صفحة 1 من 1

الحق والانسان

مرسل: الثلاثاء فبراير 22, 2011 9:09 pm
بواسطة عبدالرحمن الحقان
الحق والإنسان
مفهوم الحق
هيثم المالح

ورد في لسان العرب لابن منظور:
الحق نقيض الباطل، وجمعه حقوق وحقاق، وفي حديث التلبية (لبيك حقا حقا) أي غير باطل، وهو مصدر مؤكد لغيره، وقوله تعالى (ولاتلبسوا الحق بالباطل)، قال أبو إسحاق: الحق أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وما أتى به من القرآن، وكذلك قوله تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه..)
وحق الأمر يحق ويحق حقا وحقوقا: صار حقا وثبت، وقال الأزهري معناه وجب وجوبا، والحق اسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته.
والحق قديم: فقد كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا). كما نصت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد ثلاثة عشر قرنا على ما يلي: (يولد جميع الناس أحرارا). وعلى بعد الشقة بين تاريخي هاتين الجملتين فإنهما تعطياننا فكرة عن كنه حقوق الإنسان الأساسية وتفصحان عن أبرز صفاتها، ولعل أبرز هذه الصفات هي:
1- أنها موغلة في القدم: بمعنى أن هذه الحقوق موجودة منذ خلق الإنسان فهي ليست وليدة التطورات الاجتماعية والأحداث العالمية، لأن الإنسان كل إنسان بحاجة إليها لا يستطيع العيش بدونها، فلكل إنسان الحق في الحياة والكرامة والحرية... الخ.
2- الأبدية: وهذه الصفة تفيد أن حقوق الإنسان باقية ما دامت كرتنا الأرضية تضم على ظهرها البشر، لأن الإنسان لا يستطيع العيش بدونها لأنها الضمان الأساسي الذي لاغنى عنه ليحيا حياة حرة كريمة.
3- التلازم: بمعنى أنها ترافق الإنسان منذ تشكله جنينا إلى ولادته وحتى وفاته، ولا يستطيع أحد أن يحجبها عنه، فهي ملازمة للإنسان لم يمنن بها عليه أحد، ولم يمنحها له أحد، ولا تنفصم عنه مطلقا.
4- الإعلانية: فحقوق الإنسان موجودة حكما لا موجب لإقرارها من قبل سلطة تشريعية أو دستورية أو أية سلطة أخرى... وهذا ما أشارت إليه الأمم المتحدة عندما قالت (بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولم تقل بإقرار هذه الحقوق)، وإنما مهمة التشريع تنحصر في تنظيم ممارسة هذه الحقوق فحسب.
5- شمولية حقوق الإنسان: أي أن هذه الحقوق ليست قاصرة على فئة معينة من الناس ولا على بقعة واحدة في العالم ولا في زمان محدد من الأزمنة، وإنما هي حقوق موجودة أبدية ملازمة لجنس الإنسان في كل زمان ومكان.
#الإنسان
ورد في لسان العرب لابن منظور عن معنى كلمة الإنسان واشتقاقاتها ومعناها أكثر من أربع صفحات من القطع الكبير، وفي شرحه طرافة ومعنى كبير وسأورد مختصرا لما قال في معانيه:
الأنس: الحي المقيمون، والأنس أيضا لغة في الإنس.
والأنس:خلاف الوحشة، وهو مصدر قولك أنست به بالكسر، أنسا وأنسة، وفي لغة أخرى أنست به أنسا، قال والأنس والاستئناس هو التأنس وقد أنست بفلان، والإنس:البشر، الواحد إنسي، وأنسي أيضا، والإنسان أيضا إنسان العين وجمعه أناسي.
وإنسان السيف والسهم حدهما، وجارية أنسة إذا كانت طيبة النفس تحب قربك وحديثك وجمعها آنسات وأوانس.
وإذا كنت قد أوردت بعضا من معاني لفظة إنسان فإنما فعلت حتى أصل إلى تحليل للفظ الإنسان من الأنس والإيناس أي لطف المعشر، وسيتبين معنا عقب هذه المقدمة أن الإنسان الخالي من مضمون معنى هذا الاسم لا يعد إنسانا وإن كان شكله شكل إنسان، إذ العبرة للمضمون وليس للشكل، وعلى هذا فقد ورد في حديث للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))!
والإنسان بحقوقه: فإذا كان يملك كل حقوقه كان كامل الإنسانية، وإذا انتقص له حق من الحقوق كان في ذلك انتقاص من إنسانيته، وكلما تعددت الحقوق التي تسلب من الإنسان يكون الانتقاص من إنسانيته بنسبة ذلك المقدار.
نجد مثلا في القوانين القضائية أن الحكم بالسجن يستتبعه حرمان المحكوم عليه من حقوق معينة يعددها القانون، منها حرمانه من الحقوق السياسية ناخبا أو عضوا في مجالس نيابية أو إدارية أو بلدية... كما يستتبع الحكم بهذه العقوبة حرمان المحكوم عليه من إدارة أمواله أو التصرف فيها إلا بإذن القاضي المختص... الخ.
والمرأة عندما يمنع عنها دستور أو قانون ممارسة الحقوق السياسية، أو أي حق منها أو من بعض الحقوق المدنية التي يملك الرجل ممارستها، أو تقييد تصرفاتها القانونية بقيد ما، ولا يساوي بينها وبين الرجل في الحقوق، فإن ذلك انتقاص من إنسانية المرأة.
كما عرفت بعض النظم والمجتمعات العزل السياسي أو المدني لأشخاص معينين، أ وطوائف أو قوميات معينة بحيث يحجب عنهم حق ممارسة الحقوق السياسية والمدنية فإن هذا العزل انتقاص من إنسانية الشخص المعزول، كل هذا وغيره مما لم يرد ذكره يظهر لنا أهمية العمل من أجل احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في كل جزء من أجزاء وطننا العربي الكبير، وقطرنا السوري بخاصة، لخير وطننا وخير الإنسانية في مسيرتها نحو الأفضل.
#خلفية تاريخية:
كان المجتمع في مجاهل العصور القديمة مبنيا على قاعدة (الحق للقوة) ولم تكن الحرية الشخصية ولا غيرها من الحريات معروفة ولا ثابتة، فالرق كان معروفا كشيء طبيعي مألوف، وكانت شعوب كثيرة مستعبدة، وكان يتم الاسترقاق لمجرد وقوع شخص المدين تحت سلطة الدائن، والمرأة مهينة وعرضة للوأد، ومعظم الحقوق سائبه.
لقد كانت الأعراف والتقاليد هي التي تحدد الحقوق والواجبات وتتغير مع تغير الأعراف والتقاليد تدريجيا بصورة ضئيلة، ومع تطور البشرية وحاجة الناس لمعرفة الحقوق وحمايتها ظهرت الحاجة لتدوين الحقوق وإعلانها على الناس.
وحينما دونت الحقوق وأعلنت على الناس، ووجدت سلطة لحمايتها صار اسمها قانونا أو شريعة، وأقدم تشريع مدون ثابت عرفه البشر، هو قانون حمورابي، وحمورابي ملك بابل في القرن العشرين قبل الميلاد وقد اشتهر بقانونه الذي اكتشفته بعثة أثرية أوائل القرن العشرين بعد الميلاد في مدينة سوسن من أعمال مملكة بابل وهو منقوش على نصب حجري.
ومن أمثلة القوانين القديمة تشريعات صولون الإغريقي الذي عاش بين القرنين السادس والسابع قبل الميلاد (640 ـ 560)، وهو إلى جانب كونه شاعرا وحكيما من حكماء اليونان السبعة، وكان أيضا من السياسيين اللامعين، فقد انتخبه أهالي أثينا حاكما، فقام بإصلاحات تشريعية وإدارية، وسميت هذه التشريعات باسمه.
وفي روما صدر في عصر الجمهورية قانون الألواح الإثني عشر الشهير على أثر ثورة العوام على طبقة الأعيان في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، فقد عين مجلس الشيوخ لجنة من عشرة أعيان صرفت سنين في جمع العادات الرومانية السائدة في ذلك العصر، ثم نقش ما جمعته على اثني عشر لوحا نحاسيا اعتبرت بعبارة شيشرون نواة كل تشريع روماني لاحق، وقد حفظت معظم نصوصها في مؤلفات فقهاء الرومان لاسيما غاسيوس.
لقد امتاز قانون الألواح الاثني عشر بالقسوة، فقد نص على إعدام السارق الذي يقبض عليه متلبسا بالجريمة، وعلى جواز بيع الأب أولاده وعلى تحصيل الديون بالتنفيذ على جسم المفلس إذ أجيز للدائن أن يحبسه أو يبيعه أو يسترقه استيفاء لدينه.
ولقد اختلف مفكرو الغرب على تحديد أي مجتمع أو دولة بدأت بإعلان حقوق الإنسان.
فقد زعم الفرنسيون أنهم أول شعب أعلن حقوق الإنسان، ففي عام 1789 حين تسلم رجال الثورة الحكم في فرنسا، ونشروا بيان حقوق الإنسان والمواطن، تحقيقا للمثل العليا والمبادئ الرفيعة التي دعا إليها الفلاسفة الفرنسيون، ثم جعلوا هذا البيان مقدمة للدستور الفرنسي عام 1791، وبذلك أضفوا عليه صبغة قانونية متميزة وقد لخصوا حقوق الإنسان في ثلاث كلمات:
الحرية، المساواة، الأخوة.
أما الأمريكان فيزعمون أنهم أصحاب حقوق الإنسان وأن الفرنسيين ليسوا سوى مقلدين لهم، وحجتهم أن وثيقة (إعلان الاستقلال) تحمل تاريخ 1776 فهي أسبق من الثورة الفرنسية.
وقد جاء في مقدمة الوثيقة التي وضعها ممثلو الولايات المتحدة الأمريكية: (إننا نعد الحقائق التالية من البديهيات:خلق الناس جميعا متساوين، وقد منحهم الخالق حقوقا خاصة لا تنزع منهم: الحياة، الحرية، السعي وراء السعادة).
كما زعم البريطانيون أنهم الأسبق في ميثاق الشرف الأعظم ((الماجنا كارتا)).
لقد تمت صياغة هذا الميثاق في 12 حزيران 1215، وهو نص عام مكون من ثلاث وستون مادة وجهه الملك إلى العامة والخاصة في البلاد.
تنص المادة الأولى على أن الحرية ممارسة كل الحقوق والحريات، وحرية الانتخاب لكنيسة إنكلترا وكذلك منح حقوقا عديدة لكل الأشخاص الأحرار المقيمين في المملكة، وهي تقيد حق التصرف الملكي بالأموال العامة، ويعطي الميثاق في المادة 13 كل الحريات والتقاليد الحرة القديمة في البر والبحر لكل المدن والقرى في البلاد، كما أعطت الوثيقة ضمانات للمحاكمة والإدانة وحظرت الاعتقال والسجن ونزع الملكية والنفي، أو إعلان شخص حر خارجا عن القانون خارج محاكمة عادلة....
ويرى بعض المفكرين أن العرب سبقوا الغرب في إقرار حقوق الإنسان وذلك في حلف الفضول.
ذلك أن مكة المكرمة أضحت في الفترة التي سبقت الإسلام مركزا تجاريا هاما، وازدهرت إثر هزيمة الحبشة برئاسة أبرهة، واحتدام الصراع بين الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية، وأثرى أهل مكة وتشابكت المصالح فنشأت معها أحلاف عديدة منها حلف الفضول.
يقول ابن الأثير(أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق) ويعود أصل حلف الفضول إلى نهاية القرن السادس الميلادي، حيث يروى أن يمنيا من زبيد أعطى بضاعته لرجل من بني سهم في مكة، فتخلف الأخير عن دفع ثمن البضاعة، فصعد اليمني جبل أبي قيس واستغاث بفضلاء مكة، فسمعوا قصته واقتنعوا بحقه وذهبوا إلى التاجر المكي لإجباره على دفع ثمن البضاعة، وقد رأى المبادرون لهذا التضامن مع المظلوم أن لا تتوقف مبادرتهم عند حدث معزول قائم على احترام قواعد البيع والشراء، فقرروا التحالف على أن لا يقروا ببطن مكة ظالما (لا ينبغي إلا ذلك لما عظم الله من حقها). فتم الاتفاق في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وكبر سنه بحضور بني هاشم وبني المطلب وبني أسد بن عبد الله العزى وزهرة بن كلاب وتيم بن مرة فتحالفوا وتعاهدوا على (أن لا يجدوا في مكة مظلوما من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على ظالمه حتى ترد مظلمته) فسمت قريش هذا الحلف حلف الفضول وشهده رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقال فيما يروى عنه (لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان لو دعيت به في الإسلام لأجبت).
وعلى هذا يرى البعض أن هذه هي نواة أول جمعية لحقوق الإنسان في العالم.
وفي الإسلام قبل أكثر من أربعة عشر قرنا من وضع الدستور الفرنسي أعلن عمر بن الخطاب في ندائه المشهور يخاطب فاتح مصر وداهية العرب عمرو بن العاص فيقول له: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) وقبل نداء عمر جاء الإعلان الإلهي في القران الكريم (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) كما قال رسوم الإسلام (الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) وفي منع العقوبات الجماعية التي تعم المذنب والبريء جاء القران الكريم ليقول (ولا تزر وازرة وزر أخرى)
وقال في الوفاء بالمعاهدات (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) و(وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) كما قرر القران الكريم أس الحكم بقوله (وأمرهم شورى بينهم) و(شاورهم في الأمر).
كما قرر القرآن الكريم تكريم الإنسان (ولقد كرمنا بني آدم) وأعطاه حرية الفكر والعقيدة (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وكذلك (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وكذلك (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)
#تطور حقوق الإنسان
في إعلان استقلال ما يعرف اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت مستعمرة إنكليزية ورد ما يلي (عام 1776):
نقرر بهذا الحقائق البديهية أن جميع الناس خلقوا متساوين، وقد وهبهم الله حقوقا معينة لا تنتزع منهم، ومن هذه الحقوق حقهم في الحياة والحرية والسعي لبلوغ السعادة.والحكومات إنما تنشأ بين الناس لتحقق هذه الحقوق فتستمد سلطانها العادل من رضى المحكومين وموافقتهم، وكلما صارت أية حكومة من الحكومات هادمة لهذه الغايات فمن حق الشعب أن يغيرها أو يزيلها وأن ينشيء حكومة جديدة ترسي أسسها تلك المبادئ وان تنظم سلطانها على الشكل الذي يبدو للشعب انه أوفى من سواه لضمان أمنه وسعادته).
وفي إعلان حقوق الإنسان والمواطن (1789) الذي أصدرته الجمعية التأسيسية 26آب 1789 ثمرة متقدمة قدمتها الثورة الفرنسية لخير الإنسانية وتقدمها وقد جاء فيه (إن كلمة ممثلي الشعب الفرنسي اتفقت على أن تناسي حقوق الإنسان واحتقارها كانا سببين رئيسيين في إذلال الشعب وإشقائه وإلقاء بذور الفساد والفوضى في الجهاز الحكومي)، فقرروا نشر حقوق الإنسان الطبيعية وإعلانها بين جميع أفراد الشعب ليتسنى لكل مواطن معرفة حقوقه وواجبا ته.
وجاء الإعلان بسبع عشرة مادة تضمنت مبادئ في الحقوق والحريات مازال كثير من الشعوب في العالم الثالث يطمح في ممارستها.
بدأ الإعلان بالقول (يولد الناس ويعيشون أحرارا متساوين في الحقوق والفوارق الاجتماعية لا يمكن أن تبنى ألا على أساس المنفعة المشتركة).
ثم تأتي المواد الأخرى لتنص ما يلي:
(إن غاية كل هيئة سياسية هي صيانة حقوق الإنسان الطبيعية الثابتة وهذه الحقوق هي الحرية والملكية والأمن ومقاومة الظلم).
وإن (الأمة هي مصدر كل سلطة)
وإن (الحرية تقوم على ممارسة كل عمل لا يضر بالآخرين...)
و(لا يمكن للقانون أن يمنع إلا الأعمال التي تضر بالمجتمع وأن القانون هو الإعراب عن إرادة المجتمع. وكل المواطنين لهم الحق في أن يشتركوا بأنفسهم أو بواسطة نوابهم في وضع القوانين) و(لا يجوز اتهام احد أو توقيفه إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون وبحسب المراسيم المحددة فيه، ويجب أن يعاقب جميع الذين يطلبون أو يوافقون على تنفيذ أوامر غير قانونية أو ينفذونها أو يأمرون بتنفيذها) و(لا يجوز للقانون أن يفرض من العقوبات إلا ما هو ضروري بصورة لا تقبل الشك وبقدر ما يكون ذلك ضروريا بدون أي تجاوز ولا يمكن أن يجازى أحد إلا بموجب القوانين الموضوعة والمذاعة قبل وقوع المخالفة والمعمول بها بصورة قانونية) و(يعد كل شخص بريئا إلى أن تثبت إدانته) و(لا يجوز إزعاج احد بسبب آرائه حتى الدينية منها)
(وحرية تبادل الأفكار والآراء هي أثمن حق من حقوق الإنسان لذلك يحق لكل مواطن أن يتكلم ويكتب ويطبع بحرية على أن يكون مسؤولا عن إساءة استعمال هذا الحق في الأحوال المحددة في القانون.)
وأن (لجميع المواطنين الحق في أن يتثبتوا بأنفسهم أو بواسطة نوابهم من ضرورة الضرائب العامة ويقبلوا بها برضاهم، ويراقبوا استعمالها، ويحددوا معدلها ونطاق تطبيقها وكيفية جبايتها ومدتها)
و أن (الملكية الخاصة حق مقدس غير قابل للنقض فلا يجوز أن يحرم منها أحد إلا عندما تقضي بذلك المنفعة العامة الثابتة بصورة قانونية وبشرط أن يمنح مقابل ذلك تعويضا عادلا)
وأخيرا يقرر الإعلان أن (كل مجتمع لا تكون الحقوق فيه مصانة ولا يؤمن فيه فصل السلطات العامة عن بعضها يكون مجتمعا بدون دستور).
وذهب دستور 1793 فيما يخص مقاومة الظلم إلى أبعد مما ذهب إليه إعلان الحقوق لسنة 1789 فهذا الدستور أقر (حق الثورة) فقرر أنه عندما تنتهك الحكومة حقوق الشعب تصبح الثورة للشعب ولكل جزء منه أقدس الحقوق وألزم الواجبات (م35)، وأن كل إجراء على غير ما يقتضيه القانون يعد تحكميا واستبداديا ويحق لمن يتخذ ضده بالا كراه أن يرده بالقوة (م11)، وفي هذا الدستور إن الشعب الفرنسي يرحب بكل اللاجئين الذين يأتون إليه من البلدان الأجنبية مشردين ومنفيين من أوطانهم من أجل قضية الحرية، ولكنه يرفض أن يلجأ إليه طاغية من الطغاة.
#في الإسلام:
جاء اسم الإسلام من التسليم لله تعالى والمسلم هو المرء الذي أسلم وفي اللغة ((الإسلام هو الاستسلام لأمر الآمر ونهيه بلا اعتراض)). ومن هنا فإن الحكم في الإسلام للشريعة التي هي بمثابة القانون الذي يحكم في تعريفنا الحديث.

(والقرآن هو الدستور الأعلى الذي أعلن الحقوق ووضع القواعد الأساسية للأحكام الدينية والمدنية) التي يخضع لها الأفراد والمجتمع والدولة، والخليفة في الإسلام هو خليفة رسول الله يتولى الخلافة بمبايعة أهل الحل والعقد من المسلمين. وهكذا كان الأمر بالنسبة للخلفاء الراشدين الأربعة بعد وفاة الرسول، وبصرف النظر عن الانحراف في أسلوب الحكم بعد ذلك بتولي أسرة معينة الخلافة فإن الحاكم لا ينال شرعيته إلا بالبيعة وهي موافقة أهل الحل والعقد عليه، والإسلام لا يقر الوراثة والتوارث في نظام الحكم، على أن الخليفة في كل الأحوال مقيد في أن يتبع القران والسنة ولا يملك الخروج عليهما فإذا خرج عن شيء من ذلك فان للمسلمين تقويمه، فان لم يرجع إلى حكم الله كان للمسلمين حق مقاومته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
وقال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (أيها الناس من رأى في اعوجاجا فليقومه، فتقدم إليه رجل وقال لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا، فرد عليه عمر الحمد لله أن كان في أمة عمر من يقوم اعوجاج عمر بالسيف.)
وخطب أبو بكر الصديق الخليفة الأول (أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم) وهذا اتباع لقول الرسول (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)
وقال أيضا(أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر)
والشريعة جاءت لمصلحة الناس فمن القواعد الفقهية (أن التصرف على الرعية منوط بالمصلحة)
ونظرية الحكم في الإسلام تقوم على أن الحاكم وكيل عن الأمة هي التي تنصبه ومقتضى الوكالة أن يعمل الوكيل بإرادة وتوجيه الموكل، والحكم الذي أعطى الإسلام ملامحه يقوم على أساس من الشورى (وأمرهم شورى بينهم)الشورى38 و(شاورهم في الأمر) آل عمران 59 وأحكام الإسلام جاءت لتكريم الإنسان (ولقد كرمنا بني آدم) الإسراء 70 وفي الحديث (الإنسان بناء الله لعن الله من يهدمه)، وسأورد بعض الحقوق على سبيل المثال:
أ‌- الحق في الحياة: وينبني عليه
1- تحريم قتل النفس (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) (المائدة32)
2- تحريم الانتحار.
3- تحريم الإذن بالقتل كأن يطلب شخص من آخر أن يقتله.
4- تحريم المبارزة.
5- تحريم قتل الجنين.

ب ـ تحريم التعذيب:
(والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) الأحزاب 58.
وفي الحديث النبوي (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا).

ج- المساواة بين الناس:
أعلن الإسلام المساواة بين الناس في القيمة الإنسانية المشتركة وفي الحقوق المدنية وشؤون المسؤولية والجزاء والحقوق العامة (إنما المؤمنون إخوة) الحجرات 110.
(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات 13. وقال الرسول في خطبة الوداعأيها الناس إن ربكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب، ليس لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أبيض ولا لأبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.)
وساوى الإسلام في الحقوق المدنية بين الرجل والمرآة واعترف لها بإنسانيتها كاملة، ومنحها الأهلية الكاملة في جميع تصرفاتها (النساء شقائق الرجال).

د- المساواة بين المسلمين وغير المسلمين
ساوى الإسلام بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمع فقرر أن الذميين والمعاهدين في بلد إسلامي لهم ما للمسلمين من حقوق وتطبق عليهم القوانين نفسها التي تطبق على المسلمين.

ه ـ الحق في الحرية:
وينبني عليه: 1- حرية العقيدة (لا إكراه في الدين) البقرة 251، و(قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الكهف 29.
2- حرية القول والتعبير: (ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) آل عمران 104.
والحرية الفكرية هي التي كانت أساس ظهور المذاهب الفكرية المتعددة.
3- الحرية المدنية: ويراد بها أن تكون للإنسان حرية التصرف في أموره الشخصية والمالية.
4- الحرية السياسية: ومن مظاهرها الشورى وحق الأمة في اختيار الحاكم عن طريق البيعة والمبايعة من أهل الحق والعقد وأن الخليفة والحكام هم وكلاء الأمة ولأفرادها حق مراقبتهم ومحاسبتهم ومقاومتهم إذا جاروا في حكمهم.
5- عدم جواز حبس المدين المعسر: (وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة)البقرة 280.

و- الحق في العدل وتحريم الظلم (إن الله يأمر بالعدل) النحل 90، (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) النساء 58 (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) الشعراء 227، (لا تحسبن الله غافلا عما يفعل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الإبصار) إبراهيم 42، وفي الحديث (من أعان ظالما بباطل ليدحض به حقا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله) و(إذا رأيتم الظالم ولم تأخذوا على يديه يوشك أن يعمكم الله بعذاب) (وإذا عجزت أمتي عن أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منها).

ز- التكافل والتعاون والعدالة الاجتماعية:
دعا الإسلام لأن يقوم المجتمع على أسس من التوازن وفي الحديث (لا تفلح أمة لا يؤخذ للضعيف منها حقه من القوي) وقال عمر بن الخطاب في خطبة له(القوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه، والضعيف منكم قوي عندي حتى آخذ الحق له).
#مواثيق واتفاقيات وقرارات دولية معاصرة:
أولا ـ هيئة الأمم المتحدة ـ ميثاقها:
مهد لإنشاء الأمم المتحدة وتحديد ميثاقها مواثيق وتصريحات:
1- ميثاق الأطلسي: في الرابع عشر من آب 1941 نشر روزفلت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا وثيقة عرفت باسم وثيقة الأطلسي، باعتبار أنها ظهرت وهما على ظهر بارجة حربية شمال الأطلسي- تضمنت الوثيقة الأسس المشتركة لما قالا أنه أماني دولتيهما لمستقبل الجنس البشري بعد الحرب.
كانت الوثيقة في ثماني مواد منها أنهما لا يرغبان في إحداث تغييرات إقليمية لا تتفق والرغبات التي يعبر عنها سكان كل إقليم تعبيرا حرا. وأنهما يحترمان حقوق جميع الشعوب في اختيار نوع الحكومة التي يبغون العيش في ظلها، ويرغبان في رد حقوق السيادة والحكومة الذاتية إلى أولئك الذين حرموا منها بالقوة، وأعرب الرئيسان في هذه الوثيقة عن رغبتهما في أن يقوم السلام الذي يمكن كل الشعوب من العيش بأمان ضمن حدودها السياسية ويضمن تأمين الحرية لجميع الأفراد في جميع الأقطار ليحيوا حياة خالية من الخوف والفاقة.
وسنعرض في خاتمة البحث مدى التزام هاتين الدولتين بما تعهدتا به.

2- تصريح الأمم المتحدة:
في الأول من كانون الثاني 1941 وبحضور ممثلي 26 دولة منها الولايات المتحدة وإنكلترا والاتحاد السوفيتي والصين، صدر تصريح سمي تصريح الأمم المتحدة، تضمن قبولها المبادئ العامة المعلنة في ميثاق الأطلسي. وكونها مقتنعة بأن الانتصار على دول المحور (ألمانيا وايطاليا واليابان) أمر جوهري للذود عن الحياة والحرية والاستقلال، والمحافظة على الحقوق والعدالة الإنسانيتين في بلاهم، وفي البلدان الأخرى لذلك فإنها ـأي الدول ـ تصرح باستخدام جميع مواردها العسكرية والاقتصادية ضد دول المحور وأنها لا تعقد هدنة أو صلحا منفردا معها.

3- حقوق الإنسان في ميثاق الأمم المتحدة:
في عام 1944 وضع خبراء دبلوماسون من الولايات المتحدة الأمريكية وانكلترا والاتحاد السوفيتي والصين قواعد أساسية لمنظمة دولية تخلف عصبة الأمم بعد الحرب، وأسميت هذه القواعد (مقترحات دمبرتون أوكس) نسبة للمقاطعة التي وقع فيها الاجتماع بالقرب من واشنطن.
في أواخر أيام الحرب 25 نيسان 1945عقد ممثلو خمسين دولة مؤتمرا في سان فرانسيسكو وهي الدول الست والأربعون التي وضعت تصريح الأمم المتحدة ومن انضم إليه بعد ذلك، وأربع دول قبلت في المؤتمر وبتاريخ 16حزيران من ذات العام وقعت الدول ميثاق الأمم المتحدة وبدأت هذه الهيئة الدولية بإحدى وخمسين دولة هي الدول الأعضاء في مؤتمر سان فرانسيسكو إضافة إلى بولندا.
وقد تضمن الميثاق النص على مبدأ احترام حقوق الانسان وحرياته الأساسية في مقدمته والعديد من مواده (1-13-55-56-62-68-76)، وابتداء من صدور هذا الميثاق لم تعد حقوق الانسان من المسائل التي تدخل في الاختصاص الداخلي للدول، بل أصبحت شأنا عالميا يدخل في صميم القانون الدولي.

ثالثا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
في العاشر من كانون الأول 1948 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الانسان، الذي أصبح مرجعا أساسيا لعدد من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الانسان، وكان له أثر واضح في معظم دساتير الدول التي صدرت بعد عام 1948.

رابعا: اتفاقيات دولية:
على الرغم من أهمية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه دافعا في حركة العمل الهادف لاحترام الحقوق والحريات، فهو لا يتعدى كونه توصية لا قوة إلزامية له. ولذلك أعدت هيئة الأمم المتحدة اتفاقيتين وبروتوكولا، لها جميعا قوة إلزامية بوصفها معاهدات دولية، وكان تاريخ إقرارها 16كانون أول 1966، وهذه الاتفاقيات هي:
1- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
2- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
3- البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

وسندرج خلاصة لهاتين الاتفاقيتين فيما يلي:
1- الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تنص هذه الاتفاقية على الحق في العمل (م6) بشرط وأجر عادل (م7) وعلى حق التنظيم النقابي (م8) والضمان الاجتماعي (م9) وحماية الأسرة والأطفال (م10) وضمان الغذاء والكساء والمأوى (م11) والإسهام في الحياة الثقافية (م15) والمساواة بين الرجل والمرأة (م3).

2- الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية:
هذه الاتفاقية تنص على حق تقرير المصير لجميع الشعوب (م1) وبالنسبة للأفراد تقرر أن لكل إنسان حقا أصيلا في الحياة، (م6) وفي البلدان التي لم تقم بإلغاء عقوبة الإعدام لا يجوز أن يحكم بهذه العقوبة إلا على أشد الجرائم خطورة ووفقا للقوانين التي تكون سارية عند ارتكاب الجريمة (م7) وتحظر جميع أنواع الرق والاتجار بالرقيق (م8 /1) وتمنع السخره (م8/3).
وتنص الاتفاقية على أن لكل إنسان حقا في الحرية وفي الأمن على شخصه (م9/1) وتضع الفقرة 2 من هذه المادة قيودا على إجراءات القبض على الأشخاص. وتقرر الفقرة 4 حق كل إنسان يتعرض للحرمان من حريته بالقبض عليه أو اعتقاله، حق التشكي لدى القضاء و(( لكل إنسان يتعرض للقبض أو للاعتقال بصورة غير قانونية حق لازم في التعويض (((م9/5) وتقرر المادة (12) حرية الإقامة والتنقل والمغادرة وحق #العودة للوطن.
والمادة 14 تقرر أن كل متهم بجريمة يعتبر بريئا حتى يثبت جرمه قانونا، وتقرر هذه المادة ضمانات للمحاكمة والمادة 15 تقرر مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات.
وعنيت المادة 18 بشأن الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين.
وتنص المادة (19/1) على أن يكون لكل إنسان الحق في اعتناق الآراء دون أن يناله أي تعرض بسببها والفقرة 2 بشأن حرية التعبير وحق الإعلام والمادة 20 تحظر الدعوة إلى الحرب.
وتعترف المادة 21 بحق الاجتماع السلمي كما تنص المادة 22 على حرية تكوين الجمعيات والانتماء إليها.
والمادة 23 على حماية الأسرة.
والمادة 25 تقرر أنه يحق ويتاح لكل مواطن دون تمييز الإسهام في إدارة الشؤون العامة مباشرة أو بواسطة ممثلين مختارين بحرية. وأن يتاح له الاشتراك اقتراعا وترشيحا في انتخابات دورية صحيحة ونزيهة تجري على أساس الاقتراع العام.
وجاءت المادة (26) تقرر مبدأ المساواة أمام القانون، وتفرض هذه الاتفاقية التزاما على كل دولة من الدول الأطراف فيها)) بتأمين الرجوع الجابر (أي بالتعويض) لأي شخص تنتهك حقوقه أو حرياته المعترف بها في هذه الاتفاقية حتى لو صدر هذا الانتهاك عن مرتكبيه أثناء أدائهم لوظائفهم الرسمية.

وانسجاما مع التوجه العالمي فيما يتعلق بحقوق الإنسان فقد صدر إعلان حقوق الإنسان العربي الذي لم يصادق عليه حتى الآن، كما صدر ((البيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام)) وأعلن بتاريخ 19/9/1981 من مقر اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس. وقد ضم هذا الإعلان ثلاثة وعشرين نصا، كلها قوية بسند شرعي من القرآن الكريم، أو السنة الصحيحة.
إلا أن كل هذه الإعلانات لا تزال تفتقر إلى(آليات التنفيذ) التي يمكن أن تضبط ممارسة الدفاع عن حقوق الإنسان.
#المنظمات والجمعيات:
باتت ((حقوق الإنسان)) شعار الربع الأخير من القرن العشرين الماضي ونشطت حركة الدفاع عن هذه الحقوق منذ أواسط السبعينات نشاطا فاق كل ما سبق لهذه الحركة أن حققته منذ نشأتها، وأضحى هذا النشاط عالميا في انتشاره، غير محدود بحد في موضوعا ته، فكل ما يخطر على البال من شأن أو فكرة أو شيء يتصل بحياة الإنسان، تحول في تيار هذا الانتشار إلى صورة من صور الحقوق الإنسانية الجديرة بالحماية.
واتجه أنصار هذه الحركة المتجددة إلى كل ركن من أركان المعمورة، ينشؤون الجماعات والجمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان، ورصد الانتهاكات والتنبيه إليها ونقدها، ونشر الوعي الثقافي والسياسي والاجتماعي بها وتعلن هذه الجمعيات موقفها دوريا بتقارير تنشر على الكافة، ويتلقاها المهتمون بحقوق الإنسان، مما يحفز هممهم للعمل فيما نذروا أنفسهم له، ومن الإنصاف أن يسجل هنا السبق العالمي في مجال تنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان. ففي العالم عدد غير قليل من المنظمات التي تعنى بهذا التنظيم، وتتابع قضاياه في معظم الأقطار، ومن بينها أقطار الوطن العربي ودول العالم الإسلامي فهناك منظمة العفو الدولية ومقرها العاصمة البريطانية لندن وهي من أنشط المنظمات العالمية وأوسعها انتشاراً.
ثم هناك منظمة مراقبة حقوق الإنسان ومقرها نيويورك، وهناك منظمة المادة 19 أو المركز الدولي ضد الرقابة واسمها من المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وينصب اهتمام هذه المنظمة على الكشف عن الرقابة على الرأي والمعتقدات والتعبير عنها بالكتابة والنشر والإعلام وتعنى لذلك بمناصرة ضحايا هذه الرقابة في مختلف أنحاء العالم.
وفي عام 1977 أنشئت في وزارة الخارجية الأمريكية إدارة حقوق الإنسان في مختلف دول العالم تستقي موادها من السفارات الأمريكية، ومن غيرها من المصادر، ويقدم تقريرها إلى الكونغرس الأمريكي.
وفي الولايات المتحدة أيضا يوجد منظمة محامون من أجل المحامين، وتضم هذه المنظمة المحامين المؤمنين بوجوب الدفاع عن الحقوق المهنية والإنسانية لزملائهم.
وللأمم المتحدة لجنة خاصة لحقوق الإنسان أنشئت بمقتضى المعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وهناك المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومقرها في القاهرة وثمة منظمات معنية بحقوق الإنسان في الوطن العربي بعضها محلي وبعضها غير قطري.