صفحة 1 من 1

ليبيا تحت المقصلة الدولية ..

مرسل: الأربعاء مارس 23, 2011 12:34 pm
بواسطة محمد النشوان9
وفاء اسماعيل
صراع من اجل الحرية.. وصراع من اجل النفط..



الوضع فى ليبيا انقلب 360 درجة من ثورة شعبية ضد الطاغية معمر القذافى الى صراع بين القوى العظمى من أجل النفط، ومهما أظهر الغرب الاوربى والاميركى من مبررات مقنعة للرأى العام من ان تدخله فى الشأن الليبى من اجل حماية المدنيين بعد استصدار قرار من مجلس الامن (رقم 1973) بفرض حظر جوى على ليبيا لمنع القذافى من إبادة شعب ثار على جبروته وظلمه، الا ان تلك المبررات كاذبة فى مجملها، فهذا القرار الذى يؤكد على عدم السماح للقوات الأجنبية بالتوغل البري، لن يمنع البعض من الشعور بالخوف من أن تطال الضربات الجوية لقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) المناطق السكنية المكتظة بالسكان، بالإضافة الى عدم وضوح الرؤية أمام الشعوب العربية فيما يخص دور الدول العربية المشاركة الى جانب الغرب فى العمليات العسكرية فى ليبيا، على كلا الامر برمته يبدو فيه نوايا مخفية من جانب الغرب ، وما يدعو للريبة والخوف عدة حقائق تاريخية لابد من وضعها نصب أعيننا:



1 – الاطراف التى تتزعم تنفيذ قرار مجلس الامن 1973 الخاص بالحظر الجوى على ليبيا وعلى رأسهم (اميركا – بريطانيا – فرنسا – ايطاليا) هى نفسها الاطراف التى لعبت دورا فى تقسيم ليبيا إبان الحرب العالمية الثانية، فإيطاليا كانت قد احتلت ليبيا عام 1911م ولم تخرج منها الا بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية على يد الحلفاء، وبمقاومة الثوار الليبيين الذين ظنوا ان تلك الهزيمة ستحرر بلدهم تحريرا كاملا ففوجئوا بمؤامرة تقسيم الحلفاء لليبيا الى 3 مناطق نفوذ اجنبى (طرابلس الغرب تحولت الى منطقة نفوذ اميركى "قاعدة هويلس الجوية لمدة عشرين عاماً تنبدأ عام 1951م" – فزان فى الوسط منطقة نفوذ فرنسى 1943م – برقة منطقة نفوذ بريطانى عام 1942م ) وانتشرت القواعد العسكرية الاستعمارية فى كلا من طرابلس وفزان وبرقة، واستطاع الحلفاء ابان الحرب العالمية السيطرة على ليبيا سيطرة كاملة.


2- ان هناك فى الوقت الراهن صراعا بين دول اوربا (انجلترا – فرنسا – ايطاليا) وبين اميركا يدور حول ليبيا واحد الأدلة على ذلك هو اصرار اوربا على عدم تدخل الناتو الا بقرار اممى حتى لا تنفرد اميركا بالتدخل فى ليبيا، وحتى يسمح لكل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا مشاركتها فى هذا التدخل ويكون لهم نصيب من الكعكة الليبية النفطية، ولا ننسى خوف بريطانيا على نفوذها فى ليبيا من هذا الانفراد الاميركى.



3 – الحقيقة الثالثة الثابتة هو ان جميع الدول الغربية المشاركة فى قصف ليبيا رغم كل نظرات العطف والشفقة التى تبديها أمام الرأى العام العالمى تجاه الجرائم التى يرتكبها القذافى بحق شعبه، ورغم الحجج الواهية التى تبرر تدخلها من انها لحماية الشعب الليبى، الا اننا علينا دائما ان نتذكر انعدام وجود تلك النظرة الانسانية من جانب الغرب عندما كانت الالة العسكرية الصهيونية تبيد شعب غزة فى اواخر عام 2008م وبداية 2009م، واختفاء التعاطف الدولى رغم المجزرة التى ارتكبتها اسرائيل بحق مدنيين عزل بلغت حصيلتها 1300 شهيد معظمهم أطفال ونساء وشيوخ، لم نر تلك النظرة الانسانية ولم نر تحرك الغرب لفرض حظر جوى على اسرائيل لحماية المدنيين فى غزة .. بالاضافة الى خبرتنا بالغرب المعروف عنه انه عالم لا تحركه الا المصالح ووفق اجندات خاصة به ، اذن مخاوف البعض من نوايا الغرب الذى يقصف ليبيا اليوم مبررة.



4 – الحقيقة الرابعة هى "العجز العربى" وهو سبب كل المصائب التى تبتلى بها شعوب تلك الأمة، هذا العجز المتمثل فى موقف الجامعة العربية الهزيل ، والثابت أيضا هو انه لولا هذا العجز ما كنا لنرى التكالب الفج على بلداننا، وما كنا لنرى خطط الغرب قديما وحديثا لتقسيم أوطاننا وتفتيتها، ومحاولات إبادة شعوبها سواء بيد طغاتها أو بيد أعدائها.



والسؤال هنا هل بالفعل هناك مؤامرة لعودة الاستعمار القديم الى ليبيا ؟ هل هناك محاولات غربية للإلتفاف على ثورة الليبيين من أجل الحرية ؟ هل الثوار الليبيين لديهم الإستعداد للتضحية من أجل ليبيا ؟



تصريحات عمرو موسى التى قال فيها (ان الضربات الجوية التي تتعرض لها ليبيا تختلف عن الهدف من فرض الحظر الجوي، وقال: طالبنا من البداية بفرض منطقة حظر لحماية المدنيين الليبيين، وأضاف: ما نريده هو حماية المدنيين وليس قصف مدنيين اضافيين) انتهى.



يتحدث السيد عمرو موسى الذى خبر الغرب وعرف اسرار دهاليز السياسة العربية والغربية وكأنه لا يدرك أهداف الغرب الحقيقية من الإصراره على موافقة الجامعة العربية على تدخل الناتو فى الأزمة الليبية لاستصدار قرار من مجلس الامن لشرعنة أى عملية قصف لأرض ليبيا وشعبها، أو كأنه لم يكن موجودا فى مؤتمر باريس الذى أعطى فيه العرب الضوء الأخضر لقصف ليبيا !! ان تصريحاته تعنى ان ليبيا باتت تحت المقصلة الغربية بضوء اخضر عربى، وان الحلفاء اتضحت نواياهم مع أول ضربة جوية عشوائية تقتل مدنيين وليس لحماية المدنيين، مما دفع روسيا لدعوة كلا من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة يوم أمس الأحد الى وقف الضربات الجوية "العشوائية" ضد ما وصفته بأهداف غير عسكرية في ليبيا مضيفة أن الهجمات تسببت في سقوط ضحايا مدنيين.



الخوف الأكبر ليس فى قصف المدن الليبية او هيمنة الحلفاء على هذا البلد فقط، بل الخوف من هدف آخر مخفى وغير معلن للشعوب التى قامت بثوراتها ضد حكامها، ان تكون ليبيا هى العقاب الأكبر لتلك الشعوب على ماقامت به من ثورات ضد طغاتها، بمعنى ان يتم احتلال ليبيا عن طريق إعادة تمركز القواعد العسكرية الاستعمارية (على غرار ماقام به الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية) ويتم السيطرة على نفط ليبيا الاقرب جغرافيا لأوربا وأميركا، ويتم حصار الثورة المصرية غربا مع حصارها من قبل اسرائيل شرقا، وكذلك الحال للثورة التونسية التى ستواجه بوجود الحلفاء فى حدودها الشرقية لمنع اى تواصل جغرافى بينها وبين مصر وليبيا.. ومن ثم يتم حصر الثورتين المصرية والتونسية داخل حدودهما انطلاقا من ليبيا، وبذلك تكون اميركا قد وفت بوعدها لنتنياهو بوضع خطوط حمراء للثورة المصرية، ووفت بوعودها لحكام الخليج بالابقاء على انظمتهم الحاكمة الملكية، وتكون ليبيا هى كبش الفداء الذى يقدمه حكام العرب الاشاوس قربانا للغرب من أجل استمرار بقاءهم فى الحكم، مع ضمان عدم تدخل اميركا والغرب تجاه سياسة قمع اى ثورة تهب فى دولهم، بعد ان قدموا العراق قربانا لقوى التحالف الدولى الغربى من أجل حماية كراسيهم عام 2003م.



أمام الشعوب العربية عامة والشعب الليبى خاصة خياران:



1 – اما ان تتحول تلك الثورات العربية الى ثورة عربية موحدة ضد اميركا والغرب لإجبارهم على التراجع عن مخططاتهم تجاه ليبيا، مع دعم عربى كامل من قبل الشعوب العربية للثوار الليبيين فى وجه القذافى، وتكون نهايته بيد الشعوب العربية لا بيد الغرب.



2 – وإما ترك العرب للثوار الليبيين يواجهون مصيرهم وحدهم بين مقصلة القذافى أو مقصلة الغرب التى لا ترحم ، فالغرب لم يأتى للتخلص من القذافى كما صرحوا بذلك، بل ان وجوده بتلك الوحشية خدمة لهم وضمانا لبقاءهم فى ليبيا واحتلاله، فهم لن يتخلصوا منه إلا بعد تكريس وجودهم فى ليبيا وايجاد البديل الذى يحل محله يكون على شاكلة كرازاى أفغانستان أو عملاء العراق.



ليس من مصلحة الغرب ان يختفى القذافى من الساحة الليبية الآن، ويؤكد هذه المقولة تصريحاتهم التى تقول ان الحرب مع القذافى قد يطول أمدها، واميركا واوربا يعلمان ان تزويد القذافى بالمرتزقة يتم عن طريق سفارة اسرائيل بالسنغال لاحداث توازن مطلوب بين قوة الثوار وبين قوة القذافى، هذا التوازن سيظهر بصورة عمليات كر وفر من قبل الطرفين، ولن تنتهى تلك العمليات الا بانتهاء وضع اللمسات الاخيرة لشكل الخريطة الليبية وهى مقسمة بين الاوربيين وبين اميركا وتنفيذ هذا المخطط على الأرض ، حينها ستكتب نهاية كلا من الثوار والقذافى، وبضياع ليبيا قربانا للكراسى العربية.