ليخرس نينياهو
مرسل: الأربعاء مارس 09, 2011 8:54 am
د. عبد الستار قاسم
يتردد في وسائل الإعلام أن نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، سيتقدم بمبادرة جديدة لضخ الحياة في المسيرة التفاوضية مع بعض الفلسطينيين المستمرة على مدى عقدين من الزمن، وذلك تفاديا للآثار المترتبة على التطورات المتسارعة على الساحة العربية. ويبدو أن الأوروبيين يضغطون بقوة على الحكومة الصهيونية لكي تقدم شيئا للسلطة الفلسطينية يبرر لها الاستمرار في الالتزام بمتطلبات اتفاقية أوسلو وما بني عليها من اتفاقيات. يرى الأوروبيون أن السلطة الفلسطينية تعيش وضعا معنويا بائسا بسبب إخفاقها في إحراز أي مكسب يتعلق بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وتجد صعوبة كبيرة في الاستمرار بترويج بضاعة فاسدة للشعب الفلسطيني ولجماهير الأمة العربية. وبالتالي هم يدفعون بنتنياهو لتقديم شيء مهما كان يسيرا للسلطة الفلسطينية عسى في ذلك ما يساعد في استمرار التفاوض.
يدرك الأوروبيون أن عجلة التاريخ قد بدأت تدور في الوطن العربي، وأن دورانها ليس كما يشتهي أهل الغرب و"إسرائيل". وهم يدركون أن ما كان يمكن العبث به في الساحة العربية على مدى السنوات الطويلة، لم يعد ممكنا الآن لأن إرادة الأمة تنبثق تدريجيا وبصورة متسارعة نحو نفض الماضي المذل لصالح استقلال وطني حقيقي. لقد رأى الأوروبيون عجز "إسرائيل" في السنوات السابقة عن تحقيق انتصارات عسكرية ضد حزب الله وحماس والمقاومة الفلسطينية في غزة، لكن أملهم في تجاوز الحقائق الموضوعية بقي قائما بسبب الغطاء العربي للانهزام والتخاذل؛ أما الآن فيبدو أن آمالهم أخذت تنحسر أمام إرادة شعبية واسعة النطاق وليست محصورة في تنظيمات.
أما الكيان الصهيوني فبقي يعيش تحت هاجس حزب الله منذ عام 2000، على أقرب تقدير. لقد فشل الكيان في إنجاز أي اتفاق مع لبنان واندحر من الجنوب اللبناني يجر أذيال الخيبة والهزيمة، ولحقت به هزيمة نكراء عام 2006 بعدما ظن وأمريكيوه أن الطريق ممهدة نحو شرق أوسط جديد مفصل وفق إرادتهم. وكانت الأمور أكثر قسوة للكيان عندما فشل في تحقيق أي إنجاز في حربه على قطاع غزة. لم تكن "إسرائيل" مكترثة بالمفاوضات مع بعض الفلسطينيين بقدر ما كانت تعيش هاجس الانقلاب في الميزان العسكري الاستراتيجي في المنطقة. لقد أدركت تماما أن عصر انتصاراتها قد ولى نهائيا، وأن عصر الهزائم قد بدأ.
المراقب لوجه نتنياهو الآن يرى البؤس قد ارتسم عليه، ويرى فيه الحيرة والعبوس. كلمات الغطرسة والعلو تكاد تختفي من قاموسه، ولهجة اللين بدأت تراود أوتار صوته. لقد انتقل من مأساة الانقلاب العسكري الاستراتيجي في المنطقة إلى الانقلاب الشعبي الذي يؤذن بمعادلات اقتصادية وسياسية واجتماعية جديدة في المنطقة العربية الإسلامية. لم يكن لحزب الله أنصار من الأنظمة العربية، ولم يكن كذلك لحماس، وبقيت آمال "إسرائيل" وأهل الغرب بأن الحركتين ستهزمان من الداخلين اللبناني والفلسطيني بمساعدة الأنظمة العربية، لكن الآمال الآن تتهاوى مع تهاوي الأنظمة العربية بخاصة النظام المصري الذي كان الحارس الأمين على المصالح الأمنية الاستراتيجية لكل من "إسرائيل" وأمريكا. ومع تراجع هذه الآمال، كان على نتنياهو أن يلطم حظه مع الأنظمة العربية، ويتنازل قليلا عن غلوائه وصلفه وغروره ويتحدث عن مبادرات جديدة للتسوية مع فلسطينييه.
سبق السيف العذل يا سيد نتنياهو. شعب فلسطين لم يكن يقبل التنازلات منذ أن قرر بعض الفلسطينيين الاعتراف بكيانكم، ولم يكن لديه الاستعداد للتنازل عن حقوقه الوطنية الثابتة. فإذا بقي الشعب متمسكا ومصرا وهو في حالة ضعف، فكيف به وهو يرى عجلة التاريخ في المنطقة تغير مسارها؟ لا تتعب نفسك بمبادرات لأن هؤلاء الذين تبادر لهم لا يمثلون شعب فلسطين، وهم ليسوا إلا مجرد نتوء لأنظمة عربية متهاوية. وإذا كنت تبكي أصحابك من أنظمة العرب، فخصص بضع دمعات لمن التحق بهم من الفلسطينيين.
أنت تريد الاستمرار ببناء المستوطنات؟ افعل. لكن أوكد لك أننا سنهزمك، وسنقتلعك، وسنطاردك حيثما ذهبت وحيثما وليت وجهك. تمتع الآن قليلا بنهب أرض فلسطين وببناء البيوت، لكنك ستطرد منها كفأر مذعور لا يجد جحرا يختبئ فيه. وأنت تعلم يقينا أن ما أقوله الآن ليس كلاما عربيا تقليديا بلا رصيد، وإنما كلام عربي تحرسه بندقية المقاومة العربية ودماء الشهداء التي تسيل في شوارع المدن العربية. فاخرس، واجعل من ذلك اللسان الطويل قصيرا.
يتردد في وسائل الإعلام أن نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، سيتقدم بمبادرة جديدة لضخ الحياة في المسيرة التفاوضية مع بعض الفلسطينيين المستمرة على مدى عقدين من الزمن، وذلك تفاديا للآثار المترتبة على التطورات المتسارعة على الساحة العربية. ويبدو أن الأوروبيين يضغطون بقوة على الحكومة الصهيونية لكي تقدم شيئا للسلطة الفلسطينية يبرر لها الاستمرار في الالتزام بمتطلبات اتفاقية أوسلو وما بني عليها من اتفاقيات. يرى الأوروبيون أن السلطة الفلسطينية تعيش وضعا معنويا بائسا بسبب إخفاقها في إحراز أي مكسب يتعلق بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وتجد صعوبة كبيرة في الاستمرار بترويج بضاعة فاسدة للشعب الفلسطيني ولجماهير الأمة العربية. وبالتالي هم يدفعون بنتنياهو لتقديم شيء مهما كان يسيرا للسلطة الفلسطينية عسى في ذلك ما يساعد في استمرار التفاوض.
يدرك الأوروبيون أن عجلة التاريخ قد بدأت تدور في الوطن العربي، وأن دورانها ليس كما يشتهي أهل الغرب و"إسرائيل". وهم يدركون أن ما كان يمكن العبث به في الساحة العربية على مدى السنوات الطويلة، لم يعد ممكنا الآن لأن إرادة الأمة تنبثق تدريجيا وبصورة متسارعة نحو نفض الماضي المذل لصالح استقلال وطني حقيقي. لقد رأى الأوروبيون عجز "إسرائيل" في السنوات السابقة عن تحقيق انتصارات عسكرية ضد حزب الله وحماس والمقاومة الفلسطينية في غزة، لكن أملهم في تجاوز الحقائق الموضوعية بقي قائما بسبب الغطاء العربي للانهزام والتخاذل؛ أما الآن فيبدو أن آمالهم أخذت تنحسر أمام إرادة شعبية واسعة النطاق وليست محصورة في تنظيمات.
أما الكيان الصهيوني فبقي يعيش تحت هاجس حزب الله منذ عام 2000، على أقرب تقدير. لقد فشل الكيان في إنجاز أي اتفاق مع لبنان واندحر من الجنوب اللبناني يجر أذيال الخيبة والهزيمة، ولحقت به هزيمة نكراء عام 2006 بعدما ظن وأمريكيوه أن الطريق ممهدة نحو شرق أوسط جديد مفصل وفق إرادتهم. وكانت الأمور أكثر قسوة للكيان عندما فشل في تحقيق أي إنجاز في حربه على قطاع غزة. لم تكن "إسرائيل" مكترثة بالمفاوضات مع بعض الفلسطينيين بقدر ما كانت تعيش هاجس الانقلاب في الميزان العسكري الاستراتيجي في المنطقة. لقد أدركت تماما أن عصر انتصاراتها قد ولى نهائيا، وأن عصر الهزائم قد بدأ.
المراقب لوجه نتنياهو الآن يرى البؤس قد ارتسم عليه، ويرى فيه الحيرة والعبوس. كلمات الغطرسة والعلو تكاد تختفي من قاموسه، ولهجة اللين بدأت تراود أوتار صوته. لقد انتقل من مأساة الانقلاب العسكري الاستراتيجي في المنطقة إلى الانقلاب الشعبي الذي يؤذن بمعادلات اقتصادية وسياسية واجتماعية جديدة في المنطقة العربية الإسلامية. لم يكن لحزب الله أنصار من الأنظمة العربية، ولم يكن كذلك لحماس، وبقيت آمال "إسرائيل" وأهل الغرب بأن الحركتين ستهزمان من الداخلين اللبناني والفلسطيني بمساعدة الأنظمة العربية، لكن الآمال الآن تتهاوى مع تهاوي الأنظمة العربية بخاصة النظام المصري الذي كان الحارس الأمين على المصالح الأمنية الاستراتيجية لكل من "إسرائيل" وأمريكا. ومع تراجع هذه الآمال، كان على نتنياهو أن يلطم حظه مع الأنظمة العربية، ويتنازل قليلا عن غلوائه وصلفه وغروره ويتحدث عن مبادرات جديدة للتسوية مع فلسطينييه.
سبق السيف العذل يا سيد نتنياهو. شعب فلسطين لم يكن يقبل التنازلات منذ أن قرر بعض الفلسطينيين الاعتراف بكيانكم، ولم يكن لديه الاستعداد للتنازل عن حقوقه الوطنية الثابتة. فإذا بقي الشعب متمسكا ومصرا وهو في حالة ضعف، فكيف به وهو يرى عجلة التاريخ في المنطقة تغير مسارها؟ لا تتعب نفسك بمبادرات لأن هؤلاء الذين تبادر لهم لا يمثلون شعب فلسطين، وهم ليسوا إلا مجرد نتوء لأنظمة عربية متهاوية. وإذا كنت تبكي أصحابك من أنظمة العرب، فخصص بضع دمعات لمن التحق بهم من الفلسطينيين.
أنت تريد الاستمرار ببناء المستوطنات؟ افعل. لكن أوكد لك أننا سنهزمك، وسنقتلعك، وسنطاردك حيثما ذهبت وحيثما وليت وجهك. تمتع الآن قليلا بنهب أرض فلسطين وببناء البيوت، لكنك ستطرد منها كفأر مذعور لا يجد جحرا يختبئ فيه. وأنت تعلم يقينا أن ما أقوله الآن ليس كلاما عربيا تقليديا بلا رصيد، وإنما كلام عربي تحرسه بندقية المقاومة العربية ودماء الشهداء التي تسيل في شوارع المدن العربية. فاخرس، واجعل من ذلك اللسان الطويل قصيرا.