- السبت ديسمبر 07, 2013 4:09 am
#68109
رغم النزاع بين المجتمعات المحلية ومختلف الانتماءات العقائدية، واغتيال العاملين في قطاع الصحة، وانعدام الأمن المستفحل، واستحالة الوصول إلى بعض المناطق من البلاد، ما زال عمال الإغاثة يواصلون عملهم اليوم في جمهورية أفريقيا الوسطى ويستمرون في طلب المزيد من التعزيزات. وهكذا، أضيفت ست عمليات تدخل طارئة، في غرب ووسط البلاد على الخصوص، إلى البرامج السبعة المنتظمة التي تديرها «أطباء بلا حدود» في البلاد منذ بداية هذا العام.
ومع حلول شهر أغسطس (آب) 2013، كانت فرقنا الطبية قد أجرت أكثر من 400 ألف استشارة طبية، منها 171 ألف حالة إصابة بالملاريا. وفي كل مكان من البلاد نوجد فيه، لاحظنا ارتفاعا في مستوى خدمات الرعاية الصحية التي تقدمها المرافق الصحية التي تحظى بدعمنا. ولكن، رغم الجهود المبذولة، لم تلق نداءاتنا المتكررة لإرسال تعزيزات خارجية ولتنظيم تدخل شامل من طرف وكالات الأمم المتحدة أي استجابة تذكر حتى الآن، إذ لم تحرك الحالة الطارئة التي تعاني منها البلاد أي تعبئة لدى المانحين في الأمم المتحدة. أما بالنسبة للقرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي أخيرا، فإنه يهتم فقط بحماية السكان من خلال نشر قوة عسكرية، وهو قرار جرى اتخاذه بعد أشهر عدة من الإصرار وتحت التأثير العجيب الذي تخلفه كلمة واحدة: الإبادة الجماعية.
لقد مر ما يقارب العامين حتى الآن منذ شرعنا في إثارة انتباه الدول ومنظمات الإغاثة إلى الحالة الكارثية التي آلت إليها جمهورية أفريقيا الوسطى، والتي يعد غياب المساعدات فيها أول شكل من أشكال العنف التي تفشت فيها؛ ففي نداء للإغاثة أطلقناه شهر ديسمبر (كانون الأول) 2011، أبرزنا وجود نسبة وفيات مرتفعة تتعدى عتبة الطوارئ. وقد شددنا حينها على الوضع الطبي المتدهور المتفشي، لم يكن مصير السكان آنذاك يثير اهتمام فرنسا ولا الأمم المتحدة. وخلال السنتين الأخيرتين، زادت حالة القطاع الصحي تدهورا، فقد خربت المرافق الصحية وهجرها العاملون فيها أو فروا نحو العاصمة بانغي. وبينما تحول النظام الصحي في البلاد إلى أشلاء، بلغ انتشار الملاريا، الذي يعد أول مسبب للوفيات في البلاد، ذروته في الوقت الذي انقطعت فيه سلسلة الإمدادات البسيطة من الأدوية والمعدات الطبية التي كانت تصل إلى البلاد. ولم تستطع المرافق الصحية استئناف أنشطتها، بينما لم تعد أنظمة المراقبة الصحية تعمل.
وفي خضم الانقلاب الذي شهده عام 2012، استمر قتل المدنيين والاعتداء عليهم ونهب ممتلكاتهم. فكان أفراد طاقم منظمة أطباء بلا حدود شهود عيان على أعمال القتل الجماعي والاغتيالات وحرق القرى. كما استقوا كذلك شهادات المرضى والنازحين الذي تحدثوا عن الفظاعات والاعتداءات والاغتيالات المستهدفة. وفي جميع أنحاء البلاد، هناك نهب وتخريب للمباني والمرافق العامة، ما أدى إلى إجلاء غالبية الموظفين الأجانب في وكالات الأمم المتحدة الموجودين خارج العاصمة. ورغم النداءات المتكررة للكثير من المنظمات غير الحكومية، فضلت غالبية وكالات الأمم المتحدة وقف مشاريعها، أو ركزت عملها على العاصمة فقط أو حتى انطلاقا من ياوندي في الكاميرون. وفي بانغي، تعرضت مكاتب وكالات الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية للتخريب والنهب.
وبسبب أعمال العنف المنتشرة، لم يعد بإمكان السكان الحصول على خدمات الرعاية التي يحتاجون إليها. وتقدر الأمم المتحدة عدد سكان جمهورية أفريقيا الوسطى الذين اضطروا للهرب والاختباء في الأحراش بنحو 395 ألف شخص؛ إنهم محرومون من المساعدات والرعاية والمأوى والتغذية ومياه الشرب.
وفي المواقع القليلة التي يتجمع فيها السكان، يبقى مصير النازحين مماثلا؛ فهم يعيشون في اكتظاظ خانق وظروف نظافة صحية مزرية. ومن بين 4.6 مليون نسمة هو إجمالي عدد سكان البلاد، فإن 1.6 مليون شخص يعتقد أنهم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية الطارئة.
ورغم الإمكانيات الحقيقية لمساعدة السكان ومعالجتهم في بلد يحتضر، نرى المجتمع الدولي يتنصل من أنشطة الإغاثة بسبب أعمال العنف، بينما غياب المساعدات هو في الأصل جزء من العوامل المؤثرة في أعمال العنف تلك. فمنذ أعوام والجميع يعرف ما يجري في جمهورية أفريقيا الوسطى من انهيار للدولة، وإهمال للسكان، وحرمان من المساعدات وتوزيع غير عادل لها، وانعدام المساواة في الاستفادة من المساعدات والحماية، وكلها عوامل ساهمت في انتشار صامت لموجات العنف. وإلى جانب العنف الجسدي، فإن هذا النوع من العنف هو بالضبط ما يجب علينا استئصاله عاجلا؛ ففي عام 1994، تكلمت منظمة أطباء بلا حدود أمام العالم بشأن رواندا لكي تعبر عن عدم قدرتها على التحرك في مواجهة إبادة جماعية. واليوم، في جمهورية أفريقيا الوسطى، نقول بأن هناك إمكانية للتحرك. ولكن، لا وجود لإبادة جماعية في هذا البلد، بل هي حالة عنف، أحيانا في غاية التطرف، وحالة مخاطر. وهي مخاطر تتحملها المنظمات غير الحكومية القليلة جدا التي ما زالت تحاول التدخل وتدفع الثمن مقابل ذلك. وهذا ثمن ندفعه بسبب جمود نظام المساعدات الدولية الذي طال أكثر من اللازم.
ومع حلول شهر أغسطس (آب) 2013، كانت فرقنا الطبية قد أجرت أكثر من 400 ألف استشارة طبية، منها 171 ألف حالة إصابة بالملاريا. وفي كل مكان من البلاد نوجد فيه، لاحظنا ارتفاعا في مستوى خدمات الرعاية الصحية التي تقدمها المرافق الصحية التي تحظى بدعمنا. ولكن، رغم الجهود المبذولة، لم تلق نداءاتنا المتكررة لإرسال تعزيزات خارجية ولتنظيم تدخل شامل من طرف وكالات الأمم المتحدة أي استجابة تذكر حتى الآن، إذ لم تحرك الحالة الطارئة التي تعاني منها البلاد أي تعبئة لدى المانحين في الأمم المتحدة. أما بالنسبة للقرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي أخيرا، فإنه يهتم فقط بحماية السكان من خلال نشر قوة عسكرية، وهو قرار جرى اتخاذه بعد أشهر عدة من الإصرار وتحت التأثير العجيب الذي تخلفه كلمة واحدة: الإبادة الجماعية.
لقد مر ما يقارب العامين حتى الآن منذ شرعنا في إثارة انتباه الدول ومنظمات الإغاثة إلى الحالة الكارثية التي آلت إليها جمهورية أفريقيا الوسطى، والتي يعد غياب المساعدات فيها أول شكل من أشكال العنف التي تفشت فيها؛ ففي نداء للإغاثة أطلقناه شهر ديسمبر (كانون الأول) 2011، أبرزنا وجود نسبة وفيات مرتفعة تتعدى عتبة الطوارئ. وقد شددنا حينها على الوضع الطبي المتدهور المتفشي، لم يكن مصير السكان آنذاك يثير اهتمام فرنسا ولا الأمم المتحدة. وخلال السنتين الأخيرتين، زادت حالة القطاع الصحي تدهورا، فقد خربت المرافق الصحية وهجرها العاملون فيها أو فروا نحو العاصمة بانغي. وبينما تحول النظام الصحي في البلاد إلى أشلاء، بلغ انتشار الملاريا، الذي يعد أول مسبب للوفيات في البلاد، ذروته في الوقت الذي انقطعت فيه سلسلة الإمدادات البسيطة من الأدوية والمعدات الطبية التي كانت تصل إلى البلاد. ولم تستطع المرافق الصحية استئناف أنشطتها، بينما لم تعد أنظمة المراقبة الصحية تعمل.
وفي خضم الانقلاب الذي شهده عام 2012، استمر قتل المدنيين والاعتداء عليهم ونهب ممتلكاتهم. فكان أفراد طاقم منظمة أطباء بلا حدود شهود عيان على أعمال القتل الجماعي والاغتيالات وحرق القرى. كما استقوا كذلك شهادات المرضى والنازحين الذي تحدثوا عن الفظاعات والاعتداءات والاغتيالات المستهدفة. وفي جميع أنحاء البلاد، هناك نهب وتخريب للمباني والمرافق العامة، ما أدى إلى إجلاء غالبية الموظفين الأجانب في وكالات الأمم المتحدة الموجودين خارج العاصمة. ورغم النداءات المتكررة للكثير من المنظمات غير الحكومية، فضلت غالبية وكالات الأمم المتحدة وقف مشاريعها، أو ركزت عملها على العاصمة فقط أو حتى انطلاقا من ياوندي في الكاميرون. وفي بانغي، تعرضت مكاتب وكالات الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية للتخريب والنهب.
وبسبب أعمال العنف المنتشرة، لم يعد بإمكان السكان الحصول على خدمات الرعاية التي يحتاجون إليها. وتقدر الأمم المتحدة عدد سكان جمهورية أفريقيا الوسطى الذين اضطروا للهرب والاختباء في الأحراش بنحو 395 ألف شخص؛ إنهم محرومون من المساعدات والرعاية والمأوى والتغذية ومياه الشرب.
وفي المواقع القليلة التي يتجمع فيها السكان، يبقى مصير النازحين مماثلا؛ فهم يعيشون في اكتظاظ خانق وظروف نظافة صحية مزرية. ومن بين 4.6 مليون نسمة هو إجمالي عدد سكان البلاد، فإن 1.6 مليون شخص يعتقد أنهم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية الطارئة.
ورغم الإمكانيات الحقيقية لمساعدة السكان ومعالجتهم في بلد يحتضر، نرى المجتمع الدولي يتنصل من أنشطة الإغاثة بسبب أعمال العنف، بينما غياب المساعدات هو في الأصل جزء من العوامل المؤثرة في أعمال العنف تلك. فمنذ أعوام والجميع يعرف ما يجري في جمهورية أفريقيا الوسطى من انهيار للدولة، وإهمال للسكان، وحرمان من المساعدات وتوزيع غير عادل لها، وانعدام المساواة في الاستفادة من المساعدات والحماية، وكلها عوامل ساهمت في انتشار صامت لموجات العنف. وإلى جانب العنف الجسدي، فإن هذا النوع من العنف هو بالضبط ما يجب علينا استئصاله عاجلا؛ ففي عام 1994، تكلمت منظمة أطباء بلا حدود أمام العالم بشأن رواندا لكي تعبر عن عدم قدرتها على التحرك في مواجهة إبادة جماعية. واليوم، في جمهورية أفريقيا الوسطى، نقول بأن هناك إمكانية للتحرك. ولكن، لا وجود لإبادة جماعية في هذا البلد، بل هي حالة عنف، أحيانا في غاية التطرف، وحالة مخاطر. وهي مخاطر تتحملها المنظمات غير الحكومية القليلة جدا التي ما زالت تحاول التدخل وتدفع الثمن مقابل ذلك. وهذا ثمن ندفعه بسبب جمود نظام المساعدات الدولية الذي طال أكثر من اللازم.