- الجمعة فبراير 25, 2011 11:21 pm
#32948
د. محمد أبو رمان
خطوة أولية صحيحة قام بها رئيس الجامعة الأردنية، د. عادل الطويسي، عندما كشف عن اتخاذ عقوبات حاسمة ضد الطلبة المتسببين في المشاجرات المخزية الأخيرة، بانتظار الإعلان عن هذه العقوبات وتقديم رسالة إعلامية وسياسية واضحة للرأي العام حول ما جرى وما ينوي الرئيس فعله لعدم تكرار ذلك.
ونتوقع أن نستمع من رئيس الجامعة، وهو شخصية أكاديمية مخضرمة نؤمّل عليه في إصلاح هذه التركة، التي تشكلت عبر سنوات من التدمير الممنهج، بأن يقوم بتوضيح ما حدث للرأي العام والمجتمع، وأن يقدم خطته لتحويل المسار، بل والقيام باستدارة كاملة.
ربما تكون المرة الأولى التي أشاهد فيها أجواء العنف الطلابي في الجامعات، يوم الخميس الماضي، عندما رأيت عشرات الشباب "الجامعي!" يجوبون شوارع الجامعة الأردنية بين كلياتها، وهم يمسكون بجذوع الأشجار التي اقتلعوها من حرم الجامعة نفسها، ويلوحون بها في هتافات بدائية تفتخر بعشائرهم وتشتم العشيرة المعنية!
المؤلم أكثر في هذه الصورة أنّ الطلاب كانوا يلقون في طريقهم بحاويات القمامة على الأرض (هل تتخيلون حجم الدمار الأخلاقي والقيمي والجمالي لدى هؤلاء!).
الأسوأ من هذا وذاك أنهم كانوا يهتفون بشتائم بذيئة ومنحطة (تصوّروا!) بصوت جماعي وعلى مسمع من أساتذتهم والإداريين، وكذلك الطالبات!
تساءلت (في نفسي) كيف يملك هؤلاء بعد هذه "الهستيريا الغرائزية" أن يقفوا أمام زملائهم في اليوم التالي في الجامعة؟ بل ماذا تعلمواخلال السنوات الماضية؟ والسؤال الأخطر: ماذا حل بجامعاتنا حتى نشاهد موجات متتالية من العنف العشائري في حرمها، مرة بسبب فتاة وأخرى للانتخابات.
المشهد بدا مرعبا، ينذر بمستقبل كارثي مع جيل من الشباب محطم فكرياً خالٍ من القيم، بل شعرت أننا في مرحلة ما قبل الحداثة، والإسلام والحضارة أيضاً!
خلال أشهر قليلة فقط، عاد العنف الجامعي ليخلع قلوبنا من مكانها، ويشعرنا جميعاً بالقلق والتوتر، وذلك يدفع إلى الوقوف ضد أي وساطات ومحسوبيات وضغوط ستُضخّ لمنع العقوبات أو تخفيفها عن الطلبة المتسببين في هذه المشكلات، بل ووضع أنظمة تحمي الجامعات من أن تتحول إلى بؤرة استقطاب للتوترات الاجتماعية والنزوع نحو الهويات البدائية. الإصلاح مسار طويل لن يكون بين ليلة وضحاها، لكن هنالك نقطة تحول تنقله من الانحدار إلى الأمام، وهذا ما ننتظره، بصورة متدرجة واضحة معلنة، تبدأ من إعادة النظر في استثناءات القبول والكوتات التي ضخت أعداداً من الطلبة غير مؤهلين ولا مهيئين للمقعد الجامعي، وتغول الاعتبارات غير المهنية في التوظيف والتعيين، مما شوّه الهيئات التدريسية والإدارية في الجامعات.
أحد أهم الشروط استعادة الحياة الطلابية والجامعية الحقيقية، وملء الفراغ الفكري والسياسي والروحي، الذي يدفع بالشباب إلى هذه الهويات المأزومة المتخلفة، يتمثّل في حماية استقلالية الجامعة تماماً، وإطلاق النشاطات الثقافية والفكرية والسياسية فيها، بلا أي وصاية أو تدخل من جهات رسمية، قادتنا سياساتها إلى الحالة الراهنة.
الجامعة الأردنية ستحتفل العام المقبل بمرور خمسين عاماً على تأسيسها، وكلنا أمل أن يتم ذلك بعد أن نكون قد بدأنا في مسار التحول المطلوب، حتى نشعر أننا بالفعل أحدثنا قطيعة مع مرحلة التدهور السابقة، بخاصة أنّ هنالك توجهاً لتصبح "جامعة بحثية" خلال السنوات المقبلة.
أما إذا استمر المسار الحالي في الجامعات عموماً، فلنقم بيوت عزاء!
خطوة أولية صحيحة قام بها رئيس الجامعة الأردنية، د. عادل الطويسي، عندما كشف عن اتخاذ عقوبات حاسمة ضد الطلبة المتسببين في المشاجرات المخزية الأخيرة، بانتظار الإعلان عن هذه العقوبات وتقديم رسالة إعلامية وسياسية واضحة للرأي العام حول ما جرى وما ينوي الرئيس فعله لعدم تكرار ذلك.
ونتوقع أن نستمع من رئيس الجامعة، وهو شخصية أكاديمية مخضرمة نؤمّل عليه في إصلاح هذه التركة، التي تشكلت عبر سنوات من التدمير الممنهج، بأن يقوم بتوضيح ما حدث للرأي العام والمجتمع، وأن يقدم خطته لتحويل المسار، بل والقيام باستدارة كاملة.
ربما تكون المرة الأولى التي أشاهد فيها أجواء العنف الطلابي في الجامعات، يوم الخميس الماضي، عندما رأيت عشرات الشباب "الجامعي!" يجوبون شوارع الجامعة الأردنية بين كلياتها، وهم يمسكون بجذوع الأشجار التي اقتلعوها من حرم الجامعة نفسها، ويلوحون بها في هتافات بدائية تفتخر بعشائرهم وتشتم العشيرة المعنية!
المؤلم أكثر في هذه الصورة أنّ الطلاب كانوا يلقون في طريقهم بحاويات القمامة على الأرض (هل تتخيلون حجم الدمار الأخلاقي والقيمي والجمالي لدى هؤلاء!).
الأسوأ من هذا وذاك أنهم كانوا يهتفون بشتائم بذيئة ومنحطة (تصوّروا!) بصوت جماعي وعلى مسمع من أساتذتهم والإداريين، وكذلك الطالبات!
تساءلت (في نفسي) كيف يملك هؤلاء بعد هذه "الهستيريا الغرائزية" أن يقفوا أمام زملائهم في اليوم التالي في الجامعة؟ بل ماذا تعلمواخلال السنوات الماضية؟ والسؤال الأخطر: ماذا حل بجامعاتنا حتى نشاهد موجات متتالية من العنف العشائري في حرمها، مرة بسبب فتاة وأخرى للانتخابات.
المشهد بدا مرعبا، ينذر بمستقبل كارثي مع جيل من الشباب محطم فكرياً خالٍ من القيم، بل شعرت أننا في مرحلة ما قبل الحداثة، والإسلام والحضارة أيضاً!
خلال أشهر قليلة فقط، عاد العنف الجامعي ليخلع قلوبنا من مكانها، ويشعرنا جميعاً بالقلق والتوتر، وذلك يدفع إلى الوقوف ضد أي وساطات ومحسوبيات وضغوط ستُضخّ لمنع العقوبات أو تخفيفها عن الطلبة المتسببين في هذه المشكلات، بل ووضع أنظمة تحمي الجامعات من أن تتحول إلى بؤرة استقطاب للتوترات الاجتماعية والنزوع نحو الهويات البدائية. الإصلاح مسار طويل لن يكون بين ليلة وضحاها، لكن هنالك نقطة تحول تنقله من الانحدار إلى الأمام، وهذا ما ننتظره، بصورة متدرجة واضحة معلنة، تبدأ من إعادة النظر في استثناءات القبول والكوتات التي ضخت أعداداً من الطلبة غير مؤهلين ولا مهيئين للمقعد الجامعي، وتغول الاعتبارات غير المهنية في التوظيف والتعيين، مما شوّه الهيئات التدريسية والإدارية في الجامعات.
أحد أهم الشروط استعادة الحياة الطلابية والجامعية الحقيقية، وملء الفراغ الفكري والسياسي والروحي، الذي يدفع بالشباب إلى هذه الهويات المأزومة المتخلفة، يتمثّل في حماية استقلالية الجامعة تماماً، وإطلاق النشاطات الثقافية والفكرية والسياسية فيها، بلا أي وصاية أو تدخل من جهات رسمية، قادتنا سياساتها إلى الحالة الراهنة.
الجامعة الأردنية ستحتفل العام المقبل بمرور خمسين عاماً على تأسيسها، وكلنا أمل أن يتم ذلك بعد أن نكون قد بدأنا في مسار التحول المطلوب، حتى نشعر أننا بالفعل أحدثنا قطيعة مع مرحلة التدهور السابقة، بخاصة أنّ هنالك توجهاً لتصبح "جامعة بحثية" خلال السنوات المقبلة.
أما إذا استمر المسار الحالي في الجامعات عموماً، فلنقم بيوت عزاء!