- السبت ديسمبر 07, 2013 6:05 pm
#68266
أمريكا والخيارات الصعبة «الشرق أوسطية» لماذا تحتار أمريكا في قضايا الشرق الأوسط على الرغم من علاقاتها الموغلة في القدم تجاهه؟ قد يكون السبب كامنا في التناقضات والصراعات بين أقطابه: المملكة العربية السعودية، مصر، سوريا، إيران، تركيا، إسرائيل. لقد ذكرت في مقال لي نشر في هذه الصحيفة منذ ثلاث سنوات مضت أن العلاقات البينية بين الدول تكون بين مد وجزر وفق الظروف والمستجدات بين بلد وآخر، أو وفق ما يستجد من تطورات قد لا يكون لأي من البلدين دخل بها، وأنه لا بد وأن تبنى العلاقات على أرض صلدة ولا بد من ثمة مصالح متبادلة تؤخذ في الحسبان في المعادلة السياسية الصعبة أحيانا، والدقيقة أحيانا أخرى. وما تعرض له هذا الإقليم وما يتعرض له في أيامنا هذه يجعل الأمور صعبة ودقيقة، ويبدو أن دولة عظمى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تريد أن تكسب الرهان، أو بعبارة أخرى تريد أن تكسب أمرين أو أكثر في وقت واحد: تريد تحسين علاقتها مع إيران، وأن تحافظ على علاقاتها مع المملكة، وأن تكون حامية للدولة العبرية، وأن يكون لها اهتمام ومتابعة وتدخلات في الشأن المصري، وتقدم رجلا وتأخر أخرى فيما يتعلق بما يجري في سوريا. المعلوم أن دولة مثل أمريكا لن تتخلى عن تلكم الدول تحديدا، على الرغم من المتناقضات فيما بينها حضاريا وعقديا. والتوفيق بين المتناقضات من أصعب الأمور. ولكننا نقول أن ثمة أمرا مهما يصب في صلب “المجتمع الأممي”، وذلك هو التعايش السلمي بين هذه الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية في دولة أخرى، ولكننا نرى أن دولتين من دول الإقليم تدخلت وتتدخل في شؤون دول أخرى: إيران تمد أيديها التدخلية والاعتدائية في أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان وفي دول الخليج العربي، وإسرائيل تتدخل عدوانيا في سوريا ولبنان وفي فلسطين وغزة، فإذا كان موقف دولة كبرى “كأمريكا” لها من المصالح الاقتصادية والجويو إستراتيجية، ما الله عالم به، فعلى قمة أجندتها وإستراتيجيتها، بل ومن مصلحتها، أن تستقر المنطقة وتتحسن العلاقات بين تلكم الدول، لا أن تتأزم، وأن يردع المعتدي وأن يكف اعتداؤه أمميا، ولن يكون من مصلحة دولة عظمى أن تنشب الخلافات وتعم الفوضى في الإقليم، ولا أن تسيطر دولة من هذه الدول على دولة أخرى أو تتدخل في شؤونها الداخلية. وقد يقول قائل إن القلاقل والفتن تؤيد من قبل الدول الكبرى لمصالحها، إذ ليس من مصلحتها، وإن عظمت، أن يزج بها في صراعات داخلية. ولقد تعلمت أمريكا دروسا قاسية، ليس من كوريا وفيتنام فحسب، بل من أفغانستان والعراق. الأمريكان يعيشون إقليما يتغير بسرعة ومجمل ذلك التغير مصدره شعبي، وفي الماضي كان من أعلى ومن خلال المؤسسة العسكرية على وجه التحديد، ولا اعتراض للناس على التحالفات مع دول خارج حدودهم طالما تكون هذه التحالفات في صالح الوطن والمواطن، وفي هذا السياق ذكرت في مقالة سابقة، أشرت إليها، العمل على الربط بين التوجه السياسي للدولة والإطار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، لا أن تكون الإرادة السياسية، أو مجرد التوجه السياسي للدولة، عبارة عن تعاملات سياسية وحسابات ذات منظور سياسي محض. ومن سنتين نلحظ أن سياسة المملكة، ولربما حوارها مع الولايات المتحدة ينحصر في جانب سياسي، وكان يجب أن يكون من منظور جيواستراتيجي واجتماعي واقتصادي، ذي ركيزة إستراتيجية وطنية. وإذا كان موقف إدارة أوباما ميالا للسلطة السورية بحجة الخوف من كون المعارضة من المجاهدين، موقف المملكة الرسمي والشعبي مع السنة غير المتطرفة، وليفهم الأمريكان ذلك وليسموا الأشياء بأسمائها وألا يلتفتوا للمغرضين من الإعلاميين الصيادين في الماء العكر، المملكة موقفها واضح وضوح الشمس في رابعة النهار بالنسبة لقضية الإرهاب ومن وراءه، ومواقفهم العملية تصدق أقوالهم، نحن ضد العنف، حكومة وشعبا، وضد التطرف والتشدد، ندين بدين الإسلام النقي الطاهر المطهر من البدع والخزعبلات والخرافات، يؤكد ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.” وفي خطاب لسمو الأمير خالد الفيصل منتقدا الموقف الأمريكي تجاه ما يحدث في الساحة السورية: “إن موقف إدارة أوباما ليس إعطاء فرصة لتراجعه عن قرار سابق اتخذه، بل إنه إعطاء فرصة لبشار لذبح شعبه”. والسؤال المطروح ما الفرق بين الإرهاب بشكل عام وإرهاب الدولة؟ إنهما وجهان بشعان لعملة واحدة. فلماذا يقف العالم متفرجا على ما يحدث في أرض الشام، ويسكت عن المجازر، سواء اقترفت بسلاح تقليدي أو كيماوي؟