منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#33696
ليس للإنسان في لبنان مشكلة واحدة بل مشاكل متعددة تقلقه صباحاً ومساءً وتثير مخاوفه في ااكتب والمعمل وتبعد النوم عن عينيه في سريره ليلاً. هو دائماً في حالة من الخوف على مصيره عاملاً ومواطناً وطالباً ورب عائلة وبالإمكان اختصار هذه المشاكل بالعناوين التالية:

1 ــ مشكلة أساسية مع دستور الجمهورية اللبنانية، هذا الدستور ينص في مقدمته: "لبنان وطن نهائي" لبنان عربي الانتماء والهوية، هل هذه النهائية وهذه الهوية أصبحنا من المسلمات في الجهلا واليقين من مكونات الوعي الوطني المطلق التي لا يرقى إليها الشك.
إن ما نشاهده يطفو على صفحة الأحداث اللبنانية من حزازات وعصبيات وأصوات ناشرة من هنا وهناك في السر والعلن وقد أدركناها بحكم تواصلا اليومي مع الجماهير اللبنانية ـ يحملنا على الاعتقاد بان هاتان المسلمتان لم تستق بعد استقراراً مطلقاً ونهائياً في وعي اللبنانيين وفي قلوبهم وفي عقولهم وضمائرهم ولم نلمسها بصورة خاصة على مستوى البنى التحتية.
هذه مشكلة رغم التأكيد علة مواجهتها في النص الدستوري يبدو أنها لم تحل بعد حلاً نهائياً وما نزال تهدد المجتمع اللبناني بالتناحر والانقسام.
2 ــ مشكلة تكريس طائفية الرؤساء ووظائف الدرجة الأولى في الدستور. هذه المشكلة تعني في الواقع بقاء كل فريق طائفي وراء متراسه في مواجهة الفريق الآخر ة تهدد السلم الأهلي والتكافل والتضامن حول المصلحة الوطنية العليا.
3 ــ مشكلة المادة 95 التي تنص على العمل بالتوازن الطائفي وتقاسم المسؤوليات طائفياً ويصورة مؤقتة.
منذ إعلان دستور الجمهورية في عهد الانتداب الفرنسي حتى يومنا هذا لم تظهر محاولة جادة لإلغائها وإراحة اللبنانيين من شرورها وإخراج المواطن من شرنقة الطائفية البغيضة والموقف صار أبدياً سرمدياً والولاء للطائفية يتقدم على الولاء للوطن كي يتمكن المواطن من الوصول إل الوظيفة أو المركز المرموق في الدولة بموجب التوزيع الطائفي.
4 ــ مشكلة قانون الأحوال الشخصية .
هذا القانون يسهم بفاعلية في فرز المواطنين فرزاً طائفياً ويجعل من اللبنانيين شعوباً متنافرة متباعدة والدولة اللبنانية دولة فيدرالية الطوائف والمجتمع اللبناني معرضاً للإنقسام وأحياناً التناحر بدلاً من الانصهار في وحدة شعبية وطنية حقيقية.
5 ــ مشكلة المادة /50/ من قانون العمل. هذا السيف المسلطة على رقاب العمال المهددين بين يوم وآخر بالصرف الكيفي من عملهم بدون تحقيق أو محاكمة وفي الغالب الأعم بدون تعويض عن سنوات الخدمة ومرتهنين ارتهانًا تاماً لطغيان أصحاب المؤسسات وأطماعهم يبتزونهم ويستغلون عرق جبينهم استغلالاًجائراً بلا شفقة ولا رحمة و الأنكى من ذلك الحؤول دون قيام ديمقراطية اقتصادية تحرر العامل من الارتهان لتوجهات رب العمل.
6 ــ مشكلة النظام التربوي . هذا النظام الذي تتنازعه الثقافة الأنكلو سكوتية برعاية الجامعة الأميركية والمؤسسات التربوية التي تدور في فلكها والثقافة اللاتينية برعاية الجامعة اليسوعية والمدارس الإرسالية المرتبطة بها ايديولوجياً فهو نظام جهنمي لا يعبر تعبيراً خالصاً عن طموحاتنا الوطنية وتراثنا الحضاري اللبناني العربي ودرجة ارتقائنا في سلم الحضارة العالمية.
أضف إلى كل هذا أن جميع المؤسسات التعليمية الجامعية وسواها لا تخضع لوصاية وزير التربية ولكل طائفة جامعتها ومنهاجها وكتابها وتقوم بخدمة الدولة الأجنبية التي ينتمي إليها أصحابها وكل ذلك يقوم على حساب الجامعة الوطنية والمدرسة الرسمية.
إن المصلحة الوطنية تتم بلبننة وتعريب هذه المؤسسات التي من عن مقاعدها يخرج القيادات الوطنية المستقبلية للغد المشرق للوطن الذي نريده يقف على قدم المساواة مع الأمم المستقلة الراقية المزدهرة شعباً وحكومات ومؤسسات.
7 ــ فوضى التعداد الجامعي :
لم تسع الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ فجر الاستقلال حتى يومنا هذا إلى ربط التعليم بسوق العمل فنجم عن هذا العديد الجامعي تخرج فيالق من الجامعيين العاطلين عن العمل الذي تعجز دوائر الدولة عن استيعابهم كما تعجز عن ذلك المؤسسات الصناعية والتجارية والمالية وعن خلق فرص عمل لهم فيجدون أنفسهم أما خيارين لا ثالث لهما : الخيار الأول التسكع على أبواب الوزراء والنواب ومحاسبيه للحصول على وظيفة في الدولة إذا وجدت والخيار الثاني التزاحم على أبواب السفارات للحصول على تأشيرة فيهلجرون فيتحول المجتمع اللبناني إلى مجتمع هرم لا يصلح أفراده للقيام بعمل منتج ومفيد.
8 ــ مشكلة مراكز البحوث العلمية :
إن عدم وجود هذه المراكز يلزم الخريجون الجامعيون الطموحون إلى متابعة أبحاثهم الجامعية العلمية في مراكز الدول الأجنبية بدلاً من أن يقوموا بأبحاثهم العلمية في مراكز لبنانية تمكن أبحاثهم في لبنان من مواكبة الانجازات العلمية والتكنولوجية التي تتنامى بسرعة الصاروخ كما تمكنهم من مشاركة لبنان علماء الغرب المتطور في عالم الخلق والإبداع والابتكار ومنح براءات الاختراع.

9 ــ مشكلة الكتاب المدرسي :
يأتي في طليعة الاهتمامات كتاب التاريخ اللبناني حتى هذا التاريخ ام تتمكن وزارة التربية تزويد مؤسسات التعليم" بكتاب تاريخ موحد من شأنه توحيد اللبنانيين حول حقيقة تاريخ شعبه بتجرد ووعي علمي يتجاوز المفاهيم الطائفية مما يتيح لكل طائفة كتابة تاريخها الذي تسند فيه إلى قيادتها التاريخية بناء هذا لوطن من منظور طائفي وتزعم بأنها هي وحدها تملك هذه الحقيقة التاريخية الموضوعية هذا النهج في كتابة التاريخ يسهم في الانقسام الطائفي وإثارة الأحقاد الطائفية الدفينة وتهديد الوحدة الوطنية الثقافية التي هي في أساس الوحدة الوطنية.
والكلام نفسه يصح عن كتاب التربية الوطنية إذ لم تتوحد بعد الآراء حول كتاب تربوي موحد وموحد يهدف إلى تربية المواطن الواعي الحر المستقل المثقف من الشعور الطائفي الفئوي ومن لتبعية والارتهان للتربية الطائفية والعائلية والعشائرية.
والكتاب المدرسي بوجه خاص ليس أوفر حظاً من كتابي التاريخ والتربية . كل مؤسسة تربوية تعتمد الكتاب الذي تصدره دور النشر في الدول التي تنتمي إليها وفي الغالب الأعم يكون باهظ الثمن ويتلاءم مع توجهات هذه الدول ثقافياً وسياسياً حفاظاً على استمرارية ثقافة هذه الدول على ثقافتنا الوطنية اللبنانية العربية وتلعب دور الدخيل غير المرغوب فيه في مكونات وعينا الوطني.

10 ــ مشكلة سن الاقتراع لمن بلغوا الثامن عشرة:
لنتصور كم هو كبير عديد الشباب الجامعين سنوياً بين سن 18 ــ 22 وكم هي كبيرة نسبة المتحررين الرافضين إعادة إنتاج الطبقة السياسية الرجعية التقليدية التي تصل إلى مقاعد المجلس النيابي هؤلاء الشباب لا يعطي لهم حق الانتخاب ليظل أحقاد الذين تربعوا على مناصب الحكم في عهد المتصرفية والذين تولوا المناصب في العهد العثماني يمارسون سلطانهم في الحكم والمسؤولية ، إن نكران هذا الحق في الانتخاب ومنع هؤلاء الشباب من المشاركة في بناء الدولة الحديثة من شأنه أن يبقي لبنان غارقاً في مستنقع الجهل والتقاليد البالية والرجعية السائدة محافظاً على إعادة إنتاج طبقة سياسية تجاوز مفاهيمها الوعي الوطني والتطور والحداثة.

11 ــ مشكلة الفساد الإداري:
سئل أحد رجال الاقتصاد الأميركيين ما هو سر ازدهار الولايات المتحدة ؟...أجاب : انتصار الإدارة هل الإدارة عندنا منتصرة ؟ ...
إن الإدارة في لبنان أشبه ما يكون بعقيرة تنتاتشها الذئاب يستغلها الوزراء والنواب والمديرون والموظفون بوسائل وأساليب لا تقرها القوانين ولا ترضى عنها الضمائر الحية النزيهة.
على أبواب كل إدارة فيها يقف المواطن بذلة ومعانة بانتظار الإفراج عن معاملته المحجور عليها المحجور عليها في جوارير الوظفين ولا يفرج عنها إلا لقاء رشوة يسام عليها السماسرة والمحاسيب.
كل المشاريع يتم تلزيمها بالتراضي الطائفي والاحتيال على القانون مقابل رشوة تقل أو تكثر تتناسب مع تكاليف الالتزام .
فوق كل هذا لا محاسبة ولا مراقبة طبقاً للنظلم الانتخابي الطائفي الذي يؤدي إلى المحاصصو الطائفية وهدر المال العام في مؤسسات الدولة إذ وراء كل ملتزم وكل موظف مسؤول طائفي كبير نائب أو وزير أو نسيبه رجل دين من أبناء طائفته يحميه من الملاحقة والمحاسبة.
12 ــ مشكلة الإعلام:
من المعلوم أن رسالة الإعلام ـ الصحافة هي السلطة الرابعة ــ هي توجيه الرأي العام ونقل الحقيقة بصدق وتجرد وشفافية بدون انحياز لفريق ضد الآخر رائده الحقيقة دون سواها والمصلحة الوطنية العليا.
هل الإعلام عندنا يتمتع بهذه المواصفات؟
إنه إعلام غير موحد لأن مؤسساته الإعلامية موزعة على الطوائف لكل طائفة صحيفتها ووسيلة إعلامها المرئي والمسموع وكل مؤسسة تعمل لحساب طائفتها على حساب الإعلام الوطني الرسمي ومثل الإعلام لا يوحد الرأي ولا يصوب الخطأ ولا يقوم الأعوجاج بل يسهم في تعميق الإنقسام والشحن الطائفي.

13ــ قانون الانتخاب:
هذا النظام القائم على الأكثرية العددية بحيث الطائفة ذات الأكثرية العددية في دائرة انتخابية تختار الطائفة الأخرى فتمثل الممارسة الديمقراطية ... وعدد النواب مناصفة طائفياً والتشريع البرلماني هو تشريع طائفي في كا مقومات الدولة الدستورية والسياسية والاقتصادية والتربوية.
للمال والرشوة دور أساسي في انجاح المرشح وتمسكه بالشعور الطائفي وبحجة الدفاع عن مصالح الطائفة حافز هام للحصول على الأكثرية.
ينبغي أن نوضح ما هو موقف الحزب التقدمي الاشتراكي من هذه المشاكل.
أدرك كمال جنبلاط أن الطائفية علة العلل في هذا الوطن وبأن الولاء للوطن يتقدم على الولاء للطائفة وإن الخطأ المميت المتراكم والمستقر في وعي اللبنانيين وعقولهم وضمائرهم منذ عهد المتصرفية هو الخلط بين القومية المسيحية من جهة والقومية العربية والإسلام من جهة أخرى فلا وجود لرابطة قومية بالمفهوم السياسي الحديث في لبنان. تبلورت هذه الازدواجية بتيارين : تيار مسيحي للبنان الفينيقي والغرب مرده الخوف من الإلحاق والضم وتيار موال للعروبة والإسلام والمطالب برفع الفتن.
ولا يخلو هذان التياران من اللوقة الطائفية ومن الشكوى من الغبن والهيمنة المارونية إسلامياً والخلط بين العروبة والإسلام مسيحياً .
اقترح كمال جنبلاط حلاً وطنياً لهذه الازدواجية الغير منطقية لصهر الشعب البناني في وحدة حقيقية . فصل الدين عن الدولة وإلغاء نظام الطائفية لتحقيق ثلاثة أهداف :
أ ــ تفويض روحية الإقطاع السياسي.
ب ــ توحيد الشعب اللبناني في وحدة شعبية تامة.
ج ـ تقرير علمانية الدولة وتكريسها بالأنظمة والنهج السياسي والقوانين والدستور فلا يتدخل رجال الدين فينا لا يعنيهم من سياسة إلا بما تفرضه حقوقهم كمواطنين .
كما يشدد الحزب على تعريب لبنان تعريباً مطلقاً في أساس هذا التعريب نفهم حقيقة العروبة بأنها تقوم حضارياً على الإسلام ونماذج المفاهيم المستمدة من الرومان واليونان والنصرانية في إنطاكية والإسكندرية وأثينا ودمشق وبغداد ــ فالإسلام والنصرانية يتلاقيان من هذه الوجهة وهذا يفترض مواجهة الإسلام كنظام شرقي لا كدولة وهكذا مواجهة المسيحية ذاتها
وبما أن لبنان هو عربي الانتماء والهوية فهو في صميم الصراع العربي وعضو عامل في الجامعة العربية ،لذلك يدعو الحزب التقدمي الاشتراكي إلى الربط الفعلي بين الولاء للبنان والولاء للعروبة والولاء للإنسانية والأرض وهذه الولاءات متممة لبعضها البعض فالعلمانية والعروبة والاشتراكية ينبغي للبنان تحقيقها والسهر على نشرها في الوطن العربي كله.
بهذا الوعي للحقيقة اللبنانية المتطورة والمتقدمة تستقيم الوحدة اللبنانية ويتحرر اللبنانيون من العقد الطائفية على صعيد الشعب والدولة والتواصل والتفاعل اليومي بين المواطنين وتحل المشاكل العالقة بسبب التناحر الطائفي.