هل نستحق الديمقراطية
مرسل: الجمعة فبراير 25, 2011 11:39 pm
د. محمد أبو رمان
هذا العنوان وإن كان مطروحاً للنقاش منذ عقود بعيدة، إلا أنّه هنا تحديداً المقصود به عنوان كتاب للأديب والكاتب المصري المبدع علاء الأسواني، صدر العام الحالي منه طبعتان، ويشمل مجموعة من مقالاته الجريئة المنشورة في صحف ومجلاّت مصرية.
للتذكير، فإنّ الأسواني منع مؤخّراً من كتابة عموده في صحيفة الشروق المصرية، بقرار أمني، وقد شمل ذلك كل الصحف والمجلاّت التي يكتب بها، وذلك يعود -بالطبع- لسقفه المرتفع وجرأته وصراحته غير المعهودة في الصحافة العربية عموماً في نقد النظام والمطالبة بالديمقراطية، ومن المعروف أنّه كان ينهي مقالاته في الشروق بعبارة دائمة وهي "الديمقراطية هي الحل".
هذه المعلومات مهمة جداً في سياق مناقشة السؤال الذي يطرحه الرجل في إحدى مقالاته "هل نستحق الديمقراطية؟" ويجيب عنه بـ"لا"، فهي لا، ليس المقصود منها هنا تبرير الوضع الآسن الحالي، وتقديمه على أنّه "أفضل الموجود" وأن الناس غير مهيأة بعد للوصول إلى النظام الديمقراطي، إنّما المقصود، حصرياً، بهذا الجواب هو "إلقاء الكرة في ملعب الشعب"، بمعنى أنّ ما يمنع الديمقراطية ليس وجود الحاكم المستبد، إنّما غياب المدافعة الشعبية الواسعة والقوية نحو فرض الحل الديمقراطي على السلطة. هذه "الحلقة المفقودة" تشكّل مفتاحاً أساسياً في فهم الأسباب الكامنة وراء تخلف العالم العربي بصورة خاصة عن باقي العالم في الدخول في "الزمن الديمقراطي"، بالرغم من تشكل الظروف الموضوعية الدافعة باتجاه ذلك، من عجز الأنظمة السياسية وفشلها في تأمين الحياة الكريمة وفي الدفاع عن الناس، وفي الإمساك بأي بند من بنود الشرعية سواء التاريخية أو السياسية أو حتى الكارزمية، واستفحال الفساد والفشل التنموي والاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة والفقر والمشكلات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
ما الذي يمنع الشعوب والمجتمعات العربية من تدشين هذه الحركة الواسعة نحو الديمقراطية والتغيير، طالما أنّ الأنظمة ما تزال مستعصية على المبادرة الذاتية للتغيير والإصلاح؟.
هذا سؤال رئيس اليوم في مناقشة أسباب تعثر الإصلاح السياسي العربي، وهنالك بالطبع جملة من العوامل البدهية المعروفة، سواء "العامل الأمني" والخوف من التبعات المكلفة للمشاركة في مثل هذه الحركة، أو العامل الأهم وهو الثقافي النفسي، إذ تستحكم في الإنسان العربي ثقافة موروثة على خصام مع الشأن السياسي، وقيم وأمثال تتناقلها الأجيال تعبّر عن رسوخ الخوف والرعب من السياسة لدى الجميع. الشيخ محمد عبده ورشيد رضا واجها هذه المعضلة "عدم استعداد الأمة والمجتمعات" في اختراع مفهوم "المستبد العادل"، الذي يقود الأمة نحو الشروط الاجتماعية والثقافية التي تؤهلها لحمل المشروع الديمقراطي، لكن أين هو الحكم العادل، وقد ثبت أنه عملة غير موجودة في العالم العربي؟!.
بالطبع، المقارنة بالتجربة الغربية تستحضر الثورة الصناعية والفرنسية والأميركية وبروز الطبقات البرجوازية الصناعية في مواجهة سلطة الإقطاع، ومن ثم ظهور فكرة "العقد الاجتماعي" الافتراضية ومبدأ "السلطة في مواجهة السلطة"، للتأسيس التعاقدي في السلطة وتقييدها، هي حالة لم نمر بها في العالم العربي إلى الآن.
ما نزال، عربياً، في مرحلة ما "قبل العقد الاجتماعي"، بالرغم أنّ هنالك أدبيات في الفكر الإسلامي المعاصر تدفع إلى تغيير المقولات السياسية التي تمجّد السلطة، إلاّ أنّ التيارات الإسلامية الأكثر حضوراً في الساحة الشعبية هي التي لا تؤمن بعمق بالديمقراطية، سواء كانت تلك التيارات مسالمة للسلطة أو ثورية ضدها!. علينا أن نبحث عن إجابة السؤال المهم اليوم عطفاً على حديث الأسواني، وهو: لماذا لا نستحق الديمقراطية؟.
هذا العنوان وإن كان مطروحاً للنقاش منذ عقود بعيدة، إلا أنّه هنا تحديداً المقصود به عنوان كتاب للأديب والكاتب المصري المبدع علاء الأسواني، صدر العام الحالي منه طبعتان، ويشمل مجموعة من مقالاته الجريئة المنشورة في صحف ومجلاّت مصرية.
للتذكير، فإنّ الأسواني منع مؤخّراً من كتابة عموده في صحيفة الشروق المصرية، بقرار أمني، وقد شمل ذلك كل الصحف والمجلاّت التي يكتب بها، وذلك يعود -بالطبع- لسقفه المرتفع وجرأته وصراحته غير المعهودة في الصحافة العربية عموماً في نقد النظام والمطالبة بالديمقراطية، ومن المعروف أنّه كان ينهي مقالاته في الشروق بعبارة دائمة وهي "الديمقراطية هي الحل".
هذه المعلومات مهمة جداً في سياق مناقشة السؤال الذي يطرحه الرجل في إحدى مقالاته "هل نستحق الديمقراطية؟" ويجيب عنه بـ"لا"، فهي لا، ليس المقصود منها هنا تبرير الوضع الآسن الحالي، وتقديمه على أنّه "أفضل الموجود" وأن الناس غير مهيأة بعد للوصول إلى النظام الديمقراطي، إنّما المقصود، حصرياً، بهذا الجواب هو "إلقاء الكرة في ملعب الشعب"، بمعنى أنّ ما يمنع الديمقراطية ليس وجود الحاكم المستبد، إنّما غياب المدافعة الشعبية الواسعة والقوية نحو فرض الحل الديمقراطي على السلطة. هذه "الحلقة المفقودة" تشكّل مفتاحاً أساسياً في فهم الأسباب الكامنة وراء تخلف العالم العربي بصورة خاصة عن باقي العالم في الدخول في "الزمن الديمقراطي"، بالرغم من تشكل الظروف الموضوعية الدافعة باتجاه ذلك، من عجز الأنظمة السياسية وفشلها في تأمين الحياة الكريمة وفي الدفاع عن الناس، وفي الإمساك بأي بند من بنود الشرعية سواء التاريخية أو السياسية أو حتى الكارزمية، واستفحال الفساد والفشل التنموي والاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة والفقر والمشكلات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
ما الذي يمنع الشعوب والمجتمعات العربية من تدشين هذه الحركة الواسعة نحو الديمقراطية والتغيير، طالما أنّ الأنظمة ما تزال مستعصية على المبادرة الذاتية للتغيير والإصلاح؟.
هذا سؤال رئيس اليوم في مناقشة أسباب تعثر الإصلاح السياسي العربي، وهنالك بالطبع جملة من العوامل البدهية المعروفة، سواء "العامل الأمني" والخوف من التبعات المكلفة للمشاركة في مثل هذه الحركة، أو العامل الأهم وهو الثقافي النفسي، إذ تستحكم في الإنسان العربي ثقافة موروثة على خصام مع الشأن السياسي، وقيم وأمثال تتناقلها الأجيال تعبّر عن رسوخ الخوف والرعب من السياسة لدى الجميع. الشيخ محمد عبده ورشيد رضا واجها هذه المعضلة "عدم استعداد الأمة والمجتمعات" في اختراع مفهوم "المستبد العادل"، الذي يقود الأمة نحو الشروط الاجتماعية والثقافية التي تؤهلها لحمل المشروع الديمقراطي، لكن أين هو الحكم العادل، وقد ثبت أنه عملة غير موجودة في العالم العربي؟!.
بالطبع، المقارنة بالتجربة الغربية تستحضر الثورة الصناعية والفرنسية والأميركية وبروز الطبقات البرجوازية الصناعية في مواجهة سلطة الإقطاع، ومن ثم ظهور فكرة "العقد الاجتماعي" الافتراضية ومبدأ "السلطة في مواجهة السلطة"، للتأسيس التعاقدي في السلطة وتقييدها، هي حالة لم نمر بها في العالم العربي إلى الآن.
ما نزال، عربياً، في مرحلة ما "قبل العقد الاجتماعي"، بالرغم أنّ هنالك أدبيات في الفكر الإسلامي المعاصر تدفع إلى تغيير المقولات السياسية التي تمجّد السلطة، إلاّ أنّ التيارات الإسلامية الأكثر حضوراً في الساحة الشعبية هي التي لا تؤمن بعمق بالديمقراطية، سواء كانت تلك التيارات مسالمة للسلطة أو ثورية ضدها!. علينا أن نبحث عن إجابة السؤال المهم اليوم عطفاً على حديث الأسواني، وهو: لماذا لا نستحق الديمقراطية؟.