صفحة 1 من 1

صدام حسين

مرسل: الأربعاء فبراير 23, 2011 5:39 pm
بواسطة وليد العتيبي1
صدام حسين عبد المجيد التكريتي (28 أبريل 1937[1] - 30 ديسمبر 2006)[2] رئيس جمهورية العراق في الفترة ما بين عام 1979 وحتى 9 أبريل 2003[3] ونائب رئيس الجمهورية العراقية بين 1975 و1979.

سطع نجمه إبان الانقلاب الذي قام به حزب البعث (ثورة 17 تموز 1968)، والذي دعى لتبني الأفكار القومية العربية، والتحضر الاقتصادي، والاشتراكية. ولعب صدام دوراً رئيسياً في انقلاب عام 1968 والذي وضعه في هرم السلطة كنائب للرئيس اللواء أحمد حسن البكر، وأمسك صدام بزمام الأمور في القطاعات الحكومية والقوات المسلحة المتصارعتين في الوقت الذي اعتبرت فيه العديد من المنظمات قادرة على الإطاحة بالحكومة. وقد نمى الاقتصاد العراقي بشكل سريع في السبعينات نتيجة سياسة تطوير ممنهجه للعراق بالإضافة للموارد الناتجة عن الطفرة الكبيرة في أسعار النفط في ذلك الوقت[4]. كان زواج صدام من ابنة خاله خطوة موفقة , فوالدها خير الله طلفاح كان صديقاً مقرباً من البكر , الذي كافأه على مساعدته للبعثيين بتعيينه مديراً عاماً في وزارة التعليم و قد تعزز تحالف صدام مع البكر بصورة أكبر عندما تزوج أحد أبناء البكر من شقيقه لساجدة , و تزوجت إحدى بنات البكر من شقيق لساجدة عدنان خير الله الذي قتل في ما بعد في حادث غامض . اهتم صدام و بتشجيع من البكر , بالبنية الأمنية الداخلية لحزب البعث , لكونها الهيئة التي سيرتقي من خلالها للسلطة و قد تأثر صدام إلى حد بعيد بجوزيف ستالين الذي قرأ حياته و أعماله أثناء وجوده بالقاهرة , كان صدام يسمع كثيراً و هو يردد مقولة ستالين : " إذا كان هناك إنسان فهناك مشكلة , و إذا لم يكن هناك إنسان فليس هناك أي مشكلة " .[5].

وصل صدام إلى رأس السلطة في العراق حيث أصبح صدام رئيسا للعراق عام 1979 بعد أن قام بحملة لتصفية معارضيه وخصومه[6]، وفي عام 1980 دخل صدام حرباً مع إيران استمرت 8 سنوات من 22 سبتمبر 1980 حتى 8 أغسطس 1988[7] وقبل أن تمر الذكرى الثانية لانتهاء الحرب مع إيران غزا صدام الكويت في 2 أغسطس 1990[8] والتي أدت إلى نشوب حرب الخليج الثانية (1991)[9]، تزوج صدام مرة ثانية عام 1986 من سميرة شاهبندر صافي التي تنتمي إلى أحد الأسر العريقة في بغداد[10].ظل العراق بعدها محاصرا دوليا حتى عام 2003 حيث احتلت القوات الأمريكية كامل أراضي الجمهورية العراقية بحجة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ووجود عناصر لتنظيم القاعدة تعمل من داخل العراق حيث ثبت كذب تلك الادعاءات[11]، بل إن السبب هو النفط[12]. قُبض على الرئيس في 13 ديسمبر 2003 في عملية الفجر الأحمر[13]. تم بعدها محاكمته وتنفيذ حكم الإعدام عليه [


النشأة

صدام في طفولته

وُلد صدام في قرية العوجة التي تبعد 13 كم عن مدينة تكريت شمال غرب بغداد التابعة لمحافظة صلاح الدين[3] لعائلة تمتهن الزراعة سنية فقيرة . توفي والده قبل ولادة صدام بستة أشهر و قد تعدد الأقاويل التي فسرت سبب وفاته ما بين وفاة لأسباب طبيعية أو مقتله على أيدي قطاع الطرق .[14] بعدها بفترة قصيرة، توفي الأخ الأكبر لصدام وهو في الثالثة عشرة بعد إصابته بالسرطان. أُرسل صدام إلى خاله خير الله طلفاح الذي قام برعايتهِ حتى أصبح في الثالثة من عمره[15].

والدته صبحة طلفاح المسلط امتازت بشخصية قوية ، وأنجبت لهُ ثلاثة أخوة و قد عاشت في تكريت حتى وفاتها عام 1982، وقد بنى لها صدام مقبرة فاخرة، و أطلق عليها لقب أم المجاهدين. كانت أمه قد تزوجت بعد وفاة والده للمرة الثانية من رجل قريب لها يدعى حسن الإبراهيم الذي كان فقيراً و يعمل بواباً لمدرسة في تكريت، وقد احتفظ صدام بعلاقات جيدة مع إخوته من أمه وإن كانت العلاقات صعبة أثناء الطفولة. عند وصوله إلى الحكم، أسند صدام لكل من برزان وسبعاوي ووطبان مناصب رسمية مهمة بعد أن أصبح رئيساً للعراق. عاش صدام مع أمه وإخوته من أمه في غرفة واحدة في قرية العوجة، غير مزودة بالاحتياجات الأولية كالمياه الجارية والكهرباء، وقد حكى صدام لأمير اسكندر كاتب سيرته الذاتية قائلاً: لم أشعر أنني طفل أبداً، كنت أميل إلى الانقباض وغالباً ما أتجنب مرافقة الآخرين، و لكنه وصف تلك الظروف بأنها منحته الصبر والتحمل والاعتماد على الذات.

ومن ضمن ما حكاه صدام حياة صعبة اندفع عليها بسبب الفقر، فكان يبيع البطيخ في القطار المار بتكريت في طريقه من الموصل إلى بغداد كي يطعم اسرته، في سن الحادية عشر، انتقل إلى العاصمة بغداد حيث قام بالإقامة مع خالهِ. انتقل صدام للعيش مع خاله خير الله طلفاح عام 1947 في قرية شاويش بالقرب من تكريت، وقد التحق صدام بالمدرسة في سن متأخرة، ربما في الثامنة أو العاشرة حيث اشتهر بذاكرته القوية، وخير الله طلفاح الذي كان يعمل ضابطاً في الجيش، عرف بأنه من القوميين العرب المتحمسين، و كان تربطه بصدام علاقة قوية، و قد كافأ صدام خاله بتعيينه محافظاً لبغداد حين أصبح نائباً لرئيس الجمهورية، و قد أدى حماس خير الله طلفاح إلى طردة من الجيش عام 1941 و سجنه خمس سنوات، عمل بعدها مدرساً،و كنتيجه لعيش صدام مع خاله في بغداد فقد تعلم الكثير من رفاق خاله من العسكريين، ثم اندمج صدام فيما بعد في النشاط السياسي حيث التحق بحزب البعث المعارض آنذاك، و قد تلقى الصبي عن خاله كراهية عميقة للملكية التي كانت تحكم العراق في ذلك الحين ومن يدعمهم من الأجانب، و بتوجيهٍ وإشراف من خاله، التحق صدام بالثانوية الوطنية في بغداد.[16] التحق بعده بكلية الحقوق لثلاث سنوات، لكنه وفي سن العشرين وفي عام 1957، انضم صدام إلى حزب البعث القومي-العربي، والذي كان خاله خير الله طلفاح داعماً له. في هذه الأثناء عمل صدام مدرساً في مدرسة ثانوية[17]. وتجدر الإشارة إلى أن أقارب له من بلدته تكريت كان لهم الأثر الأكبر على حياتهِ كرئيس.

احتفل صدام عام 1962 و هو لا يزال في القاهرة، بزواجة من ساجدة ابنة خاله خير الله طلفاح، التي كانت لا تزال في العراق في ذلك الوقت حيث أقام حفلاً كبيراً بحضور رفاقه المنفيين، و قد تم العقد عن طريق المراسلة، وأنجب منها ولديه (قصي وعدي) الذين قتلتهما القوات الأمريكية في شهر تموز يوليو 2003، و ثلاث بنات (رنا ورغد، وحلا). تزوجت رغد ورنا من الأخوين صدام كامل وحسين كامل حسن الذين قتلا عقب انشقاقهما وثم عودتهما من عمان للأراضي العراقية مع وعد بالعفو عنهما، بعد عدة أشهر فرا خلالها إلى الأردن في منتصف التسعينيات الماضية، فيما تزوجت الثالثة حلا من سلطان هاشم أحمد و هو ابن آخر وزير للدفاع في حكومة صدام قبل سقوط العراق في أيدي قوات الحلفاء بقيادة الجيش الأمريكي.[18] كان الحس الثوري القومي هو الطابع لتلك الفترة من الخمسينيات والذي انتشر مده عبر الوطن العربي والعراق. بالإضافة إلى ذلك، كانت القومية العربية التي دعا إليها جمال عبد الناصر في مصر دافعاً وحافزاً للبعثيين الشباب مثل صدام. ألهم عبد الناصر الوطنيين في أرجاء الوطن العربي لمحاربة الاستعمار وتوحيد العرب، وقد كان هذا سبباً في العديد من الثورات بعد مصر في كلٍ من العراق وليبيا وسورية واليمن[19].
[عدل]
سقوط المملكة العراقية

كان إسقاط الملكية العراقية إبان ثورة عام 1958 واحداً من أكثر الأحداث دموية في التاريخ الحديث للشرق الأوسط , ففي وقت مبكر من صباح يوم 14 يوليو عام 1958 اقتحمت وحدات من الجيش القصر الملكي العراقي في قصر الرحاب تطلق على نفسها اسم " ضباط الأحرار " بقيادة عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم بالإطاحة بالملك فيصل الثاني ، حيث دمرت المدفعية الجزء الأعلى من المبنى , و أجبروا الملك فيصل الثاني و الوصي و أسرهم على الهرب من المبنى إلى ساحة القصر , حيث أحاط بهم الضباط , و دونما أي اعتبار للنساء و الأطفال تم قتلهم جميعاً فقد كان قادة الانقلاب مصممين على أن لا يتركوا أي أثر للعائلة العراقية الملكية , أو أي نواة في المستقبل . أما مكان وجود صدام أثناء ثورة عام 1958 , فلم يكن معروفاً, لكن يمكن القول أن البعثيين قد أيدوا بكل ما يملكون في الانقلاب العسكري و كانوا مصممين على إنجاحه .[20]
[عدل]
صعوده في حزب البعث

صدام حسين مع مجموعة من رفاقه بعد نجاح الانقلاب الذي قام به حزب البعث

في عام 1959 شارك صدام مع مجموعة بعثية في محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم , الرئيس العراقي حينها , بعد ظهر اليوم السابع من أكتوبر و خلافاً للترتيبات و بسبب الانفعال سحب صدام مدفعه الرشاش من تحت معطفه و فتح النار على سيارة قاسم قبل الوقت المقرر , و قبل أن يتمكن الآخرون من فتح النار تمكن حراس قاسم من مواجهة الموقف و قتل سائق السيارة الذي أصيب في ذراعه و كتفه , كما قتل أحد أفراد مجموعة الاغتيال و أصيب صدام في ساقه على يد أحد زملائه .

تمكن أعضاء فريق الاغتيال من الفرار إلى أحد مخابئ الحزب في العاصمة بغداد , أما عبد الكريم قاسم فقد نقل إلى المستشفى و أجرى له العلاج اللازم , و تم استدعاء الدكتور تحسين الملا , و هو أحد الأعضاء المؤسسين لحزب البعث , لمعالجة صدام و قال : " أنه لم يكن سوى جرح بسيط عبارة عن كشط " . و قد تم مداهمة المخبأ الذي لجأ إليه فريق الاغتيال إلا أن صدام استطاع الفرار إلى سوريا حيث قضى هناك ثلاثة أشهر , قبل أن ينتقل إلى القاهرة , حيث أنضم إلى نحو 500 شاب من البعثيين الذين اجتمعوا في العاصمة المصرية و كانت الحكومة السورية قد أرسلت هؤلاء إلى مصر بهدف استكمال تعليمهم . لم يكن صدام قد أكمل تعليمة الثانوي , و كان عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة يعارض عبد الكريم قاسم لأنه نكث بوعده في ضم العراق للإتحاد , و كان ميشيل عفلق و غيره من قادة البعث في سوريا , يعتقدون بأن المشاركين في المحاولة سيتمتعون بأمان أكثر في القاهرة من دمشق , حيث كان النظام السوري أقل استقراراً .

و قد اهتم ميشيل عفلق عميد حزب البعث السوري بصدام الشاب و رقاه إلى مرتبه عالية بأن جعله عضواً كامل العضوية في الحزب , لدوره في محاولة تصفية عبد الكريم قاسم لأن جهد البعثيين العراقيين لقلب الحكومة في بغداد جعلت منهم أبطالاً في نظر القوميين , حيث رأوا ن واجبهم الوطني يحتم عليهم قتل عبد الكريم قاسم لأنه سلم مقدرات البلد إلى الشيوعيين .

و كان عفلق الذي هيمن على حزب البعث في سوريا و العراق , يقف وراء انتخاب صدام عام 1964 في موقع مهم بالقيادة العراقية لحزب البعث , و قد رد صدام الجميل لدى توليه السلطة بأن جعل من البعثية العقيدة السياسية الرسمية للعراق , و عندما أجبر عفلق على الذهاب إلى المنفى إلى العراق عام 1989 , أمر صدام بإقامة ضريح فخم لمؤسس البعث .

في فبراير عام 1963 أسقط انقلاب قام به مجموعة من ضباط الجيش تربطهم علافة بحزب البعث حكومة عبد الكريم قاسم أطيح بعبد الكريم قاسم بانقلاب قيل أن المخابرات الأمريكية كانت تدعمه , تزعم الانقلاب الذي اعتبر رهيباً و شنيعاً , اللواء أحمد حسن البكر و كان البكر قد تبوأ مركزاً مرموقاً في البعث أثناء وجود صدام بالمنفى في القاهرة , حيث اتصف بكراهيته و مقته للشيوعيين الأمر الذي وضعه في مرتبه مميزة بنظر الأمريكيين , و قد أنضم البكر إلى البعث أثناء وجودة في السجن بتهمة تآمره ضد عبد الكريم قاسم , ولدى إطلاق صراح المعتقلين السياسيين , و من بينهم البكر , بدأ الأخير مع غيره من البعثيين بالتخطيط لخلع قاسم .

و قد رفضت العديد من وحدات الجيش دعم البعثيين في محاولتهم , فهاجم البكر قاسم في مقره في وزارة الدفاع و استمر القتال طيلة يومين , و نجم عنه سقوط مئات القتلى و الجرحى في وسط بغداد , قبل أن يضطر قاسم إلى الاستسلام , و رفض قادة الانقلاب السماح بمحاكمته علنية , و بعد محاكمة قصيرة في استيديو الموسيقى في التلفزيون , و أمام الكاميرات على الهواء مباشرة أعدم عبد الكريم قاسم رمياً بالرصاص , خلال هذه الأحداث كان صدام لا يزال في القاهرة لكن سرعان ما عاد إلى بغداد , ليصبح عبد السلام عارف رئيساً للجمهورية و بعد وصولة أعاد صدام تقديم نفسه للبكر , الذي كوفئ على دورة بإسقاط قاسم بمنصب رئيس الوزراء من قبل الرئيس الجديد عبد السلام عارف , عين البكر العديد من أبناء بلدته تكريت في مواقع بارزة و قد وجد صدام نفسه في بداية الأمر على الهامش , و لكن الاشتباكات الدامية بين البعثيين و الشيوعيين بعد إسقاط قاسم وفرت له متنفساً و مخرجاً , و كمكافئة لهو في مثابرته على تعقب الشيوعيين عين صدام في لجنة الاستخبارات الحزب التي تتولى مسؤولية الاستجوابات و التحقيقات , و في فلم " الأيام الطوال عن حياة صدام " – الذي أخرجه المخرج توفيق صالح – فإن صدام يعلق على مشاركته في أحداث عام 1963 بقوله : يجب علينا قتل أولئك الذين يتآمرون ضدنا .

لم تطل فترة العنف , فقد أودت التناحرات الداخلية بين المجموعات البعثية المتنافسة إلى خروج الحزب من الحكم في نوفمبر عام 1963 . و كان الاختلاف بين الجناح المدني في الحزب بقيادة علي صالح السعدي , و الذي كان يحبذ الوحدة السياسية مع مصر و سوريا , و بخاصة بعد نجاح انقلاب البعث السوري في مارس من نفس العام , في حين عارض الجناح العسكري المحافظ الذي يفضل السياسة التقليدية " العراق أولاً " .

عمد البكر الذي كان يحاول التوفيق بين الأجنحة المتنافسة للحزب – إلى عقد اجتماع للقيادة القومية للبعث , و خلال تلك الفترة ساند صدام البكر مواطنه التكريتي , و سرعان ما وجد نفسه يعمل حارساً شخصياً لرئيس الوزراء , و بدأ يشاهد على الدوام إلى جانب البكر و هو يتسلح بمسدسه , و مع استمرار التهديد الذي يشكله الحرس القومي على النظام و الأمن العام , نفد صبر عبد السلام عارف مع البعث و قرر التصرف , و بالفعل صدرت الأوامر في 18 نوفمبر بمهاجمة الحرس القومي في بغداد و نجح عارف , و خلال ساعات كان يسيطر تماماً على المدينة .

أدى تدخل الرئيس عارف الحاسم إلى إنهاء أول تلاعب بعثي قصير في السلطة , و تم عزل الوزراء حيث استبدلوا بضباط عسكريين من الموالين للرئيس , و طرد البكر من منصبه كرئيس للوزراء , و أصبح العراق يحكم من قبل حكومة عسكرية , و تم حل الحرس القومي و استبدل بالحرس الجمهوري الذي يضم وحدات النخبة في القوات المسلحة و الذي تمثلت مهمته الرئيسية في حماية النظام من أي محاولات انقلاب مستقبلية .[21] , كان صدام وأحد من مجموعة البعثيين الذين أنيط بهم عام 1964 مسؤولية إنشاء الجهاز الأمني للحزب , و الذي أطلق عليه " جهاز حنين " , و ذلك بعد انقلاب عام 1963 و الذي أدى اكتشافه إلى الزج بقادة البعث المتبقين بمن فيهم البكر في السجن , و بقى صدام في بغداد على الرغم من مطالبة قيادة الحزب في دمشق بفرارة من جديد إلى سوريا , و بالتعاون مع قلة من البعثيين الذين لم يسجنهم عارف شكل صدام قوة أمنية سرية .

كانت الحرية التي تمتع بها صدام عام 1964 قصيرة الأمد , تم خلالها بحث سيناريوهات عدة للاغتيال الرئيس , و في منتصف أكتوبر طوق رجال الأمن مخبأ صدام في أحد أحياء بغداد و بعد تبادل قصير لإطلاق النار اضطر صدام للاستسلام بعد أن نفدت ذخيرته , و تم سجنه . كان خير الله طلفاح يقبع في السجن هو الآخر في ذلك الوقت , رغم أنه لم يكن عضواً في حزب البعث , و كانت ساجدة , التي كانت وضعت لتوها عدي , تزوره و تزور زوجها صدام الذي كان معتقلاً في سجن هو الآخر و تحضر له رسائل من البكر الذي كان قد أفرج عنه , و هو ما كان يمكن صدام للاطلاع على مجريات الأمور حتى انتهت الفترة الثانية لسجن صدام يوم 23 يوليو عام 1966 عندما تمكن مع أثنين من رفاقه من الهرب حيث عمل من جديد على الإطاحة بالحكومة و الاستيلاء على السلطة , مع فجر يوم 17 يوليو من عام 1968 استولت وحدات عسكرية يرافقها نشطاء بعثيون مدنيون على مؤسسات عسكرية حكومة مهمة , و صدرت الأوامر بالتحرك إلى قصر الرئاسة , فاندفعت الدبابات إلى باحته , و توقفت تحت النوافذ حيث كان الرئيس عبد الرحمن عارف مازال نائماً في سريرة , و كان في الدبابة الأولى صدام حسين ببزته العسكرية .

لم يعرف الرئيس عبد الرحمن عارف بالانقلاب , إلا عندما سمع صوت الرصاصة الذي أطلقته عناصر من الحرس الجمهوري في الهواء للتعبير عن الفرح و الانتصار , قبل عارف – الرئيس الضعيف الذي تسلم السلطة بعد مقتل شقيقه عبد السلام عارف بتحطم هيلوكبتر عام 1966 – التنحي و كان مطلبه الوحيد أن يضمن الانقلابين سلامة ابنه الذي كان ضابطاً في الجيش , و تمثل دور صدام حسين يومها في مراقبة القصر و ضامن عدم تدخل الجنود الموالين لعارف . و بحلول الساعة 3:40 دقيقة صباحاً كان الانقلاب قد نجح دون إراقة نقطة دم واحدة , و بعد استراحة دامت ساعات , و ضع عارف على طائرة متجهة إلى لندن للانضمام إلى زوجته التي كانت تعالج هناك من داء السرطان , و أعلنت إذاعة بغداد أن حزب البعث قد استولى على السلطة , و أنتها نظاماً ضعيفاً و فاسداً يمثله حفنه من الجهلة و الأميين و اللصوص و الجواسيس. بعد الانقلاب عين أحمد حسن البكر رئيساً للجمهورية فيما كلف صدام بمسؤولية الأمن القومي , و قد كان صدام مناسباً لتسلم هذا الموقع لسابق تجربته للإقامة " جهاز حنين " , و الذي حل بعد تسلم البعثيين السلطة , لتحل محلة مؤسسات أمنية رسمية , و كان عمر صدام حسين وقتها 31 عاماً .[22]
[عدل]
برنامج التطوير

صدام حسين عام 1974

تطوير تعليم المرأة في السبعينيات

في نهايات 1960 وبدايات 1970، ولكون صدام نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة وكونه الرجل الثاني في العراق، بنى صدام سمعة جيدة كسياسي محنك وفعال[23]. قام صدام بتأسيس جهاز المخابرات العراقي الذي كان يعرف بـ جهاز حنين، وبدأ بمحاكمة كل من كان لهم ولاءات خارجية، وقام بتعيين من يثق به في المناصب الأمنية المهمة مدعماً مكانته.

بعد أن تسلم حزب البعث السلطة في العراق عام 1968، ركز صدام على تحقيق الاستقرار في وطن مزقته الصراعات العويصة، في وجود الانقسامات والصراعات الاجتماعية، العقائدية والدينية ما بين السنة والشيعة وبين العرب والأكراد وغيرها[24]، وكان في رأي صدام أن القيادة الثابتة والمستقرة في دولة تنتشر فيها التحزبية والانقسامات تحتاج إلى سياسة القمع كما تحتاج في نفس الوقت إلى رفع المستوى المعيشي [24]. قام صدام بتعزيز الاقتصاد العراقي بجانب بناء جهاز أمني قوي لمنع الانقلابات والتمرد داخل وخارج حزب البعث. لم يهتم صدام بتوسعة قاعدة المؤيدين له بين مختلف الفئات في المجتمع العراقي، فقد كان كل اهتمامه منصب في إقامة دولة مستقرة وتطوير برامج التنمية.

كان أكبر اهتمامات صدام هو النفط العراقي.في عام 1973، ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير نتيجة لأزمة النفط (1973)، وقد مكن ذلك الارتفاع صدام من توسيع نطاق جدول أعماله.في خلال أعوام كانت العراق تقدم خدمات إجتماعية لم يسبق لها مثيل بين دول الشرق الأوسط.قام صدام بإنشاء وإدارة "الحملة الوطنية لمحو الأمية" وحملة "التعليم الإلزامي المجاني في العراق"، وقد قامت الحكومة العراقية بتعليم مئات الالاف في خلال عدة سنوات من بداية هذة الحملة. كما قامت الحكومة بدعم أُسر الجنود، كما قدمت رعاية صحية مجانية للجميع، بالإضافة إلى تقديم أراضي زراعية مجانية للفلاحين. قامت العراق بإنشاء واحدة من أحدث أنظمة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط، وكان ذلك سبباً لمنح صدام جائزة من منظمة اليونسكو.[25]
[عدل]
رئاسة الدولة

صدام حسين مع الرئيس أحمد حسن البكر خلال القمة العربية في بغداد 1978

بدأ صدام يجمع السلطة في يده بطريقة حثيثة , فحينما كان مسؤولاً عن الأمن كان مسؤولاً أيضاً عن إدارة الفلاحين , و سرعان ما وضع التعليم و الدعاية تحت نطاق سيطرته , و ما لبث أن تولى رسمياً منصب السكرتير العام لمجلس قيادة الثورة في يناير عام 1969 , و بعد ذلك بدأ وصف صدام باسم " السيد النائب " أجرى صدام حسين , بصفته نائباً للرئيس أحمد حسن البكر إصلاحات واسعة النطاق و أقام أجهزة أمنية صارمة , و قد أثارت سياسيات كل من صدام و البكر قلقاً في الغرب ففي عام 1978 و في أوج الحرب الباردة عقد العراق معاهدة التعاون و الصداقة مدها 15 مع الإتحاد السوفييتي , كما أمم شركة النفط الوطنية , التي تأسست في ظل الإدارة البريطانية , و التي كانت تصدر النفط الرخيص إلى الغرب ة قد استثمرت بعض أموال النفط , عقب فورة النفطية التي أعقبت أزمة عام 1973 , في الصناعة و التعليم و العناية الصحية , مما رفع مستوى المعيشي في العراق إلى أعلى مستوى في العالم العربي .

تمكن صدام حسين من إحكام قبضته على السلطة من خلال تعيين أقاربه و حلفائه في المناصب الحكومة المهمة , بالإضافة إلى مراكز التجار و الأعمال , و هو ما تمكن معه في نهاية عام 1970 من أن يحتكر السلطة فعلياً في العراق تمهيداً للاستيلاء عليها نهائياً في يوليو عام 1979 , حيث اضطر البكر إلى الاستقالة و كان السبب الرسمي المعلن للإستقاله العجز عن أداء المهام الرئاسية لأسباب صحية , و سلمت كل مناصبه لصدام حسين الذي أعلن نفسه رئيساً للجمهورية و رئيساً لمجلس قيادة الثورة و قائداً عاماً للقوات المسلحة . و قابل صدام استقالة البكر بتحديد إقامته في منزله إلى أن توفى في أكتوبر عام 1982 كان صدام يعمل في ذلك الوقت من 14 إلى 16 ساعة يومياً , و من بين أهم الأعمال التي لاقت ترحيباً من العامة و التي قام بها صدام في بداية توليه السلطة الإفراج عن الآلاف المعتقلين و قال كلمة صاحبت هذا الحدث , جاء فيها : إن القانون فوق الجميع , و أن اعتقال الناس دون إعمال القانون لن يحدث ثانية أبداً .!! ليس هذا فحسب بل عمد صدام إلى التقرب إلى الشعب العراقي و للمواطن البسيط حتى وصفه أحد المعارضين الكبار بقوله : لقد أبدى صدام تفهماً حقيقياً لأحوال الناس البسطاء أكثر من أي زعيم آخر في تاريخ العراق .[26] برغم أن صدام كان نائباً للرئيس أحمد حسن بكر إلا أنه كان الطرف الأقوى في الحزب. كان أحمد حسن البكر الأكبر سناً ومقاماً، ولكن وبحلول عام 1969 كان لصدام القوة الأكبر في الحزب . في 1979 بدأ الرئيس أحمد حسن البكر بعقد معاهدات مع سوريا، التي يتواجد بها حزب البعث، كانت ستقود إلى الوحدة بين الدولتين. وسيصبح الرئيس السوري حافظ الاسد نائبا للرئيس في ذلك الإتحاد، ولكن قبل حدوث ذلك، استقال أحمد حسن البكر في 16 يوليو 1979. وأصبح صدام بشكل رسمي الرئيس الجديد للعراق.

بعد ذلك بفترة وجيزة، جمع قيادات حزب البعث في 22 يوليو 1979، وخلال الاجتماع، الذي أمر بتصويره، قال صدام بأنه وجد جواسيس ومتآمرين ضمن حزب البعث، وقرأ أسماء هؤلاء الذين كانو ارتبطوا سرا مع حافظ الأسد. وتم وصف هؤلاء بالخيانة وتم إقتيادهم واحدا تلو الآخر ليواجهوا الإعدام رميا بالرصاص خارج قاعة الاجتماع وعلى مسامع الحاضرين.