منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
By أنس فاروقي 1
#33242
مطوية الثائرون من أجل الكرامة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه... وبعد،


الثائرون من أجل الكرامة...!!!

أيها المسلمون:

منذ أواخر العام 2010 ميلادي... هناك: حدث... بل أحداث... شغلت وسائل الإعلام المسموعة... والمرئية... والمكتوبة... لا بل- نها أحداث- تفوق في قوتها الزلازل.... والأعاصير... والبراكين...
إذ أنها تعيد صياغة العالم بأسره على نحو جديد... وغير مألوف... إنهـا الثورات التي تفجرت في المنطقة العربية... (ولا زالــت متفجرة...)..

وهي أشبه ما تكون بفيضان هادر يجرف معه الأنظمة... والطغاة... والحكام... والمستبدين... وتعيد تشكيل التوازنات.... والرؤى الاجتماعية... والسياسية ...والاقتصادية... والمحلية... والإقليمية... والدولية... وغيرها...


* * *

لقد سقط النظام المستبد... وكذلك الحاكم الظالم في تونس: زين العابدين بن علي...

وتبعه وبشكل مريع سقوط الطاغية: حسني مبارك.... فرعون هذا العصر...

وكذلك القائد المخلوع: معمر القذافي... ومعه لجانه المرتزقة في ليبيا...

ولازال القطار الثائر يهدر بقوة... وعنفوان... يضرب أسس الظلم... والقهر... والحرمان... والفساد... والطغيان...!!

إنها الشرارة التي انطلقت من جسد (محمد البوعزيزي)... لتشعل المنطقة: ثورات... وانتفاضات... وشعارات...

ما كان أحد يتصور أنها ستنطلق بهذا الشكل المذهل...!!، والكبير...!!، لقد انكسر (بحمد الله جل جلاله) حاجز الخوف من الأنظمة الظالمة... وصارت مشاهد القتلى... والجـرحى... والدماء...والمظاهرات... المسيرات....معتادة أكثر من اعتيادنا لمشاهد الاستقبالات...!، والتوديعات...!!، والمؤتمرات...!!، والتصريحات...!!، وأكثر اعتياداً من قرارات:
شجب... واستنكار... واستهجان... أعمال الكيان الصهيوني الظالم.

إن الصهاينة -الآن- يرتجفون... وكذلك الطغاة في المنطقة وغيرها، يضعون أيديهم على قلوبهم... وكل شيء يعاد... ويرتب... ويحسب حسابا جديدا... ويرى روية مغايرة... ولكننا نتساءل -كمسلمين- ما الذي أدى إلى انفجار البركان العربي بهذا الشكل الهائل...!!؟؟؟

ببساطة إنه الظلم... والامتهان... والفساد المتراكم عبر العقود الطويلة السوداء... فالمستبدون يملهم الكرسي... وهم لا يملون... لأن لديهم شهوة: الاستعلاء... والتسلط... والكبرياء... وشرب الدماء...

ولو قيل -لأي طاغية منهم- خذ ما شئت من مال... وقصور... وسيارات... وطيارات... وأرصدة... واختر ما تشاء من: الخدم... والحشم... وبأي عدد تشاء.... وتزوج من أجمل الجميلات... واعتزل الحكم في جزيرة بعيدة عن ضوضاء الحياة... وصخب السياسة... والمشاكل... سوف يرفض (كما رفض كل الطغاة الذين خلعوا في: تونس... ومصر... وليبيا... وغيرها)، لأن في نفسه: شهوة استعباد العباد... وأن تدين له الرقاب... وهذا لا يتاح له في تلك الجزيرة النائية... الجميلة... الهادئة...

والمسلم الحق: يكره الإمارة والسلطة... لأنها مسؤولية ثقيلة همها كبير... وحسابها شديد... فإن أحسن فيها الإمام كان أول المظللين... بظل عرش الله تبارك وتعالى... يوم لا ظل إلا ظله... وأن هو أساء... كان من أشد الناس عذابا يوم القيامة.

أحكام... وفوائد... ودروس... وعبر... من الثورة التونسية:

أولا: الظلم ... والظلام ... مهما – طال وقته، وامتد أجله- لابد إلا أن يزول... ولابد من انبلاج صباح العدل ... والإنصاف... قال تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظلموا» [مسلم]... وقال عز وجل: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ} [النساء: 58].

ثانيا: ردد كثيراً بعض: الكتاب... والمؤيدون... والمحتجون.... أبياتا للشاعر -أبي القاسم الشابي- التونسي:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة *** فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي *** ولابد للقيد أن ينكسر

والبيت الأول فيه: مخالفة شرعية في عبارة: "فلابد أن أن يستجيب القدر"!؛ فالقدر وهو تقدير الله سبحانه وتعالى لأمر من الأمور... أسبق من المقدور... الذي يجريه الله عز وجل على أيدي عباده... كما أن القدر تابع لأمر الله سبحانه وتعالى وعلمه... وليس تابعاً لإرادة البشر... ورغباتهم...

والصحيح أن يقال في هذه العبارة:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة *** فلابد من توافق القدر

والله تعالى أعلم.

ثالثا: ما قام به (محمد البوعزيزي)...

يعتبر: أمراً محرماً (ولو كان تعبيرا عن رفض الظلم والقهر) وهو: (انتحار) بحسب التعريف الشرعي... قال صلى الله عليه وسلم: «من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا» [البخاري].

ولو أدى هذا المحرم إلى خير: ديني... أو دنيوي... فإن هذا لا يجعل (الانتحار) مباحاً...!!

والانتحار عادة غريبة... وغير مألوفة على المسلمين... المؤمنين... الذين يؤمنون بأن الله عز وجل على كل شيء قدير... ولا ييأسون من روح الله سبحانه وتعالى...

وإنما تنتشر هذه العادات (القبيحة) بين الكافرين.. الذين لا يؤمنون بيوم الحساب...!!


***

وقد تناقلت وسائل الإعلام ... أخباراً متعددة ... عن أشخاص كرروا ما فعله ( البوعزيزي) ... وبدأ كثير من المسلمين ... بسبب كثرة تكرار أخبار تلك الانتحارات ... وتداولها... يتقبلون هذا الأمر على نحو ما ... وهذا الأمر- خطير جداً – فلننتبه ... ولنحذر.

نصيحة وتنبيه... إلى إخواننا المسلمين: في تونس... ومصر... وفي كل العالم:

أيها الأحبة: إن الطريق للقضاء على: الفقر المدقع... والظلم... والاستبداد... والقهر... إنما يكون بتحكيم شرع الله عز وجل... المتمثل في: الكتاب والسنة.... فليس الحل في تغيير: الأشخاص... والوجوه... أو استبدال نظام أرضي... بنظام أرضي آخر... فالديمقراطية التي ينادي بها كثير من:
المحتجين، والثائرين، والغاضبين، ويتعلقون بها.. لا تشكل البديل الصالح الذي يحقق: العدل.... والإنصاف... والأمن والأمان... وتوزيع الثروة بشكل عادل وسليم... حالها كحال كل الأنظمة الأرضية الأخرى (التي جربناها) من: قومية... ورأسمالية... وشيوعية... وبعثية.... وليبرالية... وعلمانية... وغيرها...

فالطريق: الصحيح... والسليم... للوصول إلى الغايات المنشودة... والآزال المعقودة... إنما هو بتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى.... وإقرار عقيدة التوحيد الخالصة لله عز وجل؛ ولذلك فقد وجه الله سبحانه وتعالى، نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إلى هذا الطريق (طريق التوحيد)..... ففرغ جل همه صلى الله عليه وسلم وأطول وقته... وأمضى ثلاثة عشرة عاماً (وهي الفترة المكية)... من أصل 23 قضاها صلى الله عليه وسلم في البعثة لـ: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)...

وبما أننا نعتقد -اعتقاداً جازماً- بأن أمرا الله عز وجل:
أصوب... وأسدُّ... وأهدى... وأحكم الأوامر...

وقد أمر الله سبحانه وتعالى، نبيه صلى الله عليه وسلم، بهذا الطريق... أي طريق:
(التوحيد والعقيدة)...

عرفنا أن كل طريق يخالفه... طريق: ضالٌ... وخاطئ... ولا يمكن... أن يوصل الإنسان -ولاسيما المسلم- إلى السعادة والخير...

كما أنه -لا يمكن- أن يقضي... على ما يعاني المسلم منه من:
الظلم... والقهر... والاستبداد... والفقر.... والحرمان... وإلا فالناس يدعون إلى: سراب... ووهم... لن يجنوا منه إلا مزيداً من: الشقاء... والذل... والتعاسة... والهوان...

ألا هل بلغت... اللهم فاشهد،

نسأل الله عز وجل أن يهدينا -والمسلمين جميعاً- سواء السبيل ... إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وجزاكم الله خيراً... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مركز وذكر