- السبت ديسمبر 07, 2013 8:15 pm
#68324
من المستحيل بناء الاتحاد السوفيتي من جديد ...
كم تحتاج الجمهوريات التي حصلت على سيادتها نتيجة تفكك الاتحاد السوفيتي من الوقت لكي تصبح دولا قوية وقادرة على الاعتماد على نفسها، وتسوية النزاعات المعقدة، وخلق نمط تفكير جديد "وغير انتقالي" يتيح لها التخلي عن الشك والعداء، على الأقل، في مواقف إحداها تجاه الأخرى؟ وتدل الأمثلة العالمية الحديثة، نسبيا، المرتبطة بالهند وباكستان، ويوغسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا على عدم وجود صيغ متكاملة للرد على هذا السؤال حيث تتميز بعض الحالات بإحلال هدوء بعد مضي عدة سنوات فقط على الاضطرابات الأولية، في حين تطول العملية إلى سنين وعقود في حالات أخرى وتشهد مصادمات دامية من وقت إلى آخر
إن "الطلاق السياسي" لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق يحمل مميزات خاصة يتمثل أولها في الدور الحاسم الذي تلعبه روسيا في مساره. وتصغي جميع جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق تقريبا إلى رأي روسيا باهتمام في هذا المجال، ما عدا بلدان البلطيق التي دخلت في رابط "زواج موفق" مع الاتحاد الأوروبي. ولا يدور الحديث هنا حول النخبة السياسية فحسب، بل عن ملايين الناس البسطاء
وقد دل الحوار المباشر الذي أجراه الرئيس بوتين في نهاية هذا الأسبوع مع المواطنين الروس عبر الأثير والذي شمل مناطق روسيا، بالإضافة إلى مدينة سيفاستوبول الأوكرانية التي يرابط فيها أسطول البحر الأسود الروسي على أن الاهتمام بالعلاقات بين جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق يزداد مع مرور الزمن
ويمكن أن نرى في ردود الرئيس بوتين القصيرة على أسئلة المواطنين من مختلف القوميات والآراء السياسية سياسة روسيا طويلة الأمد في علاقاتها مع بلدان الاتحاد السوفيتي السابق
فما الذي قاله الرئيس بوتين؟
إن المقولة الأساسية التي انبثقت عنها جميع الأفكار الأخرى تتمثل في أن فترة الالتباس الكبير والضبابية في العلاقات بين جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق عندما عاش ملايين الناس مع فكرة ظهور دولة كبرى متحدة أخرى بدل الاتحاد السوفيتي قد انتهت. ولا تحمل روسيا أية تطلعات إمبراطورية، وليست بحاجة إلى أراضي جديدة كأراضي الجمهوريات التي أعلنت استقلالها من جانب واحد - بريدنيستروفيه في مولدافيا، وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في جورجيا. وقد أبدت هذه الجمهوريات أكثر من مرة رغبتها في الانضمام إلى روسيا الاتحادية، غير أن روسيا التي تطالب بأن يحترم الآخرون سيادتها ترفض بشكل قاطع التدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها حتى وأن طلبت منها ذلك مجموعات من سكان تلك البلدان سواء كانوا الأبخاز أو الأوسيت في جورجيا أو الروس في بريدنيستروفيه أو في القرم
ولا يعني هذا المبدأ عدم قلق روسيا من المشاكل والنزاعات التي تنشأ في البلدان المجاورة، علما بأن أفراد قوات حفظ السلام يتواجدون في جورجيا بهدف منع إراقة الدماء - ذلك الخطر الذي أصبح يلوح في الأفق بشكل أكثر وضوحا على خلفية الاستعدادات العسكرية الجورجية التي أدانها حتى مجلس الأمن الدولي. وإذا طلبت أوكرانيا هي الأخرى التي وصفها الرئيس بوتين بـ"الشقيقة"، طلبت مساعدة من روسيا في مواجهة أية تدخلات خارجية فإن موسكو مستعدة لتقديم مثل هذه المساعدة لها دون أن تتدخل في شؤونها الداخلية. وعلى الرغم من أن الحديث يدور حول وضع افتراضي إلا أن الاتجاه العام للفلسفة السياسية الروسية الجديدة يعكس تلك الفكرة بدقة
إن التكامل الاقتصادي والاستفادة من الميزات التي نشأت في أثناء العيش في بلد واحد (الاتحاد السوفيتي السابق) يمثلان ما تسعى إليه روسيا في علاقاتها مع بلدان رابطة الدول المستقلة التي تعتبر أولوية رئيسية في السياسة الخارجية الروسية. ويجب أن تصبح هذه العلاقات أكثر منطقية من ناحية إدراك المصالح الوطنية
لقد فقدت السلطات في روسيا سيطرتها على الوضع في مجال الهجرة بسبب انفتاح الحدود الروسية لمدة 15 عاما أما تدفق المهاجرين من بلدان رابطة الدول المستقلة. وقد أدى هذا الوضع إلى تزايد مشاعر البغض للأجانب داخل روسيا، وحدوث بعض المشاكل على أرضية قومية. ويتعين على روسيا حاليا تسهيل إجراءات الإقامة ومنح تراخيص العمل للمهاجرين من أجل غلق جميع المنافذ التي قد تستغل من قبل قوى الفساد الإداري من جهة، وتوفير الوضع الذي يتيح تحقيق مصالح المواطنين الروس في بلدهم أولا من جهة أخرى. ولن تفقد روسيا بسبب ذلك مكانتها كإحدى الدول الجذابة بالنسبة للمهاجرين. ومما لا شك فيه أن الهجرة إلى روسيا بهدف الحصول على الجنسية الروسية أو الإقامة أفضل للبلاد من الفوضى في تدفق المهاجرين غير الشرعيين. كما ستمثل هذه السياسة إشارة واضحة لجمهوريات الاتحاد السوفيتي: إذا لم تسع هذه الجمهوريات إلى حل مشاكلها الاقتصادية فإنها ستدفع مواطنيها إلى الهجرة لروسيا للحصول على فرص العمل، وبالتالي فإنها ستخاطر بفقدان هؤلاء المواطنين. ولا بد هنا من طرح السؤال التالي: ألا يشكل ذلك دافعا لكل جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق لتفكير مرة أخرى بوسائل وأساليب تعزيز سيادتها السياسية والاقتصادية، وتقوية نظام الدولة فيها؟
من المستحيل بناء الاتحاد السوفيتي من جديد ...
كم تحتاج الجمهوريات التي حصلت على سيادتها نتيجة تفكك الاتحاد السوفيتي من الوقت لكي تصبح دولا قوية وقادرة على الاعتماد على نفسها، وتسوية النزاعات المعقدة، وخلق نمط تفكير جديد "وغير انتقالي" يتيح لها التخلي عن الشك والعداء، على الأقل، في مواقف إحداها تجاه الأخرى؟ وتدل الأمثلة العالمية الحديثة، نسبيا، المرتبطة بالهند وباكستان، ويوغسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا على عدم وجود صيغ متكاملة للرد على هذا السؤال حيث تتميز بعض الحالات بإحلال هدوء بعد مضي عدة سنوات فقط على الاضطرابات الأولية، في حين تطول العملية إلى سنين وعقود في حالات أخرى وتشهد مصادمات دامية من وقت إلى آخر
إن "الطلاق السياسي" لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق يحمل مميزات خاصة يتمثل أولها في الدور الحاسم الذي تلعبه روسيا في مساره. وتصغي جميع جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق تقريبا إلى رأي روسيا باهتمام في هذا المجال، ما عدا بلدان البلطيق التي دخلت في رابط "زواج موفق" مع الاتحاد الأوروبي. ولا يدور الحديث هنا حول النخبة السياسية فحسب، بل عن ملايين الناس البسطاء
وقد دل الحوار المباشر الذي أجراه الرئيس بوتين في نهاية هذا الأسبوع مع المواطنين الروس عبر الأثير والذي شمل مناطق روسيا، بالإضافة إلى مدينة سيفاستوبول الأوكرانية التي يرابط فيها أسطول البحر الأسود الروسي على أن الاهتمام بالعلاقات بين جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق يزداد مع مرور الزمن
ويمكن أن نرى في ردود الرئيس بوتين القصيرة على أسئلة المواطنين من مختلف القوميات والآراء السياسية سياسة روسيا طويلة الأمد في علاقاتها مع بلدان الاتحاد السوفيتي السابق
فما الذي قاله الرئيس بوتين؟
إن المقولة الأساسية التي انبثقت عنها جميع الأفكار الأخرى تتمثل في أن فترة الالتباس الكبير والضبابية في العلاقات بين جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق عندما عاش ملايين الناس مع فكرة ظهور دولة كبرى متحدة أخرى بدل الاتحاد السوفيتي قد انتهت. ولا تحمل روسيا أية تطلعات إمبراطورية، وليست بحاجة إلى أراضي جديدة كأراضي الجمهوريات التي أعلنت استقلالها من جانب واحد - بريدنيستروفيه في مولدافيا، وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في جورجيا. وقد أبدت هذه الجمهوريات أكثر من مرة رغبتها في الانضمام إلى روسيا الاتحادية، غير أن روسيا التي تطالب بأن يحترم الآخرون سيادتها ترفض بشكل قاطع التدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها حتى وأن طلبت منها ذلك مجموعات من سكان تلك البلدان سواء كانوا الأبخاز أو الأوسيت في جورجيا أو الروس في بريدنيستروفيه أو في القرم
ولا يعني هذا المبدأ عدم قلق روسيا من المشاكل والنزاعات التي تنشأ في البلدان المجاورة، علما بأن أفراد قوات حفظ السلام يتواجدون في جورجيا بهدف منع إراقة الدماء - ذلك الخطر الذي أصبح يلوح في الأفق بشكل أكثر وضوحا على خلفية الاستعدادات العسكرية الجورجية التي أدانها حتى مجلس الأمن الدولي. وإذا طلبت أوكرانيا هي الأخرى التي وصفها الرئيس بوتين بـ"الشقيقة"، طلبت مساعدة من روسيا في مواجهة أية تدخلات خارجية فإن موسكو مستعدة لتقديم مثل هذه المساعدة لها دون أن تتدخل في شؤونها الداخلية. وعلى الرغم من أن الحديث يدور حول وضع افتراضي إلا أن الاتجاه العام للفلسفة السياسية الروسية الجديدة يعكس تلك الفكرة بدقة
إن التكامل الاقتصادي والاستفادة من الميزات التي نشأت في أثناء العيش في بلد واحد (الاتحاد السوفيتي السابق) يمثلان ما تسعى إليه روسيا في علاقاتها مع بلدان رابطة الدول المستقلة التي تعتبر أولوية رئيسية في السياسة الخارجية الروسية. ويجب أن تصبح هذه العلاقات أكثر منطقية من ناحية إدراك المصالح الوطنية
لقد فقدت السلطات في روسيا سيطرتها على الوضع في مجال الهجرة بسبب انفتاح الحدود الروسية لمدة 15 عاما أما تدفق المهاجرين من بلدان رابطة الدول المستقلة. وقد أدى هذا الوضع إلى تزايد مشاعر البغض للأجانب داخل روسيا، وحدوث بعض المشاكل على أرضية قومية. ويتعين على روسيا حاليا تسهيل إجراءات الإقامة ومنح تراخيص العمل للمهاجرين من أجل غلق جميع المنافذ التي قد تستغل من قبل قوى الفساد الإداري من جهة، وتوفير الوضع الذي يتيح تحقيق مصالح المواطنين الروس في بلدهم أولا من جهة أخرى. ولن تفقد روسيا بسبب ذلك مكانتها كإحدى الدول الجذابة بالنسبة للمهاجرين. ومما لا شك فيه أن الهجرة إلى روسيا بهدف الحصول على الجنسية الروسية أو الإقامة أفضل للبلاد من الفوضى في تدفق المهاجرين غير الشرعيين. كما ستمثل هذه السياسة إشارة واضحة لجمهوريات الاتحاد السوفيتي: إذا لم تسع هذه الجمهوريات إلى حل مشاكلها الاقتصادية فإنها ستدفع مواطنيها إلى الهجرة لروسيا للحصول على فرص العمل، وبالتالي فإنها ستخاطر بفقدان هؤلاء المواطنين. ولا بد هنا من طرح السؤال التالي: ألا يشكل ذلك دافعا لكل جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق لتفكير مرة أخرى بوسائل وأساليب تعزيز سيادتها السياسية والاقتصادية، وتقوية نظام الدولة فيها؟