- الأربعاء مارس 23, 2011 12:24 pm
#33623
محمد دلبح
قمع السلطة المحلية، الذي أصبح لا حدود له إلا اللجوء إلى المستعمرين القدامى ـ الجدد.
مجلس الأمن الذي لم يحم أبدا الفلسطينيين من بطش ومجازر الاحتلال الإسرائيلي، وكان وزير خارجية ليبيا آنذاك عبد الرحمن شلقم شاهدا على ذلك، عندما كان يواصل الليل بالنهار في كانون الثاني (يناير) 2009 وهو يقود الجهود، باعتباره رئيسا للمجلس لإقناع أعضائه بإصدار قرار لوقف عدوان إسرائيل على قطاع غزة، في وقت كانت كوندوليزا رايس تتحدى الجميع مهددة باستخدام الفيتو، وكانت تمثل حكومة في طريقها إلى الخروج من البيت الأبيض، لكن مجلس الأمن كما يبدو مصمم للتعامل بقسوة فقط مع العرب، حتى محاكم الأمم المتحدة لا تستطيع جلب قاتل إسرائيلي أو أمريكي للمثول أمامها، فقط تلاحق العرب.
وبغض النظر عن منطوق قرار مجلس الأمن 1973، فإن القذافي هو المسؤول عما آلت إليه الأمور، ومن الخطأ الاعتقاد أن ما يقوم به من قتل وتدمير يستهدف الحفاظ على سيادة ليبيا، التي تسبب في أن يلجأ شعبها إلى دول 'العدوان الثلاثي' لحمايته، من دون أن يعرف بعد ثمن الحماية.
لم يحسن القذافي التعامل مع 'مطالب الديمقراطية' التي رفعها متظاهرو بنغازي، عشية السابع عشر من شباط/فبراير الماضي. فالأسلوب الأمني القمعي الذي مارسه مع المتظاهرين هو الوحيد الذي يحسنه، إذ أن أربعين عاما من حكمه الفردي لم يبن فيه نظاما مؤسسيا، بل جعل الشعب والبلد مخبرا لتجاربه 'الجماهيرية'.
كما أن خطاب نظام القذافي حول الأزمة، سواء ما جاء على لسان معمر القذافي أو ابنه سيف الإسلام الذي لا يتولى موقعا سياسيا في سلم الحكم والسلطة في ليبيا، إلا إذا أخذنا بوجهة نظر الكثيرين أن من يحكم ليبيا ليس سوى عائلة مالكة تتحكم بمقدرات البلد، وليست على استعداد للتخلي عن الحكم حتى لو كان ثمن بقائها تدمير البلد وقتل الشعب، إذ أنها تسعى إلى أن تصبح سلالة حاكمة لبلد يعج بالفساد والفاسدين.
فخطاب القذافي وابنه يحفل بكل ما يشير إلى القتل والسحل والتدمير، وهو ما أثار المخاوف لدى العالم ـ بغض النظر عن الدوافع الحقيقية لكل دولة من الدول التي دعت إلى التدخل المباشر في الأزمة الليبية.
لم يختر المتظاهرون في ليبيا اللجوء إلى السلاح، في مواجهة آلة القمع الأمنية والعسكرية التابعة للعقيد القذافي وأبنائه، بل وجدوا أنفسهم يملكونه عندما انهارت هذه الآلة في بنغازي وانحاز الكثير من الجنود والضباط إلى صف المتظاهرين الثوار، فأعادت بنغازي أسطورة 'كومونة باريس'، لكنها كما يبدو اعتقدت أن بإمكانها منعا للانتحار، التمدد خارج بنغازي، خاصة مع انتقال الانتفاضة إلى المنطقة الغربية من ليبيا. ويبدو أنه كان لدى منتفضي بنغازي رهان على إمكانية تفكك نظام العقيد القذافي بفعل التمدد السريع باتجاه الغرب، وساهم في هذا الاعتقاد ما كانت تبثه الفضائيات العربية من تحاليل وأخبار يروجها 'ليبيون' عاشوا جل حياتهم في الخارج، يجترون معلومات وروايات الماضي عن وضع العقيد القذافي وخريطة القبائل التي ستثور وتفتك بـ'القائد' الذي ما ان استجمع قدراته العسكرية 'التي لا ترحم' وبدأ عملية انكفاء الثوار المنتفضين المسلحين بدأت الأصوات تتعالى مطالبة بتدخل خارجي، غربي ـ عربي لحماية المدنيين والثوار على حد سواء، ومنعا لمجازر تعد لها 'سلالة القذافي' الحاكمة.
لم يعرف عن الدول الغربية ذات التاريخ الاستعماري تمسكها بقيم وأخلاق نبيلة عندما يتعلق الأمر بالخارج، ناهيك عن الداخل، وليست معنية بالدفاع عن المسلمين في الخارج، وقت تلاحق أجهزة أمنها مسلمي بلدانها وتشكك في ولائهم وتعد للعديد منهم مصائد أمنية لإيقاعهم وزجهم في السجون ومراقبة مساجدهم ومراكزهم الثقافية. وحتى عندما قررت هذه الدول بعد لأي التدخل ضد صربيا (يوغوسلافيا السابقة) فقد قامت أولا بشيطنة سلوبودان ميلوسفيتش وشنت غارات تدميرية بهدف تصفية آخر نظام حكم 'يساري اشتراكي' في أوروبا الشرقية حليف روسيا، واستبداله بنظام حكم موال للغرب وليس حماية للمسلمين، التي كانت غطاء، خاصة أنهم كانوا يعانون من العسف والقمع والقتل الصربي لهم منذ سنوات. وإلى الآن لم يجر النظر في إمكانية ضم البوسنة والهرسك ذات الأغلبية المسلمة إلى الاتحاد الأوروبي.
النفاق هو ما يميز السياسة الأمريكية والغربية التي تحددها مصالحها ومطامعها الاقتصادية والاستراتيجية في الهيمنة.
في ساحل العاج أزمة طال أمدها نسبيا، طرفاها رئيس منتخب اعترف به العالم ورئيس (سابق) انتهت ولايته بخسارة، لكنه يصر بدعم من الجيش على البقاء في منصبه، ويتعرض أنصار الرئيس المنتخب إلى أعمال عنف وقمع وقتل، ولكن لم تلجأ أمريكا وحلفاؤها إلى مجلس الأمن والفصل السابع واستخدام كل الوسائل لإرغام لوران جباجبو على مغادرة القصر الرئاسي.
كما أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلافا لموقفه بعدم التدخل العسكري ضد أنظمة القمع العربية في تونس ومصر واليمن والبحرين لدعم الانتفاضات الشعبية هناك، بقي يحافظ على موقف كان يفهم منه أنه إلى جانب بقاء حكام تلك الدول، ولكن مع إجراء بعض الإصلاحات السياسية بما يستجيب لبعض المطالب الشعبية. وقال المحلل الاستراتيجي، جيمس تراوب إن أوباما اليوم يمتنع عن نقد سياسة السعودية الداخلية، مخافة خسارة عقود وإمدادات النفط، مضيفا في مقال له في مجلة 'فورين بوليسي'، 'إذا سلمنا بصعوبة اتخاذ موقف من الرياض، فماذا فعل أوباما لحلفائه الذين يصارعون عبثا من أجل البقاء في البحرين واليمن؟ لقد اكتفى بدعوة صالح وملك البحرين حمد الى وقف قواتهما عن قمع المتظاهرين'.
وعلى الرغم من لجوء أنظمة الحكم تلك إلى العنف الذي اسفر عن قتل وجرح المئات في كل دولة، فإنه اعتبر أن الحالة الليبية، كما قال مسؤول أمريكي كبير، 'تشكل الفرصة الأكبر لإعادة النظر في مصالحنا وقيمنا'، مشيرا إلى التغيير الأوسع الجاري في المنطقة، والحاجة إلى إعادة توازن السياسة الخارجية الأمريكية بتركيز أكبر على الديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكن في ما يتعلق بليبيا فقد اتُخذ قرار باستخدام القوة الأمريكية المسلحة، إذ أن نظام العقيد القذافي، الذي يستحق الإطاحة به، يشكل 'نشازا' إلى جانب سورية في منظومة دول المنطقة الموالية بالكامل للولايات المتحدة.
أما فرنسا التي تزعمت حملة الإطاحة بالقذافي، فإن ساركوزي الذي كان من أوائل زعماء الغرب الذين استقبلوا القذافي بعد ما ساد الاعتقاد بإعادة تأهيـــــله، فإنه يسعى إلى أن تكــــون الإطاحة بـ'ديكتاتور' ليبـــيا مدخلا مناسبا لشطب فضيـــحة دعمه لـ'ديكتاتور' تونس زين العابدين بن علي حتى عشية هربه إلى السعودية، التي وجد فيهــــا ملاذا آمنا، وبما يمكنه (ساركوزي) وهو مقبل على انتخابات رئاسية على الأبواب، من رفع شعبيته التي تقول استطلاعات الرأي، انها وصلت حاليا إلى الحضيض.
أما السعودية فإن حماسها للتدخل العسكري الدولي في ليبيا يعكس سياساتها التي تتماشى مع سياسة البيت الأبيض، الذي كان يضع في الحسبان موضوع التدخل العسكري في ليبيا كأحد الخيارات، كما أن اهتمام السعودية ينصب على تشتيت الانتباه عما يجري في البحرين وحتى في اليمن، وإشغال العالم كله في الموضوع الليبي باعتقاد واهم أن النار الليبية لن تصلهم. ولكن من الذي وفر المبرر لكل ذلك؟ إنه نظام العقيد القذافي. غير أن ما هو مطلوب الآن حتى لا تدفع ليبيا مستقبلا فاتورة دول 'العدوان الثلاثي' من سيادتها واستقلالها وحريتها ووحدة ترابها الوطني، هو أن يتجه الليبيون من الآن إلى أن يكون المجلس الوطني الانتقالي بمثابة جبهة وطنية متحدة تمثل كل الليبيين الذين صنعوا في الداخل الانتفاضة الشعبية، وأن يكونوا حذرين إزاء من يسعى للسطو على الانتفاضة من ملوثي الخارج حتى لا تتكرر صورة ما يحدث في العراق بعد الغزو الأمريكي العسكري منذ عام 2003.
* نقيب الصحافيين العرب في امريكا
قمع السلطة المحلية، الذي أصبح لا حدود له إلا اللجوء إلى المستعمرين القدامى ـ الجدد.
مجلس الأمن الذي لم يحم أبدا الفلسطينيين من بطش ومجازر الاحتلال الإسرائيلي، وكان وزير خارجية ليبيا آنذاك عبد الرحمن شلقم شاهدا على ذلك، عندما كان يواصل الليل بالنهار في كانون الثاني (يناير) 2009 وهو يقود الجهود، باعتباره رئيسا للمجلس لإقناع أعضائه بإصدار قرار لوقف عدوان إسرائيل على قطاع غزة، في وقت كانت كوندوليزا رايس تتحدى الجميع مهددة باستخدام الفيتو، وكانت تمثل حكومة في طريقها إلى الخروج من البيت الأبيض، لكن مجلس الأمن كما يبدو مصمم للتعامل بقسوة فقط مع العرب، حتى محاكم الأمم المتحدة لا تستطيع جلب قاتل إسرائيلي أو أمريكي للمثول أمامها، فقط تلاحق العرب.
وبغض النظر عن منطوق قرار مجلس الأمن 1973، فإن القذافي هو المسؤول عما آلت إليه الأمور، ومن الخطأ الاعتقاد أن ما يقوم به من قتل وتدمير يستهدف الحفاظ على سيادة ليبيا، التي تسبب في أن يلجأ شعبها إلى دول 'العدوان الثلاثي' لحمايته، من دون أن يعرف بعد ثمن الحماية.
لم يحسن القذافي التعامل مع 'مطالب الديمقراطية' التي رفعها متظاهرو بنغازي، عشية السابع عشر من شباط/فبراير الماضي. فالأسلوب الأمني القمعي الذي مارسه مع المتظاهرين هو الوحيد الذي يحسنه، إذ أن أربعين عاما من حكمه الفردي لم يبن فيه نظاما مؤسسيا، بل جعل الشعب والبلد مخبرا لتجاربه 'الجماهيرية'.
كما أن خطاب نظام القذافي حول الأزمة، سواء ما جاء على لسان معمر القذافي أو ابنه سيف الإسلام الذي لا يتولى موقعا سياسيا في سلم الحكم والسلطة في ليبيا، إلا إذا أخذنا بوجهة نظر الكثيرين أن من يحكم ليبيا ليس سوى عائلة مالكة تتحكم بمقدرات البلد، وليست على استعداد للتخلي عن الحكم حتى لو كان ثمن بقائها تدمير البلد وقتل الشعب، إذ أنها تسعى إلى أن تصبح سلالة حاكمة لبلد يعج بالفساد والفاسدين.
فخطاب القذافي وابنه يحفل بكل ما يشير إلى القتل والسحل والتدمير، وهو ما أثار المخاوف لدى العالم ـ بغض النظر عن الدوافع الحقيقية لكل دولة من الدول التي دعت إلى التدخل المباشر في الأزمة الليبية.
لم يختر المتظاهرون في ليبيا اللجوء إلى السلاح، في مواجهة آلة القمع الأمنية والعسكرية التابعة للعقيد القذافي وأبنائه، بل وجدوا أنفسهم يملكونه عندما انهارت هذه الآلة في بنغازي وانحاز الكثير من الجنود والضباط إلى صف المتظاهرين الثوار، فأعادت بنغازي أسطورة 'كومونة باريس'، لكنها كما يبدو اعتقدت أن بإمكانها منعا للانتحار، التمدد خارج بنغازي، خاصة مع انتقال الانتفاضة إلى المنطقة الغربية من ليبيا. ويبدو أنه كان لدى منتفضي بنغازي رهان على إمكانية تفكك نظام العقيد القذافي بفعل التمدد السريع باتجاه الغرب، وساهم في هذا الاعتقاد ما كانت تبثه الفضائيات العربية من تحاليل وأخبار يروجها 'ليبيون' عاشوا جل حياتهم في الخارج، يجترون معلومات وروايات الماضي عن وضع العقيد القذافي وخريطة القبائل التي ستثور وتفتك بـ'القائد' الذي ما ان استجمع قدراته العسكرية 'التي لا ترحم' وبدأ عملية انكفاء الثوار المنتفضين المسلحين بدأت الأصوات تتعالى مطالبة بتدخل خارجي، غربي ـ عربي لحماية المدنيين والثوار على حد سواء، ومنعا لمجازر تعد لها 'سلالة القذافي' الحاكمة.
لم يعرف عن الدول الغربية ذات التاريخ الاستعماري تمسكها بقيم وأخلاق نبيلة عندما يتعلق الأمر بالخارج، ناهيك عن الداخل، وليست معنية بالدفاع عن المسلمين في الخارج، وقت تلاحق أجهزة أمنها مسلمي بلدانها وتشكك في ولائهم وتعد للعديد منهم مصائد أمنية لإيقاعهم وزجهم في السجون ومراقبة مساجدهم ومراكزهم الثقافية. وحتى عندما قررت هذه الدول بعد لأي التدخل ضد صربيا (يوغوسلافيا السابقة) فقد قامت أولا بشيطنة سلوبودان ميلوسفيتش وشنت غارات تدميرية بهدف تصفية آخر نظام حكم 'يساري اشتراكي' في أوروبا الشرقية حليف روسيا، واستبداله بنظام حكم موال للغرب وليس حماية للمسلمين، التي كانت غطاء، خاصة أنهم كانوا يعانون من العسف والقمع والقتل الصربي لهم منذ سنوات. وإلى الآن لم يجر النظر في إمكانية ضم البوسنة والهرسك ذات الأغلبية المسلمة إلى الاتحاد الأوروبي.
النفاق هو ما يميز السياسة الأمريكية والغربية التي تحددها مصالحها ومطامعها الاقتصادية والاستراتيجية في الهيمنة.
في ساحل العاج أزمة طال أمدها نسبيا، طرفاها رئيس منتخب اعترف به العالم ورئيس (سابق) انتهت ولايته بخسارة، لكنه يصر بدعم من الجيش على البقاء في منصبه، ويتعرض أنصار الرئيس المنتخب إلى أعمال عنف وقمع وقتل، ولكن لم تلجأ أمريكا وحلفاؤها إلى مجلس الأمن والفصل السابع واستخدام كل الوسائل لإرغام لوران جباجبو على مغادرة القصر الرئاسي.
كما أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلافا لموقفه بعدم التدخل العسكري ضد أنظمة القمع العربية في تونس ومصر واليمن والبحرين لدعم الانتفاضات الشعبية هناك، بقي يحافظ على موقف كان يفهم منه أنه إلى جانب بقاء حكام تلك الدول، ولكن مع إجراء بعض الإصلاحات السياسية بما يستجيب لبعض المطالب الشعبية. وقال المحلل الاستراتيجي، جيمس تراوب إن أوباما اليوم يمتنع عن نقد سياسة السعودية الداخلية، مخافة خسارة عقود وإمدادات النفط، مضيفا في مقال له في مجلة 'فورين بوليسي'، 'إذا سلمنا بصعوبة اتخاذ موقف من الرياض، فماذا فعل أوباما لحلفائه الذين يصارعون عبثا من أجل البقاء في البحرين واليمن؟ لقد اكتفى بدعوة صالح وملك البحرين حمد الى وقف قواتهما عن قمع المتظاهرين'.
وعلى الرغم من لجوء أنظمة الحكم تلك إلى العنف الذي اسفر عن قتل وجرح المئات في كل دولة، فإنه اعتبر أن الحالة الليبية، كما قال مسؤول أمريكي كبير، 'تشكل الفرصة الأكبر لإعادة النظر في مصالحنا وقيمنا'، مشيرا إلى التغيير الأوسع الجاري في المنطقة، والحاجة إلى إعادة توازن السياسة الخارجية الأمريكية بتركيز أكبر على الديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكن في ما يتعلق بليبيا فقد اتُخذ قرار باستخدام القوة الأمريكية المسلحة، إذ أن نظام العقيد القذافي، الذي يستحق الإطاحة به، يشكل 'نشازا' إلى جانب سورية في منظومة دول المنطقة الموالية بالكامل للولايات المتحدة.
أما فرنسا التي تزعمت حملة الإطاحة بالقذافي، فإن ساركوزي الذي كان من أوائل زعماء الغرب الذين استقبلوا القذافي بعد ما ساد الاعتقاد بإعادة تأهيـــــله، فإنه يسعى إلى أن تكــــون الإطاحة بـ'ديكتاتور' ليبـــيا مدخلا مناسبا لشطب فضيـــحة دعمه لـ'ديكتاتور' تونس زين العابدين بن علي حتى عشية هربه إلى السعودية، التي وجد فيهــــا ملاذا آمنا، وبما يمكنه (ساركوزي) وهو مقبل على انتخابات رئاسية على الأبواب، من رفع شعبيته التي تقول استطلاعات الرأي، انها وصلت حاليا إلى الحضيض.
أما السعودية فإن حماسها للتدخل العسكري الدولي في ليبيا يعكس سياساتها التي تتماشى مع سياسة البيت الأبيض، الذي كان يضع في الحسبان موضوع التدخل العسكري في ليبيا كأحد الخيارات، كما أن اهتمام السعودية ينصب على تشتيت الانتباه عما يجري في البحرين وحتى في اليمن، وإشغال العالم كله في الموضوع الليبي باعتقاد واهم أن النار الليبية لن تصلهم. ولكن من الذي وفر المبرر لكل ذلك؟ إنه نظام العقيد القذافي. غير أن ما هو مطلوب الآن حتى لا تدفع ليبيا مستقبلا فاتورة دول 'العدوان الثلاثي' من سيادتها واستقلالها وحريتها ووحدة ترابها الوطني، هو أن يتجه الليبيون من الآن إلى أن يكون المجلس الوطني الانتقالي بمثابة جبهة وطنية متحدة تمثل كل الليبيين الذين صنعوا في الداخل الانتفاضة الشعبية، وأن يكونوا حذرين إزاء من يسعى للسطو على الانتفاضة من ملوثي الخارج حتى لا تتكرر صورة ما يحدث في العراق بعد الغزو الأمريكي العسكري منذ عام 2003.
* نقيب الصحافيين العرب في امريكا