By مشاري الحربي ( 9 ) - الجمعة فبراير 25, 2011 1:48 am
- الجمعة فبراير 25, 2011 1:48 am
#32877
رى العرب ان تسلّم الرئيس اوباما جائزة نوبل باوسلو جاء في وقت عصيب. فقد أعلن الرئيس، قبل أيام من مغادرته للمشاركة في حفل تسليم الجائزة، عن نشر قوات أميركية إضافية في أفغانستان يبلغ قوامها ثلاثين الف جندي، وهي الخطوة التي تبدو متناقضة مع وضعه كأحد الحائزين على جائزة نوبل للسلام، والتي أثارت غضب عموم العالم الإسلامي.
ومن ناحية أخرى توقفت محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لمدة شهرين، بعد ان خضع اوباما الى الرفض الإسرائيلي لفرض تجميد شامل على بناء المستوطنات في المناطق الفلسطينية المحتلة، والتي استبدلت بتجميد جزئي لا يدوم سوى عشرة أشهر.
يقول خضر حايك، وهو رجل اعمال في حارة حريك في الضاحية الجنوبية ببيروت، وهي المنطقة التي تقدم اكبر الدعم الى مليشيا حزب الله: «يا لخيبة الأمل، انه لم يفعل شيئاً، لو كان جادا، اما كان ليفعل شيئا حتى الآن؟ لقد قال ان على الإسرائيليين ان لا يبنوا مستوطنات، لكن الإسرائيليين لم يأبهوا. لا احد يصغي له».
غير ان هناك آخرين يميلون الى منح اوباما فرصة، ويقولون انه من المبكر الحكم على الرئيس وما أمضى في منصبه سوى احد عشر شهرا فقط. يقول رامي خوري، مدير مركز (عصام فارس من اجل لبنان): «لا اعتقد اننا قد تعرفنا الى ما عساها ان تكون سياسته اتجاه الشرق الأوسط، ولا اعتقد انه قد اظهر لنا جميع أوراقه بعد، فقد كان منشغلا بقضايا أخرى منذ ان تسنم منصبه، مثل الاقتصاد، والرعاية الصحية، وأفغانستان، وكوريا الشمالية، وإيران، تلك القضايا كانت أكثر إلحاحاً لديه من قضية السلام العربي – الإسرائيلي».
«كنت سأتحرج من قبولها»
على كل حال، لا يرى الا القليل من الناس، سواء كانوا منتقدين لاوباما او مساندين له، انه يستحق نيل جائزة نوبل للسلام، في هذا الوقت المبكر من رئاسته. يقول فرانكويس كريم، الحلاق الساكن في الاشرفية، وهي مقاطعة تقطنها أغلبية من المسيحيين في شرقي بيروت: «بمشيئة الله، سوف يكون قادرا على مساندتنا في الأعوام الثلاثة القادمة، لكن لا افهم السبب الذي حصل بموجبه على جائزة نوبل. لو كنت بمكانه لكنت سأتحرج من قبولها.»
واجه الرؤساء الأميركيون المتعاقبون مصاعب جمة في إدارة دفة عملية السلام في الشرق الأوسط بنجاح منذ ان تمكن الرئيس جيمي كارتر ان يعقد صفقة للسلام بين إسرائيل ومصر عام 1979، وقد ابتلي الرئيس رونالد ريغان على مدى فترتيه الرئاسيتين بالسياسات الكارثية في لبنان وبفضيحة إيران كونترا. وأطلق الرئيس جوج بوش الأب عملية السلام في مدريد عام 1991، لكنه أصبح خارج المنصب بعد مضي ستة أشهر فقط، وأضحت عملية السلام نقطة تركيز الرئيس بيل كلنتون طوال السنوات الثماني من حكمه. وتمكن من تحقيق انجاز مهم من خلال اتفاقيات اوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1993، ومعاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية عام 1994.
لكن العملية بدأت بالتراجع بعد ذلك، وأهمل الرئيس جورج بوش الابن منطقة الشرق الأوسط حتى جاءت هجمات الحادي عشر من أيلول، والتي رأى المنطقة بعدها بمنظار «الحرب على الإرهاب».
واليوم، ورث اوباما التركة الثقيلة عن أسلافه: تعطل عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية، والتورط العسكري الأميركي الباهظ في العراق وأفغانستان، والنزاع الذي يلوح في الأفق حول طموحات إيران النووية.
تواري النيات الحسنة
حينما تسنم اوبما منصبه في كانون الثاني الماضي، ارتفعت آمال العرب الى حد توقع ان الرئيس الأميركي الحديث العهد سوف يفتح عهدا جديدا من العلاقات الساخنة بين العرب والولايات المتحدة بعد السياسات المثيرة للجدل لإدارة بوش، وبدا كل شيء حسنا في تلك الأشهر الأولى حينما نادى اوباما علما بـ»تجميد» بناء المستوطنات في المناطق المحتلة من الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وسافر الى القاهرة في شهر حزيران ليلقي خطابه الموجه الى العالم العربي، والذي التزم بموجبه «ببداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين في أرجاء العالم كافة».
لكن أفعال واشنطن غلبت النوايا الحسنة التي اوجدتها كلمات اوباما. فحينما ضربت الحكومة الإسرائيلية كعبها في الأرض وعرضت ان تقوم بـ»ابطاء» عملية بناء المستوطنات فحسب، تراجعت إدارة اوباما.
ووصفت وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون في شهر تشرين الثاني الماضي العرض الإسرائيلي بانه «غير مسبوق» وحثت الرئيس الفلسطيني محمود عباس على التخلي عن مطلبه بتجميد بناء المستوطنات كشرط مسبق لاستئناف محادثات السلام مع إسرائيل.
وصعقت واشنطن الفلسطينيين اكثر من ذلك حينما استقبلت بالترحاب بعثة الامم المتحدة لتقصي الحقائق التي قادها القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون، والتي تحرّت عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في العام الماضي. وتوصل تقرير غولدستون، الذي صدر في شهر أيلول الماضي، ان كلا من إسرائيل وحماس ارتكبا جرائم حرب، وربما جرائم ضد الإنسانية، لكنها وجهت معظم انتقاداتها الى العمليات الإسرائيلية، والتي رفضت التعاون معها في التحقيق متذرعة بان من شأن ذلك ان يضفي الشرعية على هذا التحقيق الذي زعمت إسرائيل انه كان منحازا بالكامل.
بداية «بلا لون» لعهد أوباما
يقول سامي مُبيّض، الكاتب والمحلل السياسي السوري انه قد تكون لدى اوباما نيات حسنة لكنها غير كافية «لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط بشكل جاد. ومن وجهة النظر السورية، سوف يتم الحكم على اوباما من خلال التقدم الحاصل في منطقة الجولان السورية المحتلة. ولم يحصل شيء جدي حتى الآن، وشكرا للحكومة المتشددة في إسرائيل، ولمجلس الشيوخ الأميركي غير المتعاون، والتي جعلت من الشهور الأحد عشر الأولى فترة حكم اوباما، أكثر او اقل، بلا لون فيما يتعلق بالشرق الأوسط».
وقد بدأت كل من سوريا وإسرائيل في الآونة الأخيرة باستشعار إمكانية استئناف محادثات السلام، وأجرى الوسطاء الأتراك عدة جولات من المحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل في عام 2008 حتى انسحبت دمشق من العملية إثر الحرب الإسرائيلية على غزة، وقد أثبتت الولايات المتحدة، حتى الآن، انها مترددة في خوض غمار عملية السلام الإسرائيلية – السورية، على الرغم من البحث عن وسائل محتملة للتواصل مع دمشق.
ولم يلق قرار اوباما إرسال ثلاثين الف جندي أميركي إضافي الى أفغانستان، والذي اقترن بالالتزام بالشروع في الانسحاب الأميركي بحلول تموز من عام 2011، لم يلق هذا القرار الا اقل الحماسة في العالم العربي. كتب محرر في جريدة القدس العربي، التي تصدر في لندن، بتاريخ 3 كانون الأول الجاري يقول: «لقد قال الرئيس اوباما ان أيام الهيمنة الأميركية على الشعوب الأخرى قد ولت، وهي كلمات جميلة تعكس رؤية جميلة، لكن الخطوة الأولى في ترجمة هذه الرؤية بالطريقة الصحيحة هي بالانسحاب، والاعتراف بالخطأ، وإيقاف حمام الدم الذي تسببت به العمليات العسكرية في أفغانستان».
ومن ناحية أخرى توقفت محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لمدة شهرين، بعد ان خضع اوباما الى الرفض الإسرائيلي لفرض تجميد شامل على بناء المستوطنات في المناطق الفلسطينية المحتلة، والتي استبدلت بتجميد جزئي لا يدوم سوى عشرة أشهر.
يقول خضر حايك، وهو رجل اعمال في حارة حريك في الضاحية الجنوبية ببيروت، وهي المنطقة التي تقدم اكبر الدعم الى مليشيا حزب الله: «يا لخيبة الأمل، انه لم يفعل شيئاً، لو كان جادا، اما كان ليفعل شيئا حتى الآن؟ لقد قال ان على الإسرائيليين ان لا يبنوا مستوطنات، لكن الإسرائيليين لم يأبهوا. لا احد يصغي له».
غير ان هناك آخرين يميلون الى منح اوباما فرصة، ويقولون انه من المبكر الحكم على الرئيس وما أمضى في منصبه سوى احد عشر شهرا فقط. يقول رامي خوري، مدير مركز (عصام فارس من اجل لبنان): «لا اعتقد اننا قد تعرفنا الى ما عساها ان تكون سياسته اتجاه الشرق الأوسط، ولا اعتقد انه قد اظهر لنا جميع أوراقه بعد، فقد كان منشغلا بقضايا أخرى منذ ان تسنم منصبه، مثل الاقتصاد، والرعاية الصحية، وأفغانستان، وكوريا الشمالية، وإيران، تلك القضايا كانت أكثر إلحاحاً لديه من قضية السلام العربي – الإسرائيلي».
«كنت سأتحرج من قبولها»
على كل حال، لا يرى الا القليل من الناس، سواء كانوا منتقدين لاوباما او مساندين له، انه يستحق نيل جائزة نوبل للسلام، في هذا الوقت المبكر من رئاسته. يقول فرانكويس كريم، الحلاق الساكن في الاشرفية، وهي مقاطعة تقطنها أغلبية من المسيحيين في شرقي بيروت: «بمشيئة الله، سوف يكون قادرا على مساندتنا في الأعوام الثلاثة القادمة، لكن لا افهم السبب الذي حصل بموجبه على جائزة نوبل. لو كنت بمكانه لكنت سأتحرج من قبولها.»
واجه الرؤساء الأميركيون المتعاقبون مصاعب جمة في إدارة دفة عملية السلام في الشرق الأوسط بنجاح منذ ان تمكن الرئيس جيمي كارتر ان يعقد صفقة للسلام بين إسرائيل ومصر عام 1979، وقد ابتلي الرئيس رونالد ريغان على مدى فترتيه الرئاسيتين بالسياسات الكارثية في لبنان وبفضيحة إيران كونترا. وأطلق الرئيس جوج بوش الأب عملية السلام في مدريد عام 1991، لكنه أصبح خارج المنصب بعد مضي ستة أشهر فقط، وأضحت عملية السلام نقطة تركيز الرئيس بيل كلنتون طوال السنوات الثماني من حكمه. وتمكن من تحقيق انجاز مهم من خلال اتفاقيات اوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1993، ومعاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية عام 1994.
لكن العملية بدأت بالتراجع بعد ذلك، وأهمل الرئيس جورج بوش الابن منطقة الشرق الأوسط حتى جاءت هجمات الحادي عشر من أيلول، والتي رأى المنطقة بعدها بمنظار «الحرب على الإرهاب».
واليوم، ورث اوباما التركة الثقيلة عن أسلافه: تعطل عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية، والتورط العسكري الأميركي الباهظ في العراق وأفغانستان، والنزاع الذي يلوح في الأفق حول طموحات إيران النووية.
تواري النيات الحسنة
حينما تسنم اوبما منصبه في كانون الثاني الماضي، ارتفعت آمال العرب الى حد توقع ان الرئيس الأميركي الحديث العهد سوف يفتح عهدا جديدا من العلاقات الساخنة بين العرب والولايات المتحدة بعد السياسات المثيرة للجدل لإدارة بوش، وبدا كل شيء حسنا في تلك الأشهر الأولى حينما نادى اوباما علما بـ»تجميد» بناء المستوطنات في المناطق المحتلة من الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وسافر الى القاهرة في شهر حزيران ليلقي خطابه الموجه الى العالم العربي، والذي التزم بموجبه «ببداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين في أرجاء العالم كافة».
لكن أفعال واشنطن غلبت النوايا الحسنة التي اوجدتها كلمات اوباما. فحينما ضربت الحكومة الإسرائيلية كعبها في الأرض وعرضت ان تقوم بـ»ابطاء» عملية بناء المستوطنات فحسب، تراجعت إدارة اوباما.
ووصفت وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون في شهر تشرين الثاني الماضي العرض الإسرائيلي بانه «غير مسبوق» وحثت الرئيس الفلسطيني محمود عباس على التخلي عن مطلبه بتجميد بناء المستوطنات كشرط مسبق لاستئناف محادثات السلام مع إسرائيل.
وصعقت واشنطن الفلسطينيين اكثر من ذلك حينما استقبلت بالترحاب بعثة الامم المتحدة لتقصي الحقائق التي قادها القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون، والتي تحرّت عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في العام الماضي. وتوصل تقرير غولدستون، الذي صدر في شهر أيلول الماضي، ان كلا من إسرائيل وحماس ارتكبا جرائم حرب، وربما جرائم ضد الإنسانية، لكنها وجهت معظم انتقاداتها الى العمليات الإسرائيلية، والتي رفضت التعاون معها في التحقيق متذرعة بان من شأن ذلك ان يضفي الشرعية على هذا التحقيق الذي زعمت إسرائيل انه كان منحازا بالكامل.
بداية «بلا لون» لعهد أوباما
يقول سامي مُبيّض، الكاتب والمحلل السياسي السوري انه قد تكون لدى اوباما نيات حسنة لكنها غير كافية «لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط بشكل جاد. ومن وجهة النظر السورية، سوف يتم الحكم على اوباما من خلال التقدم الحاصل في منطقة الجولان السورية المحتلة. ولم يحصل شيء جدي حتى الآن، وشكرا للحكومة المتشددة في إسرائيل، ولمجلس الشيوخ الأميركي غير المتعاون، والتي جعلت من الشهور الأحد عشر الأولى فترة حكم اوباما، أكثر او اقل، بلا لون فيما يتعلق بالشرق الأوسط».
وقد بدأت كل من سوريا وإسرائيل في الآونة الأخيرة باستشعار إمكانية استئناف محادثات السلام، وأجرى الوسطاء الأتراك عدة جولات من المحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل في عام 2008 حتى انسحبت دمشق من العملية إثر الحرب الإسرائيلية على غزة، وقد أثبتت الولايات المتحدة، حتى الآن، انها مترددة في خوض غمار عملية السلام الإسرائيلية – السورية، على الرغم من البحث عن وسائل محتملة للتواصل مع دمشق.
ولم يلق قرار اوباما إرسال ثلاثين الف جندي أميركي إضافي الى أفغانستان، والذي اقترن بالالتزام بالشروع في الانسحاب الأميركي بحلول تموز من عام 2011، لم يلق هذا القرار الا اقل الحماسة في العالم العربي. كتب محرر في جريدة القدس العربي، التي تصدر في لندن، بتاريخ 3 كانون الأول الجاري يقول: «لقد قال الرئيس اوباما ان أيام الهيمنة الأميركية على الشعوب الأخرى قد ولت، وهي كلمات جميلة تعكس رؤية جميلة، لكن الخطوة الأولى في ترجمة هذه الرؤية بالطريقة الصحيحة هي بالانسحاب، والاعتراف بالخطأ، وإيقاف حمام الدم الذي تسببت به العمليات العسكرية في أفغانستان».