منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#33669
تختلف المواقف العربية حول أفضل السبل في التعامل مع الملف النووي الإيراني بين من يؤيد التوجه الأمريكي أكان ظاهرًا أم باطنًا، وبين من يميل إلى الاكتفاء بالسكوت والمراقبة، وبين من يرى حق الإيرانيين في تطوير برنامجهم، وفي العموم فقد وقف الوضع العربي الرسمي عند حدود موقف لا يتعداه يقول بضرورة جعل (منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل)؟
وربما بدا الوضع في نظر البعض مطمئنًا إلى أن نتائج المطاردة الأمريكية ستفضي إلى شطب البرنامج النووي الإيراني ولو بالقوة العسكرية، ما يعني أن الموقف العربي لن يكون مؤثرا في النزاع والنتيجة هي انتفاء الحاجة إلى تبني موقف عدائي منه مادام الموقف الأمريكي والدولي على هذه الحال.
ويرجع اختلاف المواقف العربية إلى التباين في تصور مدى الأخطار التي من الممكن أن يحققها البرنامج النووي الإيراني وتأثيره على المحيط العربي ككل والخليج بالأخص، حيث ستمتد الآثار التي يمكن أن يحدثها البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج بشكل أكبر من باقي الدول العربية من تلك الأخطار:

تهديد الاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج:
مما لاشك فيه أن امتلاك إيران لأسلحة نووية من شأنه التأثير على استقرار منطقة الخليج من زاويتين:
الأولى: تكريس الخلل القائم في موازين القوى، حيث أن حقائق الجغرافيا السياسية تشير إلى أن القوة الإيرانية الحالية إذا ما أرادت أن تتجه فإن مسارها لن يكون الشمال أو الشرق، ففي الشرق هناك القوى النووية الآسيوية الكبرى "الهند وباكستان والصين"، وفي الشمال هناك روسيا، وبالتالي فإن إمكانية التمدد المتاحة لإيران هي في الغرب، وهنا نرى مدى الخلل في القدرات التسليحية للدول الخليجية الست مقارنة بالتسلح الإيراني.

ويضاف إلى هذا التباين معاناة الجيوش الخليجية من نقص الأفراد المستعدين للخدمة في القوات المسلحة أو الالتزام بالحياة العسكرية، كما أنهم يفتقرون بصفة عامة للخبرة القتالية، في الوقت الذي أعلنت فيه إيران عن إجرائها لتجربة صاروخية متطورة (شهاب 3) في يوليو 2005، فضلا عن إعلان وزارة الدفاع الإيرانية عن اعتزامها تطوير نوعين آخرين من الصواريخ ذات التقنية العالية وهما شهاب 4 (3000 كم) وشهاب 5 (5000كم)، بالإضافة إلى ما تشير إليه الدراسات العسكرية الحديثة من أن إيران تقوم حاليا بإنتاج أكثر من 80 بالمائة من أسلحتها الثقيلة.

أما الثانية فهي: إمكانية نشوب صراع عسكري بين إيران والأطراف المعنية بالقضية النووية تنعكس آثاره على المنطقة، خاصة أن هذا البديل ليس مستبعدا من استراتيجيات الولايات المتحدة تجاه الملف النووي الإيراني، حيث أكد على ذلك الرئيس بوش بالقول "لا نستبعد الخيار العسكري لتسوية الملف النووي الإيراني"، ومن ثم فإن الرد الإيراني قد يأخذ أشكالا عديدة منها أن تقوم إيران عن طريق حزب الله بقصف عشوائي لإسرائيل مما قد يؤدي إلى تصاعد العنف من إسرائيل والدول المجاورة (سوريا ولبنان). ومن ناحية أخرى، قد تقوم إيران بضرب القواعد الجوية والقطع البحرية الأمريكية في دول الخليج العربية من خلال استخدام صواريخ أرض- أرض، وهو الأمر الذي ينذر باحتمال أن تتحول المواجهة المباشرة المتوقعة بين إيران والولايات المتحدة إلى حرب إقليمية عواقبها عديدة منها إمكانية قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز مما يعوق تدفق النفط الخليجي إلى الدول الغربية والولايات المتحدة، وهو ما أكده شكر الله عطا زاده نائب رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني أنه "إذا فرضت عقوبات على إيران بطريقة تهدد مصالحها الوطنية فإنها لن تسمح بتصدير نفط من المنطقة، فضلا عن أنها قد تستهدف السفن الأجنبية الأمر الذي من شأنه التأثير على حركة الملاحة في الخليج، ومن ثم على استقرار الأسواق النفطية وهو ما سوف يؤثر سلبا على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر مهم للدخل القومي. ومن ناحية ثالثة، قد تستهدف إيران المصالح الأمريكية في المنطقة سواء كانت شركات أو مصانع أو حتى أفراد

وتعكس الملامح العامة للتفاعلات السياسية السابقة بين إيران والدول الخليجية الست حرص إيرانيا على توطيد العلاقات مع تلك الدول حتى في ظل وجود خلافات أو تباينات في وجهات النظر بين الجانبين. وفي هذا الصدد حرصت إيران على طمأنة جيرانها الخليجيين بشأن برنامجها النووي، حيث قام حسن روحاني كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين بجولة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال شهر يونيو 2005 استهدفت التأكيد على الأغراض السلمية للبرنامج النووي الإيراني، فضلا عن أن هذا البرنامج يتفق مع القوانين الدولية، وهو الأمر الذي وجد تفهما خليجيا