المرة الوحيدة التي صدق فيها أوباما..
مرسل: الاثنين مارس 14, 2011 1:51 am
عبد اللطيف مهنا
ثورتا العرب الشعبيتان، التونسية والمصرية، فاجأتا الغرب. هذه حقيقة أفزعتهم هناك، يرددونها ولا ينكرونها. الأميركان، والأوروبيون معهم، لايخفون قلقاً وارتباكاً استوطنا ردود أفعالهم حتى الآن. أما الإسرائيليون فهم الأكثر قلقاً بل ويكتمون رعباً، حيث من عادتهم أن أقل حدث يشي بتغيير ما في المعادلات القائمة في المنطقة، أو حتى زحزحتها ولو قليلاً، يطرح أمامهم مسألة وجودهم الغريب الطارئ والمرفوض كحالة استعمارية في المنطقة قيد البحث. مجلس الأمن الأميركي ما انفك يوالي الاجتماعات المتصلة مع المختصين وقارئي كف التحولات المحتملة في المنطقة من خبرائه. الحدثان العربيان أسباباً وتداعيات وأثراً على المشروع الأميركي المترنح في المنطقة العربية والجوار الإسلامي هما الموضوع الذي، كما نقلت الواشنطن بوست، ما قد أمر توماس دينلون، مستشار الأمن القومي الأميركي، كبار معاونيه والمسؤولين عن الشرق الأوسط فيه باستعراضهما واستخلاص الدروس منهما. إنما هي جاري عادة أميركية، تتكرر دائماً بعيد سقوط أي دكتاتور، أو انهيار أي نظام تابع لهم في العالم. لكنما الدروس المستخلصة تظل دائماً هي هي ولاتذهب كالعادة في الاتجاه الصحيح الذي يحول دون تكرار واشنطن العودة إلى دراسة الخطايا الأميركية نفسها. ماركوس الفيليبيني، بينوشيه التشيلي، الشاه الإيراني... وصولاً إلى بن علي ومبارك... مشكلة الأميركان، والغرب إجمالاً، أن الديموقراطية أينما حلت لن تكون قطعاً في صالح هيمنتهم، وأن الديكتاتوريات مهما تجبّرت وعتت ودُعمت بلا حدود من قبلهم فهي الفاشلة دائماً في صون هذه الهيمنة. وفي مثل هذا ما يكشف عادة زيف ادعاءاتهم الرافعة للديموقراطية شعاراً، وحقوق الإنسان، مبادئً، أو الأمر الذي غدا في نظر الشعوب المستضعفة هو الأقرب إلى النكتة السمجة، ومردوده عادة لا يسفر إلا عما يحرج قطاعات لابأس بها لا تخلو منها المجتمعات الغربية من تلك التي تؤمن فعلاً بهذه المبادئ، وما يسيء بالتالي إلى مصداقيتها، لاسيما جمعيات عديدة تعنى بحقوق الإنسان وليس كلها، مثلاً.
قد لانجد أنفسنا في حاجة لأن نعرج على المواقف الأوروبية، التي هي دائماً، أو غالباً، ليست سوى بعضاً من تفصيل أميركي يحاول أحياناً تمايزاً زائفاً وأكثر نفاقاً، فهنا تكفي الإشارة إلى الحالة الفرنسية التي بدت الأقرب إلى البهدلة التي عكستها تصريحات وزير الخارجية في بداية الحدث التونسي والتي لم تنجح محاولات تطويقها لاحقاً، أو ما كشفت عنه حالة الارتباك التي زادتها على ما هي فيه معالجات ساركوزي الباهتة غير المقنعة للفرنسيين أنفسهم... في الغرب مصالحهم لا تجعلهم يتعلمون من اخطائهم وتحول بينهم وفهم الآخر مهما درسوا من نتائج لخطاياهم الكثر واستخلصوا منها ما شاؤوه هم عادة من دروس.
الحالة الإسرائيلية لخصها لنا نتنياهو بقوله "أن زلزالاً يهز العالم العربي كله وقسماً كبيراً من العالم الإسلامي، ولا نعرف بعد كيف ستنتهي الأمور". أما ما يتعلق بالقوى الصهيونية في الغرب فحدث ولا حرج، تلك القوى واللوبيات التي ما همها في كل ما جرى في مصر إلا مستقبل اتفاقية كامب ديفيد، وأمن إسرائيل، أو ضمان مستقبلها في المنطقة، أو استمرارية الضمانة الأميركية لذلك، أو بقاء هذه العلاقة العضوية التي قال الجنرال مولن في تل أبيب بشأنها: "إن قوة هذا التحالف شيء مهم جداً خلال هذه الأوقات العصيبة جداً"...
إذن الأوقات العربية المستجدة، بالنسبة للمشروع الأميركي أو الغربي وامتداده الصهيوني، هي عصيبة جداً في نظرهم. فالمسألة ليست سقوط مستبدين في تونس ومصر، أو فقدان "شريكين"، وفق التوصيف الأميركي-الإسرائيلي، وإنما هي في انهيار نظامين تابعين، لكنما التحول أو هذه الإفاقة النهضوية العربية التي أطلقت شرارتها في تونس واتقد مشعلها عالياً في مصر وبدا اضطرام تأثيرها بالتالي في هشيم الواقع العربي الراهن من المحيط إلى الخليج هي عندهم الأخطر والأشد مدعاةً للقلق. بصدد هذا كرر نتنياهو هواجسه في الكنيست:
"قبل أسابيع بدأت هزة أرضية في تونس، وفي وقت لاحق ضربت مصر أيضاً، ونحن لا نعرف إلى أي مدى ستصل". وقال مثل هذا رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الجنرال موفاز، الذي يرى فيما حدث في مصر تحديداً بأنه "يتعلق بتغييرات تكتيكية تشكل إنذاراً استراتيجياً" لإسرائيل. وشاركهما هذا وزير الحرب باراك الذي قال "إن على إسرائيل أن تستعد لمواجهة الأسوأ".
هل هذا يعني أن التوانسة والمصريون، وهنا قد نعني المصريين أكثر لما تعنيه مصر ثقلاً ودوراً في أمتها، قد أعادوا الصراع في بلادنا إلى مربعه الأول أو إلى حيث مساره المنطقي والطبيعي؟
هنا لا بد لنا من التمهل، إذ من الإجحاف تحميلهم اليوم ما هم ليسوا في وارد حمله الآن على أقل تقدير... لا تظلموهم... التغيير قد بدأ، دقت ساعته، ولا من عودة عنه، وعليه، لا مستوجب للتعجل، فلهذا محاذيره... وربما هذا ما وعته فأجلته هتافات وشعارات ميدان التحرير التي بدت الأقل قومية أو ذكراً لفلسطين، الأمر الذي لا يعني غياب البعد العربي للثورة أو اغفال الهم الفلسطيني، وإنما مرحلة واعية للأولويات، إذ ليس من المعقول انتظار انتقال في المدى المنظور، وربما فيما هو أبعد، من مصر كامب ديفيد إلى مصر دول الطوق أو المواجهة، لكنما مصر العرب عادت، أو هي بدأت في العودة إلى أمتها، وبعودتها هذه سيتغير الكثير الكثير لا محالة في واقع الأمة وواقع ومستقبل الصراع مع أعدائها، أقله، وفي المدى الأقرب، لن تظل مصر أسيرة مهانة لسياسات كامب ديفيد المذلة.
في مقدمة مطالب الثوار جميعاً التي قدم المصريون الشهداء من أجلها، كانت الكرامة، واستعادتها ما كانت إلا باسقاط النظام، واسقاطه يعني خطوة باتجاه الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وهاتين إن هما تحققتا ستؤديان حتماً إلى التحرر من التبعية للأميركان، والخنوع للرغبات الإسرائيلية المترجمة في يوميات النظام البائد استجابات كاملة للإملاءات وسمسرة دائمة وتواطؤ مستمر على القضايا العربية، وصلت حد عار محاصرة غزة. كما أن الديموقراطية والعدالة الإجتماعية ستؤديان بالضرورة إلى الممانعة، وإلى أولى مستوجبات استعادة مصر لكرامتها، التي تعني تلقائياً استعادتها لدورها العربي الذي يعني بالضرورة عروبتها، تلك التي تعني عودتها لاستلام دفة الصراع مجدداً، ذلك بحكم موقعها وثقلها الذي فقدته بإخراجها منه... ذاك الخروج الكارثي الذي كان بمثابة المذبحة للإرادة السياسية العربية، والمجزرة للكرامة الوطنية المصرية... ولعله من نافل القول، أنه لا مصالح لمصر المالكة لارادتها لا تصطدم حتماً مع مصالح أعداء الأمة. ثم، أوليست الديمقراطية، التي تتجه إليها مصر الآن، تعني استعادة قرارها الوطني، وهذا بدوره ألا يعني تلقائياً الاستجابة لوجدان الشعب المصري الذي هو جزء من وجدان أمته؟!
أسقط العرب التوانسة والمصريون، وقبلهم المقاومون اللبنانيون والفلسطينيون، بائس الواقعية الإنهزامية التي جالت أباطيلها خلال العقود الأخيرة في دنيا العرب. كسروا حائط الخوف ومزقوا حجب الوهم، بعثوا في الأمة روحاً جديدة، وأسسوا لقلاع من مواقع الممانعة ستتابع ارتفاعاً في مساحات الخارطة العربية، ومدوا فضاءاتٍ تتسع من الحلم في ربوعها... أعادوا الأمة من غيبوبتها، فبُعثت الإرادة الغائبة من جديد ودُقت في ديارها طبول بداية مسيرة النهوض... في مقال سابق قلنا، كذب المنظرون ولو صدقوا، وفي هذا نقول، لقد صدق أوباما مرة واحدة، بغض النظر عما قصده، ذلك عندما قال: "إنها لحظة من لحظات التاريخ الفارقة... لقد غيّر المصريون العالم"!
ثورتا العرب الشعبيتان، التونسية والمصرية، فاجأتا الغرب. هذه حقيقة أفزعتهم هناك، يرددونها ولا ينكرونها. الأميركان، والأوروبيون معهم، لايخفون قلقاً وارتباكاً استوطنا ردود أفعالهم حتى الآن. أما الإسرائيليون فهم الأكثر قلقاً بل ويكتمون رعباً، حيث من عادتهم أن أقل حدث يشي بتغيير ما في المعادلات القائمة في المنطقة، أو حتى زحزحتها ولو قليلاً، يطرح أمامهم مسألة وجودهم الغريب الطارئ والمرفوض كحالة استعمارية في المنطقة قيد البحث. مجلس الأمن الأميركي ما انفك يوالي الاجتماعات المتصلة مع المختصين وقارئي كف التحولات المحتملة في المنطقة من خبرائه. الحدثان العربيان أسباباً وتداعيات وأثراً على المشروع الأميركي المترنح في المنطقة العربية والجوار الإسلامي هما الموضوع الذي، كما نقلت الواشنطن بوست، ما قد أمر توماس دينلون، مستشار الأمن القومي الأميركي، كبار معاونيه والمسؤولين عن الشرق الأوسط فيه باستعراضهما واستخلاص الدروس منهما. إنما هي جاري عادة أميركية، تتكرر دائماً بعيد سقوط أي دكتاتور، أو انهيار أي نظام تابع لهم في العالم. لكنما الدروس المستخلصة تظل دائماً هي هي ولاتذهب كالعادة في الاتجاه الصحيح الذي يحول دون تكرار واشنطن العودة إلى دراسة الخطايا الأميركية نفسها. ماركوس الفيليبيني، بينوشيه التشيلي، الشاه الإيراني... وصولاً إلى بن علي ومبارك... مشكلة الأميركان، والغرب إجمالاً، أن الديموقراطية أينما حلت لن تكون قطعاً في صالح هيمنتهم، وأن الديكتاتوريات مهما تجبّرت وعتت ودُعمت بلا حدود من قبلهم فهي الفاشلة دائماً في صون هذه الهيمنة. وفي مثل هذا ما يكشف عادة زيف ادعاءاتهم الرافعة للديموقراطية شعاراً، وحقوق الإنسان، مبادئً، أو الأمر الذي غدا في نظر الشعوب المستضعفة هو الأقرب إلى النكتة السمجة، ومردوده عادة لا يسفر إلا عما يحرج قطاعات لابأس بها لا تخلو منها المجتمعات الغربية من تلك التي تؤمن فعلاً بهذه المبادئ، وما يسيء بالتالي إلى مصداقيتها، لاسيما جمعيات عديدة تعنى بحقوق الإنسان وليس كلها، مثلاً.
قد لانجد أنفسنا في حاجة لأن نعرج على المواقف الأوروبية، التي هي دائماً، أو غالباً، ليست سوى بعضاً من تفصيل أميركي يحاول أحياناً تمايزاً زائفاً وأكثر نفاقاً، فهنا تكفي الإشارة إلى الحالة الفرنسية التي بدت الأقرب إلى البهدلة التي عكستها تصريحات وزير الخارجية في بداية الحدث التونسي والتي لم تنجح محاولات تطويقها لاحقاً، أو ما كشفت عنه حالة الارتباك التي زادتها على ما هي فيه معالجات ساركوزي الباهتة غير المقنعة للفرنسيين أنفسهم... في الغرب مصالحهم لا تجعلهم يتعلمون من اخطائهم وتحول بينهم وفهم الآخر مهما درسوا من نتائج لخطاياهم الكثر واستخلصوا منها ما شاؤوه هم عادة من دروس.
الحالة الإسرائيلية لخصها لنا نتنياهو بقوله "أن زلزالاً يهز العالم العربي كله وقسماً كبيراً من العالم الإسلامي، ولا نعرف بعد كيف ستنتهي الأمور". أما ما يتعلق بالقوى الصهيونية في الغرب فحدث ولا حرج، تلك القوى واللوبيات التي ما همها في كل ما جرى في مصر إلا مستقبل اتفاقية كامب ديفيد، وأمن إسرائيل، أو ضمان مستقبلها في المنطقة، أو استمرارية الضمانة الأميركية لذلك، أو بقاء هذه العلاقة العضوية التي قال الجنرال مولن في تل أبيب بشأنها: "إن قوة هذا التحالف شيء مهم جداً خلال هذه الأوقات العصيبة جداً"...
إذن الأوقات العربية المستجدة، بالنسبة للمشروع الأميركي أو الغربي وامتداده الصهيوني، هي عصيبة جداً في نظرهم. فالمسألة ليست سقوط مستبدين في تونس ومصر، أو فقدان "شريكين"، وفق التوصيف الأميركي-الإسرائيلي، وإنما هي في انهيار نظامين تابعين، لكنما التحول أو هذه الإفاقة النهضوية العربية التي أطلقت شرارتها في تونس واتقد مشعلها عالياً في مصر وبدا اضطرام تأثيرها بالتالي في هشيم الواقع العربي الراهن من المحيط إلى الخليج هي عندهم الأخطر والأشد مدعاةً للقلق. بصدد هذا كرر نتنياهو هواجسه في الكنيست:
"قبل أسابيع بدأت هزة أرضية في تونس، وفي وقت لاحق ضربت مصر أيضاً، ونحن لا نعرف إلى أي مدى ستصل". وقال مثل هذا رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الجنرال موفاز، الذي يرى فيما حدث في مصر تحديداً بأنه "يتعلق بتغييرات تكتيكية تشكل إنذاراً استراتيجياً" لإسرائيل. وشاركهما هذا وزير الحرب باراك الذي قال "إن على إسرائيل أن تستعد لمواجهة الأسوأ".
هل هذا يعني أن التوانسة والمصريون، وهنا قد نعني المصريين أكثر لما تعنيه مصر ثقلاً ودوراً في أمتها، قد أعادوا الصراع في بلادنا إلى مربعه الأول أو إلى حيث مساره المنطقي والطبيعي؟
هنا لا بد لنا من التمهل، إذ من الإجحاف تحميلهم اليوم ما هم ليسوا في وارد حمله الآن على أقل تقدير... لا تظلموهم... التغيير قد بدأ، دقت ساعته، ولا من عودة عنه، وعليه، لا مستوجب للتعجل، فلهذا محاذيره... وربما هذا ما وعته فأجلته هتافات وشعارات ميدان التحرير التي بدت الأقل قومية أو ذكراً لفلسطين، الأمر الذي لا يعني غياب البعد العربي للثورة أو اغفال الهم الفلسطيني، وإنما مرحلة واعية للأولويات، إذ ليس من المعقول انتظار انتقال في المدى المنظور، وربما فيما هو أبعد، من مصر كامب ديفيد إلى مصر دول الطوق أو المواجهة، لكنما مصر العرب عادت، أو هي بدأت في العودة إلى أمتها، وبعودتها هذه سيتغير الكثير الكثير لا محالة في واقع الأمة وواقع ومستقبل الصراع مع أعدائها، أقله، وفي المدى الأقرب، لن تظل مصر أسيرة مهانة لسياسات كامب ديفيد المذلة.
في مقدمة مطالب الثوار جميعاً التي قدم المصريون الشهداء من أجلها، كانت الكرامة، واستعادتها ما كانت إلا باسقاط النظام، واسقاطه يعني خطوة باتجاه الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وهاتين إن هما تحققتا ستؤديان حتماً إلى التحرر من التبعية للأميركان، والخنوع للرغبات الإسرائيلية المترجمة في يوميات النظام البائد استجابات كاملة للإملاءات وسمسرة دائمة وتواطؤ مستمر على القضايا العربية، وصلت حد عار محاصرة غزة. كما أن الديموقراطية والعدالة الإجتماعية ستؤديان بالضرورة إلى الممانعة، وإلى أولى مستوجبات استعادة مصر لكرامتها، التي تعني تلقائياً استعادتها لدورها العربي الذي يعني بالضرورة عروبتها، تلك التي تعني عودتها لاستلام دفة الصراع مجدداً، ذلك بحكم موقعها وثقلها الذي فقدته بإخراجها منه... ذاك الخروج الكارثي الذي كان بمثابة المذبحة للإرادة السياسية العربية، والمجزرة للكرامة الوطنية المصرية... ولعله من نافل القول، أنه لا مصالح لمصر المالكة لارادتها لا تصطدم حتماً مع مصالح أعداء الأمة. ثم، أوليست الديمقراطية، التي تتجه إليها مصر الآن، تعني استعادة قرارها الوطني، وهذا بدوره ألا يعني تلقائياً الاستجابة لوجدان الشعب المصري الذي هو جزء من وجدان أمته؟!
أسقط العرب التوانسة والمصريون، وقبلهم المقاومون اللبنانيون والفلسطينيون، بائس الواقعية الإنهزامية التي جالت أباطيلها خلال العقود الأخيرة في دنيا العرب. كسروا حائط الخوف ومزقوا حجب الوهم، بعثوا في الأمة روحاً جديدة، وأسسوا لقلاع من مواقع الممانعة ستتابع ارتفاعاً في مساحات الخارطة العربية، ومدوا فضاءاتٍ تتسع من الحلم في ربوعها... أعادوا الأمة من غيبوبتها، فبُعثت الإرادة الغائبة من جديد ودُقت في ديارها طبول بداية مسيرة النهوض... في مقال سابق قلنا، كذب المنظرون ولو صدقوا، وفي هذا نقول، لقد صدق أوباما مرة واحدة، بغض النظر عما قصده، ذلك عندما قال: "إنها لحظة من لحظات التاريخ الفارقة... لقد غيّر المصريون العالم"!