صفحة 1 من 1

حزب الدولة الذي يشكل خطرا على الدولة (المغرب)

مرسل: الأحد فبراير 27, 2011 12:49 pm
بواسطة محمد العلي 0,1,4
حزب الدولة الذي يشكل خطرا على الدولة (المغرب)

في البدايات الأولى لتشكيل جبهة تحرير الساقية ووادي الذهب أو مايعرف بالبوليساريو كانت من الأصوات تحدر المغرب من تنامي نفوذ الجبهة بالصحراء ولكن المسؤولين لم يأبهوا لهذه التحديرات والنتيجة معروفة . اليوم ربما يتكرر نفس السيناريو ولكن على نحو مختلف فالدولة خلقت حزبا كبيرا أصبح في زمن قياسي أكبر منها وحينما يصبح حزب معين أكبر من الدولة فإن أول ضحاياه سيكون هو الدولة نفسها لأن المنطق يفرض أنه لن يسخر نفسه خادما للأبد لكيان أقل منه قوة ونفوذا . ومن المؤشرات الدالة على أن الوافد الجديد يشكل خطرا على الدولة أسوق الأمثلة التالية على سبيل المثال لا الحصر :
- من الوظائف الأساسية للدولة كما حددها رالف ميليباند Ralef Miliband الوظيفة الأيديولوجية: فالدولة تعمل على دعم الإجماع حول عدد من القيم التى تقبل بالتنظيم الأساسى للمجتمع وتضبط أى انحراف عن هذه القيم ولعل ما يجمع المغاربة هو اجماعهم على الملكية والاسلام لكن تخلي الدولة عن مبد أ الحيادية la neutralité de l etat واصطفافها إلى جانب حزب دون آ’خريشكل خطرا على الدولة نفسها وسيعيد المغرب إلى زمن المشروعيات التنازعية خصوصا مايتعلق بالملكية لأن إصرار حزب معين على الادعاء والتعامل على أنه يخدم مشروع الملك يوحي بأن الأحزاب الأخرى لا تخدم هذا المشروع أو هي ضده وهو كلام خطير وغير مسؤول الغرض منه جعل الملكية لاعبا عاديا إما يضطر للرد والنفي أو السكوت وبالتالي تأكيد الكلام وفي الحالتين معا ستنهار صفة الحكم التي تشكل جوهر الملكية والدولة كما أسلفنا.
- -لقد اعتدى حزب الأصالة والمعاصرة على وظيفة الدولة في تدبير الشأن الخارجي وهي وظيفة تعني أن تقوم الدولة فى مواجهة المجتمعات الأخرى، حيث تسترشد بما تعتبره مصلحة قومية فى علاقاتها بالدول الأخرى وهنا يتذكر الكل أحداث المسماة مينتو حيدرا حينما خاطب الهمة اسبانيا من مدينة الداخلة قائلا : إما تساندوا المغرب في قضية الصحراء أو أننا سنوقف تعاوننا في قضايا الهجرة السرية والإرهاب والمخدرات ، خطاب وصفناه حينها – مقال السلوك الدبلوماسي المراهق – ونعاود وصفه بنفس النعت لأنه تصريح على قدر كبير من الخطورة ليس أقلها الإساءة لسمعة المغرب والإعلان أنه لايملك من عوامل القوة إلا الهجرة السرية والمخدرات والإرهاب وكأن المغرب يلعب الأوراق المذكورة بإرادته .
كما اعتدى الحزب على وظيفة حماية الأمن والنظام أو ما يمكن تسميته بالضبط الاجتماعي، هي وظيفة الدولة وتتجلى في حماية النظام الاجتماعي .وهو ماحاول حزب الأصالة والمعاصرة القيام به .
في أحداث العيون الأخيرة والتي أكدت النتائج الأولية والأخبار الواردة من هناك مسؤولية مباشرة للأصالة والمعاصرة ليس فقط من خلال أخطاء الوالي جلموس المحسوب على هذا الحزب ولكن أيضا من خلال تحركات مشبوهة للمدعو العمري بالعيون إبان وجود مخيم اكديم ازيك . وهو ما يدل على أن الحزب في سبيل صراعات حزبية ضيقة مع حزب الاستقلال مستعد للتضحية بأمن الدولة واستقرارها واللعب في ورقة حساسة جدا. وكلنا يعلم أن من أدوار الدولة الأساسية التي لايمكن أن تتخلى عنها لفائدة أي فاعل آخر – هي وظيفة الأمن والنظام .
في كل الأحوال على الدولة أن تتمتع بدرجة عالية من الاستقلال النسبى تحتمها حقيقة تعدد الطبقات المتنافسة من أجل السيطرة على المجتمع، وتعدد الطبقات الخاضعة أيضاً، . ويعطى هذا الوضع للدولة إمكانية القيام بدور في التوفيق بين المصالح المتضاربة بما لا يخرج عن حماية المصالح الأسـاسية للطبقات الحاكمة ويبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة قد تمكن في مناسبتين من زعزعة هذا الوظيفة الأولى حينما حاصر العدالة والتنمية بدعم من السلطة والثانية حينما حاول فعل ذات الشيء مع حزب الاستقلال في فاس والعيون ولعل أخطر ما في الأمر هو حينما تسرب عن بعض الوسائل الإعلامية أن الملك تدخل لرأب الصدع بين الحزبين وهو تدخل إن صح ورغم نبله فإنه سيكون مؤثرا على مبدأ تعالي المؤسسة الملكية والدولة على الصراع السياسي ولعل ما حصل بالتايلاند من صراع بين أصحاب القمصان الحمر والقمصان الصفراء وتدخل الملك حينها وما ترتب عنه من تراجع الإجماع حول الملكية هناك خير مثال نستدل به على خطورة هذه الأفعال ومنها نستدل أيضا على أن حزب الأصالة والمعاصرة حزب الدولة الذي يشكل خطرا على الدولة.
د:حريش الحسين