- الاثنين ديسمبر 09, 2013 8:25 am
#69156
تاريخ النزاع في الصحراء
--------------------------------------------------------------------------------
أُنشئت جبهة البوليساريو التي تعرف أيضا بالبوليساريو أو جبهة تحرير الساقية الحمراء وواد الذهب عام 1973. ويسمى جناحها العسكري جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
وتتألف مجموعة الأفراد الذين أسسوا الجبهة من شباب مغاربة ينحدرون من أصول صحراوية، كانوا يتابعون دراستهم في جامعة محمد الخامس بالرباط.
وليس لأحد أن ينكر المآسي التي تعرض لها مؤسسو البوليساريو، خاصة من كان قد عايشها عن كثب. ونتذكر دائما أنهم كانوا ثلة من ثلاثين شابا جامعيا من أقاليم المغرب الجنوبية، قرروا ذات يوم أن يحملوا مصيرهم بأيديهم.
وكانت البداية عندما استغلوا احتفالات موسم طانطان للسير في مظاهرة في الأزقة الضيقة لهذه المدينة، التي لم تكن حينئذ مدينة بالمعنى الدقيق للكلمة. ولما كانوا قد أخلوا بالتوازن القائم منذ عشر سنوات مضت، ما كان الرد ليتأخر. فقد أمر قائد المنطقة باعتقال هؤلاء العابثين بالنظام، وعندما لم يجد سجنا ليضعهم فيه، قرر على عجل أن يلقي بهم في قبو من الطين المقوى مساحته عشرة أمتار مربعة، له باب واحد منخفض ومسطح، بدون نافذة، في حرارة تخنق الأنفاس.
لا أحد منهم تمكن من مغالبة النفس وحملها على نسيان قسوة العيش و الشجاعة التي قادتهم إلى هذه الحالة.
عاشوا مثل آباءهم وأمهاتهم بؤسا ما سمعت به أذن من قبل، وظروفا مهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية. بلاد مقفرة، حيث لا طرق معبدة، ولا أرصفة، ولا مياه جارية، ولا صرف صحي، ولا كهرباء، ولا استثمار، ولا عمل، ولا شيء يسمح بالقول أن هذه المنطقة كانت فعلا جزءا من الوطن الأم.
هاهم هؤلاء الأعيان، أبناء أبطال جيش التحرير الوطني الذي كان لهم هم أيضا حظ في بناء أمجاده، عندما جاءوا لجني ثمار النصر، يجدون أنفسهم بين لحظة وضحاها محشورين في أقبية ينخرها الحرمان، ينامون على أرض عراء، بلا غطاء، ولا فراش، وتحت سقف عشوائي.
كان سندهم في العيش هو المساعدات الوطنية المتمثلة في أكياس الدقيق التي كان يتم إنتاجها بكميات قليلة، ويالا سخرية الحكاية، كلما أقدم المرء على الوشاية بجاره، إلا وأصبح ذا شأن، ووقى نفسه شر الأقاويل: وداعا للكرامة!!
هذه الحالة من البؤس المطلق هي الحالة التي كان يعيشها كان هؤلاء المقاتلون البواسل وأبنائهم وأبناء أبناء بعضهم منذ عملية ECOUVILLON التي قذفت بهم إلى مجاهل الهجرة.
كانوا آلافا يتوقون إلى الحرية والسعادة والسلام بما يحفظ كرامتهم. ولسوء الطالع، لم يحصلوا على أي شيء مما كانوا ينشدونه. وفي هذا العالم المنسي من الجميع: المسؤولين المحليين والجهويين، حاول الثلاثون شابا أن يُسمعوا أصواتهم وأن يصرخوا سوء حالتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.
وما كان يجب التهوين من شأن الاحتقار والحقد الذين كان يكنهما المسؤولون الإداريون لهؤلاء الشباب الذين قدموا من عالم أخر لا ندري عنه أي شيء، ولم يكونوا خاضعين مثلما كان آباءهم. لاموهم على التعبير وإظهار اختلافهم مع قرارات القائد.
كيف تجرؤوا على تحدي سلطة الحاكم اللامرئي القابع في برج عاجي؟
كيف يدعون أنهم يملكون جرأة رفع أصواتهم فيما كانت أُسرهم لا تفكر إلا همسا؟
كيف كانت لهم جسارة" اليائسين" لرفع رؤوسهم والتطاول على خليفة الحي؟
ولإخماد فورة الحماسة الزائدة لدى هؤلاء الشباب، لم تكن ثمة وسيلة أفضل من الضرب على أيديهم بقوة، لا بعصا الدركي أو الشرطي، فهم لا يستحقون هذا الامتياز، بل علقوهم وأوصدوا الباب عليهم، واحرموهم من الغداء، واتركوهم يختنقون ويتحملون أصناف العذاب في انتظار قدوم وحدة المخزن المتنقل المتوقعة على بعد أكثر من 200 كلم إلى الشمال- في بويزاكارن- واستحضار هذه الوحدة خصيصا لتعذيبهم وإذلالهم وإذاقتهم مرارة من " لا حول له" أمام قوات كانت تعبر من أردء وأشرس قوات الأمن.
حملات الاعتقال الجماعية على أيدي زائرين لا يأتون إلا بالليل، والتقوا ببعض الزعماء في بلدان أخرى من أجل الانتقام للشرف الضائع ورد الصاع صاعين للجلاد الذي لم يتوان عن ضربهم لأسباب ظاهرة.
جرى البحث بسرعة عن المسؤول عن هذا الزلزال، وتحديده موقعه من التراتبية. لم يكن الجواب ليترك أي باب للشك، فلا الخليفة، ولا القائد ولا الدركي، ولا الشرطي مسؤولون، ولا حتى عناصر القوات المساعدة المساكين. أما العامل، فهو " منزه" ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي كان أن يدعي أنه رآه أو سمعه في يوم ما، ليقول بأنه فعلا موجد، لا أحد من هؤلاء الموظفين يمكن تحميله مسؤولية المأساة التي حلت بهذه " الشرذمة من البشر".
لا بل إن المسؤول الحقيقي هو من سمح لهذه الثلة الشريرة من المسؤولين المحليين أن يستأسدوا في هذه الصحراء التي تركت لحال سبيلها. هذه المسؤولية لا يمكن تحمليها إلا للإدارة المغربية، ولا يمكن أن تتحملها سوى الإدارة بجميع مسؤوليها، وموظفيها، وبشكل عام كل من كانت له إمكانية إصدار أمر.
يجب إذن الانتقام من هذه الدولة التي لم تعرف، أو لم تستطع، أو لم ترغب في حماية مواطنين يعانون الحرمان ويغترون بكونهم كانوا من أشد المخلصين.. وجاء القرار مثاليا، أو أسطوريا، ليتحول بعدئذ لسوء الحظ إلى وهم ولد الكوابيس. صحيح أن مطالب هؤلاء الشباب الجامعيين المغاربة المنحدرين من أصل صحراوي كانت في بداية السبعينيات مطالب مشروعة تهم جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية، غير أنها كانت مطالب ذات طابع داخلي جاءت في إطار مغربي صرف.
فقد برزت هذه المطالب في فترة عصيبة من تاريخ المغرب، في وقت كانت فيه الدولة خاضعة لضغوط قوية من الخارج والداخل على حد سواء. ويمكن الجزم بأن تلك الفترة، أي خلال سنوات السبعينيات، لم تكن أي سلطة أو قوات سياسية في المغرب قادرة على الاستجابة لمطلب ذي طابع جهوي، مهما كان مشروعا.
خلال هذه الفترة، كان المغرب يواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة. ترتيب الأولويات كانت مختلفا بالنظر إلى ظروف المرحلة، واتسامها بسياق طغت عليه الحرب الباردة والنزاعات العربية التي لم يكن لها أول ولا آخر. ولهذا السبب بعينه، تحركت نزعة الانتقام بداخل جزء من هؤلاء الطلبة الجامعين المغاربة من أصل صحراوي، عقب قمع مظاهرة طانطان وما أعقبها من اعتقالات وسوء معاملة وتنكيل.
وقد دفع سوء المعاملة بهؤلاء الشباب الجامعيين إلى التحالف مع بعض البلدان، في ظل سياق الحرب الباردة والنزاعات العربية والأفريقية. وخلال تلك الفترة، كانت التحالفات مباحة. هؤلاء الطلبة الجامعيون أظهروا نقمتهم على بلدهم الأصل، المغرب، حيث عاش آباءهم وأسلافهم.
لقد حارب آباءهم بلا كلل في صفوف جيش التحرير من أجل تحرير البلاد التي سيدرس فيها هؤلاء الشباب الصحراوين فيما بعد. نافح آباءهم بكل ما أتوا به من قوة على محمد الخامس، وقدموا بيعتهم لابنه الراحل الحسن الثاني.
كان ينبغي إعمال قدر أكبر من التمييز. ولا يجب أن ننسى أبدا أن السلطات المغربية التي كانت المسؤول الأول عن تعذيب هؤلاء الشباب وإساءة معاملتهم خلال مظاهرة طانطان 1972، هي نفسها السلطات التي كانت تقف وراء محاولتين انقلابيتين فاشلتين.
هكذا إذن كان مشهد التناقضات العامة لمغرب سنوات السبعينيات. غير أن أحداث الشغب التي حصلت لم تؤثر على المسار العادي للتاريخ، لسبب بسيط هو أن قضية الصحراء كانت في الأصل مسألة بين المغرب وأسبانيا بشأن إنهاء الاستعمار.
كان المغرب يخضع لحماية قوتين استعماريتين، هما فرنسا والمغرب، وكان عليه أن يسترجع تدريجيا وعبر مراحل متعاقبة التراب الذي كان يقع تحت الحماية الأسبانية، ابتداء من منظفة الشمال وطنجة عام 1956، فطرفاية وطانطان عام 1958، ثم سيدي افني عام 1969، والصحراء عام 1975. كل ذلك كان يندرج في إطار الصيرورة التاريخية.
وهي الحال التي كانت لنا دائما مع جارتنا وصديقتنا أسبانيا. فكل نزاعاتنا مع هذا البلد بخصوص الحماية جرى حلها عن طريق التفاوض والسبل السلمية. غير أن خصوم المغرب الذين زرعوا بذرة الصحراء، وعارضوا استكمال وحدنها الترابية، عن طريق تمويل ومساعدة حركة البوليساريو، كانوا قد بيتوا ظروف المعرضة للمغرب.
والنتيجة أن هذه الحركة استضافتها الجزائر فوق ترابها بتندوف، نظرا للخلافات التي كانت قائمة آنذاك بين المغرب والجزائر بخصوص الجدود المشتركة، وفي وقت كان فيه المغرب قد أبرم اتفاقا مع أسبانيا، في إطار العلاقات التاريخية التي كانت دائما قائمة بين البلدين. وقد استرجع المغرب صحراءه عن طريق التفاوض والتوافق، حسب مسلسل عادي مع أسبانيا.
ولما كان المغرب قد استرجع أقاليمه الجنوبية، لم تجد البوليساريو طريقة أفضل من اقتياد جزء من الساكنة الصحراوية إلى مخيمات أقامتها فوق التراب الجزائري، وسمتها مخيمات لاجئين، أو مسميات وهمية، كمخيم العيون، والسمارة، وأوسرد، أو مخيم الداخلة. لقد كذبت البوليساريو وخدعت جزءا من الساكنة الذي تم اقتيادهم إلى تندوف بالجزائر. كل الصحراويين يعرفون أنه خلال نونبر ودجنبر من سنة 1975، طلبت البوليساريو من العديد من الناس الحضور لتجمع بكلتة زمور، وعندما حضروا طلب منهم عقد تجمع آخر ببئر الحلو. وبعد ذلك، طلب منهم الحضور لتندوف من أجل الإيقاع بهم في الشرك، ومنعهم نهائيا من الخروج.
ولسوء الحظ، بقي أغلبهم محاصرا بتندوف إلى يومنا هذا، بسبب انعدام وسائل النقل. لكن الكثير منهم تنبهوا إلى الشرك الذي وقعوا فيه، فوظفوا جميع الوسائل من أجل العودة إلى ديارهم في السمارة والعيون والداخلة وأوسرد. وهذه الحقيقة يعرفها جميع الصحراويين أو على الأقل أولئك الذين كان سنهم آنذاك يتجاوز 15 سنة. لقد خططت البوليساريو عن سبق إصرار لإنشاء مخيمات فوق التراب الجزائري فنفذت ذلك.
ترى لماذا أنشأت البوليساريو هذه المخيمات وأبقت عليها فوق أرض ليست أرضها، واحتجزت سكانا لا يحملون وثائق هوية كرهائن محاصرين في مخيمات وممنوعين من التجول؟
هؤلاء السكان هم مراقبون ليل نهار من طرف البوليساريو التي تدخل أبنائهم مدارس لا تعلمهم سوى الكراهية ولا تزرع في نفوسهم سوى اليأس. يتساءل المرء عن الأسباب المقبولة إنسانيا التي تسمح لمجموعة من قادة البوليساريو بالاحتفاظ بهؤلاء
لسكان ضدا عن إرادتهم داخل مخيمات لمدة تفوق 30 سنة؟
ما هو الهدف الحقيقي من ذلك؟ هل هي ورقة للمقايضة؟
الواضح أنه بدون وجود هذه المخيمات، لم يكن ممكنا وجود حركة سياسية عسكرية تحمل اسم البوليساريو. إن وجود البوليساريو مرتبط بوجود المخيمات نفسها، لكن هذه السياسة لا يمكن أن تفضي سوى إلى الهاوية. إن وجود هذه المخيمات فوق أرض تجاهر بعدائها، وتحت ظروف غير إنسانية خلال فترة زمنية طويلة هو في حد ذاته خرق سافر لحقوق الإنسان.
بأي حق يمكننا أن نسمح لأنفسنا بترك الناس يعيشون في خيام لمدة تفوق 30 سنة؟
بأي حق يمكننا أن نمنع الناس من التجول بحرية؟
بأي حق يمكننا أن نجند أطفالهم ونزرع في نفوسهم الكراهية واليأس؟
بأي حق يمكننا أن نمنع الناس من العيش مثل الآخرين؟
بأي حق يمكننا أن نستغل كما يحلو لنا جزءا من الساكنة الصحراوية داخل المخيمات؟
بأي حق يمكننا أن نبيع البؤس الإنساني للمنظمات الدولية الخيرية؟
هذه حقا هي أكبر انتهاكات حقوق الإنسان لأنها تمس بجوهر الإنسان وحريته في الاختيار والتصرف في أموره الشخصية والعائلية. لقد انتهكت البوليساريو دائما حقوق الإنسان الأساسية عن قصد، منذ أكثر من 30 سنة، واحتجزت لمدة تفوق 25 سنة أسرهم وأقاربهم، وسط ظروف مزرية. لماذا جرت على هؤلاء السجناء كل هذه المعاناة. إنهم بشر قبل كل شيء؟ لماذا احتجزتهم لمدة تفوق 25 سنة في ظروف لا تطاق، مع ما يعنيه ذلك من تعذيب جسدي ونفسي ومعنوي في أحسن الأحوال؟
تطرح أسئلة كثيرة، لكن لا جواب واحد مقنع.
في نهاية المطاف، أجبرت هذه الحركة على إطلاق سراحهم بدون مقابل سياسي. بعد ذلك أنشأت البوليساريو أركان الحرب العامة بحاسي ربوني بتندوف، واستحوذت منذ 1976 على أسماء بعض الأشخاص بدون سند قانوني أو تاريخي أو شرعي، ودون أن تقوم على الأقل باستشارة الساكنة الصحراوية. إن البوليساريو هي حركة سياسية عسكرية وضعت نظاما شبيها بنظام دول الاستبداد سابقا، أي نظام الحزب الوحيد والمؤسسة الوحيدة والبيروقراطية الوحيدة. الكل يدور في قالب فكر أحادي.
فقد وضعت نظام مراقبة للسكان المحتجزين أو المراقبين مستعملة المساعدات الغذائية كوسيلة ابتزاز دائمة. فهي تؤطر سكان المخيمات بواسطة نظام مراقبة جسدية ونفسية معنوية صارمة، من قبيل وضع مفوض سياسي لكل نشاط وخدمة.
استخدمت الجبهة مناهج الوشاية كوسيلة للمراقبة والتجنيد المستمر، أو بالأحرى غسل أدمغة الشباب والكبار عبر تزوير التاريخ أو استغلال الأحداث وزرع الكراهية كقاعدة عامة.
البوليساريو هي نتاج عالم آخر سابق لسقوط النظام الشمولي، فحتى عندما شهد العالم تغيرات ابتداء من سنة 1991، ظلت البوليساريو وفية لفكرها: لا انتخابات حرة، ولا ديمقراطية، ولا تعددية، ولا حرية الرأي، ولا وجود لمجتمع مدني. لقد فرضت إغلاقا تاما وفضلا للهياكل من أجل أن تستمر في الوجود. كل الحركات ذات الطابع السياسي أو السياسي العسكري الشبيه بالبوليساريو اختفت من خريطة العالم منذ سقوط جدار برلين. فتلك الحركات إما أنها غيرت اسمها أو انحلت من تلقاء نفسها، أو ابتدعت بنيات جديدة تتلاءم مع عالم جديد معولم وحر وديمقراطي.
فالبوليساريو التي تدعي أنها كيان مستقل أشأت ما أسمته الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، مع وصف الأراضي المحررة من طرف المغرب بمسميات من قبيل الصحراء الغربية أو الأراضي المحتلة. إن هذه الجمهورية توجد في تناقض صارخ مع طلب البوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير. كيف يمكن أن تطلب تنظيم استفتاء لتقرير مصير كل الصحراويين مع الإجابة مسبقا عن رغبتهم وإرادتهم بإنشاء كيان بدون أساس أخلاقي أو تاريخي أو ديمقراطي؟
إنها نفس أساليب الحركات الاستبدادية اللاديمقراطية حيث يتم استعمال القاعدة المشهورة المتمثلة في الإجابة بالنيابة عن الشعب عن أسئلة لم تطرح عليه. فالإعلان الأحادي الجانب عن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية من طرف البوليساريو يعد خرقا سافرا للقانون الدولي.
يتعلق الأمر هنا بعدم احترام إرادة الشعب وانتهاك القواعد الديمقراطية إضافة إلى النية المبيتة في تحقيق انتصارات سياسية عن طريق التدليس والغش. وهكذا جردت طلب حرية تقرير مصير الشعب الصحراوي من كل مصداقية، فقد استغلته عندما أجابت بالنيابة عنه.
لا يمكن للبوليساريو أن تدعي أنها ستحترم قرار الصحراويين وفي نفس الوقت تجيب مسبقا بالنيابة عنهم. فلا يمكننا ادعاء النزاهة والإجابة بالنيابة عن الآخرين في آن واحد. ولا يمكننا القول بأننا ضعفاء وفي نفس الوقت نزيف المبادئ. فمن غير الممكن القول بحق الشعوب في تقرير المصير بكل حرية ودون ضغط من أي جهة كانت، وفي نفس الوقت تجريد هذا القول من مصداقيته بالإجابة مسبقا عن سؤال لم يطرح عليهم بعد.
لا يمكننا ادعاء النزاهة إذا كنا استعملنا الغش مسبقا. فالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ليس لها أي وجود ترابي. فهي أقيمت في تندوف بالجزائر، ولا شعب لها، لأن الشعب الوحيد الذي تملكه هم أولئك العالقين في المخيمات حيث تحتجزهم وتراقبهم رغما عنهم، دون أن يكون ذلك من إفراز صناديق الاقتراع. وهي لا تتمتع بمقومات السيادة ولا توجد سوى على شبكة الانترنت وفي المؤسسات الوهمية على أرض دولة أجنبية. إن البوليساريو التي أقامت في تندوف مؤسسات وهمية كالحكومة الصحراوية والصليب الأحمر الصحراوي واتحاد المرأة الصحراوية واتحاد الشباب الصحراوي، لا تدخر أي جهد من أجل تنظيم احتفالات على أرض الجزائر تحت مسميات 27 فبراير، 10 ماي، 20 ماي أو حتى 12 أكتوبر.
منذ نشأتها عينت البوليساريو شهيد الوالي كأول كاتب عام لها، وخلفه المسمى محمد عبد العزيز الذي سمي فيما بعد الرئيس الكاتب العام للبوليساريو أو قائد البوليساريو. ولم تتوانى الجبهة عن إنشاء وسائل الدعاية من أجل دعم أطروحتها الانفصالية، كوكالة الأنباء الصحراوية، وراديو الصحراء، وراديو البوليساريو، منخرطة قلبا وقالبا في وهم كلي بخصوص قضية الصحراء.
وعندما خسرت الحرب، وفشل مشروع الاستفتاء الذي يعد أصلا غير ممكن نظرا لوجوب تغيير جميع الحدود. بدأت البوليساريو تقول لمن يريد أن يسمعها أن الصحراء هي أرض محتلة من طرف المغرب وأن هذه المنطقة تخضع لكل أشكال القمع السياسي وخروقات حقوق الإنسان. فالبوليساريو غير مؤهلة بتاتا لإعطاء دروس لأي كان فيما يتعلق بحقوق الإنسان. الكل يعرف أن الحدود في الجهة الشمالية الغربية لأفريقيا بين الجزائر والمغرب وموريتانيا ومالي تم ترسيمها بطريقة حسابية، عند اقتسام هذا الجزء من الأراضي الأفريقية بين فرنسا وأسبانيا.
فالحدود الحالية لا تخضع لأي معايير جغرافية أو انسانية أو غيرها. ويمكننا القول بكل ثقة أنها حدود رسمت اعتباطيا، عند الاقتسام. وهذا هو السبب الأساسي في فشل مشروع الاستفتاء. فالصحراويين لا يتواجدون فقط في المغرب. فالجزء الجنوبي الغربي من الجزائر بكامله من بشار إلى الحدود بين موريتانيا ومالي هو منطقة تواجد القبائل الصحراوية، والأمر يسري كذلك على الجزء الشمالي الغربي من التراب الموريتاني برمته، وعلى أقصى شمال مالي بين تومبوكتو والحدود الجزائرية مرورا بتاودني.
لهذا، لكي يتأتى إجراء استفتاء تقرير مصير حر وديمقراطي وعادل ونزيه وشامل يمنح الفرصة لكل الصحراويين دون استثناء لأن يقول كلمتهم مثلما كانت ترغب في ذلك الأمم المتحدة من خلال مخطط التسوية الأولي، يجب تغيير حدود الدول الأربع المعنية، أي المغرب والجزائر وموريتانيا ومالي، بحيث يكون لدينا ساكنة صحراوية في إطارها الجغرافي والتاريخي القديم والحالي. لكن تغيير الحدود مستحيل وغير مسؤول، وبالتالي فإن الاستفتاء الذي يقوم على تحديد الهوية هو كذلك مستحيل.
وكل إصرار على تنظيم الاستفتاء إنما هو رغبة مبيتة في استدامة النزاع ومعاناة السكان. وفي إطار نفس منهجية التفكير، لم تتردد البوليساريو في خلق المزيد من المؤسسات الوهمية بتواطؤ مع بعض الأشخاص المناهضين للمغرب وإن اختلفت دوافعهم، مثل جمعيات الصداقة مع الشعب الصحراوي، و جمعيات التضامن مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وجمعيات المساعدات الإنسانية، و جمعية شهيد الوالي، وجمعية أم دريقة، وجمعية أصدقاء الصحراء الغربية، وجمعية أصدقاء الشعب الصحراوي. وبما أم منظمة الأمم المتحدة خلصت إلى استحالة تنظيم الاستفتاء في الصحراء دون تغيير الحدود، فإن البوليساريو لم تجد بدا من ابتداع مسألة تقرير المصير مدعية بأن إجراء استفتاء لا يمكن أن يؤدي سوى إلى الانفصال. غير أن ميثاق الأمم المتحدة الذي يمثل أسمى مرجع قضائي على المستوى الدولي ينص على أن تقرير المصير يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الوحدة الترابية للدولة، وأن الحكم الذاتي يبقى من بين أفضل أشكال تقرير المصير.
هذا الحكم الذاتي يوجد في الدول الغربية الأكثر تقدما في العالم. لهذا فإن المجتمع الدولي آخذ منظمة الاتحاد الأفريقي على خرق القانون الدولي عمدا، عندما اعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المزعومة، وكذا المؤسسة التي عوضتها، أي الاتحاد الأفريقي الذي انحرف بدوره عن القانون الدولي باعترافه بكيان تم إعلانه من طرف حركة سياسية عسكرية و ليس بناءا على استفتاء.
في المقابل فإن باقي المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة و دول عدم الانحياز و الجامعة العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي و الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الآسيوي رفضت بشكل قاطع التنكر للقانون الدولي، و التزمت بقرارات مجلس الأمن الدولي الداعية إلى إيجاد حل سياسي وتوافقي للنزاع العقيم حول الصحراء من خلال المفاوضات و الحوار. فهذا النزاع عرقل بناء اتحاد المغرب العربي و حال دون التوصل إلى تفاهم بين الجاران الشقيقان، المغرب و الجزائر، كما منع العائلات الصحراوية من العودة إلى ديارهم للعيش بين ذويهم.
إضافة إلى ذلك، خلف هذا النزاع بؤرة توتر في الشمال الغربي لأفريقيا، وشجع على تفشي ظاهرة المتاجرة بالبشر، والهجرة السرية وتهريب المخدرات والأسلحة، وسرقة كل أنواع البضائع داخل المخيمات، وكذا ظهور الإرهاب. إن الأمم المتحدة توفد بانتظام لجانا تابعة لبرنامج الأغذية العالمي والمفوضية العليا للاجئين إلى هذه المخيمات من أجل تقصي الحقائق حول تدبير السيئ وسرقة المساعدات الإنسانية المقدمة من طرف هذه الهيئات، وكذا من جانب المكتب الإنساني للجماعة الأوروبية، الموجهة في الأصل للمحتجزين في هذه المخيمات.
فحقيقة سرقة المساعدات الإنسانية تم تأكيدها من طرف عدة منظمات غير حكومية دولية، وبالأخص اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين، ومؤسسة فرنسا الحريات، والمركز الأوروبي للاستعلامات الاستراتيجية والأمن. فقد نبهت هذه المنظمات في عدة مناسبات المجتمع الدولي إلى ظاهرة سرقة المساعدات الإنسانية، ومدى تأثيرها على الوضعية الإنسانية للمحتجزين داخل مخيمات تندوف بالجزائر. ورغم هذا التاريخ المأساوي، فما زال بإمكان البوليساريو أن تعود إلى الصواب. فلا فائدة من التمادي في الخطأ. فالعنيد لا يمكن أن يكسب أي شيء من مجرد عناده.
إن التاريخ اليوم يعطي للبوليساريو فرصة إبرام اتفاق مشرف فيه صلاح السكان والعائلات. و إن التاريخ ليعطي للبوليساريو إمكانية فتح طريق مليء بالأمل لنسيان المعاناة وأخطاء الماضي. وإنه ليمنح للبوليساريو فرصة ذهبية من أجل القبول بالحل الوحيد الممكن القابل للتنفيذ والمناسب، ألا وهو الحكم الذاتي السياسي، في إطار سيادة المملكة المغربية. فإذا كانت البوليساريو تكن الود والاحترام للصحراويين، فعليها أن تغتنم هذه الفرصة، وتتخلص من الفخ الذي وقعت فيه، وأن تكف عن خدمة مصالح الآخرين، أو تسمح لنفسها أن تستعمل كشوكة في رجل المملكة المغربية من أجل مسألة لا تعدو أن تكون مرتبطة بالهيمنة السياسية.
--------------------------------------------------------------------------------
أُنشئت جبهة البوليساريو التي تعرف أيضا بالبوليساريو أو جبهة تحرير الساقية الحمراء وواد الذهب عام 1973. ويسمى جناحها العسكري جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
وتتألف مجموعة الأفراد الذين أسسوا الجبهة من شباب مغاربة ينحدرون من أصول صحراوية، كانوا يتابعون دراستهم في جامعة محمد الخامس بالرباط.
وليس لأحد أن ينكر المآسي التي تعرض لها مؤسسو البوليساريو، خاصة من كان قد عايشها عن كثب. ونتذكر دائما أنهم كانوا ثلة من ثلاثين شابا جامعيا من أقاليم المغرب الجنوبية، قرروا ذات يوم أن يحملوا مصيرهم بأيديهم.
وكانت البداية عندما استغلوا احتفالات موسم طانطان للسير في مظاهرة في الأزقة الضيقة لهذه المدينة، التي لم تكن حينئذ مدينة بالمعنى الدقيق للكلمة. ولما كانوا قد أخلوا بالتوازن القائم منذ عشر سنوات مضت، ما كان الرد ليتأخر. فقد أمر قائد المنطقة باعتقال هؤلاء العابثين بالنظام، وعندما لم يجد سجنا ليضعهم فيه، قرر على عجل أن يلقي بهم في قبو من الطين المقوى مساحته عشرة أمتار مربعة، له باب واحد منخفض ومسطح، بدون نافذة، في حرارة تخنق الأنفاس.
لا أحد منهم تمكن من مغالبة النفس وحملها على نسيان قسوة العيش و الشجاعة التي قادتهم إلى هذه الحالة.
عاشوا مثل آباءهم وأمهاتهم بؤسا ما سمعت به أذن من قبل، وظروفا مهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية. بلاد مقفرة، حيث لا طرق معبدة، ولا أرصفة، ولا مياه جارية، ولا صرف صحي، ولا كهرباء، ولا استثمار، ولا عمل، ولا شيء يسمح بالقول أن هذه المنطقة كانت فعلا جزءا من الوطن الأم.
هاهم هؤلاء الأعيان، أبناء أبطال جيش التحرير الوطني الذي كان لهم هم أيضا حظ في بناء أمجاده، عندما جاءوا لجني ثمار النصر، يجدون أنفسهم بين لحظة وضحاها محشورين في أقبية ينخرها الحرمان، ينامون على أرض عراء، بلا غطاء، ولا فراش، وتحت سقف عشوائي.
كان سندهم في العيش هو المساعدات الوطنية المتمثلة في أكياس الدقيق التي كان يتم إنتاجها بكميات قليلة، ويالا سخرية الحكاية، كلما أقدم المرء على الوشاية بجاره، إلا وأصبح ذا شأن، ووقى نفسه شر الأقاويل: وداعا للكرامة!!
هذه الحالة من البؤس المطلق هي الحالة التي كان يعيشها كان هؤلاء المقاتلون البواسل وأبنائهم وأبناء أبناء بعضهم منذ عملية ECOUVILLON التي قذفت بهم إلى مجاهل الهجرة.
كانوا آلافا يتوقون إلى الحرية والسعادة والسلام بما يحفظ كرامتهم. ولسوء الطالع، لم يحصلوا على أي شيء مما كانوا ينشدونه. وفي هذا العالم المنسي من الجميع: المسؤولين المحليين والجهويين، حاول الثلاثون شابا أن يُسمعوا أصواتهم وأن يصرخوا سوء حالتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.
وما كان يجب التهوين من شأن الاحتقار والحقد الذين كان يكنهما المسؤولون الإداريون لهؤلاء الشباب الذين قدموا من عالم أخر لا ندري عنه أي شيء، ولم يكونوا خاضعين مثلما كان آباءهم. لاموهم على التعبير وإظهار اختلافهم مع قرارات القائد.
كيف تجرؤوا على تحدي سلطة الحاكم اللامرئي القابع في برج عاجي؟
كيف يدعون أنهم يملكون جرأة رفع أصواتهم فيما كانت أُسرهم لا تفكر إلا همسا؟
كيف كانت لهم جسارة" اليائسين" لرفع رؤوسهم والتطاول على خليفة الحي؟
ولإخماد فورة الحماسة الزائدة لدى هؤلاء الشباب، لم تكن ثمة وسيلة أفضل من الضرب على أيديهم بقوة، لا بعصا الدركي أو الشرطي، فهم لا يستحقون هذا الامتياز، بل علقوهم وأوصدوا الباب عليهم، واحرموهم من الغداء، واتركوهم يختنقون ويتحملون أصناف العذاب في انتظار قدوم وحدة المخزن المتنقل المتوقعة على بعد أكثر من 200 كلم إلى الشمال- في بويزاكارن- واستحضار هذه الوحدة خصيصا لتعذيبهم وإذلالهم وإذاقتهم مرارة من " لا حول له" أمام قوات كانت تعبر من أردء وأشرس قوات الأمن.
حملات الاعتقال الجماعية على أيدي زائرين لا يأتون إلا بالليل، والتقوا ببعض الزعماء في بلدان أخرى من أجل الانتقام للشرف الضائع ورد الصاع صاعين للجلاد الذي لم يتوان عن ضربهم لأسباب ظاهرة.
جرى البحث بسرعة عن المسؤول عن هذا الزلزال، وتحديده موقعه من التراتبية. لم يكن الجواب ليترك أي باب للشك، فلا الخليفة، ولا القائد ولا الدركي، ولا الشرطي مسؤولون، ولا حتى عناصر القوات المساعدة المساكين. أما العامل، فهو " منزه" ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي كان أن يدعي أنه رآه أو سمعه في يوم ما، ليقول بأنه فعلا موجد، لا أحد من هؤلاء الموظفين يمكن تحميله مسؤولية المأساة التي حلت بهذه " الشرذمة من البشر".
لا بل إن المسؤول الحقيقي هو من سمح لهذه الثلة الشريرة من المسؤولين المحليين أن يستأسدوا في هذه الصحراء التي تركت لحال سبيلها. هذه المسؤولية لا يمكن تحمليها إلا للإدارة المغربية، ولا يمكن أن تتحملها سوى الإدارة بجميع مسؤوليها، وموظفيها، وبشكل عام كل من كانت له إمكانية إصدار أمر.
يجب إذن الانتقام من هذه الدولة التي لم تعرف، أو لم تستطع، أو لم ترغب في حماية مواطنين يعانون الحرمان ويغترون بكونهم كانوا من أشد المخلصين.. وجاء القرار مثاليا، أو أسطوريا، ليتحول بعدئذ لسوء الحظ إلى وهم ولد الكوابيس. صحيح أن مطالب هؤلاء الشباب الجامعيين المغاربة المنحدرين من أصل صحراوي كانت في بداية السبعينيات مطالب مشروعة تهم جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية، غير أنها كانت مطالب ذات طابع داخلي جاءت في إطار مغربي صرف.
فقد برزت هذه المطالب في فترة عصيبة من تاريخ المغرب، في وقت كانت فيه الدولة خاضعة لضغوط قوية من الخارج والداخل على حد سواء. ويمكن الجزم بأن تلك الفترة، أي خلال سنوات السبعينيات، لم تكن أي سلطة أو قوات سياسية في المغرب قادرة على الاستجابة لمطلب ذي طابع جهوي، مهما كان مشروعا.
خلال هذه الفترة، كان المغرب يواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة. ترتيب الأولويات كانت مختلفا بالنظر إلى ظروف المرحلة، واتسامها بسياق طغت عليه الحرب الباردة والنزاعات العربية التي لم يكن لها أول ولا آخر. ولهذا السبب بعينه، تحركت نزعة الانتقام بداخل جزء من هؤلاء الطلبة الجامعين المغاربة من أصل صحراوي، عقب قمع مظاهرة طانطان وما أعقبها من اعتقالات وسوء معاملة وتنكيل.
وقد دفع سوء المعاملة بهؤلاء الشباب الجامعيين إلى التحالف مع بعض البلدان، في ظل سياق الحرب الباردة والنزاعات العربية والأفريقية. وخلال تلك الفترة، كانت التحالفات مباحة. هؤلاء الطلبة الجامعيون أظهروا نقمتهم على بلدهم الأصل، المغرب، حيث عاش آباءهم وأسلافهم.
لقد حارب آباءهم بلا كلل في صفوف جيش التحرير من أجل تحرير البلاد التي سيدرس فيها هؤلاء الشباب الصحراوين فيما بعد. نافح آباءهم بكل ما أتوا به من قوة على محمد الخامس، وقدموا بيعتهم لابنه الراحل الحسن الثاني.
كان ينبغي إعمال قدر أكبر من التمييز. ولا يجب أن ننسى أبدا أن السلطات المغربية التي كانت المسؤول الأول عن تعذيب هؤلاء الشباب وإساءة معاملتهم خلال مظاهرة طانطان 1972، هي نفسها السلطات التي كانت تقف وراء محاولتين انقلابيتين فاشلتين.
هكذا إذن كان مشهد التناقضات العامة لمغرب سنوات السبعينيات. غير أن أحداث الشغب التي حصلت لم تؤثر على المسار العادي للتاريخ، لسبب بسيط هو أن قضية الصحراء كانت في الأصل مسألة بين المغرب وأسبانيا بشأن إنهاء الاستعمار.
كان المغرب يخضع لحماية قوتين استعماريتين، هما فرنسا والمغرب، وكان عليه أن يسترجع تدريجيا وعبر مراحل متعاقبة التراب الذي كان يقع تحت الحماية الأسبانية، ابتداء من منظفة الشمال وطنجة عام 1956، فطرفاية وطانطان عام 1958، ثم سيدي افني عام 1969، والصحراء عام 1975. كل ذلك كان يندرج في إطار الصيرورة التاريخية.
وهي الحال التي كانت لنا دائما مع جارتنا وصديقتنا أسبانيا. فكل نزاعاتنا مع هذا البلد بخصوص الحماية جرى حلها عن طريق التفاوض والسبل السلمية. غير أن خصوم المغرب الذين زرعوا بذرة الصحراء، وعارضوا استكمال وحدنها الترابية، عن طريق تمويل ومساعدة حركة البوليساريو، كانوا قد بيتوا ظروف المعرضة للمغرب.
والنتيجة أن هذه الحركة استضافتها الجزائر فوق ترابها بتندوف، نظرا للخلافات التي كانت قائمة آنذاك بين المغرب والجزائر بخصوص الجدود المشتركة، وفي وقت كان فيه المغرب قد أبرم اتفاقا مع أسبانيا، في إطار العلاقات التاريخية التي كانت دائما قائمة بين البلدين. وقد استرجع المغرب صحراءه عن طريق التفاوض والتوافق، حسب مسلسل عادي مع أسبانيا.
ولما كان المغرب قد استرجع أقاليمه الجنوبية، لم تجد البوليساريو طريقة أفضل من اقتياد جزء من الساكنة الصحراوية إلى مخيمات أقامتها فوق التراب الجزائري، وسمتها مخيمات لاجئين، أو مسميات وهمية، كمخيم العيون، والسمارة، وأوسرد، أو مخيم الداخلة. لقد كذبت البوليساريو وخدعت جزءا من الساكنة الذي تم اقتيادهم إلى تندوف بالجزائر. كل الصحراويين يعرفون أنه خلال نونبر ودجنبر من سنة 1975، طلبت البوليساريو من العديد من الناس الحضور لتجمع بكلتة زمور، وعندما حضروا طلب منهم عقد تجمع آخر ببئر الحلو. وبعد ذلك، طلب منهم الحضور لتندوف من أجل الإيقاع بهم في الشرك، ومنعهم نهائيا من الخروج.
ولسوء الحظ، بقي أغلبهم محاصرا بتندوف إلى يومنا هذا، بسبب انعدام وسائل النقل. لكن الكثير منهم تنبهوا إلى الشرك الذي وقعوا فيه، فوظفوا جميع الوسائل من أجل العودة إلى ديارهم في السمارة والعيون والداخلة وأوسرد. وهذه الحقيقة يعرفها جميع الصحراويين أو على الأقل أولئك الذين كان سنهم آنذاك يتجاوز 15 سنة. لقد خططت البوليساريو عن سبق إصرار لإنشاء مخيمات فوق التراب الجزائري فنفذت ذلك.
ترى لماذا أنشأت البوليساريو هذه المخيمات وأبقت عليها فوق أرض ليست أرضها، واحتجزت سكانا لا يحملون وثائق هوية كرهائن محاصرين في مخيمات وممنوعين من التجول؟
هؤلاء السكان هم مراقبون ليل نهار من طرف البوليساريو التي تدخل أبنائهم مدارس لا تعلمهم سوى الكراهية ولا تزرع في نفوسهم سوى اليأس. يتساءل المرء عن الأسباب المقبولة إنسانيا التي تسمح لمجموعة من قادة البوليساريو بالاحتفاظ بهؤلاء
لسكان ضدا عن إرادتهم داخل مخيمات لمدة تفوق 30 سنة؟
ما هو الهدف الحقيقي من ذلك؟ هل هي ورقة للمقايضة؟
الواضح أنه بدون وجود هذه المخيمات، لم يكن ممكنا وجود حركة سياسية عسكرية تحمل اسم البوليساريو. إن وجود البوليساريو مرتبط بوجود المخيمات نفسها، لكن هذه السياسة لا يمكن أن تفضي سوى إلى الهاوية. إن وجود هذه المخيمات فوق أرض تجاهر بعدائها، وتحت ظروف غير إنسانية خلال فترة زمنية طويلة هو في حد ذاته خرق سافر لحقوق الإنسان.
بأي حق يمكننا أن نسمح لأنفسنا بترك الناس يعيشون في خيام لمدة تفوق 30 سنة؟
بأي حق يمكننا أن نمنع الناس من التجول بحرية؟
بأي حق يمكننا أن نجند أطفالهم ونزرع في نفوسهم الكراهية واليأس؟
بأي حق يمكننا أن نمنع الناس من العيش مثل الآخرين؟
بأي حق يمكننا أن نستغل كما يحلو لنا جزءا من الساكنة الصحراوية داخل المخيمات؟
بأي حق يمكننا أن نبيع البؤس الإنساني للمنظمات الدولية الخيرية؟
هذه حقا هي أكبر انتهاكات حقوق الإنسان لأنها تمس بجوهر الإنسان وحريته في الاختيار والتصرف في أموره الشخصية والعائلية. لقد انتهكت البوليساريو دائما حقوق الإنسان الأساسية عن قصد، منذ أكثر من 30 سنة، واحتجزت لمدة تفوق 25 سنة أسرهم وأقاربهم، وسط ظروف مزرية. لماذا جرت على هؤلاء السجناء كل هذه المعاناة. إنهم بشر قبل كل شيء؟ لماذا احتجزتهم لمدة تفوق 25 سنة في ظروف لا تطاق، مع ما يعنيه ذلك من تعذيب جسدي ونفسي ومعنوي في أحسن الأحوال؟
تطرح أسئلة كثيرة، لكن لا جواب واحد مقنع.
في نهاية المطاف، أجبرت هذه الحركة على إطلاق سراحهم بدون مقابل سياسي. بعد ذلك أنشأت البوليساريو أركان الحرب العامة بحاسي ربوني بتندوف، واستحوذت منذ 1976 على أسماء بعض الأشخاص بدون سند قانوني أو تاريخي أو شرعي، ودون أن تقوم على الأقل باستشارة الساكنة الصحراوية. إن البوليساريو هي حركة سياسية عسكرية وضعت نظاما شبيها بنظام دول الاستبداد سابقا، أي نظام الحزب الوحيد والمؤسسة الوحيدة والبيروقراطية الوحيدة. الكل يدور في قالب فكر أحادي.
فقد وضعت نظام مراقبة للسكان المحتجزين أو المراقبين مستعملة المساعدات الغذائية كوسيلة ابتزاز دائمة. فهي تؤطر سكان المخيمات بواسطة نظام مراقبة جسدية ونفسية معنوية صارمة، من قبيل وضع مفوض سياسي لكل نشاط وخدمة.
استخدمت الجبهة مناهج الوشاية كوسيلة للمراقبة والتجنيد المستمر، أو بالأحرى غسل أدمغة الشباب والكبار عبر تزوير التاريخ أو استغلال الأحداث وزرع الكراهية كقاعدة عامة.
البوليساريو هي نتاج عالم آخر سابق لسقوط النظام الشمولي، فحتى عندما شهد العالم تغيرات ابتداء من سنة 1991، ظلت البوليساريو وفية لفكرها: لا انتخابات حرة، ولا ديمقراطية، ولا تعددية، ولا حرية الرأي، ولا وجود لمجتمع مدني. لقد فرضت إغلاقا تاما وفضلا للهياكل من أجل أن تستمر في الوجود. كل الحركات ذات الطابع السياسي أو السياسي العسكري الشبيه بالبوليساريو اختفت من خريطة العالم منذ سقوط جدار برلين. فتلك الحركات إما أنها غيرت اسمها أو انحلت من تلقاء نفسها، أو ابتدعت بنيات جديدة تتلاءم مع عالم جديد معولم وحر وديمقراطي.
فالبوليساريو التي تدعي أنها كيان مستقل أشأت ما أسمته الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، مع وصف الأراضي المحررة من طرف المغرب بمسميات من قبيل الصحراء الغربية أو الأراضي المحتلة. إن هذه الجمهورية توجد في تناقض صارخ مع طلب البوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير. كيف يمكن أن تطلب تنظيم استفتاء لتقرير مصير كل الصحراويين مع الإجابة مسبقا عن رغبتهم وإرادتهم بإنشاء كيان بدون أساس أخلاقي أو تاريخي أو ديمقراطي؟
إنها نفس أساليب الحركات الاستبدادية اللاديمقراطية حيث يتم استعمال القاعدة المشهورة المتمثلة في الإجابة بالنيابة عن الشعب عن أسئلة لم تطرح عليه. فالإعلان الأحادي الجانب عن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية من طرف البوليساريو يعد خرقا سافرا للقانون الدولي.
يتعلق الأمر هنا بعدم احترام إرادة الشعب وانتهاك القواعد الديمقراطية إضافة إلى النية المبيتة في تحقيق انتصارات سياسية عن طريق التدليس والغش. وهكذا جردت طلب حرية تقرير مصير الشعب الصحراوي من كل مصداقية، فقد استغلته عندما أجابت بالنيابة عنه.
لا يمكن للبوليساريو أن تدعي أنها ستحترم قرار الصحراويين وفي نفس الوقت تجيب مسبقا بالنيابة عنهم. فلا يمكننا ادعاء النزاهة والإجابة بالنيابة عن الآخرين في آن واحد. ولا يمكننا القول بأننا ضعفاء وفي نفس الوقت نزيف المبادئ. فمن غير الممكن القول بحق الشعوب في تقرير المصير بكل حرية ودون ضغط من أي جهة كانت، وفي نفس الوقت تجريد هذا القول من مصداقيته بالإجابة مسبقا عن سؤال لم يطرح عليهم بعد.
لا يمكننا ادعاء النزاهة إذا كنا استعملنا الغش مسبقا. فالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ليس لها أي وجود ترابي. فهي أقيمت في تندوف بالجزائر، ولا شعب لها، لأن الشعب الوحيد الذي تملكه هم أولئك العالقين في المخيمات حيث تحتجزهم وتراقبهم رغما عنهم، دون أن يكون ذلك من إفراز صناديق الاقتراع. وهي لا تتمتع بمقومات السيادة ولا توجد سوى على شبكة الانترنت وفي المؤسسات الوهمية على أرض دولة أجنبية. إن البوليساريو التي أقامت في تندوف مؤسسات وهمية كالحكومة الصحراوية والصليب الأحمر الصحراوي واتحاد المرأة الصحراوية واتحاد الشباب الصحراوي، لا تدخر أي جهد من أجل تنظيم احتفالات على أرض الجزائر تحت مسميات 27 فبراير، 10 ماي، 20 ماي أو حتى 12 أكتوبر.
منذ نشأتها عينت البوليساريو شهيد الوالي كأول كاتب عام لها، وخلفه المسمى محمد عبد العزيز الذي سمي فيما بعد الرئيس الكاتب العام للبوليساريو أو قائد البوليساريو. ولم تتوانى الجبهة عن إنشاء وسائل الدعاية من أجل دعم أطروحتها الانفصالية، كوكالة الأنباء الصحراوية، وراديو الصحراء، وراديو البوليساريو، منخرطة قلبا وقالبا في وهم كلي بخصوص قضية الصحراء.
وعندما خسرت الحرب، وفشل مشروع الاستفتاء الذي يعد أصلا غير ممكن نظرا لوجوب تغيير جميع الحدود. بدأت البوليساريو تقول لمن يريد أن يسمعها أن الصحراء هي أرض محتلة من طرف المغرب وأن هذه المنطقة تخضع لكل أشكال القمع السياسي وخروقات حقوق الإنسان. فالبوليساريو غير مؤهلة بتاتا لإعطاء دروس لأي كان فيما يتعلق بحقوق الإنسان. الكل يعرف أن الحدود في الجهة الشمالية الغربية لأفريقيا بين الجزائر والمغرب وموريتانيا ومالي تم ترسيمها بطريقة حسابية، عند اقتسام هذا الجزء من الأراضي الأفريقية بين فرنسا وأسبانيا.
فالحدود الحالية لا تخضع لأي معايير جغرافية أو انسانية أو غيرها. ويمكننا القول بكل ثقة أنها حدود رسمت اعتباطيا، عند الاقتسام. وهذا هو السبب الأساسي في فشل مشروع الاستفتاء. فالصحراويين لا يتواجدون فقط في المغرب. فالجزء الجنوبي الغربي من الجزائر بكامله من بشار إلى الحدود بين موريتانيا ومالي هو منطقة تواجد القبائل الصحراوية، والأمر يسري كذلك على الجزء الشمالي الغربي من التراب الموريتاني برمته، وعلى أقصى شمال مالي بين تومبوكتو والحدود الجزائرية مرورا بتاودني.
لهذا، لكي يتأتى إجراء استفتاء تقرير مصير حر وديمقراطي وعادل ونزيه وشامل يمنح الفرصة لكل الصحراويين دون استثناء لأن يقول كلمتهم مثلما كانت ترغب في ذلك الأمم المتحدة من خلال مخطط التسوية الأولي، يجب تغيير حدود الدول الأربع المعنية، أي المغرب والجزائر وموريتانيا ومالي، بحيث يكون لدينا ساكنة صحراوية في إطارها الجغرافي والتاريخي القديم والحالي. لكن تغيير الحدود مستحيل وغير مسؤول، وبالتالي فإن الاستفتاء الذي يقوم على تحديد الهوية هو كذلك مستحيل.
وكل إصرار على تنظيم الاستفتاء إنما هو رغبة مبيتة في استدامة النزاع ومعاناة السكان. وفي إطار نفس منهجية التفكير، لم تتردد البوليساريو في خلق المزيد من المؤسسات الوهمية بتواطؤ مع بعض الأشخاص المناهضين للمغرب وإن اختلفت دوافعهم، مثل جمعيات الصداقة مع الشعب الصحراوي، و جمعيات التضامن مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وجمعيات المساعدات الإنسانية، و جمعية شهيد الوالي، وجمعية أم دريقة، وجمعية أصدقاء الصحراء الغربية، وجمعية أصدقاء الشعب الصحراوي. وبما أم منظمة الأمم المتحدة خلصت إلى استحالة تنظيم الاستفتاء في الصحراء دون تغيير الحدود، فإن البوليساريو لم تجد بدا من ابتداع مسألة تقرير المصير مدعية بأن إجراء استفتاء لا يمكن أن يؤدي سوى إلى الانفصال. غير أن ميثاق الأمم المتحدة الذي يمثل أسمى مرجع قضائي على المستوى الدولي ينص على أن تقرير المصير يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الوحدة الترابية للدولة، وأن الحكم الذاتي يبقى من بين أفضل أشكال تقرير المصير.
هذا الحكم الذاتي يوجد في الدول الغربية الأكثر تقدما في العالم. لهذا فإن المجتمع الدولي آخذ منظمة الاتحاد الأفريقي على خرق القانون الدولي عمدا، عندما اعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المزعومة، وكذا المؤسسة التي عوضتها، أي الاتحاد الأفريقي الذي انحرف بدوره عن القانون الدولي باعترافه بكيان تم إعلانه من طرف حركة سياسية عسكرية و ليس بناءا على استفتاء.
في المقابل فإن باقي المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة و دول عدم الانحياز و الجامعة العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي و الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الآسيوي رفضت بشكل قاطع التنكر للقانون الدولي، و التزمت بقرارات مجلس الأمن الدولي الداعية إلى إيجاد حل سياسي وتوافقي للنزاع العقيم حول الصحراء من خلال المفاوضات و الحوار. فهذا النزاع عرقل بناء اتحاد المغرب العربي و حال دون التوصل إلى تفاهم بين الجاران الشقيقان، المغرب و الجزائر، كما منع العائلات الصحراوية من العودة إلى ديارهم للعيش بين ذويهم.
إضافة إلى ذلك، خلف هذا النزاع بؤرة توتر في الشمال الغربي لأفريقيا، وشجع على تفشي ظاهرة المتاجرة بالبشر، والهجرة السرية وتهريب المخدرات والأسلحة، وسرقة كل أنواع البضائع داخل المخيمات، وكذا ظهور الإرهاب. إن الأمم المتحدة توفد بانتظام لجانا تابعة لبرنامج الأغذية العالمي والمفوضية العليا للاجئين إلى هذه المخيمات من أجل تقصي الحقائق حول تدبير السيئ وسرقة المساعدات الإنسانية المقدمة من طرف هذه الهيئات، وكذا من جانب المكتب الإنساني للجماعة الأوروبية، الموجهة في الأصل للمحتجزين في هذه المخيمات.
فحقيقة سرقة المساعدات الإنسانية تم تأكيدها من طرف عدة منظمات غير حكومية دولية، وبالأخص اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين، ومؤسسة فرنسا الحريات، والمركز الأوروبي للاستعلامات الاستراتيجية والأمن. فقد نبهت هذه المنظمات في عدة مناسبات المجتمع الدولي إلى ظاهرة سرقة المساعدات الإنسانية، ومدى تأثيرها على الوضعية الإنسانية للمحتجزين داخل مخيمات تندوف بالجزائر. ورغم هذا التاريخ المأساوي، فما زال بإمكان البوليساريو أن تعود إلى الصواب. فلا فائدة من التمادي في الخطأ. فالعنيد لا يمكن أن يكسب أي شيء من مجرد عناده.
إن التاريخ اليوم يعطي للبوليساريو فرصة إبرام اتفاق مشرف فيه صلاح السكان والعائلات. و إن التاريخ ليعطي للبوليساريو إمكانية فتح طريق مليء بالأمل لنسيان المعاناة وأخطاء الماضي. وإنه ليمنح للبوليساريو فرصة ذهبية من أجل القبول بالحل الوحيد الممكن القابل للتنفيذ والمناسب، ألا وهو الحكم الذاتي السياسي، في إطار سيادة المملكة المغربية. فإذا كانت البوليساريو تكن الود والاحترام للصحراويين، فعليها أن تغتنم هذه الفرصة، وتتخلص من الفخ الذي وقعت فيه، وأن تكف عن خدمة مصالح الآخرين، أو تسمح لنفسها أن تستعمل كشوكة في رجل المملكة المغربية من أجل مسألة لا تعدو أن تكون مرتبطة بالهيمنة السياسية.