- الخميس مارس 10, 2011 1:38 am
#33283
توجان فيصل
نكره أن نعود للخوض في موضوع يفترض ان يكون حسم، ولولا أن بعض الشباب الصادق قد شوشت تلك الجهود التفريقية لواقطه وشاشاته، فطلبت منا أن نساهم في توضيح الصورة أكثر من جهة تريد مصلحة الوطن وتثبت هذا بأن تفتديه بنفسها حين تنزل للشارع في مواجهة بلطجية محمية من قوى أمن جهارا نهارا.. ما يفرض علينا ضرورة تسليم الراية لهؤلاء الشباب نقية كما سريرتهم وجهرهم.
معروف أن " فرّق تسد" هي سياسة من لا شرعية له ليسود.
وقد مورست علينا لعقود بدءا بقوانين تحريم وتجريم الاجتماع..أي ان التفرقة دخلت حد المنع الجسدي، وهو ما اسقطته مؤخرا إمكانات التواصل الإلكتروني من فوق رؤس الحكام. والآن، مع انتفاضة الأردنيين مطالبين بحرياتهم وحقوقهم كما فعلت ونالت شعوب عربية أخرى ، نجد محاولة تفريقنا واختلاق معارك بينية تلهينا عن المعركة المصيرية تأخذ منحى خطرا يجازف حتى بحرب أهلية .
والحملة بدأت ببيان قذر يهاجم كل ما هو فلسطيني بلغة بذيئة، ويحمل تواقيع صريحة، ذوو الثقل من اصحاب تلك التواقيع أنكروه وأدانوه، ولكن بقية موقعيه لم يحاسبوا على افتعال فتنة وطنية.. مع انها تهمة "أمن دولة " جاهزة، وكانت مما لفق لنا حين حاولنا التصدي للفساد وتحديدا وقف بيع البلد، ما يؤشر على الجهة التي تقف خلف البيان. ولكن المعنيين بالشتم والاستفزاز ترفعوا عن الرد على هكذا قول، فسقط مع أصحابه.
ولعله من حقنا لحينه ان نفخر بما أنقذناه " كأردنيين "من وحدتنا الوطنية أكثر من أسفنا على ما تزعزع منها،بحساب الجهد والتمويل والنفوذ والاستقواء بأعداء الأمة ،الذي وجه للفساد والإفساد.. ولا اقول " من كافة الاصول والمنابت"، بل أقول "أردنيين" فقط لثقتي بأن كون الإنسان أردنيا ليس خيارا بديلا ولا خيارا درجة ثانية ، بل هو خيار درجة اولى لم تبدله الغالبية الساحقة من الأردنيين بغض النظرعن أي جواز سفر حملوا قبل تأسيس الأردن..حتى من أحيل الأردن لسجن كبير بالنسبة له، لم تهجره غالبيتهم الساحقة ولو مؤقتا.
والإيمان بوطن لا يأتي في درجة ثانية بين الأوطان (كما امك بين الأمهات) تحتم على كل اردني أن يربأ بنفسه وبأردنيته عن ان يشكك في صدق اردنية كل من يعيش على هذه الأرض ويتشبث بها، باستثاء الحفنة التي زادت على نهب الوطن ببيعه.. ومثله التشكيك بعروبة كل من يقول انا عربي أيضا.
علميا (لأن كل ما في الكون له تفسيرعلمي) الأولى ،الوطنية ،هي علاقة خاصة تنشأ مع المكان وأهله، تولد وتنمو وتترعرع، وتتجذر بصورة اعمق مع تطور الوعي بما يتجاوز فيزيائية هذا المحيط إلى ميتافيزيائيته، لدرجة تستبع إنتاج تلك العلاقة رموزها التي تعبر عنها بأبعد من الفيزيائي الملموس.. وهنا قد يكتب الشعراء ويلحّن الموسيقيون ويغني المطربون، ولكن الجميع يشارك ولو بغناء أو رقص أو تصفيق نشاز ..الجميع يطرب ، بل ويبكي طربا كما فعلنا جميعا مرارا، وبكثافة مؤخرا .
أما الثانية، العروبة، فهي الأقرب للهوية، وبشكل خاص لسكان هذا الجزء من العالم العربي الذي أردنا منه. وزعم أن هوية مختلفة ظهرت وتلبّستنا مع قرار سايكس– بيكو، إن لم يسقط في إقليمية ضيقة جاهلة، فهو يشارك في المخطط التقسيمي التدميري للعرب وبلادهم وهويتهم . فالهوية شيء أكبر واعمق من أن تتشكل بفرمان ترسيم حدود ويحدد مولدها بتاريخ تسجيل دولة في الأمم المتحدة، او أن تتشكل فقط في تسعين عاما.
ولو صدق هذا ،فإن أجدادنا السابقة وطنيتهم الأردنية على حدود سايكس بيكو، يكونون منطقيا مفتقدين للهوية الأردنية، أو يعانون من شيزوفرينيا هوية لأنهم ينتمون لجيل لما قبل الدولة الأردنية.فهل هذا جائز قوله بحقهم ،وهل هم الحلقة الشوهاء في نمو وترقي هويتنا ؟ هذه الشيزوفرينيا هي بعض ما يتهم به البعض القليل الآن(بحمد الله) من قدم من فلسطين إلى الدولة الأردنية طفلا أو شابا لأنه لا يزال ايضا يحب فلسطين.. كون الشيوخ رحلوا عن الدنيا كلها.
ولاستكمال بحث الهوية هذا ،نأتي لمقولة يرددها الكثيرون منا بمن فيهم من جعلوا "الهوية الأردنية" هاجسا ومشكلة. المقولة تتعلق بكوننا بتنا نستقدم الخادمات المنزليات من بلدان شرق آسيا.
والشكوى هي من أن هذه الفتاة التي تقضي جل السنتين او الثلاث في بيوتنا تغسل الأطباق وتنظف البلاط وتكوي الثياب، باتت تشكل خطرا على هوية أبنائنا وانهم سيصبحون نصف سيرلانكيين او اندونيسيين.. أفلا تكفي إذا كامل مدة حمل وتنشئة أم فلسطينة او أردنية لأبنائها ورعايتهم حتى ما بعد سن الرشد، أن تجعلهم أردنيين بقدر ما هم فلسطينيون، إن لم تشكّل "هويتهم" بأكثر من النصف لكون الأم أقرب للطفل ولكون البيت يكتسب هويته من المرأة أكثر منها من الرجل ؟؟ هذه ليست مقارنة لشأن جلل بشأن بسيط، هذه عملية كشف لدرجة التصغير، إن لم يكن التزوير، الذي يطال "الهوية" حين يجري زعم تباينها حيث هي متشابهة إن لم تكن متماثلة، وزعم نقائها حيث يستحيل ذلك النقاء، واستعمالها حجة للتقاعس في معركة وطنية مصيرية.
ميزة الإنسان انه كائن عاقل. وهذا استدلال عقلاني يقودنا للبحث عن السبب الرئيس في المخاوف الحقيقية كما المزعومة بشأن الهوية، ومدى تناسبها مع ما يتم التضحية به من هدف نضالي وطني وقومي كالذي يجري على كل الساحات العربية الان.
هنالك جزء مزعوم لتغطية مصالح يظن البعض غيرالمؤهل للتنافس،أنه يضاعف فرصه فيها بخفض عدد المنافسين .وشائع ان يجري هذا بعزل قطاعات بكاملها عن التنافس، حتى الأقربين، كما يتجلى في الشوفينية الذكورية التي تهمش وتظلم حتى الأم والابنة والأخت في تنازع على إرث او مكانة ،وصولا لتسخرهؤلاء النسوة لخدمات شخصية. وهي في كل الحالات شوفينية، ولكنها نقطة ضعف شائعة، وككل نقاط الضعف البشرية لا يبرأ منها سوى الأقوياء فعلا.
ولكن حتى باعتبار المزاحمة على الفرص والمنافع ، الدفع نحو نزاع بيني في لحظة ثورة عربية تاريخية، لا يخدم سوى إبقاء الأردن خارج موجة التغيير وفي مستنقع التخلف السياسي الذي يجر معه كل اشكال التخلف. إضافة لكون الفساد السياسي بات فسادا ماليا لدرجة أنه لم يعد هنالك ما يجري التنافس عليه، لا منصبا ولا مالا. فالذين استحوذوا على مواقع القرار والمال لاهوية لهم أساسا، بدليل انهم باعوا البلد بما يشبه المجان.
واقتسمواسعر البيع الحقيقي مع غرباء سصبحون هم سادة الأردن، فيما الأردنيون يعملون لديهم في ظروف اشبه بالعبودية.. تماما كما في مناجم الماس والفحم في مستعمرات القرن التاسع عشر (مع فارق الخطر كون مناجمنا فيها اليورانيوم)، حيث يحكم الربح فقط علاقة المالك (المستثمر)الجديد بابن البلد.
أما القلق المشروع على الهوية، فهو ناتج حقيقة عن إدراك الخطر المصيري الذي يشكله الكيان الصهيوني على الأردن. وهو ما لا يخفيه الصهاينة بعد ان تسنى لهم الاستيلاء على كامل فلسطين وإخضاعنا باتفاقية مجحفة، وهم بصدد إكمال المخطط الذي يشملنا ويعدون لمن هم وراءنا: بحيرة النفط في العراق والجزيرة العربية.
وإسرائيل لن تقفز عنا وتستثنينا حتى لو سلمنا لها بأحقيتها في كامل فلسطين والعالم العربي. فنحن مستهدفون لموقعنا أولا ولثرواتنا ثانية. أي ان التصدي لهذا الخطر هو الأولى للحفاظ على كل ما نملك بما فيه أرضنا وهويتنا وثرواتنا وسيادتنا وحتى ارواحنا واعراضنا. وهذا يضعنا في خندق واحد متلاصقين مع الفلسطيني أينما كان، نموت معا او ننجو معا.والحديث عن تباين هنا مع رفيق السلاح الحتمي في مواجهة العدو الأقوى،يبدو غاية في الجهل،إن لم يك حديث خيانة.
وفرصتنا في امتلاك القوة للتصدي لهذا الخطر هي ذات فرصة العالم العربي، وقد فتحت أبوابها على مصراعيها: التغيير بحيث نملك زمام أمورنا وبالتالي القدرة على الدفاع عن حقوقنا ومصالحنا.. او أن الضفة الشرقية ستصبح رديف الضفة الغربية وغزة من حيث وضعها تحت سيطرة وعسف الصهاينة. وعندها سنستصرخ النخوة القومية ونذكّر بالهوية العربية..
القلقين من هذا الخطر بحق، يتوجب عليهم الدفع بأقوى من ذي قبل باتجاه التغيير وليس فقط الإصلاح. التغيير الذي كان يجب أن يطال السياسة الخارجية ومن يقودونها او نقاد عبرهم لمصيرنا المرسوم منذ أمد. والعجيب أن احدا من الخائفين على هويتنا من لم يتوقف عند بقاء وزير الخارجية الملتحق بسلطة عباس وأميركا وإسرائيل صراحة عابرا لكل الحكومات.. والأهم أن "نهج" سياستنا الخارجية منذ عقود أدت لوادي عربة ولم تبدأ بها، ما زال غير مطروح لا للتغيير ولا حتى للإصلاح، مع أنه أخذ مؤخرامنحى تنازليا بخطورة بالغة وصراحة تثقب العين، فعم تتعامون ؟؟ اقرأوا مقالتي السابقة على هذا الموقع أو المذكرات التي تناولتها.. هل حلمكم الذي يحقق هويتكم إلحاقكم "بالإدارة" الإسرائيلية ك"مهنيين أكفاء"في بينولوكس ثلاثي او رباعي؟
نكره أن نعود للخوض في موضوع يفترض ان يكون حسم، ولولا أن بعض الشباب الصادق قد شوشت تلك الجهود التفريقية لواقطه وشاشاته، فطلبت منا أن نساهم في توضيح الصورة أكثر من جهة تريد مصلحة الوطن وتثبت هذا بأن تفتديه بنفسها حين تنزل للشارع في مواجهة بلطجية محمية من قوى أمن جهارا نهارا.. ما يفرض علينا ضرورة تسليم الراية لهؤلاء الشباب نقية كما سريرتهم وجهرهم.
معروف أن " فرّق تسد" هي سياسة من لا شرعية له ليسود.
وقد مورست علينا لعقود بدءا بقوانين تحريم وتجريم الاجتماع..أي ان التفرقة دخلت حد المنع الجسدي، وهو ما اسقطته مؤخرا إمكانات التواصل الإلكتروني من فوق رؤس الحكام. والآن، مع انتفاضة الأردنيين مطالبين بحرياتهم وحقوقهم كما فعلت ونالت شعوب عربية أخرى ، نجد محاولة تفريقنا واختلاق معارك بينية تلهينا عن المعركة المصيرية تأخذ منحى خطرا يجازف حتى بحرب أهلية .
والحملة بدأت ببيان قذر يهاجم كل ما هو فلسطيني بلغة بذيئة، ويحمل تواقيع صريحة، ذوو الثقل من اصحاب تلك التواقيع أنكروه وأدانوه، ولكن بقية موقعيه لم يحاسبوا على افتعال فتنة وطنية.. مع انها تهمة "أمن دولة " جاهزة، وكانت مما لفق لنا حين حاولنا التصدي للفساد وتحديدا وقف بيع البلد، ما يؤشر على الجهة التي تقف خلف البيان. ولكن المعنيين بالشتم والاستفزاز ترفعوا عن الرد على هكذا قول، فسقط مع أصحابه.
ولعله من حقنا لحينه ان نفخر بما أنقذناه " كأردنيين "من وحدتنا الوطنية أكثر من أسفنا على ما تزعزع منها،بحساب الجهد والتمويل والنفوذ والاستقواء بأعداء الأمة ،الذي وجه للفساد والإفساد.. ولا اقول " من كافة الاصول والمنابت"، بل أقول "أردنيين" فقط لثقتي بأن كون الإنسان أردنيا ليس خيارا بديلا ولا خيارا درجة ثانية ، بل هو خيار درجة اولى لم تبدله الغالبية الساحقة من الأردنيين بغض النظرعن أي جواز سفر حملوا قبل تأسيس الأردن..حتى من أحيل الأردن لسجن كبير بالنسبة له، لم تهجره غالبيتهم الساحقة ولو مؤقتا.
والإيمان بوطن لا يأتي في درجة ثانية بين الأوطان (كما امك بين الأمهات) تحتم على كل اردني أن يربأ بنفسه وبأردنيته عن ان يشكك في صدق اردنية كل من يعيش على هذه الأرض ويتشبث بها، باستثاء الحفنة التي زادت على نهب الوطن ببيعه.. ومثله التشكيك بعروبة كل من يقول انا عربي أيضا.
علميا (لأن كل ما في الكون له تفسيرعلمي) الأولى ،الوطنية ،هي علاقة خاصة تنشأ مع المكان وأهله، تولد وتنمو وتترعرع، وتتجذر بصورة اعمق مع تطور الوعي بما يتجاوز فيزيائية هذا المحيط إلى ميتافيزيائيته، لدرجة تستبع إنتاج تلك العلاقة رموزها التي تعبر عنها بأبعد من الفيزيائي الملموس.. وهنا قد يكتب الشعراء ويلحّن الموسيقيون ويغني المطربون، ولكن الجميع يشارك ولو بغناء أو رقص أو تصفيق نشاز ..الجميع يطرب ، بل ويبكي طربا كما فعلنا جميعا مرارا، وبكثافة مؤخرا .
أما الثانية، العروبة، فهي الأقرب للهوية، وبشكل خاص لسكان هذا الجزء من العالم العربي الذي أردنا منه. وزعم أن هوية مختلفة ظهرت وتلبّستنا مع قرار سايكس– بيكو، إن لم يسقط في إقليمية ضيقة جاهلة، فهو يشارك في المخطط التقسيمي التدميري للعرب وبلادهم وهويتهم . فالهوية شيء أكبر واعمق من أن تتشكل بفرمان ترسيم حدود ويحدد مولدها بتاريخ تسجيل دولة في الأمم المتحدة، او أن تتشكل فقط في تسعين عاما.
ولو صدق هذا ،فإن أجدادنا السابقة وطنيتهم الأردنية على حدود سايكس بيكو، يكونون منطقيا مفتقدين للهوية الأردنية، أو يعانون من شيزوفرينيا هوية لأنهم ينتمون لجيل لما قبل الدولة الأردنية.فهل هذا جائز قوله بحقهم ،وهل هم الحلقة الشوهاء في نمو وترقي هويتنا ؟ هذه الشيزوفرينيا هي بعض ما يتهم به البعض القليل الآن(بحمد الله) من قدم من فلسطين إلى الدولة الأردنية طفلا أو شابا لأنه لا يزال ايضا يحب فلسطين.. كون الشيوخ رحلوا عن الدنيا كلها.
ولاستكمال بحث الهوية هذا ،نأتي لمقولة يرددها الكثيرون منا بمن فيهم من جعلوا "الهوية الأردنية" هاجسا ومشكلة. المقولة تتعلق بكوننا بتنا نستقدم الخادمات المنزليات من بلدان شرق آسيا.
والشكوى هي من أن هذه الفتاة التي تقضي جل السنتين او الثلاث في بيوتنا تغسل الأطباق وتنظف البلاط وتكوي الثياب، باتت تشكل خطرا على هوية أبنائنا وانهم سيصبحون نصف سيرلانكيين او اندونيسيين.. أفلا تكفي إذا كامل مدة حمل وتنشئة أم فلسطينة او أردنية لأبنائها ورعايتهم حتى ما بعد سن الرشد، أن تجعلهم أردنيين بقدر ما هم فلسطينيون، إن لم تشكّل "هويتهم" بأكثر من النصف لكون الأم أقرب للطفل ولكون البيت يكتسب هويته من المرأة أكثر منها من الرجل ؟؟ هذه ليست مقارنة لشأن جلل بشأن بسيط، هذه عملية كشف لدرجة التصغير، إن لم يكن التزوير، الذي يطال "الهوية" حين يجري زعم تباينها حيث هي متشابهة إن لم تكن متماثلة، وزعم نقائها حيث يستحيل ذلك النقاء، واستعمالها حجة للتقاعس في معركة وطنية مصيرية.
ميزة الإنسان انه كائن عاقل. وهذا استدلال عقلاني يقودنا للبحث عن السبب الرئيس في المخاوف الحقيقية كما المزعومة بشأن الهوية، ومدى تناسبها مع ما يتم التضحية به من هدف نضالي وطني وقومي كالذي يجري على كل الساحات العربية الان.
هنالك جزء مزعوم لتغطية مصالح يظن البعض غيرالمؤهل للتنافس،أنه يضاعف فرصه فيها بخفض عدد المنافسين .وشائع ان يجري هذا بعزل قطاعات بكاملها عن التنافس، حتى الأقربين، كما يتجلى في الشوفينية الذكورية التي تهمش وتظلم حتى الأم والابنة والأخت في تنازع على إرث او مكانة ،وصولا لتسخرهؤلاء النسوة لخدمات شخصية. وهي في كل الحالات شوفينية، ولكنها نقطة ضعف شائعة، وككل نقاط الضعف البشرية لا يبرأ منها سوى الأقوياء فعلا.
ولكن حتى باعتبار المزاحمة على الفرص والمنافع ، الدفع نحو نزاع بيني في لحظة ثورة عربية تاريخية، لا يخدم سوى إبقاء الأردن خارج موجة التغيير وفي مستنقع التخلف السياسي الذي يجر معه كل اشكال التخلف. إضافة لكون الفساد السياسي بات فسادا ماليا لدرجة أنه لم يعد هنالك ما يجري التنافس عليه، لا منصبا ولا مالا. فالذين استحوذوا على مواقع القرار والمال لاهوية لهم أساسا، بدليل انهم باعوا البلد بما يشبه المجان.
واقتسمواسعر البيع الحقيقي مع غرباء سصبحون هم سادة الأردن، فيما الأردنيون يعملون لديهم في ظروف اشبه بالعبودية.. تماما كما في مناجم الماس والفحم في مستعمرات القرن التاسع عشر (مع فارق الخطر كون مناجمنا فيها اليورانيوم)، حيث يحكم الربح فقط علاقة المالك (المستثمر)الجديد بابن البلد.
أما القلق المشروع على الهوية، فهو ناتج حقيقة عن إدراك الخطر المصيري الذي يشكله الكيان الصهيوني على الأردن. وهو ما لا يخفيه الصهاينة بعد ان تسنى لهم الاستيلاء على كامل فلسطين وإخضاعنا باتفاقية مجحفة، وهم بصدد إكمال المخطط الذي يشملنا ويعدون لمن هم وراءنا: بحيرة النفط في العراق والجزيرة العربية.
وإسرائيل لن تقفز عنا وتستثنينا حتى لو سلمنا لها بأحقيتها في كامل فلسطين والعالم العربي. فنحن مستهدفون لموقعنا أولا ولثرواتنا ثانية. أي ان التصدي لهذا الخطر هو الأولى للحفاظ على كل ما نملك بما فيه أرضنا وهويتنا وثرواتنا وسيادتنا وحتى ارواحنا واعراضنا. وهذا يضعنا في خندق واحد متلاصقين مع الفلسطيني أينما كان، نموت معا او ننجو معا.والحديث عن تباين هنا مع رفيق السلاح الحتمي في مواجهة العدو الأقوى،يبدو غاية في الجهل،إن لم يك حديث خيانة.
وفرصتنا في امتلاك القوة للتصدي لهذا الخطر هي ذات فرصة العالم العربي، وقد فتحت أبوابها على مصراعيها: التغيير بحيث نملك زمام أمورنا وبالتالي القدرة على الدفاع عن حقوقنا ومصالحنا.. او أن الضفة الشرقية ستصبح رديف الضفة الغربية وغزة من حيث وضعها تحت سيطرة وعسف الصهاينة. وعندها سنستصرخ النخوة القومية ونذكّر بالهوية العربية..
القلقين من هذا الخطر بحق، يتوجب عليهم الدفع بأقوى من ذي قبل باتجاه التغيير وليس فقط الإصلاح. التغيير الذي كان يجب أن يطال السياسة الخارجية ومن يقودونها او نقاد عبرهم لمصيرنا المرسوم منذ أمد. والعجيب أن احدا من الخائفين على هويتنا من لم يتوقف عند بقاء وزير الخارجية الملتحق بسلطة عباس وأميركا وإسرائيل صراحة عابرا لكل الحكومات.. والأهم أن "نهج" سياستنا الخارجية منذ عقود أدت لوادي عربة ولم تبدأ بها، ما زال غير مطروح لا للتغيير ولا حتى للإصلاح، مع أنه أخذ مؤخرامنحى تنازليا بخطورة بالغة وصراحة تثقب العين، فعم تتعامون ؟؟ اقرأوا مقالتي السابقة على هذا الموقع أو المذكرات التي تناولتها.. هل حلمكم الذي يحقق هويتكم إلحاقكم "بالإدارة" الإسرائيلية ك"مهنيين أكفاء"في بينولوكس ثلاثي او رباعي؟