By عمر العتيبي 20 - الثلاثاء ديسمبر 10, 2013 11:37 pm
- الثلاثاء ديسمبر 10, 2013 11:37 pm
#69629
قراءة في المشهد السياسي المصري
الثلاثاء 10 أيلول 2013 - 06:32
علاء عبد الحميد
حالة من الاضطراب السياسي والأمني تلقي بظلالها على الساحة المصرية في ظل مرحلة هي من أحرج المراحل التاريخية التي تمر بها البلاد والتي تتعرض من خلالها لمجموعة من التحديات هي أبرز ما يميزالمرحلة الانتقالية وذلك لمواجهة إستحقاقات جديدة تعيد الإستقرار والأمن للمجتمع المصري ومحاولة إنصهار تيارات الاسلام السياسي وبخاصة جماعة الاخوان المسلمين في المشاركة السياسية وإدارة المرحلة الانتقالية.
إضافة إلى ذلك رفض حزب النور السلفي وهو الجناح الآخر لتيار الاسلام السياسي الانخراط في المرحلة الانتقالية بشكل كامل ورفضه للكثير من الأسماء التي رشحت لرئاسة الحكومة وهو ما أعاق تشكيل الحكومة لوقت طويل تزداد فيه الضغوط الدولية على المؤسسة العسكرية، ومن ناحية أخرى إصرار حزب النور على رفض تشكيل لجنة الـ50 لتعديل الدستور والتي اعترض على معايير اختيار أعضائها.
وتجلت صعوبة الأزمة مع تشبث كل طرف من أطراف الصراع بمواقفه مما يزيد من حدة الاستقطاب. فمع تزايد وتيرة الاشتباكات المسلحة ما بين قوات الأمن وجماعة الإخوان يزداد المؤيدون تعاطفًا مع القتلى والجرحى من الاخوان ويزداد المعارضون رفضًا لأن تكون وسائل العنف أداة تستخدمها الجماعة للحصول على تنازلات سياسية من السلطة الحاكمة، إلا أن مصر تعاملت مع الأزمة من خلال تحول واضح في سياستها الداخلية وبداية لاعادة صياغة سياسية لمدركات مصر الاقليمية والدولية في المرحلة القادمة.
الميراث التاريخي بين العسكر والاخوان
إن إستخدام العنف لم يكن جديدا على العلاقة الجدلية التي ربطت المؤسسه العسكرية وجماعة الاخوان المسلمين منذ نشأتها عام 1928 على يد حسن البنا ، فقد اصطدمت الجماعه مع جميع الانظمة المصرية سواء الملكيه أو الجمهورية... مروراً بجمال عبد الناصر الذي اتهمه مكتب الارشاد بالماسونية والخيانة والعمالة لاسرائيل، رغم أنه أشرس من تصدى للصهيونية العالمية طوال فترة حكمه، ثم جاء قرار اتهامهم في محاولة اغتياله بالمنشية عام 1954، وبعد ذلك محاولة قلبهم نظام الحكم بالقوة عام 1965، وكانت تلك الارهاصات إيذاناً بفتح المعتقلات وممارسة التعذيب أمام قيادات الجماعة وذلك في إطار الصراع على السلطة بين الجماعة وعبد الناصر بعد الثورة المصرية عام 1952.
ثم جاء السادات وأطلق سراحهم من السجون في بداية عهده وسمح لهم باستئناف أنشطتهم فقاموا بالتحريض عليه ثم اغتياله عام 1981 وقد لوحظ توسع الاصولية الاسلامية توسعاً ملحوظاً في الطبقات الشعبية بعد الثورة الايرانية عام 1979 والذي ترافق مع سقوط الفكر القومي والشيوعي. واضطلع سعيد رمضان، زوج بنت الامام حسن البنا، بإنشاء التنظيم الدولي للاخوان المسلمين بأوروبا ليكون داعماً لمكتب الارشاد بالقاهرة في ذلك الحين.
وفي عهد مبارك تعرض الاخوان لكثير من المضايقات على يد جهاز أمن الدولة إلا انهم لعبوا على كل تناقضات المجتمع وعقدوا الكثير من الصفقات مع نظام مبارك، ولم يمنع ذلك من محاولة مصطفى حمزة، أحد قيادات الاخوان، اغتيال الرئيس المصري في اديس أبابا عام 1995.
وبدعم خارجي، ارتفع عدد نواب الاخوان المسلمين في مجلس الشعب من 15 عضواً سنة 2000 إلى 88 عضواً عام 2005، وكانت تلك رسالة مبارك إلى البيت الأبيض لوقف الضغوط عليه في ملف الديمقراطية وحقوق الانسان.
تداعيات فض الاعتصام
لم تنته الأزمة السياسية عند فض اعتصامي ميدان النهضة ورابعة العدوية بالقوة المسلحة بل حملت في طياتها بذور إرهاصات عدة أبرزها ما يلي:
1- دخول الجماعة في مواجهة شاملة مع المجتمع برمته من خلال التظاهر والاعتصام داخل الشوارع والميادين واستخدام العنف ونزف المزيد من الدماء وقتل الابرياء من شأنه إقحام مصر في مرحلة مخاض عسير ومؤلم قد يستدعي التدخل الدولي في الشؤون الداخلية المصرية بذريعة حماية حقوق الانسان.
2-غياب جماعة الاخوان عن المشهد السياسي بعد الضربات المؤلمة التي وجهت وستوجه لها من المؤسسة العسكرية ثم عودتها إلى العمل السري.
3- كثير من الانشقاقات داخل صفوف الجماعة مما يستدعي مراجعة فكرية شاملة لنهج الجماعة منذ عام 1928 على يد حسن البنا وحتى الان، إضافة لتقييم عادل لممارسات الاخوان في السلطة على مدار عام.
دور المؤسسة العسكرية
لا ينسى الشعب المصري إسهام المؤسسة العسكرية في نجاح ثورة 25 يناير أو انتفاضة 30 يونيو حيث أثبتت ممارساته أن ولاءه الأول والأخير هو للوطن، وذلك من خلال انضمامه لارادة الشعب في الحالتين... وأثبت أنه يضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات ووقف في مجابهة نظام مبارك الذي يعتبر إبناً من أبناء المؤسسة العسكرية أو محمد مرسي الرئيس المدني المنتخب، على خلاف باقي الجيوش العربية في كل من ليبيا واليمن وسوريا والتي حاربت قواتها المسلحة دفاعاً عن النظام ضد إرادة الشعب وهو يرى أن مهمته ليس فقط الدفاع عن وحدة الدولة المصرية وحماية حدودها الخارجية بل حمايتها أيضاً من التحديات الداخلية.
لذلك، يعتبر الجيش المصري الضمان الأساس لنجاح أي عملية سياسية مستقبلية في مصر، ومن المنتظر أن يكون للمؤسسة العسكرية دور فاعل حتى بعد إجراء الانتخابات الرئاسية ومجلسي الشعب والشورى والدور الكبير قد يكون من وراء الستار سواء في تحديد شكل المعادلة الداخلية أو حتى علاقات مصر الخارجية وبخاصة مع أمريكا وإسرائيل.
يمكن رصد بعض الملاحظات الآتية:
- أخفق المجلس العسكري الذي تولى السلطة في مصر عندما سمح لقوى أصولية من قوى الاسلام السياسي بإنشاء احزاب سياسية على اساس ديني وهو ما سمح لاكتساح الإسلاميين بشقّيهما (الحرية والعدالة، وهي الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي) لغالبية مقاعد مجلسي الشعب والشورى في انتخابات لعب فيها إستغلال الدين تحوّلاً كبيراً في تغيير قواعد اللعبة السياسية في مصر بعد أن اختلطت الدعوة والتربية الأيديولوجية بالعمل السياسي.
- المشكلة الراهنة ليست فقط في فشل الاخوان المسلمين في إدارة شؤون البلاد على مدار عام كامل ولكن يبدو أنّ المشكلة الكبرى التي تواجه المجتمع المصري هي عدم توفر بديل يستطيع قيادة وطن بحجم مصر ومكانة مصر العربيّة والافريقيّة والدوليّة خصوصاً أنّ فترة نظام حكم مبارك على مدار 30 عاماً فرّغت الأحزاب السياسيّة من مضمونها وأفرزت قيادات هزيلة لا تصلح للحكم.
- أصبحت قوة الشارع والحشد هي التي تمثل قيداً بل سقفاً لكلّ من سيقود مقاليد الحكم في مصر في المرحلة القادمة أيّاً كانت انتماءاته السياسية والأيدلوجية لأنّ أغلب القيادات السياسيّة الاعلاميّة ليست لديها قواعد شعبيّة على الأرض.
- إنّ اختلاف الرؤى بين دول الخليج العربي وإيران على توصيف ما يحدث في مصر انعكس على الصراع الاعلامي بين أدواتها وهو ما سيؤثر كثيراً في طبيعة الدور الإقليمي لمصر بعد ثورة 30 يونيو.
- على الرغم من التشاؤم الذي ساد المشهد المصري بفعل أحداث العنف وعلى الرغم من أنّها المرة الأولى في تاريخ المجتمع المصري، إلا أنّ البعض يعوّل كثيراً على المؤسسات الروحيّة كالأزهر والكنيسة في رأب الصدع الذي أصاب البيت الداخلي المصري وذلك باستخدام آليات بناء الاتفاق السياسي بين الفرقاء السياسيّين كافة للحفاظ على مقدّرات وطن ينهار.
- جذبت التغييرات الدراماتيكيّة المتسارعة في مصر أنظار العالم كافة وخصوصاً أنّ ما يحدث هو بحاجة للتأمل والتوصيف أكثر ممّا هو بحاجة للتحليل والتنبؤ.
آلية الخروج من الأزمة
إنّ العنف الممنهج زاد من حالة الاحتقان والاستقطاب العمودي في أطياف المجتمع المصري بين أبناء الوطن الواحد وبين أفراد الأسرة الواحدة، بخاصة مع تزايد الايدي العابثة بأمن ومقدرات مصر لمحاولة إشاعة الفوضى والاضطراب الداخلي وتضخيم ما يحدث في مصر على أنّه حرب أهليّة بين المسلمين أنفسهم أو طائفية بين الأقباط والمسلمين وذلك للتأثير على سمعة مصر الخارجية وتعريضها لانتقادات وإدانات المنظمات الدوليّة، لذلك فإن الخروج من المأزق الحالي يتطلب تضحيات جسام من كافة أطراف الصراع وعلى رأسها جماعة الاخوان والمؤسسة العسكرية كما يلي:
أولاً: على الجماعة أن تميز بين الدعوة الدينية والمشاركة السياسية وأن تكون تلك المشاركة بشروط مجتمعية و إلا أصبحت الجماعة كطائر يغرد خارج السرب الوطني.
ثانياً: الافراج عن كافة المعتقلين سياسياً من قيادات الجماعة والافراج عن أموالهم المتحفظ عليها وعدم السعي لاستئصال الاخوان من المشهد السياسي لأنّها مازالت تتمتع بشريحة انتخابية عريضة يمكنها من خلالها البقاء في المشهد السياسي إذا فشلت آليات المواجهة الأخرى.
ثالثاً: خروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي وتعهد العسكريين الحاليين بعدم الترشح لمقعد الرئاسة والحفاظ على مدنية الدولة المصرية.
رابعاً: الانتهاء من التعديلات الدستورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتحت إشراف دولي يعقبها انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة.
لذلك، هناك حاجه ملحة لإرادة وطنية مصريّة تبحث عن مخرج لحلّ ذلك الصراع وتترفع عن الضغائن والأحقاد وإلا فإن مصر ستدخل في نفق مظلم لا يعلم مداه إلا الله.
الثلاثاء 10 أيلول 2013 - 06:32
علاء عبد الحميد
حالة من الاضطراب السياسي والأمني تلقي بظلالها على الساحة المصرية في ظل مرحلة هي من أحرج المراحل التاريخية التي تمر بها البلاد والتي تتعرض من خلالها لمجموعة من التحديات هي أبرز ما يميزالمرحلة الانتقالية وذلك لمواجهة إستحقاقات جديدة تعيد الإستقرار والأمن للمجتمع المصري ومحاولة إنصهار تيارات الاسلام السياسي وبخاصة جماعة الاخوان المسلمين في المشاركة السياسية وإدارة المرحلة الانتقالية.
إضافة إلى ذلك رفض حزب النور السلفي وهو الجناح الآخر لتيار الاسلام السياسي الانخراط في المرحلة الانتقالية بشكل كامل ورفضه للكثير من الأسماء التي رشحت لرئاسة الحكومة وهو ما أعاق تشكيل الحكومة لوقت طويل تزداد فيه الضغوط الدولية على المؤسسة العسكرية، ومن ناحية أخرى إصرار حزب النور على رفض تشكيل لجنة الـ50 لتعديل الدستور والتي اعترض على معايير اختيار أعضائها.
وتجلت صعوبة الأزمة مع تشبث كل طرف من أطراف الصراع بمواقفه مما يزيد من حدة الاستقطاب. فمع تزايد وتيرة الاشتباكات المسلحة ما بين قوات الأمن وجماعة الإخوان يزداد المؤيدون تعاطفًا مع القتلى والجرحى من الاخوان ويزداد المعارضون رفضًا لأن تكون وسائل العنف أداة تستخدمها الجماعة للحصول على تنازلات سياسية من السلطة الحاكمة، إلا أن مصر تعاملت مع الأزمة من خلال تحول واضح في سياستها الداخلية وبداية لاعادة صياغة سياسية لمدركات مصر الاقليمية والدولية في المرحلة القادمة.
الميراث التاريخي بين العسكر والاخوان
إن إستخدام العنف لم يكن جديدا على العلاقة الجدلية التي ربطت المؤسسه العسكرية وجماعة الاخوان المسلمين منذ نشأتها عام 1928 على يد حسن البنا ، فقد اصطدمت الجماعه مع جميع الانظمة المصرية سواء الملكيه أو الجمهورية... مروراً بجمال عبد الناصر الذي اتهمه مكتب الارشاد بالماسونية والخيانة والعمالة لاسرائيل، رغم أنه أشرس من تصدى للصهيونية العالمية طوال فترة حكمه، ثم جاء قرار اتهامهم في محاولة اغتياله بالمنشية عام 1954، وبعد ذلك محاولة قلبهم نظام الحكم بالقوة عام 1965، وكانت تلك الارهاصات إيذاناً بفتح المعتقلات وممارسة التعذيب أمام قيادات الجماعة وذلك في إطار الصراع على السلطة بين الجماعة وعبد الناصر بعد الثورة المصرية عام 1952.
ثم جاء السادات وأطلق سراحهم من السجون في بداية عهده وسمح لهم باستئناف أنشطتهم فقاموا بالتحريض عليه ثم اغتياله عام 1981 وقد لوحظ توسع الاصولية الاسلامية توسعاً ملحوظاً في الطبقات الشعبية بعد الثورة الايرانية عام 1979 والذي ترافق مع سقوط الفكر القومي والشيوعي. واضطلع سعيد رمضان، زوج بنت الامام حسن البنا، بإنشاء التنظيم الدولي للاخوان المسلمين بأوروبا ليكون داعماً لمكتب الارشاد بالقاهرة في ذلك الحين.
وفي عهد مبارك تعرض الاخوان لكثير من المضايقات على يد جهاز أمن الدولة إلا انهم لعبوا على كل تناقضات المجتمع وعقدوا الكثير من الصفقات مع نظام مبارك، ولم يمنع ذلك من محاولة مصطفى حمزة، أحد قيادات الاخوان، اغتيال الرئيس المصري في اديس أبابا عام 1995.
وبدعم خارجي، ارتفع عدد نواب الاخوان المسلمين في مجلس الشعب من 15 عضواً سنة 2000 إلى 88 عضواً عام 2005، وكانت تلك رسالة مبارك إلى البيت الأبيض لوقف الضغوط عليه في ملف الديمقراطية وحقوق الانسان.
تداعيات فض الاعتصام
لم تنته الأزمة السياسية عند فض اعتصامي ميدان النهضة ورابعة العدوية بالقوة المسلحة بل حملت في طياتها بذور إرهاصات عدة أبرزها ما يلي:
1- دخول الجماعة في مواجهة شاملة مع المجتمع برمته من خلال التظاهر والاعتصام داخل الشوارع والميادين واستخدام العنف ونزف المزيد من الدماء وقتل الابرياء من شأنه إقحام مصر في مرحلة مخاض عسير ومؤلم قد يستدعي التدخل الدولي في الشؤون الداخلية المصرية بذريعة حماية حقوق الانسان.
2-غياب جماعة الاخوان عن المشهد السياسي بعد الضربات المؤلمة التي وجهت وستوجه لها من المؤسسة العسكرية ثم عودتها إلى العمل السري.
3- كثير من الانشقاقات داخل صفوف الجماعة مما يستدعي مراجعة فكرية شاملة لنهج الجماعة منذ عام 1928 على يد حسن البنا وحتى الان، إضافة لتقييم عادل لممارسات الاخوان في السلطة على مدار عام.
دور المؤسسة العسكرية
لا ينسى الشعب المصري إسهام المؤسسة العسكرية في نجاح ثورة 25 يناير أو انتفاضة 30 يونيو حيث أثبتت ممارساته أن ولاءه الأول والأخير هو للوطن، وذلك من خلال انضمامه لارادة الشعب في الحالتين... وأثبت أنه يضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات ووقف في مجابهة نظام مبارك الذي يعتبر إبناً من أبناء المؤسسة العسكرية أو محمد مرسي الرئيس المدني المنتخب، على خلاف باقي الجيوش العربية في كل من ليبيا واليمن وسوريا والتي حاربت قواتها المسلحة دفاعاً عن النظام ضد إرادة الشعب وهو يرى أن مهمته ليس فقط الدفاع عن وحدة الدولة المصرية وحماية حدودها الخارجية بل حمايتها أيضاً من التحديات الداخلية.
لذلك، يعتبر الجيش المصري الضمان الأساس لنجاح أي عملية سياسية مستقبلية في مصر، ومن المنتظر أن يكون للمؤسسة العسكرية دور فاعل حتى بعد إجراء الانتخابات الرئاسية ومجلسي الشعب والشورى والدور الكبير قد يكون من وراء الستار سواء في تحديد شكل المعادلة الداخلية أو حتى علاقات مصر الخارجية وبخاصة مع أمريكا وإسرائيل.
يمكن رصد بعض الملاحظات الآتية:
- أخفق المجلس العسكري الذي تولى السلطة في مصر عندما سمح لقوى أصولية من قوى الاسلام السياسي بإنشاء احزاب سياسية على اساس ديني وهو ما سمح لاكتساح الإسلاميين بشقّيهما (الحرية والعدالة، وهي الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي) لغالبية مقاعد مجلسي الشعب والشورى في انتخابات لعب فيها إستغلال الدين تحوّلاً كبيراً في تغيير قواعد اللعبة السياسية في مصر بعد أن اختلطت الدعوة والتربية الأيديولوجية بالعمل السياسي.
- المشكلة الراهنة ليست فقط في فشل الاخوان المسلمين في إدارة شؤون البلاد على مدار عام كامل ولكن يبدو أنّ المشكلة الكبرى التي تواجه المجتمع المصري هي عدم توفر بديل يستطيع قيادة وطن بحجم مصر ومكانة مصر العربيّة والافريقيّة والدوليّة خصوصاً أنّ فترة نظام حكم مبارك على مدار 30 عاماً فرّغت الأحزاب السياسيّة من مضمونها وأفرزت قيادات هزيلة لا تصلح للحكم.
- أصبحت قوة الشارع والحشد هي التي تمثل قيداً بل سقفاً لكلّ من سيقود مقاليد الحكم في مصر في المرحلة القادمة أيّاً كانت انتماءاته السياسية والأيدلوجية لأنّ أغلب القيادات السياسيّة الاعلاميّة ليست لديها قواعد شعبيّة على الأرض.
- إنّ اختلاف الرؤى بين دول الخليج العربي وإيران على توصيف ما يحدث في مصر انعكس على الصراع الاعلامي بين أدواتها وهو ما سيؤثر كثيراً في طبيعة الدور الإقليمي لمصر بعد ثورة 30 يونيو.
- على الرغم من التشاؤم الذي ساد المشهد المصري بفعل أحداث العنف وعلى الرغم من أنّها المرة الأولى في تاريخ المجتمع المصري، إلا أنّ البعض يعوّل كثيراً على المؤسسات الروحيّة كالأزهر والكنيسة في رأب الصدع الذي أصاب البيت الداخلي المصري وذلك باستخدام آليات بناء الاتفاق السياسي بين الفرقاء السياسيّين كافة للحفاظ على مقدّرات وطن ينهار.
- جذبت التغييرات الدراماتيكيّة المتسارعة في مصر أنظار العالم كافة وخصوصاً أنّ ما يحدث هو بحاجة للتأمل والتوصيف أكثر ممّا هو بحاجة للتحليل والتنبؤ.
آلية الخروج من الأزمة
إنّ العنف الممنهج زاد من حالة الاحتقان والاستقطاب العمودي في أطياف المجتمع المصري بين أبناء الوطن الواحد وبين أفراد الأسرة الواحدة، بخاصة مع تزايد الايدي العابثة بأمن ومقدرات مصر لمحاولة إشاعة الفوضى والاضطراب الداخلي وتضخيم ما يحدث في مصر على أنّه حرب أهليّة بين المسلمين أنفسهم أو طائفية بين الأقباط والمسلمين وذلك للتأثير على سمعة مصر الخارجية وتعريضها لانتقادات وإدانات المنظمات الدوليّة، لذلك فإن الخروج من المأزق الحالي يتطلب تضحيات جسام من كافة أطراف الصراع وعلى رأسها جماعة الاخوان والمؤسسة العسكرية كما يلي:
أولاً: على الجماعة أن تميز بين الدعوة الدينية والمشاركة السياسية وأن تكون تلك المشاركة بشروط مجتمعية و إلا أصبحت الجماعة كطائر يغرد خارج السرب الوطني.
ثانياً: الافراج عن كافة المعتقلين سياسياً من قيادات الجماعة والافراج عن أموالهم المتحفظ عليها وعدم السعي لاستئصال الاخوان من المشهد السياسي لأنّها مازالت تتمتع بشريحة انتخابية عريضة يمكنها من خلالها البقاء في المشهد السياسي إذا فشلت آليات المواجهة الأخرى.
ثالثاً: خروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي وتعهد العسكريين الحاليين بعدم الترشح لمقعد الرئاسة والحفاظ على مدنية الدولة المصرية.
رابعاً: الانتهاء من التعديلات الدستورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتحت إشراف دولي يعقبها انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة.
لذلك، هناك حاجه ملحة لإرادة وطنية مصريّة تبحث عن مخرج لحلّ ذلك الصراع وتترفع عن الضغائن والأحقاد وإلا فإن مصر ستدخل في نفق مظلم لا يعلم مداه إلا الله.