منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بإبداعات الأعضاء

المشرف: حمد القباني

صورة العضو الرمزية
By حمد القباني
#6222
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بغداد بقلم سهير القلماوي

لو كانت الدكتورة سهير القلماوي على قيد الحياة في هذه الايام، ورأت المصائب والمآسي التي أحاطت بالعراق، وخاصة في مدينة بغداد، هل كان يمكن ان تتحمل المناظر الدموية المفزعة، والدمار الذي لحق بأهم مبانيها وآثارها.. وهي التي أحبت بغداد حباً كبيراً وعظيماً.. وكانت بمثابة المدينة الخالدة التي حرصت على التأريخ لها..

سهير القلماوي، التي تعتبر من أعمدة الادب العربي الحديث، التي غاصت في أعماق التاريخ واعتنت بدراسة كتاب »الف ليلة وليلة« ومحوره ينصب في بغداد والبصرة وغيرها من مدن العراق المنكوبة بالاحتلال الاجنبي البغيض..

لقد رحلت القلماوي قبل ان تشهد احتلال بغداد، التي احبتها حباً جماً، واعتنت بدراسة تاريخها الطويل الحافل في العديد من الكتب.

ونتوقف عند مقالة نشرتها في مجلة »الهلال« المصرية في العدد الثاني الصادر في شهر فبراير سنة 1963م بعنوان »بغداد مدينة الحياة الدافقة« وهو عنوان جامع وشامل، اختصرت فيه الكاتبة الكبيرة تاريخ مدينة عظيمة على مدى قرون عديدة..

فقد استطاعت القلماوي ان تلخص حياة بغداد في صفحات قليلة، وهو أمر يدل على سعة اطلاع المؤلفة على تاريخ هذه المدينة العظيمة، التي مرت بها أمم من كل جنس ولون!.

كانت شاهدة على الذين بنوها وعمروها، وعلى الذين دمروها وشوهوا وجهها، كل ذلك بسبب موقفها المميز بين الشرق والغرب.

لقد مرّ بها الغزاة واندثروا، وبقيت بغداد صامدة قوية رغم الخراب والدمار، قمراً يضيء المكان بنوره اللطيف الرائع رغم كل شيء لانها اكبر واقوى من كل المحن..

وها هي بغداد وشقيقاتها من المدن والبلدات والقرى العراقية، تعاني على ايدي تتار القرن الواحد والعشرين، ففي كل يوم جرائم ومجازر ترتكب، ترتكب هنا وهناك، كأنهم ما جاءوا الا ليذبحوا اهل العراق ويدمروا كل شيء فيه. دونما اي احساس بعظمة هذا البلد الذي يعود تاريخه الى اكثر من خمسة الاف عام، وقامت فوقه اجمل وابهى الحضارات، التي يفاخر بها الدنيا. من اجل مجد وكرامة الانسان على جميع العصور.

فمن عرف بغداد، او قرأ عنها، سيظل يتحسر على ما جرى لها ولاهلها، وسيظل يبكي ألماً على ذلك الجمال الذي بدأ يفقد رونقه بسبب الاحتلال.. والى نهر دجلة، وهو يبكي على أيام الصفاء والهدوء، يوم كان البغداديون ينتشرون على ضفتيه. والفرح يعمر قلوبهم، والبسمة تعلو وجوههم سعداء يتأملونه وهو يجري بسلاسة ورقة!.

وما زلت أذكر تلك الايام الحلوة، وأنا ارقب انسياب النهر عبر احدى شرفات فندق المنصور المطل على نهر دجلة!.

بغداد حكاية جميلة، آية في الروعة والجمال...! فهي مدينة العشق والبهاء، مدينة الف ليلة وليلة، التي بهرت البشر عبر العصور. فان ذكرت الحضارة كانت بغداد في المقدمة.. وان ذكر الفن كانت بغداد من الاوائل.. فقد عاش على ارضها ملايين البشر الذين صنعوا مجدها وحضارتها منذ ان بناها ابو جعفر المنصور قبل الف ومائتين وخمسين عاماً. وقد كتب الكثير الكثير عنها في مئات المجلدات والكتب وهو امر لم يتح لاية مدينة في العالم.

وكأني بالدكتورة سهيرالقلماوي قد سحرها تاريخ بغداد، فوق أراضيها، وكتبت مختزلة تواريخ كثيرة،واحداث خطيرة مرت بها على امتداد قرون عديدة وذلك بأسلوب ادبي راقِ تميزت به الدكتورة التي كانت وما زالت وستظل احد اعمدة الادب العربي في القرن العشرين، بما قدمت من دراسات وابحاث وكتب قيمة، وكيف لا وهي تلميذة طه حسين عميد الادب العربي.

وان اختياري لمقالتها هذه، جاء تعبيراً عن مدى اهتمام الكتاب والقراء والفنانين بهذه المدينة المتألقة عبر التاريخ، رغم المآسي والمصائب التي كانت تخرج منها، وقد ارتدت حلة جميلة على مدار الزمن..

وها هي بغداد تقاتل تدمي جسد المعتدي، الغازي، الذي سيكتب له الرحيل عنها عاجلاً باذن الله بهمة أهلها الشجعان.

فتاريخ بغداد، يؤكد انه لا مكان للغرباء او المحتلين، مهما اوتوا من قوة وعزيمة وان اهل العراق لا يصبرون على الضيم والهوان، فهم اكبر من هذا كله!.

أعاد الله لبغداد وجهها العربي الاصيل، ورحم الله اديبتنا الكبيرة سهير القلماوي التي كتبت فابدعت، واخلصت في اعطاء بغداد حقها من العظمة والخلود! وننشر هنا نص المقالة التي كتبتها الدكتورة القلماوي..

بغداد مدينة الحياة الدافقة

قرأت كثيراً عن بغداد اثناء اعداد بحث عن »صورتها في الادب الشعبي« بمناسبة مرور الف ومائتي عام على انشائها فراعني مدى انطباق الحقيقة القائلة، بان لكل مدينة طابعها الذي يصنعه لها موقعها وتفاعل الزمان والناس على ارضها، على المدن العريقة الموغلة في القدم مثل بغداد. ان طابع بغداد طابع اوجده عنف الحياة على رقعتها وهو ما زال ملازماً لها منذ انشائها الى يومنا هذا فبغداد مدينة السحر والبذخ والترف.. بل الاسراف في الترف، هي مدينة الحركة والثورات، والعنت، وهي مدينة التقاء الاضداد والاجناس والمدنيات وهي مدينة الاسواق والحمامات والانهار والثورات والعجائب.

ولقد الفت عن بغداد كتب كثيرة جداً.. الفت كتب في علمائها وزوارها وانهارها وقصورها وتاريخها وجغرافيتها حتى لا يكاد يوجد موضوع عنها لم يدرس واهتم المستشرقون ثم العرب بطبوغرافية بغداد المدينة المدورة لان تقلب الزمان لم يخط آثاره على مدينة باقية باعنف مما خطها عليها فما اكثر الحرائق والفيضانات في هذه المدينة الخالدة. انها على ملتقى الشرق الاقصى بالشرق الاوسط فكانت لذلك عرضة لغزو جيوش زاحفة مخربة عابثة من الشرق الاقصى، جيوش المغول والتتار، جيوش هولاكو وتيمورلنك.. حتى ان »المقريزي« في منتصف القرن الخامس عشر يقول: »انها وصلت من الخراب الى الحد الذي يتعذر بسببه ان يقال عنها انها مدينة«.

وظلت طوال القرن السادس عشر مجرد محطة التقاء بين التجار الوافدين من اقصى الشرق الى الشرق الاوسط، وفي ظل الاتراك حكمها اكثر من اربعة وعشرين »باشا« لم ينقذوها من وهدتها حتى عمت الفوضى وضعف شأن السلطان المركزي وتفردت القبائل المبعثرة بفرض قانونها البدائي العتيد. ومنذ فجر القرن الثامن عشر دبت فيها حياة الاصلاح وفي القرن العشرين يبنى لاول مرة السد الذي يمنع فيضان النهر وغرق العباد والبلاد، ولم يكن النهر وحده الذي يفيض ويخرب، وانما الاوبئة التي كانت تأتي مع الفيضان، وفي سنة 1831 تحالف الفيضان والوباء حتى اهلك ستين في المائة من سكان بغداد.

وبغداد من داخلها تغلي ابداً، فلا الجيوش الغازية ولا الفيضانات وما يستتبعهما من دماء هي وحدها التي تمثل عنف الحياة وقسوة الفناء على ارضها، وانما الثورات ثورة الامين والمأمون وقد خرب الضفة الغربية فلم تعد قط كما كانت يوم بنيت لاول مرة وحصار المستعين بالله وقد خرب الضفة الشرقية فلم تعد الى ما كانت عليه ابداً. نزاع الاخوة على الحكم والى جانبه تلاقى الاضداد.. التقى الساميون والآريون والمجوس والمسلمون، والترك والديلم، والسنة والشيعة، والثراء الفاحش والفقر المدقع، والعلم في اسمى درجاته والجهل في أحط مراتبه.

ولكن هذا الالتقاء لم يكن الا التقاء الحياة، يعني التقاء سلم وحرب التقاء علم ومعرفة وخير والى جانبه التقاء ثوار وفوضويين ومصلحين ومفسدين كالعيارين والفتوة.

منهم من يصلح باسم الدين ومنهم من يفسد باسم الدين والعدل والحرية والاصلاح، والى جانب القصور العظيمة والاسوار الفخمة والمدارس الفريدة كالنظامية والمستنصرية وبيت الحكمة ومدارس الفقه بشتى مذاهبه والبيمارستانات الضخمة كانت الحمامات العديدة والمساجدالفخمة التي تؤمها جموع غفيرة طوال النهار وطرفا من ليل. وكانت الاسواق المتنوعة، لكل بضاعة او فاكهة سوق خاصة، سوق للكتب واخرى للرقيق، ولكل بلد سوق كسوق الصين ولكل بلد مجاور باب في السوق كباب الشام.

وعاشت بغداد بكل هذه الحياة الصاخبة حياة الثورات والحرائق والفيضانات والمجاعات في خيال الشعراء وخيال القصاص درة ميزها الله بالجمال والرواء والبهاء، انها بغداد الرشيد. بغداد التي ظل عصرها الذهبي من المهدي الى المأمون تتألق ذروته ايام الرشيد.

وتقفز عجائب بغداد الحقيقية بالوانها الزاهية في قصص القصاص، هذه العتبة الخضراء التي نسفت في منتصف القرن العاشر بصاعقة على ما يرجح الرواة كانت تعلو فوق القصر نحواً من خمسين متراً، وعلى قمتها فارس يمتطي صهوة جواده، والفارس الذهبي وفي يده رمح يرى من اطراف بغداد، وكان اذا استقبل بعض الجهات ومد الرمح نحوها تظهر الخوارج من تلك المنطقة. وهكذا تسخر بعض العجائب في عملية الثورات الدائمة فتقوم ولو بدور الدليل.

وهناك حديقة الحيوان التي كان في بيت الاسود فيها مائة اسد او يزيد وقد تفنن في زخرفتها المقتدر بالله ولم تكن القصور وحدائقها بأقل عجباً من فارس القبة او حدائق الحيوان فحول قصر الخليفة كان ثلاثة وعشرون قصراً. ومن عجائب بعضها دار الشجرة وكانت شجرة من ذهب في بحيرة واسعة ولها ثمانية عشر فرعاً وعليها اوراق كثيرة وعليها عصافير منوعة من الفضة وكانت تصفر احياناً لمرور الريح بها وعلى حافتي البحيرة خمسة عشر تمثالاً لفوارس ممتطية الجياد وكأنها كلها تجري تسابق بعضها بعضاً في اتجاه واحد.

والبحيرة من الزئبق وعليها أربعة مراكب مذهبة وحولها حديقة قد تفنن في تنسيقها وجمع الزهور الفريدة فيها المهندسون وبطرف من هذه العجائب وطرف ن غليان الثورات والخراب والصراع وطرف من هالات التقديس فوق مقابر الاولياء وطرف من حركات القصور داخل السراديب الممتدة تحت الارض.. نسج هناك القصاص حشداً من القصص البغدادي العنيف الحركة القوي التمثيل لهذا الواقع الصاخب..

واقع الحياة الدافقة والمتفجرة على ارض المدينة الخالدة بغداد، وهو قصص يحتاج الى دراسة بل دراسات.

ان بغداد لم تكن حاضرة للحضارة الاسلامية بكل جلالها وازدهارها فحسب وانما بغداد كانت ايضاً بوتقة فعلية صهرت الكثير من الوان الحياة الانسانية كما صهرت الكثير من الثقافة الاسلامية بكل ما زخرت به من نتاج قرائح عصور طويلة بأسرها»لقد احتضنت بغداد ثقافات الهند والفرس والروم ومن قبلهم ثقافات بابل وآشور والساميين والآريين واستكن كل هذا في رحم بغداد المخصب المفعم بالحياة فولدت حضارة اسلامية جديدة ونشرتها على المشرق والمغرب بأسرع ما يمكن ان تنتشر وتثمر الثقافات. وجاء العربي والفارسي والهندي والاسباني والمسلم والنصراني واليهودي واسهموا جميعاً في اخراج ثقافة ذات طابع متميز ممتاز وكلها مفعمة بالحيوية حيوية المدينة التي ظلت عصوراً من أزهى عصور الاسلام مع حيوية العرب الذين حملوا لواء الحضارة الى كل مكان.

ان بغداد لها طابعها وهي ككل مدينة تفرض هذا الطابع على حياة سكانها ولقد فرضت بغداد على مر العصور من طابعها سمات وصفات على انتاج مفكريها وشعرائها وعلمائها.

وفي عصرها الحديث تستعيد بغداد مكانتها وتصبح معقلاً من معاقل الشعب العربي في نضاله الجبار في سبيل الحرية والعدالة والقومية العربية وتشهد بغداد تجارب عنيفة من تجارب النضال العربي. وتقدم للعرب اينما كانوا خلاصة التجارب ودرس الايام.

ولكن تجاربها ودروسها ما زالت تتسم بسمة الحياة في بغداد: تدفق قوي عنيف وتلاقي الاضداد في سلام حينا ليخرج اروع الثمرات وفي خصام عنيف حيناً آخر ليظهر اقدس العناصر، ومن كل هذا يخرج الى العالم العربي، بل الى العالم الانساني كله نصيب بغداد في بناء حضارة الانسان نصيب يتسم بكل السمات التي رافقته وميزته منذ القدم.

جريدة الوحدة – عمان - الاردن

شبكة البصرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــ
بـــغــــداد


عساها فاتحة برد وسلام وخاتمة وقاد
على دار السلام الله يروع من يروعها



حضارة سومر وبابل قبل تشريفة الميلاد
عروق الرسل والعلم وهل الشعر وروايعها



هوى سيف الله المسلول يوم ان السيوف حداد
مساري سربة كان المثنى في طلايعها


عروس زفها المنصور والدنيا لها سجاد
ودلعها الرشيد الله عليها يوم دلعها


بدت بالسندس اللي يهوس الخلان والحساد
وكثر ماهزها التاريخ مااهتزت روابعها


بقت خضر مرابعها بقت تنجب لنا الأمجاد
بقت بيض صنايعها بقت سود وقايعها


ورى ماتستميت قلوبنا معها وهي بغداد
ياكبر العار لو ماتستميت قلوبنا معها


عليها الله وامان الله بلاد الرافدين بلاد
هجد صوت القنابل جنب تهليلة جوامعها


دهاها من وراء الحملات ليل لونقص يزداد
أهلنا في مدامعها واهلها في مطامعها

هل الحريه اللي لاغشت أصحاب البيوت رقاد
تفرق بينها مندوبة الهاون مضاجعها

هل الحريه اللي بعدها صاروا بنات الضاد
ينوش المعتدي حشمة ملابسهن ويرفعها


هل الحرية اللي قصت أجنحة أكثر الأولاد
مادام يدينها ماترفع اثنين من أصابعها


تعودنا على حرق النسل والحرث والأصفاد
وتعودنا على نار يطفيها مولعها


يبس بكفوف اهلنا غصن زيتون وكما المعتاد
عناقيد الهدايا جاتنا من كف صانعها


عسى المقبل مثل صيحة ثمود ومثل صرصر عاد
عشان أهل البيوت الخاربه تبرى مواجعها


على وين المراكب سايره في حضرة الرواد
عساهم للدواير لين تدرجهم منافعها


مصير أمصار وأجيال وزمن وجموع بيد أفراد
لها التاريخ بالمرصاد وان خانت ودايعها


محبتنا عداوه والقلوب قريبات بعاد
بعد مانصنع الكذبه نصدقها ونتبعها


خذتنا العنتريات الله يبيح ابن شداد
وضعنا بالخطب ليت الخطب نقدر نضيعها



تواعدنا مع الوحده وصرنا نخلف الميعاد
مذاهب وأنظمة وأحزاب من يقدر يجمعها


تصهين دم ناس طايرين بعجة الأوغاد
تصاغرنا مثل ماستصغر الكرسي مراجعها


اخيرا كم بقي طاغي وكم باغي وكم جلاد
وكم لص وكم أصنام وكم أوهام نصارعها


وكم صوره تظن الروح والدم أغنيه وانشاد
وهي كل هناك يدوسها وإلا يقطعها


لعل الليله اللي جابت الكابوس ماتنعاد
وبسم الله على بغداد من شي يروعها

قصيدة
ناصر الفحطاني
#6973
اشكرك علاالمرور
#8014
حياك الله نورت
#8150
اشكر الجميع علا المرور