من خلال اتفاق شامل".
لكن الجدول الزمني المحدد للتوصل إلى اتفاق شامل يتسم بطابع أكثر مرونة عن فترة الستة أشهر التي يكثر الاستشهاد بها. وتقول «خطة العمل المشترك» "ستكون الخطوة الأولى محددة بفترة زمنية أمدها ستة أشهر يمكن تجديدها من خلال الاتفاق المشترك، ويعمل خلالها جميع الأطراف على الحفاظ على مناخ بنّاء للمفاوضات التي تستند على حسن النية". وهذه الصياغة لا تلزم طهران سوى بالتفاوض عن حسنة نية خلال فترة الستة أشهر المشار إليها. وفي الواقع أن القسم الذي عنوانه "عناصر الخطوة النهائية للاتفاق الشامل" يستعرض "الخطوات النهائية لحل شامل تهدف الأطراف إلى التوصل إليه والبدء في تطبيقه في فترة لا تزيد عن عام واحد عقب إقرار هذه الوثيقة" - مما يعني أن المفاوضات قد تستمر لمدة سنة وليس ستة أشهر.
ومن الناحية العملية، يصعب تحديد الظروف التي يمكن فيها لـ "مجموعة الخمسة زائد واحد"، كما تُعرف الدول التي تتفاوض مع إيران، أن ترفض تجديد اتفاق جنيف. وفي الواقع أنه سيكون من شبه المستحيل أن تفسر "مجموعة دول الخمسة زائد واحد" لماذا أن اتفاقاً كان جيداً بما يكفي لفترة ستة أشهر ليس جيداً بما يكفي لست سنوات - أو بشكل دائم. بيد أن التزامات إيران في جانبين رئيسيين تستمر لمدة ستة أشهر فقط وهي: "إيران تعلن أنها لن تقوم بتخصيب اليورانيوم إلى نسب تتجاوز 5 بالمائة خلال فترة الستة أشهر" و "إيران كانت قد قررت أن تحول سداسي فلوريد اليورانيوم [نوع ليس من السهل تحويله بصورة أكثر] الذي تم تخصيبه مؤخراً حتى 5 في المائة إلى أكسيد خلال فترة الستة أشهر". ولا يرد في «خطة العمل المشترك» ما يبين إن كان سيجري إطالة أجل هذه الالتزامات إذا تم تمديد الاتفاق.
إن الآلية الرئيسية في اتفاق جنيف لدفع إيران نحو حل شامل هو الطبيعة الجزئية لتخفيف العقوبات، مع وجود عنصر هام (الإفراج عن بعض الأموال المودعة في مصارف خارج إيران) يكون محدوداً بفترة زمنية. لذا فإن الضغط على إيران سوف يعتمد في المقام الأول على مدى القوة في تنفيذ العقوبات الحالية. بيد أنه وكما ذكر أعلاه، يرجح أن تعترض طهران على أي إجراءات تنفيذية من خلال وصفها بأنها عقوبات جديدة. وهذه قضية أخرى يلزم التوصل إلى اتفاق جانبي بشأنها بعيداً عن الجمهور.
الاعتراف بالحقيقة أفضل من التمادي في التظاهر والادعاء
إذا ما انهار اتفاق جنيف كما حدث مع الاتفاقات النووية السابقة مع إيران في الأعوام 2003، 2004 و 2009، فسوف تترتب على ذلك أزمة خطيرة. فيمكن أن يؤدي فشل الاتفاق إلى تعزيز شكوك إيران تجاه الغرب، وهي شكوك لا يزال المرشد الأعلى علي خامنئي يعبر عنها في موافقته الحذرة على المحادثات النووية. ولو رفضت إيران في نهاية المطاف قيوداً قبلت بها الآن، فإن تلك الخطوة سوف تعزز المخاوف في الغرب والمنطقة - لا سيما ملكيات الخليج وإسرائيل - بأن إيران كانت تستعد "لتجاوز العتبة النووية" أو القيام بالخطوات الأخيرة قبل الانطلاق نحو امتلاك قدرات تصنيع الأسلحة النووية. وبذلك سينكشف السيناريو الذي سعى المجتمع الدولي إلى تجنبه من خلال التوصل إلى اتفاق، وستكون الخيارات هي قبول امتلاك إيران لقنبلة نووية أو توجيه ضربة إليها.
وبالتالي، ستميل واشنطن إلى الإصرار على أن كل شيء على ما يرام: من خلال تأكيد الغموض الذي يشوب المعلومات الاستخباراتية بشأن الانتهاكات، وتصنيف أي مشاكل على أنها طفيفة ويمكن إصلاحها بسهولة. أضف إلى ذلك الغريزة المهنية لدى الدبلوماسيين الذين يرون أن لديهم الأدوات لحل الخلافات. والمفارقة هي أن الاتجاه المتسامح نسبياً من هذا القبيل قد يعرِّض الحل السلمي للأزمة النووية للخطر، لأن النقاد سينظرون إلى أوجه القصور الخفية باعتبارها تغطية ودليلاً على فشل الاتفاق. والأفضل من ذلك بكثير هو تحييد النقاد من خلال الإقرار على الفور وبصراحة وانتظام على أن الاتفاق النووي هو عمل لم يكتمل بعد وأنه ليس من المفترض أن يسير كل شيء وفق الخطة وأن مسائل غير متوقعة سوف تنشأ الأمر الذي يتطلب اتفاقاً آخر. إن مواجهة الحقيقة أمر صعب، لكن التظاهر والادعاء نادراً ما يكون بديلاً مستداماً.
پاتريك كلاوسون هو مدير الأبحاث في معهد واشنطن.