منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص بالطلاب و اسهاماتهم الدراسية

المشرف: صفيه باوزير

By أحمد فهد الشلهوب 245ساس
#3870
تحليل إدارة الصراع الدولي ((دراسة مسحية للأدبيات المعاصرة))
تمثل ظاهرة الصراع واحد من أبرز ظواهر عالم السياسة الدولية وبالتالي فقد ظلت دوما
تستقطب اهتمام المعنيين بدراسة العلاقات الدولية وتحتل مكانا مرموقا في مؤلفاتهم ,بل راحوا
يفردون لها عشرات من الدراسات البحثية بغية استجلاء طبيعتها والإحاطة بشي جوانبها وتداعياتها .

ففي رحاب أجواء دولية مفعمة بالتوتر بين القطبين الأمريكي والسوفيتي وفي ظل امتلاك العديد
من القوى الكبرى أسلحة الدمار الشامل. تنامت المخاوف من انفجار الصراعات الدولية وبالتالي
تزايدت الحاجة كما يقول Brown_ إلى إيجاد الوسائل الكفيلة للسيطرة على هذه الصراعات
ومنع انفجارها , ولأنه كان من شأنه مثل هذا أن يأتي بعواقب عظيمه الخطر في ظل أجواء دولية كهذا
. وإجمالاً يمكن القول إن مفهوم إدارة الصراع الدولي ظهر كحقل معرفي جديد في ظل أجواء الحرب الباردة, وتحديدا خلال سنوات النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي. إذ ظهرت في عام 1957 أول دورية علمية متخصصة في مجال إدارة الصراع الدولي, ألا وهي مجلة "حل الصراع"

0أبرز خصائص البيئة الصراعية في عالم ما بعد الحرب العالمية الباردة وهي البيئة التي أسهمت
في ظهور أنماط صراعية جديدة :-
1) الأحادية القطبية
2) التراجع الكبير لظاهرة الصراع الأيديولوجي وبرز الاهتمام بفكرة جديدة من شاكلة صدام
الحضارات
3) تراجع مبدأي السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتغير النظرة إلى المبدأين اللذان
حكما العلاقات الدولية لقرون عديدة تمتد منذ معاهدة وستفاليا 1648
4) التنامي الملحوظ لأدوار لاعبين دوليين جدد
5) ظهور قوى نووية جديدة مثل الهند وباكستان

0ولقد كان هناك اختلاف بين الباحثين اصطلاحا حول مفهوم إدارة الصراع الدولي لذلك
سنتطرق لجزأين في دراستنا حول محل الاختلاف :-

أولا: مفهوم إدارة الصراع الدولي في الأدبيات المعاصرة
لعل مرد عدم الاتفاق حول المفهوم هو اختلاف الباحثين حول مفهوم الصراع الدولي ذاته
ذلك بأن الصراع الدولي كما يقول إسماعيل صبري مقلد بأنها ظاهرة متناهية التعقيد إذ تتعدد أبعادها
وتتداخل مسبباتها ومصادرها وتتشابك تفاعلاتها وتأثيرها المباشر وغير المباشر ومتفاوتة
من حيث المد والكثافة والعنف .

0ويقول Mitchell
لفظة الصراع تتداخل من حيث مدلولها مع المنافسة والتوتر والعداء الكفاح والتنافر والخصومة
والانقسام والنزاع .

0ويضاف إلى التعقيدات التي تجابه تحديد مفهوم الصراع الدولي أن أطرافه اللاعبين
الدوليين لاسيما في ظل مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة قد تزايد عددهم وتنوعت أنماطهم
حيث يرى Nyeأنه ثمة لاعبين دوليين جدد إلى جانب الدول أضحوا يلعبون دورا مهم في البيئة الدولية .

0بصدد تحديد مفهوم إدارة الصراع الدولي وعلى الجملة فإنه يتعين أن نميز بين اتجاهين رئيسيين
بصدد تعريف المفهومين :-

0الاتجاه الأول : ينظر إلى الصراع الدولي باعتباره ظاهرة طبيعية وأن الدول في صراع دائم
مع العالم الخارجي من اجل القوة وتحقيق أهدافها بوسيلتين رئيسيتين إما الدبلوماسية أو الحرب .
0الاتجاه الثاني : يعكس الاتجاه الأكثر شيوعا في دراسة ظاهرة الصراع الدولي
ويرى بأن الصراع الدولي إنما هو حاله مرضية .

0 وسائل ضبط الصراع ما يلي :-
1) وسائل سلمية قد تكون سياسية وقد تكون قانونية
2) إجراءات الكراهية
3) استخدام القوة وهذا يعني الحرب

0ويقول Mitchellأنه ثمة أربع استراتجيات يشملها هذا المفهوم :-
1) إستراتجية تجنب الصراع
2)إستراتجية منع الصراع
3)إستراتجية تثبيت الصراع
4)إستراتجية حل الصراع

0وتعتبر إستراتجية حل الصراع هي الرئيسية في إدارة الصراع الدولي
0 ويقدم burton نظرية لحل الصراع من خلال إزالة المشاكل المسببة له وتتمثل إجراءاتها فيما يلي:-
1) التعرف على أطراف الصراع ومرماه
2) الدعوة إلى طاولة المفاوضات
3) إيجاد اتفاق حول ماهية المشكلات المسببة للصراع والاعتراف بالأخطاء
4) الاختيار بين بدائل الحلول الممكنة للمشكلة

0أهدف عملية الصراع الدولي :-
1) منع انفجار صراع مدمر
2) تيسير الانتقال بالصراع القائم فعلا من التراشق بالسلاح إلى التراشق بالكلمات
3) التمكين للتحول بعلاقات الأطراف المتصارعة من الصراع إلى السلام

0أهم الاستراتيجيات التي تنطوي عليها عملية إدارة الصراع الدولي :-
1) إستراتجية منع الصراع
2) إستراتجية صنع السلام
3) إستراتجية حفظ السلام
4) بناء السلام

0ثانيا : الاتجاهات المعاصرة في دراسة أساليب إدارة الصراع الدولي
الوسائل التي حظيت باهتمام الباحثين المعاصرين هي :-
1) الوسائل الدبلوماسية وتشمل التفاوض والمساومة والوساطة
2) العقوبات الاقتصادية
3) التهديد باستخدام القوة والاستخدام الفعلي لها


وفي ما يلي محاولة لتقديم تصنيف للاتجاهات المعاصرة في دراسة إدارة الصراع الدولي استنادا
إلى أساليب إدارة الصراع الدولي التي تركز عليها .

1) (( الاتجاهات التي تركز على الوسائل الدبلوماسية في إدارة الصراع )) :-
يلاحظ أن الوسائل الدبلوماسية في إدارة الصراع الدولي قد استأثرت بالجانب الأكبر من
اهتمام الباحثين المعاصرين, وأن التفاوض هو أفضل الطرق لتطويق الصراع. والوصول إلى
الترتيبات والأوضاع الدولية المرغوبة.ويدللان على ذلك بنجاح المفاوضين الأمريكيين في
حشد التحالف في مواجهة العراق غداة غزو الكويت في أغسطس 1990, وكذا نجاح الدبلوماسية الأمريكية
خلال عهدي بوش الأب وكلينتون في احتواء الموقف الكوري الشمالي

0 ويعرفfoster التفاوض بأنه العملية التي من خلالها تنحو التوجيهات والأفكار والآراء
المتعارضة لأطراف الصراع إلى التغيير في اتجاه التقارب بما يهيئ لزيادة احتمالات الوصول
إلى نتائج ترضي جميع الأطراف ويضيفون إلى أن المساومة لا تستند فقط إلى التفاوض,
وإنما كذالك إلى التلويح باستخدام القوة لتدعيم موقف المفاوض في الوصول إلى أهدافه من عملية التفاوض .

0ويقدم powell نظرية يؤكد من خلالها تعاظم دور المساومة في إدارة الصراع الدولي
وهي النظرية التي أطلق عليها اسم نظرية المساومة ويرى أن المساومة تعني اقتسام المكاسب الناشئة
عن التحرك الجماعي لأطراف الصراع .

0ويرى إسماعيل صبري مقلد أن المساومة قد تكون تصالحيه وقد تكون إكراهية,
فأما المساومات التصالحية فهي التي تستند إلى قاعدة الأخذ والعطاء بين أطرافها ووعيهم
بالمزايا المشتركة التي بإمكانهم تحقيقها لأنفسهم إذا توصلوا إلى اتفاق فيما بينهم ,
وأما المساومات الإكراهية فهي تلك التي تجري في مناخ من التهديد, والإرهاب والتخويف , وعروض القوة والابتزاز تمارسه أطراف قوية على ضعيفة بغيت إملاء شروط مجحفة عليها, وهذه المساومة
تنحو إلى التركيز على دائرة المصالح المتنازع عليها .

0(( الدبلوماسية الوقائية )) :-
يقول السيد أيمن شلبي أن الدبلوماسية الوقائية هي أكثر الأساليب الدبلوماسية فعالية,كما إن الحاجة
إليها أصبح أكثر إلحاحا, حيث أنها تستهدف تخفيض التوتر قبل أن يترتب عليه صراع فعلي .

0ويقول george عن الدبلوماسية الوقائية في ظل مابعد الحرب الباردة من تحديات
وما ظهر من خلالها من أنماط جديدة للصراع الدولي وتزايد عدد الصراعات الداخلية
أصبح من غير الممكن التعامل مع كل هذه الصراعات بقواعد مرحلة الحرب الباردة,
وبالتالي بات من المتعين على صانعي القرار والباحثين على حد سواء- العمل على تطوير معرفه جديدة,
واستحداث طرق للتعامل كل مع هذه الصراعات قبل أن تنفجر وتتحول إلى صراعات مسلحة واسعة النطاق .

0ويرى George أنه يجب التعامل مع مشكلة البرنامج النووي الكوري الشمالي كصراع كامن من خلال الدبلوماسية الوقائية .

(( وساطة الطرف الثالث وإدارة الصراع الدولي ))
تعرف الوساطة : بأنها عملية يقوم من خلالها طرف ثالث محايد)يعرف بالوسيط) بالتعامل مع أطراف
صراع ما, ومساعدتهم على إيجاد حل لصراعاتهم. والطرف الثالث قد يكون دولة , أو مجموعة من الدول,
أو منظمة دولية أو إقليمية ,أو منظمة غير حكومية, أو حتى فرد أو مجموعة ما من الأفراد .

0ويعرف TERRIS و MAOZ الوساطة بأنها مجموعة من الإجراءات يتخذها طرف دولي ما
إزاء صراع على المصالح بين طرفين آخرين بقصد إدارة أو حل الصراع بالوسائل السلمية,
وقد انتهى الباحثان من خلال ورقتهما البحثية عن الوساطة الرشيدة إلى أن احتمال
نجاح الوساطة يتوقف على عدة عوامل أهمها :-
1) هوية الطرف الثالث القائمة بالوساطة
2) ألاستراتيجيه التي يتبعها في هذا الصدد
3) طبيعة الرابطة أو العلاقة التي تربط الطرف الثالث وطرفي الصراع
4) تاريخ عمليات الوساطة السابقة في هذا الصراع
5) مدى رغبة أطراف الصراع في نجاح الواسطة

0ويقول KLEIDOER إن الوساطة هي أسلوب من أساليب إدارة الصراع الدولي يقنع بمقتضاه
طرف ثالث اثنين أو أكثر من الأطراف المتصارعة بإيجاد حل للصراع يحول دون اللجوء إلى استخدام القوة.
وهو يرى أن نجاح الوساطة وفعاليتها في إدارة صراع ما إنما يتوقفان على خصائص تتعلق
بطبيعة الصراع وهي :-
1) مدى تجذر الصراع
2) مدى التوتر الذي ينطوي عليه الصراع
3) طبيعة وأهمية الأهداف أو القضايا التي يدور حولها الصراع

0كما يتوقف نجاح وفعالية الوساطة أيضا على عدة خصائص تتعلق بأطراف الصراع وهي :-
1 ) هوية أطراف الصراع الحقيقيين
2) مدى انغماسهم بالصراع
3) طبيعة النظم السياسية لهذه الأطراف
4) دوافع أطراف الصراع لقبول الوساطة
5) طبيعة العلاقات السابقة بين هذه الأطراف
6) توازن القوى فيما بين أطراف الصراع

0ويضيف kleiboer أن نجاح الوساطة يتوقفان بالإضافة إلى ما تقدم على عدة
خصائص أهمها :-
1)مدى ارتباط الأطراف الثالثة بأطراف الصراع وموضوعه أو حيادهم إزاء كل هذا
2)قدرة الأطراف الثالثة على الضغط على أطراف الصراع لقبول التسوية
3)طبيعة الطرف القائم بالوساطة

0ويقدم ROTHMAN إستراتيجية لإدارة الصراع العرقي (من خلال أسلوب تدخل طرف ثالث) يحدد من خلالها ثلاث مراحل يجب أن يلتزمها الطرف الثالث حتى تأتي وساطته فعالة
وتتمثل هذه المراحل في:-

أ ) تشجيع أطراف الصراع على وضع حد زمني لإنهاء الأعمال العدائية
ب) إيجاد أرضية مشتركة وتصور مبدئي بين أطراف الصراع لشتى الجوانب والقضايا المتعلقة
به
ج) دخول الأطراف في عملية مساومة بغية التواصل إلى حل نهائي للصراع

2) العقوبات الاقتصادية وإدارة الصراع الدولي في الأدبيات المعاصرة :-
تعني العقوبات الاقتصادية –كما يقول Naylorمجموعة من الإجراءات العقابية ذات الطابع
الاقتصادي يتخذها طرف دولي ما(منظمة دولية أو دولة) في مواجهة طرف دولي آخر،
وتتمثل أهم هذه الإجراءات بالحصار والحظر وهي تستخدم عادة بغية تحقيق أهداف سياسية
لطرف المستخدم لها تنصب- في معظم الأحيان_على تغيير التوجهات السياسية للطرف الخاضع
للعقوبات, بما يتماشى مع رغبة ومصلحة الطرف المستخدم لها .

0 يرى Nicholson أن العقوبات الاقتصادية لا غنى عنها كأسلوب لإدارة الصراع الدولي
غير أن فاعليتها قد لا تظهر في بعض المواقف الدولية نظرا لعدة أسباب :-

1)عدم التزام بعض القوى الاقتصادية الكبرى(سواء في السر أو في العلن) بتطبيق العقوبات
2) أن اقتصاديات الدول التي تتعرض للعقوبات قد تكون من المرونة بحيث تستوعب بصورة
أو بأخرى الآثار السلبية الناجمة عن تلك العقوبات
3) أن وطأة العقوبات الاقتصادية تقع في الغالب على الشعوب دون الحكومات وبالتالي لا تتأثر بها القيادات السياسية لا سيما في النظم الاستبدادية التي لا تهتم كثيرا بالصعوبات التي تواجه شعوبها

0يقول Garfield إن العقوبات الاقتصادية كأداة للضغط الدولي إنما تقع بين الدبلوماسية والقوة المسلحة

0أما الاتجاه الثاني فيرى أصحابه أن العقوبات الاقتصادية هي أداة غير فعالة في إدارة الصراع الدولي,
كما أن لها آثار سلبية خطيرة على المواطنين العاديين(من دون الحكومات) في الدول المعرضة لها,
ذلك إلى جانب أنها قد تضر بمصالح دول أخرى لها علاقات اقتصادية مهمة هذه الدول .

0أما الاتجاه الثالث فيؤكد أصحابه أن العقوبات الاقتصادية هي أداة لا غنى عنها في إدارة الصراع الدولي
ولكن بشرط أن يراعى في تصميمها واستخدامها أن تحقق الأهداف السياسية المتوخاه من ورائه
ا من دون الإضرار بالمدنيين, وكذا بمصالح الدول الأخرى التي تربطها بالدولة الخاضعة للعقوبات
علاقات اقتصادية مهمة .

3) القوة وإدارة الصراع الدولي في الأدبيات المعاصرة
يقع استخدام القوة في إدارة الصراع الدولي على وجهين :-

الوجه الأول : التهديد باستخدامها القوى وهذا يمثل عملا من أعمال الدبلوماسية وتكون القوة هنا
داعما للموقف التفاوضي للطرف المهدد باستخدامها .

الوجه الثاني : الاستخدام الفعلي للقوة المسلحة من خلال الانغماس العسكري لمباشر في الصراع
الاستخدام السلمي ويعني التلويح باستخدام القوة لإجبار الخصوم على الامتثال لإرادة الدولة
المهددة إن التهديد باستخدام القوى يمثل الخطوة الثانية للعمل الدبلوماسي في حين أن الاستخدام الفعلي
للقوة فإنه يعد الملاذ الأخير في حال فشل كل الأساليب الأخرى

0 الخاتمة
ينطوي هذا البحث المسحي على استعراض لأظهر الاتجاهات المعاصرة في إدارة الصراع الدولي
وقد عالجنا هذا الموضوع على مرحلتين أولا للرؤى المختلفة لمفهوم إدارة الصراع الدولي في
الأدبيات المعاصرة ثانيا تعريفا بأهم الاتجاهات المعاصرة في دراسة إدارة الصراع الدولي
مصنفة حسب أسلوب إدارة الصراع الذي يركز عليه كل منها .